رئيس جامعة قناة السويس يُؤكد توافر الأطقم الطبية داخل عيادات كل كلية أثناء فترة الامتحانات    الجيل: الحوار الوطني يدعم مواقف مصر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    آخر تحديث.. أسعار عملات دول البريكس مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد    وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين (صور)    أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي.. رئيس الوزراء يشيد بانخفاض معدل المواليد    بمشاركة 500 قيادة تنفيذية لكبريات المؤسسات غدا.. انطلاق قمة مصر للأفضل تحت رعاية رئيس الوزراء لتكريم الشركات والشخصيات الأكثر تأثيرا في الاقتصاد    وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي لمناقشة مستجدات القضايا الأمنية المشتركة    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    أخبار الأهلي : عجائب وطرائف الدوري المصري ..الجبلاية ترد على تعيين حكمين لإدارة مباراة الحرس !    أخبار الأهلي : اجتماع طارئ ل كولر في الأهلي بعد العودة من سويسرا    تشكيل الاتحاد السكندري لمواجهة أبوقير للأسمدة في كأس مصر    رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحان الشهادة الثانوية الأزهرية القسم الأدبي بمدينة نصر    أماكن صلاة عيد الأضحى في المحافظات 2024.. الأوقاف تعلن 6 آلاف ساحة    «القومي للمرأة»: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز ل3541 في 2023    مصدر يكشف حقيقة إصابة جورج وسوف بنزيف حاد    طبعة إنجليزيّة لرواية "أَدْرَكَهّا النّسيانُ" لسناء الشّعلان (بنت نعيمة)    سوسن بدر تشكر «المتحدة» بعد تكريمها في احتفالية فيلم أم الدنيا 2    ينطلق السبت المقبل.. قصور الثقافة تعلن عروض المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    خبيرة فلك تبشر مواليد هذه الأبراج بانفراجة كبيرة    الأفلام المصرية تحقق 999 ألف جنيه إيرادات في يوم واحد.. والسرب يحتفظ بنصيب الأسد    دعاء ذبح الأضحية كما ورد في السنة..« إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله»    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    لمدة يومين.. صحة مطروح تطلق قافلة طبية بمنطقة فوكة بالضبعة غدا    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    أمينة الفتوى: «بلاش نحكي مشاكلنا الزوجية للناس والأهل علشان متكبرش»    «كوني قدوة».. ندوة تثقيفية عن دور المرأة في المجتمع بالشرقية    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي خطوة تحقق العدالة الاجتماعية    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشار رائدا للتنوير
نشر في الوفد يوم 24 - 10 - 2014

لمَا كان العقل هو سر التكريم ومناط التفضيل، بل سر هذا الوجود بأسره، وهو محك المسئولية والحساب، فإن الحضارات الإنسانية بأسرها كانت حضارات عقل قبل القوة، بمعنى أن العقل هو الذى بناها وشيد مجدها‘ ثم جاءت القوة المادية والعضلية لتنفذ ما شيده العقل من إبداعات فكرية لا يقوى عليها غير هذا المخلوق الذى كرَمه الله وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاُ...
ثم بدأت مسيرة تمجيد العقل والاحتفاء به، فاليونانيون القدماء الذين شيدوا حضارات ملأت الدنيا فكراً وأدباً وفلسفة، احتفوا بفلاسفتهم وشعرائهم فكتبوا على قبر سقراط» سقراط الخالد الباقى.. أعظم من أنجبت أثينا» وكتبوا على قبر أرستوفانيس» لم تجد آلهة المحبة معبداً تودعه المحبة أفضل من قلب أرستوفانيس».
ومن منطق تقديس العقل واعتباره مناط التقدم والتخلف، جاء الفلاسفة على مر العصور ليحملوا لأوطانهم مشاعل الرقى والتقدم، سواء كان مادياً أم أخلاقياً أم أيديولوجيا، فالكل أتى بحلم واحد وغاية واحدة، تلكم هى غاية إسعاد البشرية..
ويأتى الدكتور مصطفى النشار رئيس قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، نموذجاً لهؤلاء الفلاسفة الذين حملوا مشاعل التنوير وهموم الوطن، فانشغل بالإجابة عن سؤال واحد» كيف تتقدم مصر».
والإجابة عن هذا السؤال تقتضى العودة إلى ذى بدء، إلى بيئة هذا الرجل التى جاء منها ومراحله التعليمية التى مر بها لنربط بين الفيلسوف وظروف مجتمعه..
ولد الدكتور النشار فى الثلاثين من سبتمبر لعام 1953م بإحدى قرى مدينة طنطا بناحية الغربية، شأنه شأن أطفال الريف الذين يذهبون إلى الكُتاب لحفظ القرآن الكريم ثم التدرج فى السلك التعليمى حتى كانت الفلسفة هى محط اختياره ومناط آماله، فحصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة قسم الفلسفة بتقدير ممتاز عام 1972م وهو مالم يحدث من قبل سوى فى حكم النادر، ثم حصل على الماجستير من نفس الجامعة عام 1982م بتقدير ممتاز ثم حصل على الدكتوراه فى الفلسفة عام 1982م بمرتبة الشرف الأولى.
