محافظ البحر الأحمر يضع إكليل الزهور على مقابر الشهداء احتفالًا بنصر أكتوبر    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    «تنمية المشروعات» وشباب «تراثنا» يحتفلون بذكرى انتصارات أكتوبر    جامعة شرق بورسعيد الأهلية إحدى ثمار التنمية الشاملة بمدن القناة    رئيس اتحاد عمال الجيزة: نصر أكتوبر رمز للتكاتف الوطني والعبور نحو التنمية    الرابط مفعل.. خطوات التقديم على وظائف وزارة الخارجية عبر منصة مسار في السعودية    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    رئيس الوزراء يصدر 3 قرارات جديدة (تفاصيل)    وكيل التموين بالإسكندرية يلتقي شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية    تم رصدها ليلا.. محافظة الجيزة تضبط وتزيل 4 حالات بناء مخالف    أسعار مواد البناء مساء اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    سفيرة البحرين في القاهرة تهنئ مصر بمناسبة الاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر    إسبانيا تعتزم تقديم شكوى أمام الجنائية الدولية بأحداث أسطول الصمود    وصول الوفود المشاركة في مباحثات وقف إطلاق النار بغزة إلى مصر    الكرملين يرحب بتصريحات ترامب الإيجابية حول معاهدة «نيو ستارت» النووية    جيشنا الوطني جاهز.. كلمة الرئيس في ذكرى انتصارات أكتوبر أكدت على إرادة الشعب في صنع الانتصار    شباب مصر يدفعون فاتورة" بدعة الفيفا " فى المونديال    أبوريدة يتجرع السقوط المونديالي مجددًا.. 3 إخفاقات في عهد «إمبراطور المناصب»    جلسة ثلاثية في الأهلي لتحديد موعد السفر إلى بوروندي لبدء المشوار الأفريقي    منتخب إنجلترا يعلن استبعاد ريس جيمس.. وانضمام مدافع سيتي بدلا منه    هل تقدم جيفرسون كوستا بشكوى ضد الزمالك.. مصدر يوضح    4 متهمين: جنايات المنيا تحجز قضية قتل واستعراض قوة.. للأربعاء القادم    النيابة تصدر قرار بشأن المتهمين بفعل فاضح على المحور    موعد امتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل 2025-2026.. (تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب)    قرار جمهوري بالعفو عن باقي العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة    عبد العاطي: مصر رشحت الدكتور خالد العناني لما يمتلكه من مؤهلات عالية    وزير الثقافة يستقبل مفتي الجمهورية لبحث تعزيز التعاون المشترك في نشر الوعي والفكر المستنير    حوار| ياسر عزت: «ولد وبنت وشايب» تجربة مختلفة.. وأجسد ضابط في جريمة غامضة    «عاوز الحاجة في نفس الثانية».. 3 أبراج غير صبورة ومتسرعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    داعية إسلامي: نصر أكتوبر انتصار إيمانيا وروحيا وليس عسكريا فقط (فيديو)    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    نائب وزير الصحة: إجراءات عاجلة لتطوير مباني مستشفى حميات كفر الشيخ    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    علي الدين هلال: شخصية السادات ثرية ومعقدة صنعتها خبرات وأحداث طويلة    اجتماع حاسم في الزمالك لمناقشة مستحقات اللاعبين ومصير فيريرا    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    وزارة الدفاع الإسرائيلي: وفيات الجيش والأمن منذ 7 أكتوبر وصل إلى 1150    السعودية تسمح بأداء العمرة لجميع أنواع التأشيرات.. خطوات التقديم عبر "نسك" الرقمية    أفلام لا تُنسى عن حرب أكتوبر.. ملحمة العبور في عيون السينما    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    بسبب التقصير في العمل.. إحالة الطاقم الإداري لمستشفى كفر الشيخ العام للتحقيق (تفاصيل)    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    لماذا يستجيب الله دعاء المسافر؟.. أسامة الجندي يجيب    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحسين شعبان يكتب : بوتين وصورة ستالين
نشر في الوفد يوم 13 - 08 - 2014

استعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صورة البطل ممثلة بجوزيف ستالين القائد الشيوعي الفولاذي، وذلك بعد التهامه شبه جزيرة القرم، وضمّها إلى الاتحاد الروسي . ولعلّ ذلك ما أعاد إلى الأذهان دور الاتحاد السوفييتي السابق الذي تأسس في العام ،1922 وظلّ يتوسّع بانضمام جمهوريات وكيانات إليه، حتى غدا إمبراطورية اشتراكية بعد الحرب العالمية الثانية .
