صمت بلا ندم، المتهم بإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا يمثل أمام القضاء لأول مرة    أخبار مصر: الهلال يحقق المعجزة بمونديال الأندية، موعد عودة خدمات البريد بعد توقفها، 72 ساعة تضع نهاية الإيجار القديم    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    معلومات الوزراء يرصد درجات الحرارة اليوم على الصعيد والقاهرة الكبرى (إنفوجراف)    بيع فستان للأميرة ديانا في مزاد علني بمبلغ خيالي (صور)    ملخص وأهداف مباراة الوداد ضد العين فى كأس العالم للأندية    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    أسعار السبائك الذهبية اليوم الجمعة 27-6-2025 بعد الهبوط الجديد (جميع الأوزان)    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    أشرف إمام: حمزة المثلوثي زملكاوي وخرج من الباب الكبير    حوار| رئيس اتحاد نقابات عمال الجيزة: الاقتصاد شهد تحسنًا بعد ثورة 30 يونيو    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق القبول بالثانوية العامة الأحد المقبل    ماكرون يحذر من تداعيات انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    أطعمة ومشروبات لمواجهة التوتر والنسيان والقلق خلال الامتحانات    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    سعر الدولار اليوم الجمعة 27-6-2025 ينخفض لأدنى مستوياته عالميًا منذ مارس 2022    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين في المنطقة الشرقية بنابلس    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    مدحت شلبي يكشف قرارًا صادمًا من وسام أبو علي.. وتخوف الأهلي    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    30 مليار دولار مقابل نووي بلا تخصيب.. تفاصيل خطة «ترامب» السرية لإعادة إيران لطاولة المفاوضات    ليوناردو وسافيتش يقودان الهلال ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    انخفاض ملحوظ في البتلو، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الشارع بقى ترعة، كسر مفاجئ بخط مياه الشرب يغرق منطقة البرج الجديد في المحلة (صور)    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبداع


بكائية على البحر
كان (إيليتُ) يغلقُ أبوابَهُ.. والمدينة من أوَّلِ الليلِ نائمةٌ.. والمقاهى التى يلتقى الشعراءُ بها
فى ليالى الشتاءِ المطيرةِ، خاويةٌ.. وأنا للمساءاتِ منتسبٌ.. فإلى أين أذهبُ فى هذه الغُربة الواسعَةْ؟!
سرتُ وحدىَ.. والبحرُ أسْوَدُ.. أسودُ..
قابلتُ أصحابىَ الشعراءَ المساكينَ طيفًا فطيفًا
يَمُرُّون.. ثم يغيبون فى الظلمة الأبديةِ..
يا أيها البحرُ أين الذى قد وعدتَ بِهِ؟!
أين هذا الذى نفتديهِ بأيامنا؟!
أمس كان طُلُولاً.. وقلبُ المدينةِ كان على غير عادته مُوحشاً.. موحشاً سيظلُّ! فقد رحل العاشقونَ..
ومن لم يسافرْ، مشى وحدَهُ «للفنارِ» القديمِ..
هنالك يذرعُ أرصفةَ البحرِ.. منتظرًا طيفَ من لن يعودَ .. على السفنِ الراجعَةْ!
لم يعدْ غيرُ هذا الصديقِ الوحيدِ..
وظلِّ (كفافى) الذى يتأرجحُ
بين المدينةِ، والسفن المبحرات لشطِّ السرابِ..
ونورٍ شفيفٍ، على وجه محبوبةٍ من زمانِ الطفولةِ،
مغسولةٍ بالعبيرِ..لها الوردُ عرشٌ..
لها نظرةٌ عذبةٌ ضارعَةْ!
ما أبقت الريح لِشُرفتنا المستضيفةِ للوَهَجِ البرتقالىِّ، والبحرِ .. سربٌ يراودها من طيورِ الشطوطِ..
وطيفٌ يَلُوحُ على الأفْقِ،
لا يُخْلِفُ الوعدَ كلَّ صباحٍ..
وزَهْرِيَّةٌ من شذاها ترفرف شمسُ الفتى الطالعَةْ..
ولى طفلةٌ كلما أوغل الليلُ تسألُنى:
يا أبى ما الذى نملكُ الآنَ؟
هذى هى العربات التى تترصدنا فُوَّهاتُ بنادقها،
تَحْمِلُ الآن أشياءَنا..
وكنوزَ مدينتِنا الضائعَةْ
هو الليل يهبط مثل النوارسِ،
حين ترى صَيْدَها فى المياهِ..
