أخطر شىء يواجه تأسيس الدولة المصرية الحديثة التى ينشرها المصريون هو تفشى ظاهرة الروتين والبيروقراطية التى ضربت الجهاز الإدارى والحكومى بشكل مخيف على مدار عشرات السنين.. فلا توجد مؤسسة أو هيئة حكومية تخلو من هذه الظاهرة الخطيرة التى اكتوى بنارها أبناء الشعب المصرى.. ويوم قامت ثورتا 25 يناير و30 يونية، كان الهدف الرئيسى والشعار الأعلى بعد «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية هو القضاء على الروتين والبيروقراطية.. ومازالت هذه الظاهرة تهدد كيان الدولة الحديثة التى هى أمل كل المصريين. لو أن هناك تفعيلاً للقوانين المعيشية والمعطلة، لاختلف الأمر تمامًا وتغيرت أمور كثيرة، لكن الحال غير ذلك مما تسبب فى نشر البيروقراطية والتعقيدات التى تعطل حياة الناس، ويشعرونهم بأنه لا تغيير فى حياتهم.. تفعيل القوانين والقرارات المنظمة لها يقضى تمامًا على كل الظواهر السلبية ومن بينها ظاهرة البيروقراطية التى باتت قنبلة موقوتة تكاد تنفجر فى وجه الدولة، وفى كل أجهزة الدولة هناك اخطبوط غريب الشكل هو الروتين العظيم، الذى لا يحقق سوى تعطيل المصالح ويصيب الناس بالقرف والاحباط الشديد.. فى مصر الحديثة لا يجب أن يكون هناك إحباط ولا يتمشى ذلك أصلاً مع خطوات البناء التى تتم حاليًا. البيروقراطية سلاح فتاك ضد كل الآمال التى يعقدها المواطن من أجل الوصول إلى حياة أفضل، بل إنها تدمر كل خطوة تقوم بها الدولة فى سبيل الإصلاح الذى ينتظره الناس بفارغ الصبر منذ عقود طويلة، تفعيل القوانين والقضاء على القوانين الأخرى سيئة السمعة هو الحل الأمثل للتصدى للبيروقراطية، وهى أيضًا التى تمنع انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية.. لذلك باتت الحرب واجبة على كل أشكال ومظاهر الروتين، وهذه الحرب تحتاج إلى نفس طويل فى العلاج.. وتعد أولى خطواته هو تخليص الجهاز الإدارى للحكومة من كل هؤلاء الذين يشعرون بأنهم امبراطورية ولا أحد يستطيع الاقتراب منهم، على اعتبار أنهم يمارسون هذا القرف منذ سنوات طويلة. هذه الفئة من المصريين لا مكان لها وسط السواعد الفنية التى تبنى مصر الحديثة، ولذلك بات من المهم والضرورى القضاء عليهم وابعادهم عن وظائفهم مع تفعيل القوانين، وتعظيم فكرة الثورة التشريعية.. فهل فعلاً تستعد الحكومة لخوض معركة الحرب على «البيرقراطية» التى تعد أشد ضراوة من الحرب على الإرهاب. وسنتحدث فى الأيام القادمة عن المظاهر السلبية التى يجب القضاء عليها بعد الثورتين. سكرتير عام حزب الوفد