"صناعة النواب" تناقش وضع ضوابط منظمة للتجارة الإلكترونية    محافظ المنيا: توريد 382 ألف طن قمح منذ بدء الموسم    كيفية التسجيل في منحة العمالة الغير منتظمة في مصر 2024    استطلاع للرأي: 54% من الفرنسيين يؤيدون حل الجمعية الوطنية    عاجل..أنشيلوتي: ريال مدريد لن يشارك في كأس العالم للأندية    ضبط طالبين بالبحيرة وبني سويف لمحاولتهما الغش خلال امتحان التربية الوطنية    الإعدام لكهربائي قتل طفلة في الطالبية    صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات جلسة الإثنين وسط تداولات ضعيفة    وزير السياحة يطمئن على أوضاع السياح الألمان والنمساويين بمصر بعد إفلاس شركة FTI    وزيرة الهجرة تستقبل الرئيس التنفيذي للغرفة الألمانية العربية للتجارة لبحث التعاون    المصيلحي: سعر السكر على البطاقات 12.60 جنيه.. والحكومة رفضت الزيادة| خاص    تدخل برلماني لحل أزمة مصاريف المدارس الخاصة    قيادي ب"فتح":التفاوض الجاد هو السبيل للوصول لحلول وسط لمجمل القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 30 فلسطينيا من الضفة الغربية    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    استطلاع: أكثر من نصف مؤيدى بايدن يدعمونه للولاية الثانية بدافع معارضة ترامب فقط    بحضور البابا تواضروس.. تدشين كنيسة الأنبا إبرام فى دير العزب بالفيوم (صور)    تشاهدون اليوم.. مصر تلتقى غينيا بيساو وغانا تستضيف جمهورية إفريقيا الوسطى    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من وزراء التعليم الأفارقة    ارتفاع البلطي وانخفاض الجمبري.. أسعار السمك بسوق العبور اليوم الاثنين    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    الاسم "محمد" واللقب "أصغر حاج".. مكة تسجل أول حالة ولادة بموسم الحج 2024    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    عمرو دياب يلجأ للنيابة العامة وقرار بإخلاء سبيل الشاب الذي تعرض للصفع    رئيس تحرير الأخبار: مؤتمر غزة الدولى محاولة لإيقاظ الضمير العالمي لوقف الحرب    أمين «الفتوى» يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    الحكم في طعن «شيري هانم وابنتها زمردة» على سجنهما 5 سنوات| اليوم    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 30 فلسطينيا بالضفة الغربية لترتفع الحصيلة ل 9155 منذ 7 أكتوبر    بعد غيابها العام الماضي.. ياسمين عبد العزيز تعود لدراما رمضان في 2025    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    استشارى نفسى يقدم نصائح للآباء لدعم الأبناء خلال امتحانات الثانوية العامة    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    كل ما تريد معرفته عن تشكيل وموعد الإعلان عن الحكومة الجديدة 2024    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    الخشت: قافلة الجيزة الطبية استكمال لجهود الجامعة ومشاركتها للتحالف الوطني    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    ممنوعات يجب تجنبها مع طلاب الثانوية العامة طوال فترة الامتحانات    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    أول إجراء من وزارة الرياضة بشأن أزمة «الدروس الخصوصية» في صالة حسن مصطفى    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولو كان نبيا مرسلا !
نشر في بوابة الشباب يوم 07 - 08 - 2011

أتذكر يوم العاشر من فبراير جيدا، بعدما استمعنا لخطاب مبارك الأخير، شعرنا جميعا كم هو أحمق ومتغطرس فانطلقنا نحو الميدان، وقتها اجتمع الجميع على عبارة واحدة " لو مامشيش العصر، هنروح نجيبه من القصر"، تذكروا هذه العبارة جيدا فسنعود لها في تتمة هذا الجزء من ثلاثية " حتى تكتمل الثورة، سيناريو لثورة تسرق!!".
في المقال السابق فرقنا ما بين الثورة والهوجة، في هذا المقال نستعرض ثورة استطاعت أن تكتمل، وهي ثورة يوليو، كيف تمت مراحلها، وكيف تعلمت من الثورات السابقة لها، وكيف يمكن أن نتعلم منها!!
قام العسكر بحركتهم ليلة 23 يوليو ونجحت الحركة في السيطرة على الأجهزة الحيوية للدولة، الآن آن لها أن تفرض كلمتها، بدأت بفرض رئيس وزراء من اختيار الثوار " علي ماهر باشا " ثم خلعت الملك وطردته ليصبح الملك الشرعي طفلا أمامه ثمانية عشر عاما حتى يتولى الحكم، هل هناك عاقل يتخيل أن تظل دولة بلا ملك لثمانية عشر عاما؟!