فتنقَضُّ فى عنفوان الفُجاءةِ، وَحْشيَّةً.. جائعَةْ..
ولكننى أملكُ الآن حُلْما يراودُنى..
ومنارا تهدَّمَ أو كادَ.. ينبعث الضوءُ منهُ،
قليلاً.. ولكنه سوف يكفى الزوارقَ حتى تؤوبَ
ومازلت أملكُ سِفْرِى المُقَدَّسَ.. سِفْرِى الموزَّعَ
ما بين طيَّاتِ قلبى، وأروقةِ السِّرِّ..
تلك التى تختفى فى بيوت المدينةِ..
أو فى مغاراتها الشاسعَةْ!
ولِى الموجُ.. والزَّبَدُ المتقافزُ..
والطائرُ الأبيض المتنقِّلُ ما بين شرفةِ «وَانْلِى»،
وأرجوحةِ الزُّرْقةِ الساطعَةْ..
وما زال لى ألَقُ البَدْءِ والوعدِ
والنُّصُبُ المرمرىُّ المُقَدَّسُ..
وامرأةٌ عرشُها فى السَّديمِ،
تتابعُ خطوىَ فى الليلِ، فى طرقات الشمالِ الحزينِ..
النسائمُ قادمةٌ من شطوط المحالِ..
وهذا هو البحرُ ينشد أنشودةَ الحُبِّ للمرأة الرائعَةْ..
ضياءٌ يمرُّ لهذا الظلامِ البهيمِ،
خلال نوافذِ حُرَّاسها المجهدينَ..
قليلاً.. ولكنه سوف يكفى ليرشدَنا لموانى الوصولِ..
سأَلْقَى على الغيم أصحابىَ الشهداءَ..
سأَلْقَى (كفافِسَ ) يمشى الهوينى– صباحاً– لبوابة البحرِ..
مختتما لحنَه فى الطريقِ: «ستبقى هنا، لا موانىَ أخرى»!
سأَلْقَى على الموجِ أصحابىَ الشعراءَ المغاويرَ..
والحُورَ فوق (الدلافين) فى الماءِ،
يُخْفِينَ فى الصَّدَفاتِ التمائمَ..
حتى تطلَّ علينا المليكةُ من خدرِها،
بوشاحِ اليواقيتِ، والقامةِ الفارعَةْ..
شعر: فؤاد طمان ، الإسكندرية
مواليد الجيزة فى 3/12/1943 وتخرج فى كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية 1965 ثم تخرج فى الكلية الحربية المصرية 1967 وحصل على دورة الكلية البحرية فى ذات العام، وعمل نائباً للأحكام بالقوات البحرية المصرية وعضوا بالقضاء العسكرى من 1967 إلى أن استقال وهو برتبة (عقيد بحرى) 1983.
كما عين عضواً بوفد مصر فى مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار 1980، 1981 وهومحام لدى محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا.
وهو عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة وعضو لجنة جوائز الدولة التشجيعية وعضو لجنة الآداب والدراسات اللغوية بمكتبة الإسكندرية
لوحة إعلانات
كان لقاؤهما دربا من الجنون، اختارا مكانا يتيهان فيه بين البشر، لم يكن هناك غيرهما رغم الزحام استقرت راحتها بين راحته، غاصت أصابعها بين أصابعه.... تاهت.
*******
سمحت له أن يطرق باب حجرتها غير عابئة بعريها.
للون السماء وجسدها علاقة قوية، موسيقى تعزفها خلاياها يعرف كيف يستمع لها وكيف يظفر بها دون غيره.
********
هناك بين الزحام كان لأصابعهما رأى آخر، كانت لتلك الآهة المستترة فعل سكين تم شحذه لتوه.
استقلا حافلة، الناس من حولهما يرتشفون من ماعون الألم، تصرخ وجوههم بأحوالهم، تزداد التصاقا به، يزداد ضغطا على أناملها الممتزجة بلحمه.
*****
تسلقت شفتيه تلك الربوة الشامخة بعزتها، نزعت أنامله لون السماء عنها، بات للأرض فعل البقاء وهو يغرس فى جوفها الأمل، بقى من السماء ليل يشارك الأرض فتوتها.
*********
سلم الحافلة محطة التقاء، محطة فراق، سلم الحافلة انتقال بين بين، ها هى الأرض تتلقف أقدامهما، تخرس أفواههما، تبعث فيهما بنار تدغدغ الحلم الساكن أسفل لوحة إعلانات كبيرة تصر بأن الأمر مستحيل.
