إن اتهامات بعض الأكراد لتركيا بالتواطؤ مع "داعش" لاحتلال ثالث أكبر مدنية كردية في سورية وهي مدينة كوباني والقرى الكردية المجاورة، ليست اتهامات بلا شواهد، فهناك شواهد عدة تؤيد هذه الاتهامات وأسباب أخري تجعلنا نقول إن تركيا لعبت ولا تزال تلعب دوراً قذراً في تدمير كل من سورياوالعراق ومنها: أولاً: عدم مشاركة تركيا في التحالف الدولي ضد "داعش" وعدم حماسة تركيا للحرب الدولية ضد هذا التنظيم الإرهابي، بعكس الحال في التحالف الدولي ضد العراق، فقد كانت تركيا رأس حربة في هذا التحالف ضد صدام حسين، مع ان صدام حسين لم يكن أبدا في خطورة وإرهاب هذا التنظيم الداعشي الإرهابي. ثانياً: إن تركيا هي الدولة الوحيدة التي قامت داعش بالإفراج عن رهائنها بعد احتجاز لمدة ثلاثة أشهر دون ان يمسوا بأذى، فمن المعروف عن هذا التنظيم همجيته ولا إنسانيته، وانه يقوم بنحر وذبح معظم رهائنه إلا ان الرهائن الأتراك ال"49" الذين اختطفوا من القنصلية التركية بالموصل تم عودتهم لبيوتهم سالمين جميعا. وعلى رغم نفي الرئيس التركي أردوغان عدم عقد أي صفقة مع هذا التنظيم نظير الإفراج عن الرهائن الأتراك إلا ان صحيفة "حرييت" التركية كذبته وقالت إنه كان هناك مقابل لهذه الخطوة، حيث أفرجت تركيا عن احد أخطر الإرهابيين المحتجزين لديها. ثالثاً: هناك أسباب تاريخية لكراهية الأتراك للسوريين فلا ينسى الأتراك أبدا ان حافظ الأسد، والد الرئيس السوري الحالي، منح عبدالله أوجلان الزعيم الكردي التركي الملاذ الآمن أثناء حرب الأكراد الأتراك مع تركيا. رابعاً: ولأن تركيا على مر تاريخها تعامل أقلياتها معاملة سيئة جدا، سواء الآن او عندما كانت دولة احتلال، والتاريخ خير شاهد على المذابح التي ارتكبتها ضد الأرمن، وكذلك حروبها الطويلة ضد أكرادها. لذلك فإن من مصلحة تركيا القضاء على الحكم العلوي القائم في سوريا حتى لا تتأثر الأقلية العلوية الموجودة بتركيا بوجود دولة علوية مجاورة لهم في سوريا. خامساً: هناك خصومة تاريخية بين تركيا وريثة الدولة العثمانية وبين إيران وهذه الخصومة والحروب القديمة بين الدولتين هما السبب الرئيسي لتحول إيران من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وهذا ما جعل تركيا تخاف من الحلف الشيعي الذي تكون بعد سقوط صدام حسين، وذلك في كل من إيرانوالعراقوسوريا، لذا فإن تركيا لعبت ولا تزال تلعب دوراً في تمزيق كل من سورياوالعراق عن طريق "داعش" وغيرها من المنظمات الإرهابية. سادساً: هناك خوف تركي أيضاً من نشوء دولة كردية كبرى تشمل أكراد العراقوسوريا، خصوصا بعد ان حصل أكراد العراق على حكم ذاتي ذي صلاحيات كبرى، وهذا سيؤثر بالتأكيد على أكراد تركيا الذين خاضوا حروباً كثيرة مع تركيا للحصول على حقوقهم، لذا فإنه من صالح تركيا تدمير هذا الحلم الكردي عن طريق "داعش" التي هاجمت أكراد العراق بالأمس وها هي تهاجم أكراد سوريا اليوم. إن تركيا المتخوفة من نشوء حلف شيعي في كل من إيرانوالعراقوسوريا يهمها أن تخلق دويلة سنية على حدودها الجنوبية تحميها من هذا الحلف، كما يهمها أيضاً ان تكون هذه الدويلة حاجزاً بينها وبين أكراد العراقوسوريا. لذا فإننا نظن أن الاتهامات الكردية لتركيا بمساعدة "داعش" لم تكن أبدا من فراغ. باحث اقتصاد دولى - فرنسا