عمل الدكتور النشار كمدرس للفلسفة بجامعة القاهرة، ثم تدرج فى السلك الوظيفى إلى أن حصل على درجة أستاذ للفلسفة اليونانية، ثم أُعير للعمل بجامعة الإمارات العربية المتحدة لمدة ست سنوات، ثم عاد ليتقلد منصب العمادة فى العديد من الكليات الجامعية داخل جامعة القاهرة، وفى جميع تلك المراحل كان اهتمامه الأساسى منصباً على تأليف الكتب الفلسفية والفكرية والثقافية والتى تعدت الستون مؤلف وطُبعت بالعديد من الدول العربية.
ونحن إذ نذكر جزءاً يسيراً من رحلة الرجل العلمية، لنقول لشباب أمتنا العربية، هؤلاء هم القدوة بحق، وفلسفتهم جاءت كتعبير عن خلفيتهم الاجتماعية وظروف وطنهم السياسية.
لقد عاش الدكتور النشار النكسة، وعاها بعقله.. ودمى لها قلبه.. وتحسّر عليها فؤاده.. ثم خرج فى المظاهرات مع الطلاب لمطالبة الراحل السادات بالحسم، إلى أن تم الحسم فى أكتوبر العز والكرامة 1973م، وارتفع العلم المصرى ليرفع معه رؤسا عربية لم تنم الليل منتظرة بزوغ فجره.
لقد وقع الدكتور النشار بين فكين ضاريين، فك الألم الذى اعتصر قلبه سنوات شبابه الباكر بوقوع مصر فريسة للاحتلال، وفك الأمل فى بناء نهضة حقيقية مصرية خالصة المنبع عربية المصب، وما بين هذين الفكين خرجت فلسفته لتملأ الدنيا نوراً وفكراً وتنويراً، فكان شغله الشاغل كيف تنهض مصر، يقيناً منه بأن مصر هى قلب العالم العربى، ورسوخ عقيدة لديه بأن مصر إذا ما عادت لمحوريتها وسابق عهدها الذى كانت فيه سيدة للعالم، قام العرب بأسرهم متكئين على مصر، فمصر لهم مصدر للقوة والمنعة، كما أنهم بالنسبة لها مصدر للرحمة والعطاء.
وينادى الرجل بأعلى صوته « التعليم هو سر صناعة أى نهضة»، ثم يكرر النداء فى كتابه «فلسفة التعليم» ليخبر القاصى والدانى بأن التعليم هو بوابة المستقبل..
ثم يستمر الدكتور النشار حاملاً لمشاعل التنوير فيتحدث عن العولمة وجوانبها الإيجابية ويحذر من سلبياتها فى كتابه «ما بعد العولمة»، مشاركةً فاعلة منه فى الاستفادة بكل ما شيده عقل الإنسان.
ولم يهدأ الدكتور النشار إبان ثورة الشباب فى يناير 2011م، بل وقف إلى جوار هؤلاء الشباب مؤيداً لأعظم مطلب من وجهة نظره، العدالة الاجتماعية، فكتب عن العدالة، وطار إلى عدة دول كان آخرها ألمانيا ليحاضر فى مؤتمرات عن العدالة، ويرتفع صوته بالنداء، حتى أصبح من المغضوب عليهم فى حكم الإخوان ...
وبعد أن ثارت ثائرة الشباب الغاضب ضد حكم الإخوان، حمل الدكتور النشار مفاتيح لحل الأزمة، والتى كانت أزمة ثقة بالأساس، فكتب مقالات متتابعة فى جريدة الأهرام المصرية، ضمنها كتابه «بين قرنين»، مطالباً الرئيس السابق محمد مرسى بالانصياع لرغبات الشعب والاستجابة لمطالب الثوار وعزل رئيس الوزراء وتشكيل حكومة تكنوقراط يكون أعضاؤها ذوى قدرة كاملة على إدارة شئون البلاد التى تنتقل من أزمة إلى أزمة أشد، ومن مشكلة إلى مشكلة أكبر.
ولم يتوقف الدكتور النشار يوماً ما، فلا تمر سوى برهة قليلة ونجده يخرج علينا بمقال ثورى، أو بكتاب فكرى، أو ببحث فلسفى، ليدلل بعمق أن التنوير صنيعة العقل، وأن الوطن العربى لم يعدم عقل وإخلاص مفكريه، وليظل اسم الدكتور النشار محفوراً فى قلوب الفلاسفة والمثقفين كأحد أبرز رواد التنوير فى مصر، ولعل نداءاته المتكررة فى فلسفة التقدم وتحديث مصر، وفى فلسفة التعليم تجد لها آذاناً صاغية يوماً ما، ولعله يكون قريبا، فالأمل كله فى الله، وكان ربك قديراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.