كل يوم يمر يثبت أن رجب طيب أردوغان رئيس تركيا يحتاج الى معلم كي يلقنه ألف باء السياسة الخارجية لأنه رجل مازال يعيش في أوهام الماضي وإذا كان قد وصل إلى منصب رئيس الجمهورية بفضل انجازات حققها على الصعيد الاقتصادي خلال توليه منصب رئيس الوزراء في بلاده نؤكد ان هذا الأردوغان قد فشل بدرجة امتياز في ادارة سياسة تركيا الخارجية الأمر الذي جعل الاتحاد الأوروبي يصر على عدم قبول عضوية تركيا فيه. وقد حاول الأتراك اثبات ولائهم للغرب بجعل أراضيهم نقطة انطلاق لكل الحملات والغارات التي يشنها الغرب على دول الشرق الأوسط منذ عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر وحتى الآن ولكن تظل هناك نظرة متشككة من قبل الغرب تجاه الساسة الأتراك لا سيما اردوغان الذي يحاول أداء دور إقليمي متجاوزا حقيقة وضع تركيا بالمنطقة من جهة وأن التاريخ في حركة تطور دائم من جهة أخرى. ولم تعد تركيا هي صاحبة الباب العالي التي تأمر فتطاع وليست سوى دولة علمانية خرجت من رحم دولة منهارة كانت تسمى الإمبراطورية العثمانية لدرجة ان الغرب أطلق على الدولة العثمانية الرجل المريض ويحسب للاتراك انهم بعد الحرب العالمية الثانية حاولوا إيجاد مكان لهم في الإطار الذي حدده لهم زعيمهم كمال اتاتورك مؤسس الدولة العلمانية التركية لكن اردوغان حاول ان يبحث عن دور خارج حدوده بإثارة القلاقل في الدول المحيطة وتبني الجماعات والتنظيمات الإرهابية وأصبحت اسطنبول وغيرها من المدن التركية مرتعا للمؤامرات ومقرا ومأوى للارهابيين الهاربين. وهنا بيت القصيد أن اردوغان يصر على دعم تنظيم الاخوان وله مطلق الحرية في هذا ولكن ليس له اي حرية واي حق في ان يتدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار ومن بينها مصر الذي يصف حكومتها الشرعية بالانقلابية. وهكذا يتجاهل اردوغان مصالح بلاده التي حتما ستتعرض لهزة عنيفة في المنطقة العربية نتيجة مواقفه الاستفزازية من الشعب العربي في مصر ورئيسه الشرعي الذي انتخب بإرادة حرة عبدالفتاح السيسي وفيما تؤكد الشواهد ان الحكومة التركية برئاسة داود اوغلو - وهو بالمناسبة في الدستور التركي له صلاحيات تفوق رئيس الدولة وبالتالي اردوغان هو اقرب ما يكون الى رئيس شرفي - نقول ان حكومة اوغلو لا توافق على تصريحات ومواقف أردوغان بدليل انه قبل القاء اردوغان لكلمته امام الدورة العادية للجمعية العامة للامم المتحدة التي هاجم فيها مصر بكل صفاقة وعدم احساس بالمسئولية طلب وزير الخارجية التركي لقاء وزير خارجية مصر للتباحث في القضايا الاقليمية المشتركة التي تحتل اولوية متقدمة في السياسة الخارجية للدولتين اللتين تربطهما مصالح اقليمية وعلاقات تاريخية. واعتقد المراقبون في القاهرة وأنقرة ان هذه خطوة لإزالة الخلافات التي أوجدها اردوغان بين بلاده ومصر خلال الخمسة عشر شهرا الأخيرة. كيف يكون هناك اتفاق بين الرئاسة التركية والحكومة ويخرج اردوغان ويطلق مزاعمه وأكاذيبه بهذا الشكل. إذن هناك انقسام في المواقف بين الجانبين وقد أحسنت وزارة الخارجية المصرية صنعا عندما ألغت اللقاء احتجاجا على كلمة اردوغان الأمر الذي جاء في سياقه الصحيح حتى يتم تلقين رئيس تركيا درسا ليس في كيفية التعامل مع الشعوب الحرة فقط ولكن في كيفية الحفاظ على مصالح بلاده التي أصبحت في خطر داهم نتيجة استمرار تأييده للإرهابيين والخارجين على القانون. يا سيد اردوغان لن يفيدك البكاء على الحليب المسكوب والتعلق بأحلام الماضي.. وأفق لمصلحة بلادك!