جاءت مواقف تركيا الأخير مما يحدث فى الشرق الأوسط والدول العربية خاصة، لتؤلب جميع القوى الدولية ضدها، فقد أدى رفض تركيا للدعوات التى أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة وواشنطن بالتدخل العسكرى لأنقرة والدفاع عن المدنيين فى عين العرب، من أجل منع وقوع مذبحة للأكراد داخل المدينة القريبة من الحدود مع سوريا، لتغير المزاج الدولى ضد سياسات الرئيس التركى، فضلا عن تفويت الفرصة على أنقرة للفوز بمقعد مجلس الأمن. ومثل فشل تركيا فى الحصول على عضوية مجلس الأمن الدولى ضربة قاصمة فى عرش الدولة العثمانية، ليصبح هذا الفشل أول مسمار يدق فى نعش أردوغان وجرس إنذار بانهيار الدولة العثمانية. وفى هذا الشأن قال السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق والقيادى بالتيار الشعبى أن فشل تركيا فى الحصول على عضوية مجلس الأمن يعود إلى السياسات الخارجية التى اتبعتها فى الفترة الأخيرة وخاصة فى ليبيا وسورياوالعراق ومصر. وأشار إلى أن سياسات تركيا أفقدتها مصداقيتها وكذلك ثقة قطاع كبير من دول العالم، والدليل على ذلك عدم تصويت دول العالم لها للحصول على عضوية مجلس الأمن. ولفت مرزوق إلى أن السياسات التى يتبعها أردوغان حالياً عكس التى كانت تسير بها الدولة منذ 10 أعوام، قائلا: "تدخل تركيا فى الشئون الداخلية للبلاد الأخرى كلفها الكثير وسيؤدى بأردوغان إلى الهاوية حال استمراره فى اتباع مثل هذه السياسات البغيضة". وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن هذا القرار يمثل عقابا تأديبيا ورسالة إلى الحكومة الحالية لإصلاح سياساتهم وأن تتراجع عن ممارسة هذه التجاوزات فى حق الدول الخارجية، معرباً عن أمله فى عودة الدولة التركية إلى رشدها عقب هذا القرار. فيما رأى أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والقيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، أن فشل تركيا فى الحصول على مقعد غير دائم لها بمجلس الأمن الدولى يرجع إلى فشل سياسة أردوغان الخارجية، ناعتا إياها "بالسياسة الصبيانية". وأوضح "دراج" أنه على الرغم من امتلاك تركيا لمقومات تمكنها من الفوز بمقعد بمجلس الأمن الدولي، مثل ثقلها الاقتصادي، واعتبارها إحدى الدول المركزية فى المنطقة، إلا أن سياسة أردوغان أطاحت بفرصتها فى الفوز. وأكد "دراج"، أن الدول الغربية تنظر إلى سياسة تركيا بنظرة غير رشيدة، ولذلك فإن تركيا لم تستطع كسب تأييد المجتمع الدولى لها، لافتا إلى أن هذا الفشل يمثل فضيحة كبرى لدولة تركيا -على حد قوله-. ومن جانبه أكد اللواء محمد قدرى سعيد رئيس قسم الشئون العسكرية والاستراتيجية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجة، أن فشل تركيا فى الحصول على عضوية مجلس الأمن يمثل رسالة واضحة لكل مسئول فى الحكومة التركية بضرورة المراجعة وتقويم السياسات الحالية، مشيرا إلى أن الدولة التركية تدفع ثمن الأخطاء التى يرتكبها أردوغان فى حق الشعوب الأخرى. وأوضح رئيس قسم الشئون العسكرية والاستراتيجية بمركز الأهرام للدراسات أن القرارات الأخيرة لتركيا كانت مهتزة بشكل كبير مما أدى إلى فشلها فى الحصول على العدد المطلوب من تصويت دول العالم لعضوية مجلس الأمن، مشيرا إلى هذا الفشل يمثل ضربة موجعة لأردوغان. وتابع سعيد : تركيا نظرت إلى الأمور بشكل سيئ فى عدد كبير من الدول خاصة الوضع فى العراق والجزائر، لافتا إلى أن فشل الدولة العثمانية الحفاظ على عضوية مجلس الأمن يمثل انتقاصا لمكانتها الدولية. ووافقه فى الرأى الدكتور سعيد اللاوندى أستاذ العلاقات الدولية، مؤكدا أن عدم حصول تركيا على عضوية مجلس الأمن له علاقة وطيدة بفشل سياستها الخارجية كما أنه مؤشر قوى على افتقادها لثقة الدولة الخارجية. وأضاف "اللاوندي" أن تركيا كانت تطمع فى الحصول على دور ريادى فى المنطقة الغربية، وإعادة أمجاد الدولة العثمانية مرة ثانية، إلا أن محاولاتها فى تحقيق ذلك حظيت بالفشل الذريع، مشيرا إلى أن دول الغرب لن تسمح بحصول تركيا على مقعد بمجلس الأمن الدولي، خاصة بعد أن ظهرت نواياها السيئة، وتحالفاتها الدنيئة مع الجماعات الإرهابية وعلى رأسهم تنظيم الإخوان.