المجاملة والمحسوبية تفقدان الناس الأمل والثقة والقدرة علي المبادرة والاجتهاد استقلال الأجهزة الرقابية حتي عن سلطة رئيس الجمهورية نفسه الرئيس: مصر ستكون كبيرة جداً «غصب عن الناس كلها» والدنيا لها صاحب سلطانه نافذ علي الجميع أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية أمس، ان التصدي للفساد يتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع للعمل الأكفاء في المناصب القيادية بالدولة ومؤسساتها المختلفة. وشدد علي أهمية قيام الأجهزة المعنية بإعداد قوائم بالعناصر الكفؤة والمخلصة والوطنية، وأن تكون هناك آليات لذلك. قال الرئيس في كلمته خلال اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد بمقر هيئة الرقابة الإدارية: إن هناك أملاً حقيقياً وإرادة لمجابهة الفساد وأن البداية هي حُسن اختيار القيادات النزيهة والشريفة، دون مجاملة أو محسوبية، حتي لا يفقد الناس الأمل والثقة والقدرة علي المبادرة والاجتهاد. وأضاف الرئيس، ان ما نحتاجه الآن هو إيجاد آليات لفرز الكفاءات والقيادات، مشيراً إلي أن غياب هذه الآليات ترتب عليه عدم اختياره للفريق الرئاسي الخاص به حتي الآن. وقال «السيسي»: انني أعلم أن هنا تساؤلات حول ما هو سبب تأخري في اختيار الفريق الرئاسي؟ والحقيقة انني أعمل منذ نحو ثلاثة أشهر أو أكثر من أجل هذا الاختيار وأقوم بعمليات فحص وبحث في كل مكان عن الكفاءات التي تصلح لتولي هذه المهمة، وأتحمل النقد لتأخري في الاختيار، لأنني أتمني اختيار فريق من الجنود الأكفاء في كل شيء، دون النظر إلي اسم أو ديانة أو جنس. كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي دعمه الكامل للأجهزة الرقابية، مشيراً إلي احتياج المجتمع المصري لدورها اليوم أكثر من أي وقت مضي. ونوه إلي أهمية استقلال الأجهزة الرقابية، حتي عن سلطة رئيس الجمهورية نفسه. وقال: «أنا لست صاحب مصلحة إلا في أن تكون مصر هي الدولة الأولي عالمياً في مكافحة الفساد.. وسوف نقدم كل الدعم من الدولة للأجهزة الرقابية، ولا نتدخل في قرارها، طالما كانت تعمل متجردة لصالح مصر ومستقبل شعبها». كما نوه الرئيس إلي أهمية التنسيق بين الأجهزة الرقابية، إعمالاً لمواد الدستور، موجهاً إلي المزيد من التعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولة لما في ذلك من مصلحة لمصر وصالح الدولة والحفاظ علي المال العام وكذلك صالح المواطن المصري. وأثني الرئيس في كلمته علي تفعيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد والاستراتيجية ذات الصلة، واصفاً إياها بالخطوة الهامة علي طريق مكافحة الفساد، وموجهاً بضرورة محاسبة الفاسدين والمسئولين عن كافة أنواع الفساد بالمجتمع إلا انه أكد ان هذه المحاسبة يجب ألا يترتب عليها خوف المسئولين عند اتخاذهم للقرارات، مشيراً إلي مسئولية الإعلام في هذا الصدد ودوره الكبير في التوعية والتنوير وخاصة فيما يتعلق بدعم اتخاذ القرار الوطني السليم وعدم اتخاذ جهود مكافحة الفساد والمحاسبة عليه كذريعة لتبرير سياسة الأيدي المرتعشة وعدم اتخاذ القرار. وأضاف ان احترام الدولة للقضاء واستقلاليته يعد جزءاً أصيلاً من استراتيجيتها لمكافحة الفساد، حيث يتعين أن تكون الدولة نموذجاً وأسوة تتبع في احترام القضاء. ونوه إلي أن ذلك لا يمنع من مراجعة جهات الاختصاص متمثلة في مجلس النواب للتشريعات المصرية من أجل تعديلها وتحديثها بما يتواءم مع الدستور الجديد ويحقق مصلحة الوطن والشعب. وقال الرئيس: «ان الأمة تقوم برجالها.. ونحن لدينا الكثير من الكفاءات لكن هل كل من يتواجدون بمواقع المسئولية الآن هم أفضل من لدينا؟!