نائبة التنسيقية: قانون مزاولة مهنة الصيدلة يحتاج لتعديلات شاملة    النائب علي مهران: مرور 10 سنوات على مبادرة حياة كريمة تجسيد حقيقي لدعم الدولة للحماية الاجتماعية    علاج 1045 حالة من الماشية بالمجان ضمن القافلة البيطرية بقرية الأعلام مركز الفيوم    ترامب يدرس مسألة رفع العقوبات عن سوريا لمنحها بداية جديدة    تامر أمين يشيد بعماد النحاس: أعاد لنا كرة الأهلي التي افتقدناها مع كولر    منتخب مصر يتأهل لنصف نهائي أمم إفريقيا للشباب ويحسم بطاقة التأهل للمونديال    «أمطار ورياح مثيرة للرمال والأتربة».. الأرصاد تعلن حالة الطقس فى الإسكندرية غدًا    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    أحمد فهمي يخوض منافسات الأوف سيزون بمسلسل ابن النادي    أسامة قابيل: حسن الظن بالله مفتاح الفرج.. وتعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    أطباء مصر.. ثروة لا تقدر بثمن    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    بسبب الميراث.. المشدد 10 سنوات لمتهمين بإحداث عاهة مستديمة لسيدة في كفر الشيخ    المؤبد لقاتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية بعد تنازل الأب عن الحق المدني    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    ترامب يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية    موسى يطرح أول كليب مصري ب «الذكاء الاصطناعي» | شاهد    جيش الاحتلال: تسلمنا عيدان ألكسندر    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    مؤشر القلق    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أمينة الفتوى: الزغاريد عند الخروج للحج ليست حراماً لكن الأولى الالتزام بالأدب النبوي    نقيب التمريض تدعو لتعميم التأمين الصحي الشامل على مستوى الجمهورية    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مصطفى الفقى المفكر المصرى الكبير ل"الوفد":
مصر تدخل بوابة التاريخ.. والتراجع يمس أعمدة الدولة
نشر في الوفد يوم 21 - 07 - 2014

هذا حوار استثنائى مع رجل استثنائى لأنه يملك أدوات الفكر والسياسة والثقافة يمزجها بالمعلومة والرؤية الواضحة، القلم طوع بنانه والكلام طوع لسانه يعبر بهما كيفما شاء..
يأتى الحوار فى مرحلة استثنائية من عمر الدكتور مصطفى الفقى الذى اعتبرها مرحلة نقد ذاتى لأفكاره بعدما عاش بالحسابات والتوازنات والمراجعات ويعترف بأنه دفع الثمن غالياً.
أكد فى حواره ل«الوفد» أن الشعب المصرى هو صاحب القرار فى شكل البرلمان القادم لأننا أصبحنا أمام وضع سياسى جديد، وأن الأحزاب السياسية فى حالة شهر عسل مع الرئيس والنظام القائم، ودعا إلى تكريم الأقباط لأنهم تحملوا كثيراً وعرفوا أن الاستقواء بالخارج أصبح من الماضى ولن يحميهم إلا وطنهم وإخوانهم المسلمون، مؤكداً أن مصر دولة مازالت دولة إقليمية فاعلة ولم تولد فى 23 يوليو ولا 25 يناير أو 30 يونية، ولكن انبطاحها أمام أمريكا وإسرائيل فى عهد مبارك كان بسبب مشروع التوريث.
ما الذى جعلك تختار حزب الوفد لتنضم إليه وتصبح عضواً به؟
- اتجاهى للانضمام إلى حزب الوفد ليس له صفة انتهازية أو أجندة خاصة على الإطلاق والدكتور السيد البدوى عرض علىَّ الانضمام ل«الوفد» والفكرة كانت تراودنى منذ صباى لأن جدى من ناحية والدى ووالدتى هو «المغازى» باشاً، عضو الهيئة الوفدية، وتربينا على تاريخ الوفد، ورأيت «النحاس» باشا فى افتتاح مستشفى فى تفتيش «المغازى» وأيضاً «إبراهيم فرج» عام 1951 يفتتح وحدة صحية بالبحيرة، وعلاقتى كانت جيدة جداً مع فؤاد سراج الدين باشا، وكثيراً ما دعانى إلى منزله والفترة من 1919 وحتى 1952 تستهوينى وأنا أهتم بهذه الفترة وقرأت فيها كثيراً، واخترت مكرم عبيد باعتباره سياسياً مصرياً قبطياً كنموذج للدراسة والأقباط فى السياسة المصرية لرسالة الدكتوراة.