*******
استندت للجدار وقد ارتدت السماء مرة أخرى، شعرها المهوش دفع به لواحة غجرية، تعلق برمل الصحراء المنعكس على الجدار، الغجر رُحَّل، ما كان ليرحل ويترك الشمس تلملم لونها الأحمر من شعرها وتمضى.
عادت أصابعها تمتزج بلحمه.
*********
أسفل لوحة الإعلانات طالت وقفتهما، انتقت المكان، حددت الطابق، قال هنا سيكون.
قالت: وهنا سيكون..
كان كل شىء معدًا، حتى تلك اللحظة التى غادرت فيها الشمس ولملمت أشعتها هاربة بالأحمر من شعرها، تلك اللحظة التى نزع السماء عنها وسكن جوفها .
جاءت حافلة أخرى، استقبلا سلم الحافلة المزدحم بابتسامة، نظرة وداع لتلك اللوحة الحلم.
فى الغد كانا على موعد، لقد نسيا أصيص الورد البلدى الذى سيضعانه فى ركن شرفتهما الأيمن.
قصة : رباب كساب ، السنطة-الغربية
لها رواية: قفص اسمه أنا ورواية: مسرودة
الغول
تحت الملابس.. ضل يابس
وقلب طير رافض ويائس
والعمر يزحف ع الفروع
ويجوع لحب قديم
ويحن حتى للهواجس
تحت الملابس
كرمش الجلد وطوى تحته الملامح
والقلب زى ما هوه
جوه بينتفض ويفيض تسامح
تسمعه.. تسمع لصوته وميض
وتشوف لدقاته صخب.. كأنه لسه وليد
تحت الملابس.. حزن لابس جلدنا والحزن غول
ساعة أفول الشمس يصحى يضمنا ويهدنا
وكأننا غاويين عذاب
الكف فوق الباب
تحت المخدة حجاب
والدم ع الاعتاب
والحزن بواب الهنا ليه كلنا..؟
لو يوم ضحكنا نخاف..؟
وكأننا غاويين نخاف تحت الملابس
قلب حاسس بالبشر الغول بشر
لو يسكن الزيف جلدهم الغول حجر
أرض وغيطان مزروعة أسفلت وحيطان
عمدان سمنت وكهربا
الغول وبا.. ودخان
الغول جبان.. بيخاف يبان
ويخاف يخبط ع البيبان
الغول شيطان.. ينسل من بين الشقوق
ويبان صديق تعبان وسمه فى المكان
مسكين.. برىء
تحت الملابس.. غول عصفور كسول
ماخدش لسه ع الشقا
والزقزقة.. كأنه طفل خجول
لكن مايخدعنيش سكت لما سكت
وقال ما تفضحنيش الغول مافيش..
رغم انه لابس ريش وشه كما وشنا
يضحك كما ضحكنا
وكمان يعيش وسطنا
ويهدنا.. ويغشنا الغول هنا
ضله بأسفلت الشوارع أتب
ورصيف مخيف.. ورغيف
الغول نحيف.. واحنا اللى بنسمنه
ونطمنه رغم انه فينا ضعيف
شعر: مصطفى البزاوى ، الغربية
مواليد 26/3/1958 خريج فنون تطبيقية وهو كاتب سيناريو وفنان تشكيلى
قصص قصيرة
تاج السيادة
منحته قلبا محبا، ظلت لسنوات تسيّده،
عكفت عمرها تشغل له التاج،
حين انتهت منه، وضعته على رأسه،
فى المساء، كان هناك من يمنعها الدخول عليه.
اغتيال
أيها الحالم فوق ربوع هواك، أتسمع صوتى؟!
- نعم. كنتِ أنتِ من أكتب
- عجبا لك تكتبنى غائبة، وحين أقرؤك تغتال الكلمات.
فولاذ الهجر
كلما شعرت بالهدوء حياله، كان هو يشعرها بالغضب بحنق بالغ،
ضجرت منه، صرخ، اعتذر، شرخ جدار الصمت،
بينما هى كانت مشغولة بإقامة جدار فولاذ الهجر
حلم برىء
نام بجوارها، ظلت تلاعبه كطفل برىء، بينما هو يريد مداعبتها، نهرته، ارتطم. استيقظت قلقة، لم تجد سوى حلمها، احتضنته وراحت تهدهده.
