داعبتها أحلام النجاح فقررت العودة إلى صفوف الدراسة مرة أخرى، خاصة وأن عملها كموظفة إدارية في الجامعة أثار غيرتها وأحلامها لتحسين مؤهلها الدراسي من جديد ، إنها الدكتورة ناهد نصر مدرس علم الجمال . تؤكد . ناهد أن دافعها لاسترجاع حلم عمرها هو عملها موظفة بجامعة القاهرة ، فقد كانت تحلم بدراسة الطب ولكن ظروف وفاة والدتها وانشغالها بتربية إخوتها الصغار كان السبب في ضعف مجموعها، فدخلت معهد سكرتارية حصلت منه على مؤهل متوسط عام 1973. وتتابع : مشاهدتي للطلبة يومياً أيقظ حلمي من جديد، فقررت إعادة الثانوية العامة مرة أخرى وحولت أوراقي من الشعبة العلمية إلى الأدبية، ورغم حملي في ابنتي دينا إلا أنني حصلت على مجموع 83% في الثانوية وقررت الانتساب لكلية الآداب قسم الفلسفة نظراً لعشقي للفلسفة ولأنيس منصور وبالفعل تخرجت في الكلية عام 1984 . ومن مؤهل فوق متوسط إلى مؤهل عالٍ تدرجت ناهد في السلم الوظيفي بجامعة القاهرة، فكانت كلما حصلت على مؤهل دراسي أعلى تحصل على ترقية أعلى، ثم قررت دراسة التربية وأسس التدريس. توضح السبب قائلة: في تلك المرحلة عندما قررت الالتحاق بمعهد البحوث التربوية التابع لجامعة القاهرة كان أولادي في مرحلة لا بأس بها من الدراسة، ورغم أني كنت أتابعهم في المذاكرة إلا أنني كنت أفتقد الأسلوب العلمي في التدريس وتوصيل المعلومة فقررت الحصول على دبلومة في التربية والتدريس حتى أستطيع مساندتهم كما ينبغي، وبالفعل كنت خريجة أول دفعة من المعهد عام 1990، ويبدو أن حاجتي للعلم لم تتوقف فسجلت الماجستير في الفلسفة وحصلت عليه عام 1996، وأتبعته بالدكتوراه عام 2003. أولويات وقناعات لم تخفق د. ناهد نصر يوماً في التوفيق بين أسرتها وعملها ودراستها، وتقول : أنا أؤمن دائماً بالخطوط المتوازية وضرورة تنظيم الوقت، فبدلاَ من مضيعة الوقت في الحكاوي مع الجارة استغله في المذاكرة، واقتطع ساعة بعد انتهاء يومي ونوم الأولاد وأذاكر فيها، هكذا عملت على تنمية ذاتي . ومن الأزمات التي اعترضت طريق د. ناهد العلمي بعد مناقشة الماجستير ، تعرض ابنتها الكبرى لحادث سيارة، فمكثت في غيبوبة لمدة 6 أشهر إلى أن توفاها الله ، تقول عن هذه الفترة: كانت الطامة الكبرى التي اعترضت حياتي ولم يكن أمامي إلا خيارين، إما اعتكف وابعتد عن الناس استسلاماً لأحزاني، أو احتسبها عند الله وأنظر إلى بقية الأولادي فهم في حاجة ماسة إليّ، فلجأت إلى الخيار الثاني وفرغت حزني وكبتي في الدراسة فحصلت على الدكتوراة في علم الجمال مع مرتبة الشرف الأولى . رغم طول المشوار الذي قطعته د.ناهد وإصرارها على النجاح إلا أنها لم تستطع التدريس بكلية الآداب ، بسبب تفشي الفساد وعدم وجود واسطة لها ، بحسب قولها ، وتحكي عن خوضها طريقا جديدا في العلم قائلة : لم أترك المعوقات والفساد يقتل طموحي فأنا أشعر أن لدي طاقة وخبرة وعلم يجب نقلها إلى الشباب فاستثمرت خبرتي وعلمي في التدريب، ورجعت مرة أخرى إلى صفوف الدراسة وحصلت على دورات تدريبية في التدريب والتنمية البشرية والحاسب الآلي، فجمعت بين الفلسفة والتنمية البشرية والتكنولوجيا وأصبحت أعطي دورات تدريبية للشباب تابعة لوزارة الشباب ووزارة التضامن الاجتماعي، وهكذا حققت حلمي في العلم والتدريس ونقل خبراتي إلى الشباب، بالإضافة إلى تأليف العديد من الكتب أهمها كتاب دراسة عن إبداع المرأة العربية (الرؤية النقدية عند انتصار العقيل) وحاز الكتاب في معرض السعودية 2009 على جائزة أحسن كتاب يعبر عن إبداع المرأة العريبة. وتؤكد د. ناهد نصر الدين أن سر نجاحها هو قناعتها بأنه لا يُغلق باب في وجه إنسان إلا وفتح الله له 100 بدلاً منه وما على الإنسان إلا السعي، مشيرة إلى أن هدفها الأكبر حالياً هو مساندة الشباب عن طريق تثقيفهم، لذلك أنشات جمعية مع بعض زملائها لمساندة البحث العلمي لدى الشباب .