ولدى فصل فى الدراسة تؤكد كلما زاد تمثيل الوفد زاد تمثيل الأقباط فى البرلمان، وعندما يبتعد الوفد يختفى تمثيل الأقباط.
ترى هذا القرار تأخر كثيراً؟
- فى عام 2008 ذهبت إلى أحمد عز، مسئول التنظيم فى الحزب الوطنى، وقلت له: فى شبه مداعبة إننى أفكر جدياً فى أن أنسحب من الحزب الوطنى وأتجه إلى الوفد، لأنه الأقرب إلى أفكارى ومشاعرى فنظر إلىَّ نظرة جادة وقال: والله فى هذه الحالة أؤجر عليك من يقتلك(!!) لأنها ستكون ضربة موجعة للحزب لأنك رئيس لجنة الشئون الخارجية، وصمت واتصلت فى اليوم ذاته بصديقى وزميل دراستى منير فخرى عبدالنور وحكيت له ما حدث فقال: مادام الموضوع فيه قتل فلا داعى للانضمام إلينا.
وكيف وجدت حزب الوفد بعد الانضمام إليه؟
- أنا سعيد بانضمامى إلى حزب الوفد لأنه مازال يتمسك بمبادئه الليبرالية وبه مسحة علمانية بفصل الدين عن الدولة، ويهتم بقضية الوحدة الوطنية وعلاقة المسلمين بالأقباط، وهو الحزب الوحيد الذى بدأ تكوينه من أسفل إلى أعلى بحركة التوقيعات ل«سعد» باشا وزملائه للتفاوض من أجل الاستقلال، وتمتع خلال الفترة من 1919 وحتى 1952 بأعلى شعبية للتاريخ الحزبى فى مصر وتاريخ الأحزاب فى مصر ضعيف ولكن الشعب قال فى الوفد الاحتلال على يد «سعد» ولا الاستقلال على يد «عدلى» وقالوا أيضاً: لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه، ويحيا الوفد ولو فيها رفد ومكرم عبيد كان يكتسح أحمد ياسين باشا نقيب الأشراف فى انتخابات قنا والوفد أرسى تقاليد طبية وقوية جداً تحتاج إلى إحيائها فى صورة عصرية.
لكن ماذا عن الصدام السياسى بين الوفد وبين ثورة 23 يوليو وأنت من أبنائها؟
- بالفعل.. وأنا كان لدى مشكلة هذا الصدام ولكن الزمن كان كفيلاً بهذه المشكلة، وحزب الوفد قام بأدوار وطنية خلال 25 يناير و30 يونية وأرى أن الدكتور السيد البدوى وقف مواقف طيبة ورائعة للغاية وأعلن موقف حزبه فى الوقت من خلال مؤتمرات صحفية علنية، والوفد به، رموز وطنية كثيرة وهو الحزب الذى يستطيع أن يقف نداً لجماعة الإخوان، وهو يسبقهم فى العمل السياسى ب(9) سنوات وأعضاء الإخوان كانوا يهتفون الله يحب الملك فى حين أعضاء الوفد يقولون يحيا النحاس وقالوا الصوت للنحاس وهو صوت ضد الإسلام، والوفد ظل قابضاً على شعبيته ووطنيته والإخوان كانوا قريبين من أصحاب القصر، والوفد كان قريباً من الشعب ويعبر عنه لهذه الأسباب اختمرت فى ذهنى فكرة الانضمام ل«الوفد» وأنا فى هذا العمر أعبر عن نفسى وأنا فى نهاية حياتى بشكل طبيعى.
إذن تستطيع أن تقول إن د. مصطفى الفقى قام بعمل مراجعات لأفكاره؟
- نعم.. وأعترف أننى طوال عمرى كانت مشكلتى فى الحياة، كنت أعمل حسابات وتوازنات ومراجعات، وأخاف من كذا أو هذا وكنت أحبها خطأ، ودفعت ثمنه غالياً فيما بعد، وعليك أن تعتبر هذا نقداً ذاتياً، وعرفت أن على الإنسان أن يشق طريقه كما يريد مهما كانت الظروف.
