وقف وزراء الإعلام ورؤساء اتحاد الإذاعة والتليفزيون عبر السنوات الماضية، حائرين أمام مصير القنوات الاقليمية، التى تكبد اتحاد الإذاعة والتليفزيون خسائر تصل إلى 22 مليون جنيه للنايل سات فقط سنويا مقابل بثها. ما جعل خبراء الإعلام يطالبون بوقفها من على الأقمار الصناعية، فى ضوء الهيكلة التى يعد لها حاليا، دون أن يتعرض أى عامل لأى ضرر، وحتى تحقق الغرض من إنشائها فى تنمية الأقاليم، والنزول إلى القرى والنجوع والأماكن المحرومة من الوصول إليها، لتتحدث بلسانهم، والإقليميات أنشئت لكى يكون لها دور فى تغطية جميع الأنشطة التى تدور فى المجتمع المحلى، والسعى لتثقيفه، ومشاركته فى صنع القرار، والمساهمة فى تربية النشء والكشف عن المهارات والمواهب لدى أبناء الأقاليم، وخدمة المحليات من خلال برامج البيئة والاقتصاد، وإبراز قصص نجاح أهل المحافظات فى مختلف المجالات، ومحاربة الأمية، والتركيز على قضايا الإقليم التى تمثل خصوصية معينة مثل الأمراض المتوطنة أو مشكلة الزراعة والرى والإرهاب ومعالجته، ومشاركتها فى المشروعات القومية بمحافظات مصر، بعيداً عن التقليد الأعمى الذى يتبعه بعض البرامج فأصبحت مسخاً من الأولى والثانية والفضائية، وبعدت عن خصوصيتها التى كانت تنفرد بها فى إثراء الشاشة بأفلام تسجيلية عن الصعيد وجمال النيل والآثار وحياة المواطنين فى كل مكان بمصر. الدكتورة «هويدا مصطفى» رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة..تؤكد ضرورة الإبقاء على القنوات الإقليمية لأهميتها فى المرحلة المقبلة، ولكن على القائمين عليها تغيير رسالتها الإعلامية، فعندما نشاهدها نرى أنها لا تختلف عن القنوات الرئيسية، ووجودها على النايل سات يفقدها خصوصيتها وهويتها إلى جانب ما يمثل ذلك من عبء مادى ضخم، فالإقليميات أرضية فقط تبث للأقاليم وتخاطب جمهورها، ومن المفروض أن تصل للأماكن المحرومة فى القرى، ولابد من تقديمها شخصيات من المحافظات بعيداً عن ناس العاصمة، الذين يملأون الشاشات ليل نهار، فتخفيض تكاليفها المادية أمراً ضرورياً حتى نتجنب خسائرها التى وصلت لملايين الجنيهات. مع تنمية مهارات العاملين بها، ووضع قوانين ملزمة بتقديم رسالتها التى أنشئت من أجلها ومحاسبة من يخرج عن إطارها، فالوقت مهم، ولا يجوز أن ننتظر إلى إطلاق المجلس الوطنى لتطويرها، فمحافظات مصر مليئة بالموضوعات التى تثرى الشاشة. الدكتور صفوت العالم يرى أن الإقليميات يجب الآن أن تكون تبعيتها للمحافظات، فحان الوقت أن تعود إلى مكانتها، وتلغى من على النايل سات، لأن وجودها إهدار للمال العام، وأعتقد أن العاملين بها يعرفون حجم المشكلة التى تقابل قنواتهم من مديونيات، فكل قناة بها أكثر من 600 موظف سواء إدارى أو برامجى، لهم مرتبات شهرية ولائحة أجور على البرامج، بجانب الأموال التى تصرف على الإنتاج البرامجى، وتبعد عن جمهور المحليات، الذى يتمنى أن يرى مشاكله وطموحاته، ويعرف ما يدور فى محافظته، فبيئته تختلف اختلافاً كلياً عن بيئة القاهرة، فأهل القرى والنجوع لهم حياتهم، فهم يبدأون حياتهم بعد صلاة الفجر، الكل يسعى لرزقه، وكل محافظة لها عادات مختلفة عن الأخرى، فشعب الصعيد يختلف عن شعب القناة وكله له ما يميزه، والأيام القادمة ستشهد الانتخابات البرلمانية والقنوات الإقليمية عليها دور كبير فى توعية الجمهور بانتخاب الشخص الذى يعمل على مصالحهم ومصلحة الوطن، ولا يتحقق هذا إلا بخطة إعلامية ينفذها الجميع بروح الفريق، مع تخفيف العبء عن الاتحاد، يخفف مديونية القنوات، ولابد من مراعاة هذا عند الهيكلة وإلغاء بثها من الآن على النايل سات. على جانب آخر الدراسات الإعلامية أكدت أن القنوات الإقليمية ما زالت تركز على قضايا المرأة فى الحضر واحتياجاتها الإعلامية، وتهمل إلى حد كبير المرأة الريفية، أما المرأة البدوية فإن الاهتمام بها يكاد يكون معدوماً باستثناءات محدودة للغاية. كما أظهرت النتائج البحثية أهمية أن الإقليميات لابد أن تطلق برامج جديدة، وتغيير شكل ومضمون البرامج، والتركيز على القضايا الاجتماعية مثل عمالة الأطفال ومحو الأمية، وتنمية الصعيد ونشر ثقافة العمل السياسى، خاصة لشباب القرى، والعمل على إطلاق مشروعات صغيرة، وأتاحت الفرصة للمشاركة الجماهيرية لسكان الأقاليم. وأوضحت الدراسات أن مديونيات الأقاليم تعرقل عملية الإنتاج، ودخول المحافظات كشريك أساسى فى إنتاج البرامج أمر مهم لخدمة المشاهد فى الأقاليم، بالتعاون مع رجال الأعمال بالمحافظات بالإعلانات ورعاية البرامج حتى نحصد نتائج مبهرة، وتكون للقنوات دور فى المجتمع، وإلغاء بثها على الأقمار الصناعية واجب وطنى، فهى إقليمية وليست عالمية حتى تبث عبر الأقمار.. فهوية القنوات تحد من رسالتها الإعلامية، ولابد من إعداد دراسات بصفة مستمرة عن دور القنوات، وإظهار ثقافة أهالى الأقاليم ، ومدى تقبلهم للإعلام مع الاهتمام باللغة واللهجة التى تخاطبهم بها، وتقوية إرسال القنوات المحلية والإذاعات، فى حلايب وشلاتين وسيناء والنزول إليهم، لرصد ما يدور على أرض الواقع، وتخصيص برامج لهم، بعيدا عن الثرثرة التى تفتعلها برامج التوك شو، والاهتمام ببرامج الأطفال والبرامج الدينية، وعلى الإذاعات والقنوات أن تنشأ بينها وبين الجمهور قدراً من الألفة والمحبة مما يهيئ النفوس والأذهان للاقتناع بالمشاركة فى عمليات التنمية. وطالبت الدراسات بالاهتمام بالسياحة البيئية والأثرية والتاريخية والإسلامية خاصة أن الأقصر فقط بها ثلث آثار العالم وتدخل عملة صعبة لمصر بملايين الدولارات، وتراجعها بسبب الإرهاب يحتاج إلى برامج لترويج السياحة، ومعرفة الشباب والنشء تاريخ بلادهم، فكم من الشباب الذين يعيشون فى الصعيد يغيب عنهم معرفة تاريخهم، وهذه كارثة نتعرض لها، فالتاريخ جزء من حضارة الأمة.