حياتهم مليئة بالقصص المأسوية، الأزمات التى يعايشونها تجتاز قدراتهم التحملية، فبالإضافة الى أزمات الخبز والغاز والكهرباء المترددة من حين الى آخر، هناك خطر داهم مستمر يفترس أكباد المواطنين. فطبقا لتقرير المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، الذي يفيد بأن المدينة الأولى في العالم في مستوى وفيات امراض الفشل الكلوي والكبد هي مدينة قها التابعة لمحافظة القليوبية، نتيجة اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، مما يجعلها الأسوأ على مستوى العالم، وبالرغم من أن التقرير صدر منذ ثلاث سنوات، إلا أن أهالي المدينة يؤكدون أن الوضع باقٍ على ما هو عليه في السابق مما جعلهم مضطرين للاعتماد بشكل كامل على فلترة المياه. لم تصبح الأزمة مقصورة فقط على مدينة قها بل تشعبت الى معظم مدن وقرى المحافظة فانتاب المواطنون حالة من الغضب والاستياء والرعب بسبب تلوث مياه الشرب التي تسبب الأمراض الخطيرة، فضلا عن وجود شوائب بها وسوء حالتها وضعف قوة المياه وعدم وصولها للطوابق العليا، الأمر الذي ادى الى لجوئهم الى شراء جراكن المياه من المحلات. على الرغم من أن محافظة القليوبية تشهد العديد من المشروعات التى تحاول الحكومة من خلالها إنهاء مشكلة تلوث مياه الشرب والري لعدم تكرار الأزمات التي شهدتها مدن وقرى المحافظة، فمعظم المواطنين يؤكدون تلوث المياه وكثرة الأمراض التي تصيبهم بسبب تلك المياه كالفشل الكلوي وأمراض الكبد المتنوعة. صرخة مواطنين اشتكى المواطن مصطفى عبدالحميد حمير، المقيم بمدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية، من أن المياه سيئة وغير صالحة للاستخدام الآدمى بالمرة، حيث تبين أنها تجلب الكثير من الأمراض كالفشل الكلوي وفيروس "سى" ما جعلهم مضطرين لشراء مياه أفضل، وأضاف "نفسي يجيبولنا مياهاً نضيفة؛ علشان نعيش زى بقية الناس". وشاركه فى الرأى محمد السيد عبدالعزيز, مقيم بمحافظة القليوبية بحي الكوم الأحمر, مؤكدا على ان جودة مياه الشرب رديئة وغير صالحة للشرب ولا للاستعمال وتجلب العديد من الأمراض، حيث يوجد بها رمال وبعض الحشرات آتية من مواسير المياه غير النظيفة، وتترك أثرا فى الأوانى، مضيفا "المياه بقت تخلى كباية الشاى طعمها وحش". وأوضحت عزة أحمد حسين, أن كلا من مياه الشرب ومياه الرى غير صالحين، وسوف أتقدم بشكوى رسمية لوزير الرى لمطالبته بإيجاد حلول جذرية لمشاكل مياه الرى ومحاسبة من يقومون برمى مياه المجارى فى الترع التى يسقى منها الناس زرعهم فيصابون بأمراض شتى وتتلف النباتات. وهناك المواطن,عمرو محمد, الذى استخدم مصطلح "زى الزفت" فور سؤاله عن مدى جودة مياه الشرب بمحافظة القليوبية، وعبر عن استيائه أيضا من رمى مياه المجارى فى الترع ممن يقومون بكسحها، وطالب المسئولين بسرعة التدخل لحل تلك المشاكل التى قد تتحول إلى أزمات، لافتاُ الى ان هذا الامر يشكل خطورة كبير على حياة الفرد والمجتمع. قرارات حاسمة قال الدكتور عبدالحميد اباظة, مساعد أول وزير الصحة واستشاري أمراض الكبد بوزارة الصحة, إن تلوث المياه يسبب العديد من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى أضرار جسيمة بحياة الفرد والمجتمع, مشيراً الى ان هناك العديد من أنواع التلوث مثل التلوث الكيميائي واختلاط المياه بالصرف الصحي وغيرها من أنواع التلوث التي تشكل الخطورة الحقيقة على حياة الانسان. أكد مساعد وزير الصحة, انه لابد من اتخاذ قرارات حاسمة من أجل تحسين مياه الشرب بمحافظة القليوبية للحفاظ على صحة وسلامة المواطن المصري, لافتاً الى أن الامراض الخطيرة الناتجة عن تلوث المياه تتمثل في أمراض الكبد والفشل الكلوي والربو والحساسية في الصدر والسرطان والجلدية والعيون واضطرابات المعدة وتضخم الكبد وفقدان الذاكرة والخمول والتبلد والنزلات المعوية وحمى التيفويد والاسهال والجفاف والكوليرا والتسمم, فلابد من إيجاد حلول جذرية لتك الازمة الراهنة. مياه غير صالحة قال الدكتور محمد نوفل, وكيل وزارة الزراعة الاسبق, انه طبقاً لدراسات قام بها تبين ان مياه الري بالقليوبية تحوي الكثير من الامراض الخطيرة التي قد تودي بحياة الانسان الذي يعتمد بشكل أساسي على تناول الخضراوات يومياً ومباشرة بدون طهي, مطالباً وزارة الاسكان بضرورة انشاء محطات على أربع مراحل مختلفة لتنقية المياه مما يوجد بها؟ محافظ القليوبية ينفي وعلى صعيد آخر نفي المهندس محمد عبدالظاهر, محافظ القليوبية, مسئولية المحافظة تجاه تلك الازمة التي تمر بها المحافظة، مشيراً الى انه ليس للمحافظة دخل تماماً فيما يعانيه سكانها من أمراض ناجمة عن تلوث مياه الشرب، حيث يقتصر دورها على الاهتمام بالامور المحلية فقط، ملقياً المسئولية كلها على عاتق الشركة القابضة لمياه الشرب قائلاً "اتمنى ان تتحسن حالة المياه، ولكنها ليست مسؤليتي". وأخيرا.. هل سيظل المواطن القليوبي مرتعاً للإهمال في ظل غياب المسؤلية؟!