كيف ترى هذه المرحلة التى يمر بها الوطن؟
- أراها مرحلة فاصلة من تاريخ مصر لأننا أمام بوابة التاريخ إما أن نمر منها إلى الأفضل، وإما أن نتراجع وهذا له تكلفة غالية لا نستطيع تحملها لأنها ستمس أعمدة الدولة المصرية، وهى مرحلة تستوجب منا جميعاً أن نسعى لأن يكون لدينا إحساس بالمسئولية تجاه الوطن، وهذا بدأ يتحقق من خلال المخاض السياسى على الساحة والرغبة فى دخول الانتخابات البرلمانية من كل الاتجاهات وهذا دليل على أن كل شىء بدأ يتبلور فى هذا الوطن.
أهمية التحالفات السياسية والتى تجرى الآن وأنت طرف فاعل فيها؟
- أهميتها أن يتمكن الجميع وبصدق نية وبتجرد تام وبعيداًعن الشخصنة فى تشكيل برلمان وطنى به كفاءات قادرة على المسئولية المنتظرة للوطن.
كيف تتوقع شكل البرلمان القادم وما هو الدور المنتظر منه؟
- الشعب المصرى هو صاحب القرار فى شكل البرلمان القادم لأنه لا توجد سلطة تستطيع أن تستبعد قوة سياسية أو تستدعى قوة أخرى بقرار وهذا متروك لإرادة الشعب متعددة الأمزجة والمشاعر، ولكن البرلمان القادم عليه مسئوليات كبيرة فى الجانب التشريعى الذى ينتظره غابة من التشريعات نتيجة للدستور الجديد، وأيضاً أهمية تفعيل دوره الرقابى لأننا أصبحنا أمام وضع سياسى جديد تماماً.
مع عدم اعتماد الرئيس على حزب سياسى يتولى السلطة ما هو وضع الأحزاب السياسية وهل هى من المعارضة؟
- حتى الآن الأحزاب السياسية فى حالة شهر عسل مع الرئيس والنظام القائم لأن الدولة كانت فى وضع لم يرض أحداً والآن أصبحت فى وضع أفضل بعد وجود رئيس ودستور، وتسعى لوجود البرلمان، ولكن فى هذه الفترة مازالت إرادة الشعب هى التى تحرك الأمور.
بعد تقسيم السلطات بين الرئيس والحكومة والبرلمان هل المعارضة ستكون فى مواجهة الرئيس أم الحكومة؟
- أنا ممن يؤمنون بأن الوضع الأفضل لمصر أن يكون النظام برلمانياً ولكن للأسف هذا يقتضى وجود أحزاب قوية لأن النظم الناجحة تكون جمهورية برلمانية، وملكية دستورية، ولكننا للأسف قريبون من النظام الفرنسى ومع تقليص سلطات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الوزراء، فأصبح 60٪ للبرلمان و40٪ للرئاسة وهذا سيعطينا تفاؤلاً أن البرلمان القادم سيكون قوياً، والأحزاب ستسعى لتقوية ذاتها للحصول على الأغلبية أكثر من اهتمامها للمعارضة فقط.
هذا سيكون نظاماً جديداً على مصر التى اعتادت الاعتماد على رأس الدولة متمثلاً فى الرئيس؟
- لا ننسى الفترة الليبرالية لحزب الوفد 19: 1952 مصر كانت شبه برلمانية حتى مع وجود استبداد للملك «فؤاد» أو فساد بعض الشىء ل«فاروق» ولكن رئيس الوزراء كان هو الفيصل والحاكم.
لماذا يدور الجدل على هوية مصر المستقرة منذ عدة قرون؟
- الشعب المصرى متدين بطبيعته، ومصر منذ مجىء الاسكندر سألوه إلى أين؟ فقال: إلى مصر لأقيم بها إمبراطورية ونصحوه أن يذهب إلى «سيوة» ويعلن نفسه أنه ابن «الإله» حتى يحكم لأن الطريق إلى قلوب المصريين يمر بديانته.. و«نابليون» بعده بعدة قرون وهو قادم إلى مصر قالوا له مر على «مالطا» والعرب كتبوا له بياناً قال فيه: من «بونابرت» عظيم الفرنساوية إلى شعب مصر المسلم إننى أحبكم وأحترم دينكم وأقدر نبيكم وجئت لأخلصكم من ظلم المماليك وعسف العثمانيين.. إلخ فالدين متجذر فى مصر والهوى المصرى هوى إسلامى والحركة الوطنية المصرية كانت إسلامية حتى 1919، ولهذا لا نستطيع أن نكون مجتمعاً منزوع التوجه الدينى.