لم يكن بالإمكان تجاهل موسكو خلال التحالف ضد النازية والفاشية، وفيما بعد في الترتيبات الجيوسياسية التي تكرّست في مؤتمر يالطا العام ،1943 استباقاً للنتائج وتوزيعاً لمناطق النفوذ، وتمثّل هذا الدور دبلوماسياً وقانونياً على المستوى الدولي، حين أصبح الاتحاد السوفييتي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ولها حق الفيتو بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي أبرم العام 1945 .
لكن الاتحاد السوفييتي بعد روسيا القيصرية لم يقيّض له الدخول إلى عالم الحداثة، كما دخلته أوروبا الغربية، بما فيه من عقلانية وعلمانية وديمقراطية، فقد ظلّ بعيداً عن اللعبة الديمقراطية وعن التداول السلمي للسلطة، وقدّمت الثورة البلشفية ما يعرف بالشرعية الثورية على الشرعية الدستورية وحكم القانون، اللذين تطوّرا وتراكما في الغرب، في حين ساد فيه نمط توتاليتاري، قلدته فيه أوروبا الشرقية وبعض دول العالم الثالث، وهو ما أوقعه في شرنقة لم يستطع الفكاك منها، واستمرت الحال على هذا المنوال، رغم محاولات التغيير والاصلاح منذ العام 1956 وما بعده على يد الزعيم الشيوعي نيكيتا خروشوف، لكنها بقيت أقرب إلى نقر في السطح وليست حفراً في العمق، فقد استحكمت البيروقراطية في جميع مفاصل الدولة والحزب والمجتمع، وكانت بدرجة من القوة يمكنها كبح جماح أية محاولة للتغيير .
وقد سعت قيادة غورباتشوف الذي وصل إلى الحكم في العام 1985 إلى إطلاق مشروع تغيير شامل وواسع، تحت عنوان البيريسترويكا والغلاسنوست (إعادة البناء والشفافية) لكن تلك المحاولة أدّت إلى زعزعة أركان المنظومة السياسية والفكرية والاجتماعية للنظام السوفييتي، وقادت إلى انهياره .
وخلال نحو عقدين من الزمان، ظلّت القيادة الروسية الجديدة، لاسيّما الممثلة بفلاديمير بوتين تتحيّن الفرصة لاستعادة دور روسيا القيصرية أو دور الاتحاد السوفييتي الشيوعي، ووجدت في التمثّل بالقيادة التاريخية الستالينية هوى في النفوس سعت إلى تحريكه على الصعيد السيكولوجي للشعب الروسي، فستالين حكم البلاد نحو ثلاثة عقود من الزمان 1924-،1953 وظلّ الكثيرون مأخوذين بنستولوجيا صورة البطل التاريخي، التي حاول بوتين استحضارها . وهو يدرك بحكم موقعه السابق كمدير ل KGB (جهاز المخابرات السوفييتي) تأثير ذلك نفسياً، سواء باستعراض القوة والزعامة الكاريزمية، وإن اقتضى الأمر استبدال الأيديولوجيا الشيوعية بأيديولوجية غيبية، فهو لا يهمّه أن يأخذ من كل طبق ما يريد حسب حاجته .
هكذا عمل بوتين وهو يسعى لاستعادة دور إمبراطوري لروسيا استدراج التاريخ، بتحديد وظيفته على النحو الذي يريده ويخدم مصالحه، وذلك للتمدّد الجغرافي والنفوذ السياسي في مواجهة فترة الانكماش والتراجع التي شهدتها موسكو خلال السنوات الثلاثين الماضية .