قصص: سمية الألفى ، بورسعيد
عضو نادى أدب بورسعيد وبورفؤاد
القمر بدراً.. للمرة الأخيرة
إنه اليوم.. سيصبح القمر بدراً.. أنتظر هذا اليوم منذ سنوات.. اليوم سيصبح القمر بدراً للمرة الأخيرة. نهار رائع والرمال المخترقة من نفاذ خيوط النار تداعب أنفى.. هواء نقى متحمص يزيد من صلابة أنفى وتزداد به رئتى اتساعاً. أشعر أن صدرى يحجب الشمس المحترقة عن منازل قومى. باغتتنى عاصفة من الرمال تقبض على ذيل السيارة، وتأتى ليلة أن يصبح القمر بدراً.
ينزلون فى صدر الساحة. من ورائى أستمع لهمس نسائنا وضحكاتهن وربما أمنياتهن.. تحت أقدامهم تراق دماء صغارنا.. هذه الوجوه لم أرها من قبل. لابد وأنهم فى الخدمة حديثاً.. متضخمون.. يشغلون الحيز الأكثر من منازلنا. وقبل أن أتحرك تسربت سموم السماء.. اخترقت مسام أطرافنا. أشعر بالشلل.. نتسمر بالأرض.. بالفضاء مشانق ترقبها عينى المتحجرة لا أقوى على التملص.. ارتضيت بها «المقايضة» آخيت الأرض.. رفضتنى، سحبت أرضها وترابها عنى وأشاحت السماء بمشانقها، قالت هناك من هم أولى بها منى.. انتفاضات جسدى المستمرة أيقظت شعاعات الصبح الأولى بتكاسل ودلال، ألقت على بنظراتها.. شعاع وراء شعاع.
نزع من جسدى مسمارا وراء مسمار. غلالة من هواء متحمص تخترق أنفى.. تداعب قلبى المتجمد وأستعيد حياة جسدى. يخرجون الآن وتضج وجناتهم بلذة الحياة. تركوا أكواماً كثيرة وابتسموا.. قبلونا.. احتضنت السيارة وسألت تراب الأرض وفاجأتنى عاصفة قوية تقبض ذيل السيارة.. دفعت تراب الأرض إلى وجهى وامتلأ أنفى. والأكوام تكفى.. حتى يصبح القمر بدراً من جديد.
قصة: أم العز بريك السنينى ، مرسى مطروح
مسؤولة وحدة الرأى العام بمركز إعلام مطروح بالهيئة العامة للاستعلامات
أنا خائف يا أليس
اليوم فقدت الأخضر
وبالأمس الأزرق
لم تعد هناك سماء، ولا حقل ذرة
لا يرقات، ولا غابات أمازون
الأحمر يستلونه منى
ولا أقوى على الذود
أضع يدى فوق جبهتى
وأنظر من أعلى إلى االعمر الذى ترك يدى
وهرول بعيدا أبحث عن ولد كان يسير هنا أمامى واختفى .. كنت أرعاه بألوان عيني
أبحث عنه فى الكتاب المصفر
أحاصر روحه بخطوط يدى الباهتة.
أكتب «لا» وأضعها بين قوسين
أغلق القوسين فيصيرا دائرة
أظللها .. تصبح كرة
أركلها .. تخترق النظارة إلى عينى
وتسقط الأبيض
الآن وأنا أقترب من نهاية العمر
تتكاثر النظارات بلا جدوى
تتجمع فى حجرى كبيض فاسد محطم
تغدو الحياة مثل الذكريات
بلا ألوان تقريبا فقط المرار يختلط بالدموع
فقط الحنجرة تتحجر
ولا أقوى على الصراخ كل يوم
أستيقظ مبكرا لأكتب قصيدة
أمزقها فى المساء
لأنام مرتاح البال
ذات يوم بعد أن أنهيت أعمالى الكاملة
قررت ألا أستيقظ فى الحلم
كانت لفائف الورق تمشط ذراعي
بقلادة من نار عندما أعود صغيرا
سأعيد قراءة كتاب لم أكمله
وضاع منى
سأتوقف عن مطاردة دود القز، وأفراس النبى على الحشائش
سألعب..