وهل كانت جماعة الإخوان قادرة على التأثير فى هوية مصر المستقرة منذ عدة قرون؟
- لو نجحت جماعة الإخوان فى إدارة البلاد لكانوا استطاعوا أن يغيروا بعض ملامح الهوية وليس الهوية بالكامل، مع إنى أعترف بأنهم لم يتدخلوا فى الهوية الاجتماعية للمصريين خلال السنة التى حكموا فيها ولا أعرف هل كان هذا مؤجلاً ليكتسبوا ثقة المصريين أم أنهم تركوا هذا التغيير للسلفيين لأنهم لم يضفوا على الناس ولهذا أغضب منهم السلفيون، لأن السياسة لدى السلفيين تمثل 20٪ والدين يمثل 80٪ ولكن الإخوان الدين يمثل 20٪ والسياسة تمثل 80٪، ولهذا السلفية مصيبتها كبيرة وهم من سيرهقوننا، لأنهم لا يظهرون هويتهم الحقيقية يقولون إنهم يسيرون يميناً ثم يتجهون يساراً، ويعلنون أنهم سيتواجدون فى الانتخابات ولا يذهبون وإذا ذهبوا يبطلون أصواتهم وهم يلعبون لعبة خطيرة جداً.
وما الذى جعل الإخوان يفشلون فى الحكم؟
- الإخوان فشلوا فى الإدارة لعدم اعتمادهم على كوادر سياسية وإدارية جيدة لأن لديهم فقراً فى الكوادر ونقصاً فى رجال الدولة، وإلا هل يمكن أن يعينوا محافظ الأقصر من الجماعة الإسلامية التى قامت بالمذبحة الإرهابية الشهيرة فى الأقصر؟! ويعينوا وزير ثقافة يرفد وزارة الثقافة بالكامل(!!) ولم يستعينوا حتى بأصدقائهم وأقصوا الجميع فرأينا نماذج ضعيفة فاشلة فى إدارة الدولة.
وهذا يفسر تكرار نفس الأخطاء بصدامهم مع الدولة؟
- للأسف صدامهم مع النقراشى هو صدامهم مع إبراهيم عبدالهادى وتكرر مع عبدالناصر ثم مبارك وما بعده بسبب وجود مشكلة حقيقية فى نظام الجماعة بين القيادات الفكرية وبين القيادات الحركية فى الشارع، الكل يترك الآخر يعمل كما يريد دون تنسيق ويكفى بعد مقتل «الخازندار» حسن البنا قال: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين، لأنه لم يعلم بمقتل «الخازندار» لأنه أبدى غضبه منه لأنهم يرون أنه يصدر أحكاماً شديدة عليهم، ولكن غضبه ليس معناه أن يقتلوه، و«مبارك» فى 25 يناير قال: «خلصونا من شوية العيال دول عاملين لنا دوشة انتوا مش قادرين عليهم ولا إيه» ولأنهم يفهمون لم يقتلوهم بل ضربوهم بخراطيم المياه.
ما هو مستقبل الإسلام السياسى بعد 30 يونية؟
- الإسلام السياسى لن يختفى ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم لأنه متجذر وله أعماق بعيدة فى تاريخ العالم الإسلامى، ولحسن الحظ أن «السيسى» متدين بطبيعته بل مستغرق فى التدين وأنا أعرفه منذ زمن، وإن لم يكن كذلك لكان حجم الميل إليه أقل وكان الإخوان زايدوا عليه بشدة ولكنهم لم يستطيعوا المزايدة فى تدينه.
