قبل أيام قليلة أعلن تنظيم بيت المقدس الإرهابى في مصر انضمامه لتنظيم داعش.. ومؤخراً رفع الإخوان في تظاهراتهم أعلام داعش السوداء.. والجبهة السلفية، أول من دعا لتظاهرات الغد، تعتبر داعش حماة الإسلام والأمل الذي لاح في الأفق ليحقق النصر للإسلام. حالة العشق بين هذه التنظيمات في مصر، وبين تنظيم داعش تعنى فيما تعني أن تلك التنظيمات تفضل الدورات في فلك داعش، وهذا الدوران يستتبعه بالطبع الإيمان بكل ما يؤمن به داعش وعلي رأسها دستور داعش نفسه الذي يدافع عن القتل والتمثيل بالجثث، فيقول: «أفحش درجات التوحش أخف من الاستقرار تحت نظام الكفر.. لأننا إذا نجحنا فيها، فهي المعبر نحو الدولة الإسلامية المنتظرة منذ سقوط الخلافة». ويدافع دستور داعش عن القتل والتمثيل بالجثث، ويقول: «أفحش درجات التوحش أخف من الاستقرار تحت نظام الكفر.. لأننا إذا نجحنا فيها، فهي المعبر نحو الدولة الإسلامية المنتظرة منذ سقوط الخلافة». ويضيف: «اعتماد الشدة.. وإثارة الرعب والسير في طريق الأشلاء والدماء والجماجم هو الطريق لإقامة الدولة الإسلامية». ودستور داعش عبارة عن كتاب يتكون من 112 صفحة ويحمل اسم «إدارة التوحش» من تأليف أحد منظرى السلفية الجهادية وهو أبو بكر ناجي أحد مؤسسى جماعة التوحيد والجهاد في العراق وهو التنظيم الذي تحول فيما بعد إلي تنظيم داعش. ويحوى دستور داعش مفاجآت كثيرة عن رسول الإسلام عن الحركات الإسلامية جميعاً، وعلي رأسها جماعة الإخوان التي يصفها دستور الداعشيين أنها جماعة «بدعية علمانية عفنة». ويقول دستور داعش عن جماعة «سلفية الصحوة» أنها تعتمد على منهج يتجاوز الكثير من السنن الكونية، مما يجعله يدور في حلقة مفرغة ليلعب به الكفار والطواغيت وأهل النفاق». ويقول عن حركة حماس وحركة الجهاد بفلسطين يعانيان قصوراً في بث المنهج العلمى الصحيح بين أتباعهما أثناء ممارسة منهج البناء التربوى، ولهذا فإنهم أمام أحد مصريين إما ضياع الثمرة في النهاية وسقوطها في يد المرتدين العلمانيين والقوميين، أو إقامة دولة شبيهة بدولة البشير والترابى بالسودان. وبعد هذا الهجوم علي الحركات الإسلامية المختلفة ينتقل الكتاب إلي وضع استراتيجية إقامة الدولة الإسلامية، فيشير إلي أن إقامة الدولة الإسلامية تمر بمرحلتين.. الأولى مرحلة «النكاية والإنهاك» ثم مرحلة إدارة التوحش وبعدها يتم إعلان الدولة الإسلامية. ومن يدقق النظر في ممارسات الإخوان في مصر حالياً يكتشف بسهولة أنها تطبق استراتيجية داعش بحذافيرها. فحسب دستور داعش فإن مرحلة النكاية والإنهاك تشمل «إنهاك قوات العدو والأنظمة العملية لها، بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر -ولو ضربة عصا على رأس صليبى- إلا أن انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى الطويل. وعملية الإنهاك طبقاً للرؤية الداعشية تعتمد أيضاً علي جذب شباب جدد للعمل الجهادى عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس (وهذا بالضبط هو الهدف من مظاهرات الغد). مع العمل علي إخراج المناطق الحدودية عن سيطرة أنظمة الردة (يقصد الأنظمة الحاكمة) مع الارتقاء بمجموعات النكاية بالتدريب والممارسة العملية ليكونوا مُهيئين نفسياً وعملياً لمرحلة إدارة التوحش. وحدد دستور داعش عدة أهداف طلبت استهدافها في المرحلة الأولى لإقامة الدولة الإسلامية، فكانت علي رأسها الأهداف الاقتصادية وخاصة البترول، وأماكن السياحة مع تبني استراتيجية عسكرية تعمل على تشتيت جهود قوات العدو وإنهاك واستنزاف قدراته المالية والعسكرية، يتزامن معها استراتيجية إعلامية تستهدف وتركز علي فئتين، فئة الشعوب بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابى والتعاطف السلبى ممن لا يلتحق بالصف، الفئة الثانية جنود العدو أصحاب الرواتب الدنيا لدفعهم إلى الانضمام لصف المجاهدين أو على الأقل الفرار من خدمة العدو. ويضيف دستور داعش: «بعد فترة مناسبة نعمل على تطوير الاستراتيجية العسكرية بما يدفع قوات العدو إلي التقوقع حول الأهداف الاقتصادية لتأمينها