وإذا كان انهيار الاتحاد السوفييتي أمراً غير مفاجئ، لكن شكل تدحرج النظام وتفككه كان أقرب إلى المفاجأة، فقد ظل طوال 70 عاماً يبدو أقرب إلى الجبروت والعظمة، حتى وإن كان يتآكل من الداخل ولكن على نحو غير منظور، فقد بلغت أزمته الصامتة قمتها منذ تمترس ستالين في الحكم، وأخذه بتطبيقات مشوّهة وتطور اقتصادي مرتبك واستيلاء على أراضي الفلاحين وإجبارهم على الانخراط في التعاونيات .
وإن تحقق نموٌّ وتطورٌ في مجالات عديدة، ومنها الصناعة العسكرية، لكنه قياساً بما حققه الغرب يعتبر متدنّياً، ناهيكم عن الأزمات التي تركت تأثيراتها على رفاهية المجتمع وتلبية حاجاته الأساسية، تلك التي كانت في البداية بفعل تدخّل عسكري من جانب 14 دولة للاطاحة بثورة اكتوبر، ومروراً بأخطاء رأسمالية الدولة، وفيما بعد بتكريس عبادة الفرد والقضاء على أي شكل من أشكال الرأي الآخر ناهيكم عن الخسائر الفادحة في الحرب العالمية الثانية وما تركته من نتائج على عموم البلاد، على الرغم من تضحيات الجيش والشعب السوفييتي، التي قادت لا إلى انتصارهما فحسب، بل إلى الانتصار العالمي على الفاشية والنازية .
لكنه من جهة أخرى كرّس الاستبداد الذي اتخذ في البداية شكل استبداد سلطوي، أي وجود نظام شمولي يريد صهر الجميع في بوتقته، وعلى حد تعبير لينين دكتاتورية البروليتاريا التي تشمل ال 9 بالعشرة ضد ال1 بالعشرة، وهو الأمر الذي برّر المجازر التي ارتكبت في العام ،1918 بزعم أن الدماء يمكن إزالتها لمجرد تحقيق منجزات لاحقة .
أما الشكل الثاني للاستبداد فقد كان الاستبداد التعبوي فلا بدّ من الانخراط في أتون الثورة ضد الأعداء الداخليين والخارجيين، وحيث الاتهامات كانت تكال جزافاً ودون حساب فقد أُرسل الملايين إلى معسكرات الاعتقال وإلى الموت، لأسباب تتعلق بالتآمر أو التقاعس أو خدمة لأهداف البرجوازية والعمل لحساب جهات خارجية .
ولعلّ ما أظهره بوتين اليوم سواءً في أوكرانيا أو عموم منطقة النفوذ الروسي السابقة بما فيها الأزمة في سوريا أو بالمحور الجديد مع الصين، حنين إلى الصورة الستالينية المعهودة، بما فيها على مستوى الداخل أيضاً، وهو يعتقد أن الذاكرة الروسية أو الدولية، كفيلة بأن تستعيد تأثيرات الماضي حيثما أحسن استخدامها .
بوتين يدرك أن روسيا في الألفية الثالثة (عشريتها الثانية) تحتاج إلى استعادة دورها التاريخي، حتى وإن كانت لا تزال منهكة، وواشنطن ليست بأحسن حال منها لكن وخصوصاً بعد احتلال العراق العام 2003 والخسائر المادية والمعنوية التي تعرّضت لها، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة التي ضربتها بالصميم، ولذلك فهو يسعى لإصلاحات اقتصادية واسعة باستخدام النفط والغاز ومحاولة القضاء على الفقر وإنعاش طبقة وسطى، وهي أهداف معقولة يسعى للترويج لها مضيفاً بذلك نستولوجيا التاريخ والدور الروسي المنشود، وإذا كان بوتين يعرف أن التاريخ لا يعيد نفسه، فإنه يمارس ذلك بنوع من المكر والدهاء والمراوغة، وربما هو ما قصده الفيلسوف الألماني هيغل بقوله: إن التاريخ مراوغ .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.