ولماذا لم يتقبل الإخوان فكرة رفضهم من الشعب المصرى واصطدموا به لأول مرة وكان صدامهم مع الأنظمة؟
- وهذا كان خطأهم الكبير ولو أنا كنت مرشد الإخوان فى 3 يوليو كنت سأقول: نحن وصلنا إلى الحكم بعد 80 سنة فى المنفى والسجون والمعتقلات وسنة واحدة لم تسمح لنا بأن نقدم أنفسنا كما يجب ولدينا أخطاء نعترف بها ونعتذر عن اغتيالات الأربعينيات والصدامات وقد دفعنا ثمنها غالياً ودعونا نبدأ صفحة جديدة ونحن ضد العنف والإرهاب وسننخرط فى الحياة السياسية من جديد، وحينها كان سيجد قبولاً فى الشارع ولكنه لم يفعل ذلك، وبدأ الإرهاب والتفجيرات والاغتيالات حتى لو لم يكن هم من يقومون بذلك، ولكنها نسبت إليهم وانتهى الأمر، وجزء كبير من تدهور صورة الإخوان لدى الشعب بدأت فى 3 يوليو، لأن الشعب كان يقول عنهم خلال حكمهم إنها جماعة لا تعرف كيف تحكم وتدير دولة لكن بعد ذلك قالوا: إنهم دمويون ولن ننتخبهم وبهذا خسروا كثيراً.
وكيف كان موقف الأقباط مع الأحداث والاعتداء على الكنائس؟
- كان موقفاً عقلانياً ومتوازناً، واتصلت ب«البابا تواضروس» عدة مرات، وقال: إذا هدمت الكنائس سنصلى فى أى مكان المهم أن تبقى مصر، وفضلوا فكرة الوطن على المفهوم الطائفى ولهذا أدعو لتكريم الأقباط لأنهم تحملوا كثيراً، وتعلموا أن الاستقواء بالخارج أصبح من الماضى، وأين أقباط المهجر؟! وعندما كنت أعمل مع «مبارك» لو تحطم زجاج شباك كنيسة كان الكونجرس يهيج الدنيا والآن حرقت (70) كنيسة ولا أحد هناك قال شيئاً، ولهذا الأقباط تأكدوا أنه لن يحميهم إلا وطنهم وإخوانهم المسلمون الذين يعيشون معهم.
من أين جاء التفرد والتميز الذى تتسم به علاقة الشعب مع الجيش؟
- هى علاقة عضوية لأن الجيش المصرى أسهم تاريخياً فى تحديث الدولة المصرية منذ محمد على الذى أراد أن يستقل عن السلطان العثمانى، ويقيم دولة قوية مستقلة وهذا يحتاج إلى جيش ولكنه فى احتياج إلى سلاح يحتاج صناعة تحتاج إلى تعليم فأرسل البعثات التى احتاجت إماماً فأرسل رفاعة الطهطاوى، وبدأ التنوير فى مصر.. إذن الجيش كان دائماً نقطة الانطلاق إلى الدولة المصرية الحديثة، و«عرابى» أيقظ صورة الفلاح الذى وقف أمام الخديو علناً وبشكل سلمى، ولكن التاريخ به مطبات مثلاً مصطفى كامل حصل على أكثر من حقه فكان محامياً شاباً يسافر كثيراً ويتحدث كثيراً لكن عرابى دفع الثمن أكثر من 20 سنة فى المنفى بجزيرة سيلان. المهم أن الجيش المصرى ليس ثكنات منعزلة بل هو متداخل مع الشعب ونسبة الالتزام لديهم بالأرض والوطن لا يعلو عليهما شىء آخر.
ولهذا الجيش هو العقبة الكبرى أمام الإخوان لأن مفهوم الوطن والأرض فكرة ملتبسة لديهم؟
- نعم.. لأن مفهوم الوطن لدى الإخوان غير واضح و«مرسى» سألوه فى السودان عن حلايب وشلاتين معهم أم معنا فقال: لا يهم خلوها معكم ولا يهم، وراح إلى حماس وقال: لو ضاقت عليكم غزة سأعطيكم ثلث غزة الشمالى من الذى قال إن الإسلام لا يؤكد على حب الوطن؟ والمولى عز وجل قال: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل»، إذن مسألة التشعيب والقبائل معترف بها فى الإسلام والأممية الإسلامية ليست كل شىء، وفكرة الوطن مهمة جداً.