ألعب حتى تبرى قدماى
وأحتفظ بقصائدى الأولى التى مزقتها
أمسح جبهة حمارى الذى ضربته
أشترى عينين جيدتين من البائع الذى يلف فى الشارع
أبكى أكثر على قطتى حتى تعود من الموت
أسرع أكثر كى أنقذ كرتى من السيارة المسرعة
عندما أعود صغيرا
لن أصبح كبيرا
سأطلب من الله الذى يزورنى كل ليل
أن يزورنى كل ليل
مع الأيام
أتحول لصورة معلقة على الحائظ
لا أهش على غنمى
ولا التراب من على حواجبى
تتغذى ذاكرتى على النسيان
تسقط اللقمة من فمى
أنسى أين تركت عينى
وانصرفت باكيا..
يقول الحسن البصرى
اعتزلنا واصل
أصبحت أخاف
من الكلاب الساكنة والمراهقين
أهتم بالنظارات وقياس الكوليسترول
بمصادقة طبيب عظام جيد
بأسعار المقابر فى صحف الصباح
أصبحت الأشياء العادية مستحيلة
وكوب الشاى أبعد من المطبخ
رتيب كاهتزازة القطارات الفقيرة
مر كفقدان الأحبة كل أسبوع
بعيد..
بعيد كالحياة
شعر: محمد أبوزيد ، سوهاج
شاعر وصحافى مواليد 1980 صدر له أربعة دواوين «ثقب فى الهواء بطول قامتى»، قوم جلوس حولهم اء»، «مديح الغابة»، «طاعون يضع ساقا فوق الأخرى وينظر للسماء»، وديوان للأطفال «نعناعة مريم»
قصائد قصيرة
■ مقهى
قهوته المُرةُ
والدمع يسحُّ كغيثٍ فتَّانْ
هل يشرب دمعا
أم يمسحُ بالمنديلِ
الفنجان؟
■ جزاء
القطة الطيبةُ الصغيرةْ
تنام ملء حلمها الوردىِّ
فوق فروة
السجادةِ الوثيرة
وفى خيالها
فأرانِ طازجانْ
تهديهما
لقطها الذى ينام ملء حلمهِ
بقطةٍ أخرى
فى شرفةِ الجيرانْ
تغريهِ بابتسامةٍ مثيرة
■ انتظار
وظل طول عمره المديد
ينتظر البريدْ وعندما أتى
لم يكن الذى يريد
■ وهن
حينما، دخل الحديقةَ
ظنتْ العصفورة البلهاءُ وهْماً
ِأنهُ غصنٌ،
أحالته الطبيعة
للخريفِ المرِّ فاتَّكَأَت ْعليهِ
وغرَّدت لحنا حزينا،
........هل بكى؟
شعر: عزت الطيرى ، نجع حمادى
بكالوريوس زراعة وعضو اتحاد كتاب ورئيس نادى أدب نجع حمادى
قارئ الروايات
أنا قارئ الروايات
أسترسل فى مصير غيرى
كل مرة .. ولى أكثر من نهاية
أختار منها ما يناسب سحنتى أو حالة الطقس
أحياناً أقعد فى انتظار مؤلف
وأحياناً أجتر نفسى
لست أكثر من ريشة .. أو فاصل بين صفحتين
ومن حسن حظى أن الرواية تسع الجميع
الرجل وظله .. القضاء والقدر
لكنّ أحداً لا يشاركنى الحزن
كلما انتهيت من القراءة
سألقى نظرة أخيرة على صياد «هيمنجواى» العجوز
الذى اختصر البحر فى سمكة
على سانتياجو «كويلهو»
لا بأس بالأرواح المفبركة الخفيفة
سأترك «جرنوى» يقطر أرواح الجميلات
فى زجاجة
ما من شىء قد صار حقيقة كالزجاج
كم من مرة قلت:
لو كانت لى يدان قادرتان على إطلاق ميدان
لكن يدى كانت عادية .. فأنا محض قارئ
تسلمه الروايات واحدة إلى الأخرى
ومع الوقت اكتشفت أننى بلا شخصية
لست منديلاً، فأطير .. أو أحرف الموت
لست إلا قارئاً .. لم تحك لى أمى شيئاً
كنا مشغولين بالبيع
لكنى عرفت كيف أذهب إلى حيث تقودنى أمى
الروائيون محظوظون
فالحياة بها الكثير من الثغرات .. فى الحبكة
مع كل رواية أؤلف نسخة من نفسى
ثم أفقدها .. متعللاً بالبحث عن زجاجة
أصون فيها رماد أبطالى .. كى لا يتسربوا منى
لا بد أن أحدهم كان يتقمصنى
حين ذهبت لخطبة شاهيناز
فى السابعة صباحاً
لا بد أن إحداهن استعارت شخصية أمها
حين ظنت أننى الزبال
لا بد أن أحدهم أجبرنى على أن أردم المستقبل
هل تفهموننى
أو لعلها أمى، روايتى المفضلة
التى خرجت منها للتو .. فى الفصل الرابع
دون أن أكمل القصة ..صرت كهلاً .. فجأة
دون أن آتى بالمستقبل
من ذيله ، كما وعدت أمى
مجرد كهل يستقبل يومه من غير ود
يخاف أن يتسرب الشيب إلى منطقة حساسة فى جسمه .. لا يصدق أن قبراً واحداً .. سيتسع له
ولهذا يفكر فى بناء قبر لأبطاله
لا أريد سوى قبرين .. لأكتشف نفسى
من كل صوب .. أنا فى قبرين يا أمى
كى لا أختلط عليك
أقرأ لزملائى من الموتى .. أقرؤك ببطء
كى لا تنتهى الرواية.
