كما كان لتنظيم «القاعدة» دور فى غزو أفغانستان ومناطق مختلفة من العالم تحت مزاعم محاربة الإرهاب والقرصنة ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان ظهر تنظيم «داعش» الإرهابي فى العراق وبلاد الشام كغطاء جديد للهيمنة الصهيوأمريكية، فكل التنظيمات المسلحة المتأسلمة تسعى من خلال عملياتها الممنهجة إلى إقرار تقسيم الشرق الأوسط ليصبح جديداً وكبيراً، كما خطط المستعمرون الجدد, ومن هنا تصبح «كردستان» العراق ومحاولات سلخها عن الوطن الأم مفتاح جديد لتقسيم المنطقة. وبعد سيطرة «داعش» على مناطق واسعة من العراق تشمل معظم محافظة الأنبار السنية في غرب العراق، أعلن في 29 يونية الماضي قيام «دولة الخلافة الإسلامية» بقيادته، ومبايعة زعيمه أبي بكر «خليفة» للمسلمين، وتغيير اسم التنظيم إلى «الدولة الإسلامية» فقط. وتطرق بيان «داعش» إلى «إلغاء الحدود» بين العراقوسوريا، ودعا المسلمين إلى الهجرة إلى «دولة الخلافة». وبعد ذلك بأيام، وفي أول ظهور علني له، وزع التنظيم شريط فيديو لخطبة ألقاها البغدادي في الجامع الكبير في مدينة الموصل، دعا فيها المسلمين إلى طاعته، وظهر في الشريط بلحية رمادية طويلة وقد ارتدى عباءة وعمامة سوداوين.. وباشر التنظيم بعد وقت قصير من إعلان «دولة الخلافة» تهجير المسيحيين من الموصل إلى مناطق بغداد والمناطق الكردية في شمال العراق. هذا الملف يستعرض ما يحدث فى العراق من تعاون بين الفرقاء الأمريكان والإيرانيين فى الملف العراقي بمعاونة إسرائيل لإقامة دولة «كردستان» بأدوات تنظيم «داعش» الإرهابي المتمدد فى العراقوسوريا كسرطان ينهش فى المنطقة صنعته أجهزة المخابرات فى الدول الكبري، وكيف تتقاطع المصالح ويتفق الفرقاء فى ملفات ويختلفون فى ملفات أخرى كما فى الحالة العراقية، حيث تبدو الرؤي الأمريكية - الإيرانية متفقة، فيما يتعلق بإقليم كردستان، رغم خلافاتهما الطاحنة حول الملف النووي. تحالف واشنطن - طهران لإسقاط بغداد تتسم العلاقات الأمريكية - الإيرانية بالتشابك فى الساحة العراقية، منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث مرت بمنعطفات سياسية كثيرة، على الرغم من أن الظاهر على السطح هو خلاف على البرنامج النووي الإيرانى وتهديد من واشنطنلطهران بتوجيه ضربات لأراضيها، إلا أن هذا ما يمكن أن نطلق عليه سياسة العصا والجزرة، حيث تلتقي مصالح العراقيين فى إسقاط الدور التاريخي والمركزي للعاصمة العراقية«بغداد». أكد وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»، الثلاثاء الماضي، أثناء زيارته مركز محافظة أربيل وعاصمة إقليم كردستان، أن إيران ليس لها قوات في العراق ولكنها تساعد بغداد والأكراد «بطرق أخرى». وقال «ظريف»، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني: «نسعى إلى وحدة وأمن العراق ونعتبر الوضع الأمني للعراق جزءاً لا يتجزأ من أمننا». وأشار «ظريف» إلى أن تنظيم «داعش» يمثل تهديداً عالمياً، وقال: «إن داعش تشكل تهديداً على المستوى الدولي، وهذا التهديد ليس لدول الجوار فحسب». وأعلنت طهران أنها ستدعم حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي، كما أنها ستدعم أي اتفاق بين بغداد وحكومة منطقة كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي. وقال بارزاني: إن إيران كانت من بين أولى الدول التي ترسل أسلحة لقوات البشمركة الكردية في قتالهم ضد التنظيم، مضيفاً: أن وصول هذه الأسلحة قد أحدث فرقا في القدرات القتالية للقوات الكردية. وأكد بارزاني أن سد الموصل الاستراتيجي، الذي كان يقع تحت سيطرة «داعش» حتى الأسبوع الماضي، يقع الآن تحت سيطرة البشمركة. وكان وزير شئون البشمركة في حكومة كردستان بالعراق مصطفى سيد قادر قد قال: إن سلطات الإقليم تسلمت شحنات أسلحة من الولاياتالمتحدة وفرنسا وتنتظر شحنات أخرى من ألمانيا وبريطانيا. كل ما سبق يكشف إلى أى مدى اشتركت كل تلك الدول فى صناعة الأزمة السياسية الجديدة فى العراق عقب خروج القوات الأمريكية لتعود بحلفائها بذريعة جديدة وهي الدفاع عن دويلة «كردستان» هذا الإقليم الغني بالنفط، فى حين لم يتحرك أى من مسئولي العراق لإنقاذ المسيحيين والإيزيديين من جرائم تنظيم «داعش» الإرهابي لأنه كان ينفذ الخطة الأمريكية الإسرائيلية الغربية لإعادة تقسيم العراق طبقاً لخريطة الدم المعروفة بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير. الحكم الذاتى «بروفة» الاستقلال تدار منطقة الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق عبر برلمان مستقل وقوة عسكرية كردية منفصلة عن قوات الأمن العراقية.. بدأت كردستان في التوقيع بشكل مستقل على عقود في مجال النفط والغاز بشكل مستقل، ما أدى إلى استياء بغداد. الإقليم الكردي يتمتع بمستوى عالٍ جداً من الأمن والنمو الاقتصادي بين الأقاليم العراقية، ويدعم تدريب وتسليح الأكراد في سوريا.. وقد يسمح انقسام الدولة العربية للأكراد بتحقيق جهودهم المستمرة منذ سنوات لإقامة دولة كردية قومية مستقلة.. ومنذ خروج القوات الأمريكية من العراق، ازداد الصراع الطائفي العنيف، ولازم الإحباط المستمر للسنة، الذين حُرموا - من وجهة نظرهم - من قيادة الدولة، وقد دفعهم هذا الإحباط إلي شن هجمات على مدن عراقية بشكل كثيف لم يشهده العراق منذ عام 2008. وخلال السنوات الأخيرة خرجت نداءات من جانب سياسيين عراقيين سنة وشيعة تُطالب بتقسيم الدولة العراقية على أساس طائفي، على غرار النموذج الكردي، استناداً إلي أن الدستور العراقي يسمح للأقاليم المختلفة بأن تدير نفسها بشكل مستقل، وهناك أربعة أقاليم سنية قررت في 2011 المضي قدماً في مسيرة الحكم الذاتي على الرغم من رفض بغداد هذه المسيرة. ولا شك أن استمرار المواجهات الطائفية العنيفة من شأنه أن يُقسم العراق فعلياً في المستقبل القريب.. وهذا الواقع الجديد من شأنه أن ينتج دولة سنية، بينما سيتحول جنوبالعراق إلى دولة شيعية تحت وصاية إيرانية، إلى جانب كردستان العراق. وعبر استراتيجية طويلة المدى تقوم على «شد الأطراف»، ثم تتطور لاحقاً إلى «بتر هذه الأطراف»، تعبث أطراف دولية عدة بمستقبل منطقة الشرق الأوسط لإعادة ترسيم حدوده من جديد، وتفتيت الدول ذات الثقل السياسي والموقع الاستراتيجي، بل وتجزئة المجزأ منها، لتصبح المنطقة عبارة عن مجموعة من «الكانتونات» الصغيرة التي يسهل اقتيادها والسيطرة على مقدراتها. ويتخذ دعاة التفتيت من ورقة «الأقليات» على اختلاف أوجهها مطيَّة للوصول إلى مآربهم المشبوهة، تحت زعم صون الحقوق