كيف ترى السياسة الخارجية لمصر بعد 25 يناير و30 يونية؟
- تعدد وزراءالخارجية بشكل لافت بعضهم مكث أسبوعين وبعضهم 10 أيام وهذا لم يؤد إلى استقرار الجهاز الدبلوماسى، مع إنه لم يهتز ولكنه خضع لتأثيرات الحكم فى سنة الحكم العسكرى وسنة الحكم أيضاً خلال حكم الإخوان، والاختيارات تشكلت إلى حد كبير وفقاً لرؤية المجلس العسكرى والإخوان كل فى مرحلة حكمه، والآن تحاول استعادة عافيتها وأن تقف على قدميها، ولكن أجهزة الدولة الأخرى ليست بالسهولة التى نتصورها.
بمعنى؟
- بمعنى أن هناك عدداً كبيراً من الملفات المشتركة بين الخارجية وبين المخابرات العامة وبين عدد كبير من الأجهزة والمخابرات تفضل الوزير الطيع ليستطيعوا التعامل معه والخارجية وزارة سيادية تضم أعلى الكفاءات فى مصر لأنه يوجد تدقيق شديد فى الاختبارات ويوجد نظام صعب فى الترقيات، ونظام أصعب فى التنقلات والخروج للعالم والسياحة فيه تجعل الدبلوماسى يدرك فى الأمر ما لا يدركه غيره.
ما أهم التحديات الخارجية التى تواجه مصر؟
- أولاً سد النهضة ومشكلات الحدود مع ليبيا والوضع فى سيناء فى إطار اتفاقية السلام، وإمكانية إعادة العلاقات مع أمريكا بشكل طبيعى، والجانب الأوروبى به بعض المشكلات ضد سياستنا، والعلاقات مع قطر صعبة وغير مفهومة وتتأرجح ما بين التهنئة التليفونية وبين التحريض العنيف ولا أحد يستطيع أن يفهم ماذا يريد أشقاؤنا فى قطر؟
بعد مجيئ السيسى رئيساً هل من الممكن أن تغير مقولتك إن الرئيس القادم لمصر لابد أن توافق عليه أمريكا؟
- هذه المقولة فى 2009 وكنت أرى مشروع التوريث على أشده، وأعلم أن انبطاح مصر أمام أمريكا إسرائيل بسبب مشروع التوريث، ولذلك «مبارك» وابنه هما اللذان استفزا من التصريح وحفزوا «هيكل» وبمنتهى السذاجة ودخل معى فى صدام شديد على صفحات الجرائد، مع إن الحقيقة غير هذا لأن قراءتى كانت واضحة جداً، وعند مجيئ الإخوان كانوا يلقون أيضاً ترحيباً أمريكياً وقبولاً إسرائيلياً، وبعد مجيئ السيسى أصبح لا يوجد رفض شديد له، ولو رفضوه سيرهقونه كما فعلوا مع عبدالناصر ولابد أن نعترف بوجود دول كبرى ودول محورية فى المنطقة وعلينا أن نتعامل مع كل القوى ولا ننغلق على أنفسنا.
وهل قلت إن مبارك أدى إلى تراجع دور مصر الإقليمى؟
- نعم.. وكان فى ندوة وخلال حكم مبارك قلت: إنه لا يهتم بالدور الإقليمى ونشر كعنوان فى جريدة البديل أن مبارك أدى إلى تراجع دور مصر الإقليمى، وحينها اتصل بى نبيل فهمى حينما كان سفيراً فى أمريكا وقال: إن هذا العنوان سيرهقك كثيراً، وبالفعل فتحت علىَّ أبواب جهنم وانهالت المكالمات من زكريا عزمى والسفير سليمان عواد وتهديد من المخابرات وهو بالفعل كان دوراً مضروباً عندما سمحوا أن تتحدث إيران مع أمريكا باسم الشرق الأوسط بسبب الملف النووى مع أن مصر قوة إقليمية فاعلة ولها مبادرة لمنع انتشار النووى فى المنطقة، وكان يجب أن يتم الحوار معها أيضاً، والدور الإقليمى فى ذهن البعض حرب اليمن مع أن هذا الدور سابق على عبدالناصر والوفد من أنشأ جامعة الدول العربية والنحاس باشا وضع بروتوكول الإسكندرية ومصر لم تولد فى 23 يوليو ولا 25 يناير أو 30 يونية.