رغم ذلك لم يتوانى الثوار عن التأكيد مرارا وتكرارا للصحف أنهم في صف الشرعية، وأنهم لا يريدون الحكم، وأنهم يسعون لتأكيد مدنية الدولة، راجعوا تصريحات اللواء محمد نجيب وقتها، يوم 25 يوليو صرح نجيب للأهرام أن الجيش يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور، كان الثوار يستطيعون ببساطة اختيار أحد أفراد أسرة محمد علي وتنصيبه ملكا، فالسلطان حسين كامل تولى بنفس الطريقة، "غضب / ثار" الإنجليز على سلفه الخديوي عباس حلمي الثاني فعزلوه ونظروا الى أفراد الأسرة واختاروا من بينهم حسين كامل فولوه سلطانا.
كان أمام الثوار عدد من الأمراء الوجهاء، ولعل بعضهم كان يتمتع بقبول شعبي ودولي، ولعل منهم من جهز نفسه لحمل اللقب بلفعل، كان هناك اثني عشر أميرا في مصر، ولكن الثوار – العسكر – لم يختاروا أحدا منهم، لابد وأنهم تذكروا ما فعله مؤسس الأسرة محمد علي في الثورا الذين وضعوه على قمة الحكم في مصر، فبعدما ثار وجهاء مصر وعلمائها على الوالي العثماني خورشيد باشا واختاروا بدلا منه محمد علي، ونجحت ثورتهم، وبعدما استتبت الأمور لمحمد علي، قام بنفي هؤلاء العلماء وعلى رأسهم قائدهم عمر مكرم، وهو بذلك اختار لهم مصيرا أرحم من مصير المماليك.
إذن فالثوار كانوا يعلمون جيدا أنهم لو عادوا لثكناتهم – كما كانوا يشيعون وقتها - لن يكون لهم مصيرا أفضل من مصير المماليك، فهم بالتأكيد سيشكلوا مصدر قلق للملك الجديد، رغم ذلك خرج علينا رئيس وزرائهم بدراسة معمقة نشرت في الأهرام تتحدث عن أفضلية النظام الملكي على النظام الجمهوري " فالنظام الملكي ضمانة الاستقرار كما أنه من الثابت أن الدول الملكية تتبنى النهج الديموقراطي وتتمتع بصحافة حرة بينما تنتشر الديكتاتورية في الدول الجمهورية" لا مانع من نشر هذا الكلام بقلم رئيس الوزراء، ولكن الثوار لا يمكن لهم أن يسلموا الدفة لغيرهم ولو كان نبيا مرسل!!
في نفس الوقت بدأ الثوار سريعا في تنفيذ مطالبهم، قانون الإصلاح الزراعي مثلا تم إقراره بعد أقل من أسبوعين على طرد الملك، وقد مثل ضربة للنخبة والإقطاعيين، هذا القانون لم تقترحه حكومة الباشوات، لكن الثوار – العسكر – هم من أقروه من خلالهم، وبعد أقل من شهرين كانت الحكومة قد اقرت حزمة قوانين مهمة منها قانون التسعيرة الجبرية ومحاكمة التاجر الذي يخفي بضاعته أمام محكمة عسكرية وتخفيض إيجارات المساكن وتطهير الإدارة الحكومية من الموظفين الذين تدور حولهم الشبهات، من منكم يحدثني عن مطلب وحيد من مطالب ثورة يناير تم تحقيقه؟؟
ولأن هناك معارضين لهذه القرارات يجب التصدي لهم، صرح اللواء محمد نجيب للأهرام قائلا "ان هناك ذيول تلعب وسنبتر هذه الذيول.. لن نبقي لها اثرا حتى نمحو كل ما يمت بادنى صلة للخيانة.. الحكومة والجيش متفقان على الضرب بشدة متناهية على المحرضين والعابثين"، تصريحات محمد نجيب تجاوزت الكلام لتصبح واقع، ففيما بعد – سبتمبر 1953 – تم تشكيل محكمة الثورة، ولم تتألف من قضاة طبيعيين أو حتى قضاة عسكريون، إنما تألفت من الضباط الآتي ذكرهم، وزير الحربية عبد اللطيف البغدادي رئيسا للمحكمة ، البكباشي محمد أنور السادات وقائد الأسراب حسن ابراهيم، مما يعني أنها محكمة صورية في الحقيقة، وكانت أحكامها رادعة وسريعة، كما هي العادة في كل محاكم الثورات، فالأحكام تتراوح بين الإعدام والمؤبد وفي الحالتين يصحبهما مصادرة الأموال والممتلكات، الثورة من طبيعتها الإنجاز، والثورة أصلها الخروج على الدستور والقانون، لأنهما لو فلحا لما احتاجا لثورة عليهما.
