بكل ما يتبقى من أنفاس اليوم الطويل، يشتد ظلام الليل.. ومن بين الظلام يمتد شعاع أخير من الضوء، يتفتح فى أرواحنا الساهرة كل أطفال العالم الطيبين . هناك، كنا معاً، نتنفس صمتنا، أرسم ملامح ابتسامتك المستحيلة المحتملة غداً، وأحاول ألا أخافك لهذه الدرجة من الوجع. وأعود بحثاُ عن لقاء محتمل معك بعد ليلة البحار البعيدة برداً، وشوقاً الى كل ما قتلنى وشقاً الى المزيد ! الحلم لا يؤذى أحداً، سوانا.. رغم ذلك حين لا نملك عنه بديلاً فسيكون أقل إيلاماً من كل ما عرفنا من حقائق.. أو أوهام. ربما لذلك ابحث عنك منذ البدء، أريدك، وأنتظرك رغم كل ما أعرف عن احتمالات غيابك المبررة دائماً. فلماذا لست هنا الآن معى للحظات كل ما أحلمه فيها أن أجدك، أن أخدع نفسى وأنا أؤكد أننى رأيت ظل ابتسامة ما فى عينيك.. وقد أصدق أنها كانت ابتسامة لى وحدى.. ربما لأنك بشكل ما كنت سعيداً مثلى فى ذات ليلة بحر، لم تبدأ ولم تنته.. لكنها فقط جمعتنا هناك بعيداً، ظللت هروبنا بالصمت المتآمر لنا، وأفردت لنا شواطئها المزدحمة فى مجرد عناق سريع للأصابع . مجرد عناق مفرد أفقدك بعده فى لحظات ساهمة أو زحام الأصدقاء، حيث تمنح ابتسامات العمر لملامح لا أعرفها.. وتركنى أنتظر، أحلم، وأخاف لحظة فقدك المؤكدة.. المكرر!! سترحل؟.. ليس دون وداع! ستكون هنا؟.. بدون المزيد من الوجع! ... هو كما رأيته أنت الليلة، مجرد حلم مجرد الملامح، لكنه قادر على جعلك تبتسم صباحاً رغم كل الاشياء الاخرى، وأنت تستحق بعض السعادة.. لعلك تعتادها لتكررها لنفسك يوماً. صدق أنك رجل تستحق أن يستقبلك وجه باسم ذات صباح فى مرآتك اليومية. صدق أننى أستحق إشراقة شفتيك ابتساماً ذات يوم من عمرنا.. رغم كل خوفك من آثار خطواتى المزدحمة بالآخرين على صحرائك، فأنت تعرف أن الواحة الخضراء لن تكون فى النهاية إلا حيث يجب أن تكون، مهما تمنينا أن تكون أقرب لنا.. فقط علينا أن نؤمن أنها موجودة، أن نصدق أنها حقيقية، وأنها بانتظارنا فى كل مكان ما هناك، وإلا فقدناها ولن تجد السبيل الينا أبداً كحقائق لديها.. فنحن وهم عند من لا يؤمن بصدق وجودنا فى نهاية الرحلة. هؤلاء هم نحن، تلك صحراؤنا، وتلك واحتنا، وهناك هلاكنا أو نجاتنا.. وما نمنحه ونصدقه هو ما نحصل عليه فقط! «رسالة منها»