كيف ستكون العلاقة بين مصر وأمريكا بعد 30 يونية؟
- لدينا مشكلة فى سياستنا مع أمريكا لأن البيت الأبيض منقسم، والجزء الذى يقف ضد مصر به «أوباما» ويرجحه، والكونجرس أيضاً منقسم تجاه سياسة مصر، لكن البنتاجون يؤيدنا وهذا كان من دهاء «السيسى» لأنه حافظ على مكالمة تليفونية أسبوعياً مع وزير الدفاع الأمريكى منذ 30 يونية والنبتاجون يضع البعد الاستراتيجى فى العلاقات المصرية، ولكن مع ظهور «داعش» هذا عزز وضع مصر لدى الأمريكان لأنهم يريدون حلفاء فى الشرق الأوسط، ولهذا قام «كيرى» بزيارة القاهرة ليس لبحث القضية الفلسطينية بل لبحث الوضع فى العراق والمنطقة تقلق الأمريكان ولكن الأمور ستنصلح بالتدريج.
هل يمكن أن يكون لجامعة الدول العربية دور فى المرحلة المقبلة؟
- جامعة الدول العربية لم يكون لها دور من قبل ولن يكون لها دور من بعد فهى مجرد رمز على ضفاف النيل تعتز به مصر لأنه يعطيها وزناً إقليمياً بما أنها دولة المقر، ولكن الحقيقة أنها محصلة إيرادات للدول العربية، ولا يوجد بها دولة عربية تفضل أن تقوى الجامعة العربية، وكل دولة تدفع التزامها المالى كأنه زكاة، والجامعة العربية فى احتياج إلى تفعيل اقتصادى وشبكة مصالح بين الدول العربية قوية، وللأسف أعلى كلمة داخل الجامعة هى الشجب والإدانة، واتصالاتها الدولية ضعيفة، ولو كانت مشتركة مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الكبرى ولها معهم تبادل، سيكون وزنها أكبر مما عليه الآن.
ما دور النخب المصرية تجاه مصر حتى تمر من هذه المرحلة بأمان؟
- لن يكون للنخب أى دور فاعل لأن النخبة طول عمرها عميلة للسلطة وتبحث عن مصالحها الشخصية وليست بالقوة التى نتصورها.
لا يوجد مثقف فاعل؟
- المثقف الفاعل إما أن يتشرذم ويأخذ دوراً فاعلاً عنيفاً فيخرج من الدائرة أو أن يكون موالياً للسلطة ويخرج أيضاً من الدائرة، ولا نرى شخصاً لديه قدرة من الصلابة والموضوعية فى الأحكام العامة قليل دونهم.
لماذا يشبه البعض الرئيس السيسى بالرئيس عبدالناصر؟
- هذا لا يرحب به أحد لأن عبدالناصر ابن عصره له ما له وعليه ما عليه ولا نقلل من دوره، ربما يكون فيه من ناصر بعض من شعبيته ومن سعد زغلول زعامته ومن السادات دهاؤه فهو رجل محنك وابن سوق وتربى فى الجمالية ووقف فى محل أبيه وباع فيه، وهذا الرجل ليس سهلاً ووجهه لا يظهر عليه تعبيرات ونحن أصبحنا أمام مدرسة سياسية جديدة.
هل ستنتظر مصر كثيراً الوليد الجديد؟
- أنا متفائل وأرى أن المستقبل سيكون أفضل إذا اهتممنا بالديمقراطية والتنمية، وعلى الحاكم أن يركز على قضية العدالة الاجتماعية لأن قضية الشعب المصرى الأولى هى قضية الخبز وتكافؤ الفرص والقضاء على البطالة لأن الناس تعبانة جداً، والحكومة عندما رفعت الأسعار الأخيرة عملت صدمة كبيرة لدى المواطن مع أنها العلاج والدواء المر الذى لا بديل عنه ويمكن كانت فى احتياج من الحكومة إلى أن ترمى بياضها، أولاً للشعب قبل رفع الأسعار.
لم يشرب الدواء المر غير الفقراء؟
- نعم ولكنه على المدى القريب لكن الحكومة ستحمل الأغنياء رفع الدعم فى البنزين والخبز وهذا قرار مناسب ولكن المفترض أن يلحقوا فقراء مصر ببديل نقدى يرفع الحد الأدنى للأجور وضرب البطالة والتوسع فى المشروعات الصغيرة، والرقابة الشديدة على الأسواق والخدمات حتى لا نرهق الفقراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.