شعر: البهاء حسين ، القاهرة
مواليد 1969 صدر له دواوين نفس البحر وتأويل العابر والبحر كالعادة وعود ثقاب أخير ونص الكلاب وقريباً من بهاء طاهر «حوارات مع بهاء طاهر»
ضريح...
جاهد قدر الاستطاعة حتى لا يذهب معهم لزيارته هذا العام.
كان فى كل مرة منذ مات أبوه قبل أربعة أعوام، يحاول البوح لهم جميعاً بأنه لا يرغب أبداً فى تلك الزيارة.
فهو يكرهه كرهاً حقيقيا، فلقد أفسد عليه حياته بإذاقته مرارة الانتهاك.
قالت له أمه:
الناس هتاكل وشنا.
رماها بنظرة حقد يمور فى أعماقه.
وتركها ذاهباً إلى البادروم الذى قضى فيه قرابة ثلاثة عشر عاماً بقرار من أبيه، حتى لا يرى الشمس أبداً طوال وجوده على قيد الحياة.
لحقته أمه متوسلة:
أرجوك يا ابنى. لا تجعل ما حدث يُضحك الناس علينا.
أجابها ساخراً:
ظل الناس سنين وسنين لا يعرفون أن له ابنا.!!!
حاولت احتضانه لإثنائه عن قراره، لكنه دفعها بعنف صارخاً فى وجهها:
أين كانت استماتتك تلك فى الدفاع عن الميت الذى ظل مدفوناً هنا طيلة ثلاث عشرة سنة؟ دون أن يعطى كتابه بيمينه أو شماله!
اذهبوا أنتم وانتفحوا بكراماته.
وانثروا عليه الدعوات بالجنة والخلود فيها، لأنه كان عظيماً شجاعاً خيّراً بالناس والأحباب!
حنت عليه عيناها وقالت:
كن متسامحاً غفوراً.
طأطأ رأسه قليلاً يتفكر ثم رفع وجهه إليها وقال بهدوء حذر:
سأذهب يا أمى، ولكن وحدي.
تركته وخرجت وهى تقول له:
براحتك يا ابنى، وربنا يغفر له..
اضطرمت داخله نيران الغيظ منها وهو يلوك مرارته التى لم تغب عن حلقه لحظة واحدة منذ أفرجت أمه عنه عقب ممات أبيه الذى كان يهدد بالوعد والوعيد، لو فكر أحد فى مجرد الاقتراب من البادروم.
أغلقت وراءها الباب وقال فى نفسه:
غداً سيكون حسابى معك أيها الظالم اللعين.
وفى الليلة التالية وبعد منتصفها بساعتين، جمع حملاً ثقيلاً من الفؤوس والأزاميل والقواديم والكزمات والمناشير الحديدية.
توجه إلى ممر الأضرحة ودخل إلى مقر الضريح قوياً ثابتاً.
ساحقاً بكل شراسة أية لحظة ضعف تحاول الاقتراب بأناملها الزائفة لكى تمسح على بقايا جدار قلبه المتهدم.
صارخاً بكل قوته:
الآن فقط. لا وجود إلا لإرادتى القاهرة لزيف العالم..
قصة: مختار عبدالعليم ، القاهرة
وُلِد بحى شبرا. من أصلٍ صعيدى بمحافظة أسيوط بجنوب مصر.أصيب بكف البصر نتيجة حادث عارض وهو فى الثالثة من عمره. درس فى مراحل تعليمه الأولى بمدرسة طه حسين للمكفوفين بالقاهرة.. التحق بجامعة القاهرة وتخرج فى كلية الآداب بقسم الفلسفة، عام 1991


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.