، وأضاف: انني لا أشكك في أحد لكننا نريد البحث عن الأفضل وندرك أن الفترة الانتقالية التي أعقبت الثورة زاد فيها التجاوز والفساد وهذا عرض طبيعي من أعراض الحالة التي نعيشها ونحاول البحث لها عن حل». وأشار الرئيس في هذا الصدد إلي قضية الباعة الجائلين الذين انتشروا في شوارع وسط العاصمة وغيرها من المدن الكبري. وقال: انني أري بهذه المناسبة، وأرجو ألا يزعل مني أحد، انني رأيت المكان الذي تم نقل الباعة الجائلين إليه «جراج الترجمان» ولا أستريح له وهو غير لائق ولا يصح أن يضع الباعة بضائعهم علي الأرض، ووجه الرئيس الحكومة بضرورة توفير المكان والظروف الملائمة لهؤلاء الباعة وتجهيز الموقع بوسائل عرض البضائع وأماكن التخزين وخدمات الأمن ووسائل المواصلات لتسهيل وصول المشترين إليهم. وقال: «لازم المكان يتجهز صح ولازم نوفر للباعة المكان اللائق لأن وراءهم أسراً ولو ضاقت عليهم السبل فسيتحولون إلي شيء آخر.. كما اننا لابد أن نكون منصفين مع المواطن الغلبان حفاظاً علي مصداقيتنا عندما نحاول تكرار التجربة في أماكن أخري فيصدقنا الناس». كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي ضرورة أن يكون هناك أداء متميز واجراءات كاملة ومتكاملة من جانب كل أجهزة الدولة ليتم القضاء علي الفساد. وقال: «انني عندما كنت وزيراً للدفاع لم أكن أترك مناقصة واحدة يتم اجراؤها إلا وأضع يدي فيها والآن أفعل نفس الشيء وأضع يدي في كل مناقصة خاصة بالدولة وذلك ليس شكاً في أحد أو انعدام ثقة لكنني أريد أن أعطي المثل لزملائي لك لا يستخسروا جهدهم وعملهم ويتحملوا التعب والمشقة من أجل مصر. وأضاف: ان مصر لن تنهض بالأساليب التقليدية ولكن بالعمل المبدع بلا حدود، في كل مؤسسات الدولة». واختتم الرئيس كلمته قائلاً: «مصر هاتبقي كبيرة جداً.. غصب عن الناس كلها.. سجلوا عليَّ ذلك.. الدنيا لها صاحب سلطانه نافذ علينا جميعاً.. ومهما كانت الصعاب والمخاطر المهم أن نكون مخلصين وأمناء وشرفاء ونقدر نقول له يارب شاهدنا وساعدنا.. وتحيا مصر.. تحيا مصر». وكان المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، قد ألقي كلمة قبل كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. تحدث فيها عن أعمال اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، واختصاصها بصياغة رؤية موحدة لمصر في مجال مكافحة الفساد، تعكس كل الأبعاد القانونية والأمنية والسياسية ذات الصلة، واجراء تقييم دوري للتشريعات واللوائح والقرارات الوطنية ذات الصلة بمنع ومكافحة الفساد والوقاية منه، للوقوف علي مدي قوانينها مع الاتفاقات الدولية التي صدقت عليها مصر، والعمل علي تقديم الاقتراحات والتوصيات ومشروعات القوانين في هذا المجال، وقال: «اننا نعلم أن هناك فساداً لكننا سنقضي عليه، ونعلم أن تحقيق هذا الهدف يتطلب رحلة طويلة وشاقة، ولكنها ليست مستحيلة». كما ألقي اللواء محمد عمر وهبي رئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس اللجنة الفرعية التنسيقية لمكافحة الفساد، كلمة عرض خلالها إنجازات هيئة الرقابة الإدارية إبان فترة رئاستها للجنة الفرعية ومن بينها الانتهاء من وضع المقومات الأساسية للخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، مشيراً إلي انه يجري الآن الانتهاء من اعداد الخطة الزمنية للتنفيذ. كما تم تنسيق وتكليف مركز معلومات دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء بإعداد مؤشرات الفساد في مصر، طبقاً للمعايير الإقليمية والدولية وعرضها علي اللجنة لاتخاذ اللازم بشأنها والنهوض بتصنيف مصر في هذا المجال. وقال ان الرقابة الإدارية استطاعت منذ 25 يناير 2011 أن تسترد 11 مليار جنيه إلي خزينة الدولة من نتائج أعمالها التي تمثلت في استرداد أراض وتحصيل ضرائب ورسوم وأموال تأمينات واسترداد مال عام مختلس ومبالغ صرف دون وجه حق. وأضاف: انه خلال منذ 25 يناير 2011 تمكنت الهيئة من تنفيذ 2784 عملاً رقابياً كشف عن فساد إداري وانحرافات ومخالفات للقوانين ل4756 موظفاً عاماً. وتحدث رئيس الهيئة عن أهم أسباب الفساد. وقال انه بالاضافة إلي الفقر والأمية فان هناك ثغرات تشريعية تعوق أساليب المكافحة وأن طول فترة التقاضي أدي إلي ضعف الردع للفاسدين. كما أشار إلي عدم تحديد الواجبات بدقة للعاملين بالمصالح الحكومية وتعقيد الاجراءات مما أدي إلي انتشار الرشوة في ظل ضعف الرقابة الذاتية لدي هذه الأجهزة. وأضاف ان انخفاض الأجور والمرتبات عزز من انتشار الرشوة وكذلك طمع بعض المسئولين الحكوميين دفعهم إلي الفساد وضعف الإدارة في شركات قطاع الأعمال العام وتغير البيئة الاجتماعية والثقافية جعل الفساد يصبح مقبولاً اجتماعياً تحت مسميات مغلوطة مثل «الإكرامية» وغيرها.