غفلنا عن اليمن فسقطت صنعاء في يد الحوثيين إنها خلاصة أربع سنوات من التردد في مواجهة الخطر الذي يمثله التنظيم التابع للولي الفقيه ، والنتيجة شوكة تغرز في خاصرة هذه الأمة من جنوبها ، ومكسب جديد لأجندة طائفية عنصرية تلعب بها إيران منذ أن حكمها الملالي المتمذهبين عام 1979 . أهل اليمن يتحملون الجزء الأكبر من اللوم على ما حدث ، هذا أمر لا شك فيه ، فهم أصحاب البلد ، وهم المناط بهم حمايته والحفاظ على استقلاله واستقراره ، ولكنهم لم يقدروا على التعايش مع بعضهم البعض ، سيطرت الانتماءات المذهبية والفكرية والسياسية والطائفية والقبلية عليهم ، وحركتهم في اتجاهات متصادمة مملوءة بالأحقاد والدماء ، فأسقطوا الأوراق التي كانت تسترهم حتى انكشفت كل مساوئهم ، فلا الإخوان صمدوا يوماً في مواجهة الحوثي الغادر ، وهم – أي الإخوان - الذين كانوا يعتقدون إنهم الورقة الرابحة في الصراع الذي يدار بالعاصمة ، فذهبت العاصمة نحو المجهول ، وخرجوا هم باتفاق يعتقدون بأن الحوثيين سيلتزمون به ، ولا اللواء المدرع الأول أو أي كان إسمه صمد في معركة احتلال صنعاء ، ولا الداخلية التي كانت أسداً على المحتجين العزل وحملاً وديعاً عندما حانت ساعة الحقيقة ، وأصدرت ذلك البيان المخجل الذي طالبت فيه رجالها اعتبار الحوثيين أصدقاء لهم ، وعدم الاحتكاك بهم ، فكان ذلك استسلاماً وليس تفاهماً . أطراف كثيرة غررت بالشعب اليمني ، تلاعبت به وبأحلامه ، وليست كلها يمنية ، فالأيادي العابثة كانت كثيرة ، وأصحاب النوايا الحسنة أيضاً كانوا يحاولون ، الأممالمتحدة ودول الخليج العربي ، ولكن من تسيرهم أهداف واستراتيجيات معدة مسبقاً ، كانوا أكثر دقة في التنفيذ وتحريك الأوضاع ، وقد نجحوا حيث فشل الآخرون ، وثبتت حقيقة أن السياسة تخضع للمصالح وليس للعواطف ، وقد استثمرت إيران خلال السنة الأخيرة السياسة لخدمة مصالحها في عدة جبهات ، ابتداء من سوريا ومروراً بالملف النووي ، وانتهاء بعروضها بالمشاركة في مواجهة "داعش" بالعراق ، وتحقيق نصر لأتباعها في اليمن . هذه مرحلة صراع جديدة تفتح أبواباً على دول الخليج قبل غيرها من الدول العربية ، ومخطئ من يعتقد أن الذين احتلوا صنعاء يمكن أن يتنازلوا عنها ، سواء وقعوا اتفاقاً مع الإخوان أو مع الجيش ، وبوساطة دولية أو قبلية ، فهم باقون هناك ، وسيبتزون الجميع ، بل سيحاربون الجميع ، وسيحيلون اليمن إلى أرض دمار وقتل ، فخزائن إيران مفتوحة ومخططات غير إيران جاهزة ، وأطماع الطوائف والقبائل والمذاهب اليمنية حاضرة . إن نواقيس الخطر تدق في صنعاء ويتردد صداها في الخليج وأطراف بلاد العرب ، فالخطر محسوس وملموس ويقف على بعد أمتار منا ، وليتنا نتنبه ، ليتنا لا نكون متجهين بأنظارنا صوب الشمال فقط ، هناك حيث "داعش" ، فالجنوب ملتصق بنا ، فهناك اليوم قاعدة جديدة لمن يحاربوننا في العقيدة ويحاولون إكمال دائرة الشر حولنا .