وتطوير الاستراتيجية الإعلامية بحيث تصل وتستهدف بعمق القيادة الوسطى من جيوش الردة لدفعهم للانضمام للجهاد مع إقامة خطة إعلامية تستهدف في كل هذه المراحل تبريراً عقلياً وشرعياً للعمليات، خاصة لفئة الشعوب والخروج من أسر استهداف أفراد الجماعات الإسلامية الأخرى فإنهم يفهمون كل شيء!! ويقول دستور داعش: «إذا ما تم إنهاك جيوش واقتصاد دول الردة وتمكنا من السيطرة علي بقعة أرضية من هذه الدول تبدأ علي الفور المرحلة الثانية من استراتيجية إقامة الدولة الإسلامية وهي إدارة التوحش. ثم يعرف إدارة التوحش فيقول إنها تعني باختصار شديد: «إدارة الفوضى المتوحشة!!». ويقول: «لماذا أطلق عليها «إدارة التوحش» أو «إدارة الفوضى المتوحشة» ولم يطلق عليها «إدارة الفوضى»؟.. لأنها ليست إدارة لشركة تجارية أو مؤسسة تعاني من الفوضى أو مجموعة من الجيران في حي أو منطقة سكنية أو حتى مجتمع مسالم يعانون من الفوضى ولكنها أعم من الفوضى.. منطقة تخضع لقانون الغاب بصورته البدائية يتعطش أهلها الأخيار منهم، بل وعقلاء الأشرار لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أو أشراراً، إلا أن إدارة الأشرار لهذا التوحش من الممكن أن تحول هذه المنطقة إلي مزيد من التوحش!! ويؤكد دستور داعش أن الرسول أدار المدينة عقب الهجرة بإدارة التوحش. ويروى الكتاب واقعة شهدتها مصر في التسعينات ويحذر من تكرارها فيقول: «إحدي المجموعات الجهادية الصغيرة بمصر والتي لم تكن تتبع تنظيماً جماعة الجهاد بمصر، أسسها أحد الشباب وكان قد طلب العلم بقدر ما درس كتاب (العمدة في إعداد العدة) ولكن للأسف أخذ يطبق قواعد علمية مأخوذة من كتب فقه الجهاد وينزلها علي فئات دون الرجوع لأهل العلم الراسخين، وقد انفرط عقد مجموعته خلال مواجهات التسعينيات وقتل ذلك الشاب رحمه الله وتقبله في الشهداء، ولا أدرى لو قدر الله له الاستمرار هل كان سيتدارك ذلك الخطأ أم كان سيفتح علي الحركات الجهادية في مصر باباً يدخل منه تشويه إعلامي يصعب مواجهته لما كان سيحمله من بعض المصداقية وهو باب إراقة دماء معصومة». ويحدد دستور داعش أفضل طرق تنفيذ العمليات الجهادية (علي حد وصفه) فيقول: «الأفضل أن تكون العمليات إما تصاعدية أو بمعدل ثابت أو في صورة أمواج وأحياناً تكون مراحلنا فيها كل هذه المعدلات، مع التأكيد أن يكون معدل العمليات تصاعدياً ليبث رسالة عملية حية للناس والشعوب وصغار جند العدو أن قوة المجاهدين في تصاعد، فكل هؤلاء لا يعرفون هذه القواعد وما ينطبع في أذهانهم من تصاعد العمليات -إما من حيث العدد أو النوعية أو الانتشار أو كل ذلك- أقول ما ينطبع في أذهانهم ويرسخ أن المجاهدين في تقدم مستمر والعدو في تراجع وأن مصير العدو الهزيمة، مما يجرئ الشعوب ويحيي الأمل في نفوسهم ويسهل مدداً دائماً للحركة وتصاعداً ذاتياً للحركة، لذلك ينبغي أن نخطط عملياتنا بأن نبدأ بعمليات صغيرة ثم الأكبر وهكذا حتي لو كان في إمكاننا القيام بالكبيرة من البداية، كما رتبت منظمة القاعدة عمليات إشعال المواجهة، هذا فضلاً عن فوائد أخرى كثيرة من تصاعدية الأعمال منها الارتقاء بالشباب وتعويدهم علي المواجهة وغير ذلك. ويضيف: «يمكننا أن نبدأ بعمليات صغيرة علي أكبر رقعة من الأرض في أماكن متباعدة ثم بعد فترة نقوم بعمليات أكبر من حيث النوع ونقوم بعد ذلك بتصغير المسافات بين الأماكن المتباعدة، والتصاعدية قد تكون لمرحلة معينة ثم تتغير لمعدل ثابت أو صورة أمواج تبعاً للتطورات. ويواصل دستور الإخوان: «عندما نبدأ في إدارة بعض المناطق -بإذن الله- ستتدفق علينا الموارد المالية من أموال الصدقات التي يمكن تأمين وصولها في هذه الحالة بصور مختلفة أفضل من الوضع الحالى، كذلك الأموال المتحصلة من المؤسسات المالية التي سنغنمها مما تركته سلطات أنظمة الردة عند مغادرتها تلك المناطق، بالطبع ستكون تلك المؤسسات من الفئة الصغرى أو المتوسطة، أما الشركات والمصانع والمؤسسات الكبرى والعملاقة كالبترول ونحو ذلك فكما ذكرنا من قبل ستحشد أنظمة الردة ما معها من قوات حولها لحمايتها.