وإرجاعها إلى أصحابها القدامي بعد أن انتزعها منهم الاستعمار في القرن العشرين، وكذلك حقوق الإنسان ومقاومة الاضطهاد الديني والعرقي، وهي مزاعم براقة ينخدع بها الكثيرون ممن تبهرهم أضواء الثورات والتغيير والحراك الاجتماعي الذي يجتاح المنطقة منذ قرابة الأعوام الثلاثة ولا تزال في «مرحلة الفوران»، ولم يتكشف حتى الآن ماذا يختبئ في باطنها! «إسرائيل».. الحلم الأزرق من النيل للفرات ترجم تقرير صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، ما يحدث الآن من محاولات تقسيم الدول العربية، حيث أكد هذا التقرير أن حدود دول الشرق الأوسط لم تعد تعبر عن الواقع على الأرض، مشيراً إلى أن بعض الدول في المنطقة أصبحت منقسمة بشكل فعلي إلى دويلات داخل الدولة الواحدة، موضحاً أن انقسام دول المنطقة يمر عبر 3 مراحل، هي الحكم الفيدرالي، ثم الذاتي، ثم الانفصال النهائي.. وأكد التقرير استفادة إسرائيل من التغييرات في المنطقة، بسبب زوال الجيوش النظامية التي شكلت خطراً عليها في الماضي. أشار التقرير إلي اشتعال الهويات القبلية والعرقية كنتيجة للاضطراب الإقليمي، الأمر الذي قد يؤدي في المستقبل لتغيير الحدود التي رسمتها قوى الاستعمار الأوروبي قبل حوالي قرن، ثم تُركت منذ ذلك الحين، الذي تابع قائلًا: «الحكام العرب شكلوا «غراء» رسمياً لصقوا به قوميات وطوائف مختلفة ومعادية لبعضها البعض، في إطار سياسي واحد»، بحسب التقرير. وأوضح تقرير المعهد، الذي يترأسه الجنرال «عاموس يادلين»، رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية السابق، أن سوريا الآن مقسمة ل 3 كيانات أو أكثر، لكل كيان منها قوات أمنية خاصة به.. متابعاً: «الطريق الممتد من الجنوب عبر دمشق وحمص وحماة حتى الشاطئ الشمالي للبحر المتوسط، يُسيطر عليه نظام الأسد والعلويون، فيما تُسيطر عناصر المعارضة السنية المختلفة على المناطق الشمالية في الدولة وعلى مدن مركزية كإدلب ودير الزور، والصراع حول مدن أخرى وفي حلب ودمشق لم ينته بعد». كما أن عناصر المعارضة السُنية منقسمة إلى مجموعات عديدة، من بينها من يسعون لقيام دولة ديمقراطية وليبرالية في سوريا، ومن يسعون لإقامة إمارة إسلامية، كما تتواجد أيضاً مجموعات من خارج سوريا، تخوض معارك عنيفة ضد بعضها البعض. أما الكيان الثالث في سوريا فهو كيان كردي، كما يقول تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، والذين يحاولون أيضاً إقامة كيان سياسي مستقل في المناطق التي يسيطرون عليها، على عكس الأقليات الأخرى في سوريا.. الأكراد في سوريا عانوا من الاضطهاد والقمع.. الميليشيات الكردية استغلت الفوضى المنتشرة في الدولة وسيطرت على مناطق في الشمال الشرقي للدولة، وهو الجزء الذي انسحب منه الجيش السوري، بمبادرة منه. وأشار التقرير إلى توقيع المجلس الوطني الكردي «الهيئة التي تمثل معظم الأحزاب الكردية»، اتفاقاً هذا العام مع «الائتلاف الوطني السوري»، يحصل الأكراد بموجبه على حكم ذاتي في الدولة السورية المستقبلية الموحدة، حتى تعود سوريا وتتوحد، سيكون الحكم الذاتي للأكراد أمراً واقعاً. وقال التقرير: إن نموذج الحكم الذاتي الذي يسعى الأكراد في سوريا للوصول إليه، هو نفس شكل الحكم الذاتي الكردي في العراق.