اتفقنا سابقا على استحالة عودة الضباط لثكناتهم، لكن كيف يتم لهم المراد؟، الدستور يقول أن مصر ملكية، ولا يوجد مجلس أمه حتى يتم العمل على اجراء تعديل دستوري يعرض على الشعب لإقراره، الثوار - العسكر – لم يجلسوا في حيرة " الدستور أولا " وإنما خرجوا بتبرير يسقط الدستور الماضي ببساطة.
بكل بساطة سقطت شرعية الدستور أمام شرعية جديدة هي شرعية الثورة، وبالتالي وفي 18 يونيو 1953 ، وبدون الرجوع لمجلس الأمة أو حتى استفتاء الشعب ، أعلن قائد ثورة الجيش اللواء محمد نجيب إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية وتعيين نفسه رئيسا للبلاد لفترة إنتقالية، الثورة من طبعها الإنجاز، لا ننسى أن إعلان محمد نجيب بدأ بالعبارة التالية " باسم الشعب"، هذا على الرغم من أنه لم يستفت الشعب، وعلى الرغم من أن الشعب كان ينتمي لمن نسميهم اليوم "الأغلبية الصامته"، الدرس : الثوار يفرضون إرداتهم والتي هي بالتبعية إرادة الجموع الصامتة.
الثوار وقتها لم يضيّعوا وقت الناس في محاكمات شكلية تستهلك حماستهم، لم يشغلوا نفسهم بتعقيدات الدستور والاستفتاء، هم ثاروا وعندهم أهداف، وبقوة وشرعية الثورة حققوها، أين ما تحقق بشرعية ثورة يناير؟؟
ألا تشعرون الآن أن الحديث عن الدستور أولا أم الإنتخابات وعن استفتاءات للشعب هو التفات على الوضع الثوري؟؟ كما أنني أتذكر وإياكم فلول – ذيول – النظام السابق، ألا ترون أنهم في النعيم مقيمون، أريد من أحدكم أن يذكر لي إلى ماذا وصلت محاكمة أحمد عز مثلا؟؟
لا أفهم سببا للتمسك بالدستور والقانون في معاملتنا مع رموز النظام السابق رغم أنهم لم يراعوه يوما معنا!!، ألم يكن من الأفضل – إذا كانت هناك نيات خالصة لتأييد الثورة – تشكيل محكمة ثورية ناجزة، أرجوكم لا تقولوا لي أن هدفنا هو استعادة أموالهم في الخارج، في المشمش، فلنصادر أموالهم في الداخل فهي وحدها تكفي!! من يتحدث عن الشرعية الدستورية فعليه أن يعلنها صراحة أن أحمد فؤاد هو آخر حاكم شرعي لمصر لأنه لم يعزل بطريق دستوري!!
أطلت عليكم، أعذروني، فقط تابعوا معي هذا المخلص..
? ثار وجهاء وعلماء المصريين على الوالي خورشيد، اختاروا عسكريا ليتولى الحكم، نجح في تولي الحكم ثم أطاح بهم، لا أحد يذكر هذه الأحداث في التاريخ كثورة.
? ثار العسكر على الملك فاروق، اختاروا رئيس وزراء صوري، أيدهم الشعب، طردوا الملك، زلزلوا النظام، أسقطوه، تولوا الحكم وأنشئوا نظاما جديدا، استحق ما فعلوه أن يطلق عليه ثورة.
? ثار المديين في يناير، أيدهم الجيش، اسقطوا الرئيس، زلزلوا النظام، عينوا رئيس وزراء تبين أنه صاحب صلاحيات محدودة، اختلف الثوار وتزاحموا وتفرقوا حول معضلات من مخلفات النظام الذي لم يسقط، من سيتولى الحكم؟
ختاما، نعود للمقدمة، كتبتها كرسالة لمن يحلوا لهم التأكيد على أن مبارك تنحى عن الحكم تحت ضغط المجلس العسكري، في يوليو 52 حاصرت الدبابات القصور الملكية فأجبرت فاروق على الرحيل، في 11 فبراير عصرا حاصرت جموع المدنيين قصر الرئاسة فأجبرت مبارك على الرحيل، المدنيون هم أصحاب ثورة يناير دون غيرهم.
من قام بالثورة لا يعطي لغيره قيادتها ولو كان غيره هذا نبيا مرسلا، كما علينا أن لا ننسى أن الأنبياء أرسلهم الله ليقوموا بثورات على الكفر، لا لينتظروا قيامها فيتبنوها!!
في الجزء الثالث نستكمل الجزء الأخير، كيف تسرق الثورة..

شريف بديع النور

إقرأ أيضا: حتى تكتمل الثورة، سيناريو لثورة تسرق!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.