لجنة الإصلاح التشريعى فكرة مهمة من الناحية النظرية، لكنها من الناحية العملية صعبة التنفيذ، فرغم أننا محاطون بغابة من التشريعات التى تحتاج الى اقتحام لتنقيتها وجعلها صالحة للتطبيق ومسايرة للعصر والقضاء على التضارب فى بعضها إلا أن هذه المهمة التى أسندها الرئيس السيسى إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء سوف تضيف عبئاً على الحكومة التى اختارت العمل الميدانى لإطفاء الحرائق اليومية المترتبة على القرارات الإدارية وغيرها والتى تجعلها تقضى معظم الوقت فى الشارع، ومهمة النظر فى التشريعات التى تزيد على 60 ألف تشريع فى حاجة ماسة إلى إعادة نظر تحتاج الى جلسات مكتبية للمناقشة والتباحث وطرح الاقتراحات وهذا سيشكل عبئاً على الحكومة لا أعتقد أنها تستطيع القيام به، رغم وجاهة الاقتراح وحاجتنا الى الوصول الى قوانين قابلة التنفيذ فى الواقع وليست حبراً على ورق وتجميع التشريعات المتفرقة التى تعالج قضية واحدة فى تشريع واحد منعاً للتضارب، هناك تشريعات معوقة للاستثمار، وتشريعات قديمة من أيام الملكية فى حاجة الى إعادة نظر، وهناك أيضاً تشريعات لا تناسب عقوبتها البدنية والمادية مع الجرم فهى أقل بقليل من المطلوب تطبيقه على الجريمة التى تقع فى نطاق هذه القوانين. لا أريد مما سبق أن تتوقف اللجنة التى شكلها المهندس إبراهيم محلب لتنفيذ تكليف الرئيس له عن القيام بهذه المهمة، فلابد أن تكون هناك لجنة تشريع حكومية فى مجلس الوزراء تعد حزمة التشريعات الجديدة التى ستطرح خلال دور الانعقاد البرلمانى الجديد، ولكن كنت أود أن تكون تنقية التشريعات الحالية هى إحدى المهام التى يكلف بها الرئيس مجلس النواب الجديد فى أول خطاب له أمام البرلمان بعد تشكيله فهناك على الأقل 19 لجنة برلمانية، ويتوقع زيادتها فى المجلس الجديد تستطيع كل منها مناقشة التشريعات التى تقع فى اختصاص كل منها، وتتقدم باقتراحات لتعديل ما يحتاج الى تعديل، وتناقش داخل البرلمان بالاتفاق مع الحكومة، ويختار البرلمان عند إعداد جدول أعماله الذى يسمح بحضوره لوزير شئون مجلس الوزراء مجموعة التشريعات المرشحة للمراجعة، وتوزع على اللجان المختصة فى البرلمان، وتدعو هذه اللجان الوزير المختص بالقانون، وتناقش هذه القوانين بهدوء من النواب وممثلى الحكومة ويتم التوصل الى النقاط التى تحتاج الى حذف أو إضافة، ثم ترفع هذه القوانين بعد التعديل وإقرار المجلس لها الى رئيس الجمهورية للتصديق عليها. لقد جعل الدستور سلطة اقتراح القوانين لرئيس الجمهورية وللنواب وأضاف إليهما الدستور الجديد مجلس الوزراء، وتضمن الدستور طريقة مناقشة مشروعات القوانين الجديدة فى البرلمان، وهى إحالة كل مشروع مقدم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب لفحصه وتقديم تقرير عنه الى المجلس، ويحوز للجنة أن تستمع الى ذوى الخبرة فى الموضوع، ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء الى اللجنة النوعية، إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك، فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسبباً، وكل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس، لا يجوز تقديمه ثانية فى دور الانعقاد نفسه. الدستور الجديد حل إشكالية خطرة كانت تواجه البرلمان فى السابق وهى سيطرة الحكومة على التشريع من البداية حتى النهاية وهذا الانفراد بالتشريع وراء غابة التشريعات التى تراها حالياً،فقد كانت الحكومة تعانى من إسهال تشريعى فى المرحلة السابقة وكان البرلمان لا يستطيع أن يرفض لها طلباً لأنه كان واقعاً تحت تأثير الأغلبية الميكانيكية التى كانت مسيطرة على البرلمان، وكانت مشروعات النواب تحفظ فى ثلاجة المجلس، حالياً عشر الأعضاء يستطيعون طرح أى مشروع قانون على لجنة الموضوع دون المرور على لجنة الثلاجة التى تعرف بلجنة الاقتراحات والشكاوى وكانت كل مهمتها فى السابق تمرير مشروعات الحكومة وحفظ مشروعات النواب، حتى المشروع المقدم من نائب فردى حالياً لا تستطيع اللجنة رفضه إلا بقرار مسبب بعرضه على المجلس.