يواجه كثير من الشباب حالة من الإحباط على المستوى الاجتماعى والسياسى، إما بسبب البطالة وسوء الوضع الاقتصادى أو بسبب تهميشهم سياسياً وعدم قدرتهم على تحقيق آمالهم التى ارتفعت بعد ثورة 25 يناير، وسرعان ما تبخرت وسط دهاليز الساسة، والآن تتعالى الأصوات التى تطالب بتفعيل دور الشباب وتمكينهم من مواقع القيادة سواء فى العمل الوظيفى أو السياسى، وذهب البعض إلى تحميل الأحزاب السياسية مسئولية إحباط الشباب وتهميش دورهم بشكل عام. مع قناعتى التامة بأهمية دور الشباب باعتبارهم ركيزة أساسية ويمثلون أكثر من 50٪ من الشعب المصرى، لتحول هذا المجتمع نحو النمو والتحضر.. فإن هذه القضية لها أكثر من جانب، وربما يكون أحد أهم أسباب إحباط الشباب الآن هى ثورة 25 يناير نفسها، والتى فجرها الشباب نفسه بشكل أذهل العالم، وجعل شباب مصر محط أنظار الجميع خارجياً وداخلياً، وإلى حد تغير نظرة الأسرة نفسها إلى شبابها بشكل فعال فيه، وأصبح الشباب يتصدر المشهد السياسى والاجتماعى فى وسائل الإعلام وغيرها من المنتديات والفعاليات، رغم ضعف إمكانياتهم وعدم إعدادهم سابقاً لأى مسئوليات، وهو الأمر الذى أدى إلى قيام جماعة الإخوان باختطاف الثورة، واستمالة واستقطاب أعداد منهم بسبب قلة خبرة هؤلاء الشباب، وسار المجلس العسكرى والحكومات المؤقتة على نفس النهج والأسلوب مع الشباب إلى حد أن بعض المسئولين كانوا يستخدمون الشباب كسند لهم فى مواقعهم!! ومع استمرار الحالة الثورية بين كل القوى المدنية ضد فاشية الإخوان، ثم ظهور حركة تمرد والانتهاء إلى الانفجار الشعبى فى 30 يونية لإزاحة الإخوان عن الحكم، عاد الأمل مرة أخرى إلى الشباب على اعتبار أن حركة تمرد كان كل أعضائها من الشباب، وتكرر نفس الخطأ عندما ذهب بعض الشباب للبحث عن مصالح ضيقة ومناصب غير مؤهلين لها، وتجاهلوا المشاكل الحقيقية لملايين الشباب فى كل أنحاء مصر، وهنا تاه الشباب مرة أخرى، وأصاب الإحباط شرائح كبيرة منهم، وبدت واضحة فى الاستفتاء على الدستور وانتخابات رئاسة الجمهورية. للأسف الآن تعلق مشاكل الشباب على أمور صغيرة وبعيدة عن جوهر المشكلة أو على الأحزاب السياسية، مع أن الجانب الأكبر للمشكلة يقع على عاتق الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، لأن الأحزاب مهما بلغ عددها أو قوتها فلا يمكن أن تكون بديلاً عن الدولة.. وإذا كانت الأحزاب تتحمل الإخفاق فى بعض جوانب التدريب والتثقيف السياسى.. فإن الدولة تتحمل الجانب الأكبر، خاصة أن هناك حالة من التجريف السياسى لمدة 60 عاماً، ومن ثم كان يجب على الدولة بعد 25 يناير أن تخلق وعاء جديداً لاستيعاب طاقة الشباب وتدريبهم وتوجيههم.. ثم يأتى دور الدولة مرة أخرى فى توجيه إمكانياتها المتمثلة فى وزارة الشباب ومراكز الشباب بحيث تكون حاضناً حقيقياً لكل أنشطة الشباب السياسية قبل الرياضية وكذا المراكز الثقافية والجامعات وغيرها من مواقع الدولة التى كانت موجهة فقط للحزب الحاكم.. ثم يأتى دور الدولة ثالثاً فى مواجهة مشكلة البطالة التى يعانى منها الشباب وتجعله عاجزاً عن إيجاد المسكن أو الزواج. باختصار.. هناك أزمة حقيقية تواجه الشباب، ربما يكون الشباب نفسه سبباً فى جانب منها بسبب عدم تدريبه وتثقيفه من هنا يجب أن نبدأ بوضع قواعد حقيقية لبناء نظام سياسى جديد يمهد للشباب الطريق فى حرية ممارسة العمل السياسى من خلال تسخير إمكانيات الدولة لهؤلاء الشباب، وفتح آفاق جديدة أمامهم فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى لا نتركهم فريسة للفراغ والتطرف والإحباط.