صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية ترى أن على الأطلسي عدم التسامح بعد الآن مع الدور التركي الداعم للجماعات الإرهابية، لا سيما تنظيم داعش، مضيفة أن على أنقرة أن تقرر ما إذا كانت تريد البقاء في الأطلسي أو مواصلة التصرف كحليف للعدو الأخطر للديمقراطيات منذ زمن النازية والاتحاد السوفياتي، على حد تعبيرها. وقالت الصحيفة أنه بغية محاربة تنظيم "داعش"، هذا الوحش الشمولي الذي يريد إخضاع الشرق الأوسط ولاحقاً العالم بأكمله، وقعت 10 دول في المنطقة على بيان جدة الذي تعهدت فيه بمساعدة باراك أوباما في حملته ضد داعش، وكان ينقص هذا البيان توقيع واحد: توقيع تركيا أردوغان، حين حاول وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل إقناع تركيا بالانضمام إلى التحالف الدولي ضد "داعش" رفضت أنقرة بشكل قاطع، متخلية عن عنصر التضامن الأطلسي، رفضت أنقرة إنطلاق الطائرات الأمريكية أو طائرات الأطلسي من القواعد التركية علماً أنها الأكثر فاعلية لتوجيه ضربات في العراق. وأضافت الصحيفة أن سلاح الجو التركي يمتلك أحدث التقنيات من المصانع العسكرية الأمريكية وطياروه جرى تدريبهم من قبل الولاياتالمتحدة فضلاً عن أن في تركيا 24 قاعدة للأطلسي، فالحجة التي قدمها رجب طيب أردوغان حتى 20 سبتمبر كانت مصير الرهائن الأتراك الستة وأربعين الذين خطفتهم "داعش" في يوليو. واكدت الصحيفة أنه اليوم نعلم أن هؤلاء أطلق سراحهم في مقابل مساعدة تركيا المسلحيين الذين يقاتلون الأكراد في سوريا، وبالتالي فإن ذريعة الرهائن كان الهدف منها إخفاء حقيقة أخرى، غير مقبولة على الإطلاق من قبل دولة "حليفة" تقول إنها ضد الإرهاب، وتريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتعتبر ركيزة في الحلف الأطلسي. واضافت الصحيفة الحقيقة هي أن تركيا تدعم سواء في سوريا أو العراق، المجموعات الإرهابية من بينها "داعش" التي تضم ألف مسلح تركي، مشيره إلى أن منذ بداية الحرب الأهلية السورية، غضت أنقرة الطرف عن مخيمات التدريب التي أقامتها "داعش" في تركيا وعن عبور الأسلحة عبر أراضيها فضلاً عن متطرفي العالم كله الذين قدموا للقتال في سورياوالعراق مؤكده أنه جرى تجنيد "المتطرفين" على مرأى من الجميع في المساجد والمدارس التركية وحتى ضمن القوات الأمنية. وأشارت الصحيفة الفرنسية أن حقيقة دعم الحكومة التركية لتنظيم "داعش" رفضتها المعارضة التركية نفسها ممثلة بحزب "الشعب الجمهوري" الذي استنكر تحول بلاده إلى القاعدة الخلفية الأكثر أماناً للتنظيم الذي تعتبر إحدى مكوناته، جماعة النقشبندية، قريبة من حزب العدالة والتنمية ومن أردوغان. وتسألت الصحيفة هل يكره الرئيس التركي الرئيس بشار الأسد أكثر مما يخشى "داعش"؟ أم إنه سيدعم بشكل واضح "المتطرفين" (الذين يشعرون بالحنين مثله إلى "الخلافة") الذين يقاتلون بالأسلحة العلويين العلمانيين من السوريين كما يقاتل هو سياسياً أولاد عمومتهم من الأتراك العلويين خلال الأسابيع الأخيرة، تصرفت تركيا كحليف حقيقي ل"داعش" في مواجهة أكراد سوريا، الأقل تسليحاً والذين عدّ تسليم الجيش التركي 5 دبابات على الأقل وعدداً من الأسلحة الثقيلة للتنظيم، أحد أسباب هزيمتهم الأخيرة في "كوباني" في الشمال السوري، وأخيراً رفضت تركيا أيضاً إيقاف عمليات تهريب المحروقات من العراقوسوريا في وقت تقدر عائدات الحقول النفطية التي يسيطر عليها "داعش" في العراقوسوريا بمليوني دولار يومياً. وفى النهاية قالت الصحيفة أن لا أحد يمكنه إنكار الدور المبهم لأردوغان ودعمه لتنظيم "داعش"، وعلى الولاياتالمتحدة والأطلسي، اللذين سارعا لانتقاد روسيا في الملف الإيراني والأزمة الأوكرانية، أن يظهرا حذراً شديداً إزاء بلد لديه القليل من الحجج لعدم الانخراط في التحالف الغربي كونه عضواً رئيسياً في الأطلسي، أمام هذا الخطر الكبير الذي يسمى "داعش" فإن على أردوغان ورئيس حكومته أحمد داوود أوغلو، صاحب استراتيجية "العثمانية الجديدة"، أن يختارا محورهما: إما أن تبقى تركيا عضواً في الحلف الأطلسي وبالتالي تشارك في التحالف ضد داعش وتوقف تسليحه، أو تواصل التصرف كحليف للعدو الأخطر للدول الديمقراطية منذ زمن الرايخ الثالث (الحزب النازي) والاتحاد السوفياتي، وتغادر الأطلسي.