نعيش عصر التراكم المعرفي الذي يشهد وجود اختراع كل دقيقتين، وما يزيد علي 30 مليون براءة اختراع مسجلة، إلي جانب قيام الحاسب الآلي بتنفيذ ثلاثة تريليونات عملية حسابية في الثانية، وفي طريقه - عبر الجيل الخامس - إلي التعامل اللغوي أي الحديث بلغات البشر بدلاً من لغة الأرقام والبيانات والصور المستخدمة الآن. والأمر يزداد صعوبة وتعقيداً بعدم ملاحقة كثير من الدول - من بينها مصر - لهذا السيل المعلوماتي.. كلنا نتذكر ما حدث عام 1983 حينما ظهرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية صيحة «أمة في خطر»، لمجرد أن الاتحاد السوفيتي سبقها في الوصول إلي الفضاء الخارجي، الأمر الذي أدي إلي تغيير منظومة التعليم، لتصبح الدولة الأولي عالمياً. لا شك أن مصر في أشد الحاجة إلي منظومة تعليمية كاملة مترابطة الأجزاء تحقق الحلم بأن تعود الريادة لها، خاصة أننا نعاني من ضعف الجانب التربوي، نفور المتعلم من التعليم، وارتفاع نسبة التسرب والأمية، الفشل في تحقيق أهداف تعليمية، الاعتماد علي نظم تعليمية وتربوية غربية لا تناسبنا، خضوع التعليم لعمليات التسييس، هذا إلي جانب سوء إعداد المعلم، واختيار قيادات غير مؤهلة وكثير منها منتهي الصلاحية، وإهمال الجوانب الإبداعية والابتكارية لدي المتعلم والمعلم، والتجارب التي تظهر نتائجها السيئة بعد تطبيقها بسنوات طويلة ومن أمثلة ذلك ما شهدته أوائل التسعينيات من القرن العشرين في عهد وزارة د. حسين كامل بهاء الدين حيث تم تحويل 30 ألف طالب ممن استنفذوا مرات الرسوب - ثلاث سنوات - في الثانوية العامة، بإلحاقهم بمعاهد المعلمين، فتحول الطالب الفاشل إلي معلم ابتدائي في الوقت الذي يشهد قيام الحاصلين علي الدكتوراه للتدريس بالمرحلة الابتدائية في الدول المتقدمة. خلاصة القول أن الطالب المصري يعد منتجاً سيئاً من مخرجات التعليم الأكثر سوءاً، لذا علينا أن نعترف بأن التعليم في خطر، بدلاً من تزييف الأمور، ومن ثم دعوة أساتذة التربية والمناهج والتقويم وطرق التدريس وعلم النفس التربوي إلي مناقشة موضوعية لوضع منظومة تعليمية جديدة، حتي لا نفاجأ يوماً ما بأن مصر - لا قدر الله - في ذيل القائمة.