«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات البرلمانية.. أول امتحان سياسي للأقباط بعد الثورة
المشاركة السياسية القبطية.. حافلة بأخطاء الحكام
نشر في آخر ساعة يوم 06 - 09 - 2011

الخديو إسماعيل طالب بالباشوية لمسيحي.. وثورة 9191 كانت بداية الماراثون السياسي
خطة »الوفد« لترشيح الأقباط تكشف تمسك الحزب بشرط المواطنة
السادات وطّن المرض الطائقي.. ومبارك أشعل الفتنة عن طريق أمن الدولة
»ارفع راسك فوق انت مصري« بهذا الهتاف احتفل المصريون بتخلي مبارك عن السلطة، وإسقاط نظامه القائم علي الظلم والتفريق بين عنصري الأمة.. أمّن المسيحيون الصلاة للمسلمين داخل الميدان بعد أن شكلوا من أجسادهم حوائط لحماية الساجدين من غدر قناصة العادلي، وهجوم البلطجية الوارد في أي لحظة بينما حمي المسلمون الأقباط وهم يقيمون قداسهم في ميدان اتسع لكل المصريين.. أعادت ثورة 52 يناير الوحدة الوطنية التي اعتلت أيام السادات ووصلت إلي أقصي درجات الفتنة في عصر مبارك الذي استخدم أمن الدولة كأداة لزرع الفتنة بين شطري الأمة.. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية، من حقنا أن نسأل: هل ستقصي الحصانة روح الميدان ونشاهد أغلبية مسلمة ساحقة تحت القبة رغم تأكيد الثورة علي عدم التفريق في المواطنة؟!
بينما تستعد الأحزاب والقوي السياسية لخوض انتخابات مجلسي الشعب والشوري تثار حاليا قضية مشاركة الأقباط في هذه الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي.. بدءا من الترشح حتي التصويت مع الأخذ في الاعتبار أن الدستور المصري لايفرق بين مواطن وآخر بسبب الدين أو العقيدة أو اللون أو الجنس.
وللرجوع للوراء قليلا نجد أن مشوار الأقباط في الحياة السياسية طويل.. فنجد الخديو إسماعيل أول حاكم مصري طلب رتبة الباشوية لرجل مسيحي وفي عهده شغل الكثير من المسيحيين مناصب عالية ليست هامشية فمن بين هؤلاء نذكر واصف باشا الذي شغل وظيفة كبير التشريفات إضافة إلي تعيين المسيحيين في الهيئات القضائية وكانت لأول مرة قضاة ومستشارون مسيحيون في محكمة الاستئناف ففي حكم الخديو إسماعيل بدأت حركة الإصلاح التشريعي وكان الأقباط يتمتعون بالمواطنة الكاملة المتساوية مع إخوانهم المسلمين فقد انتخب عضوان من الأعيان المسيحيين عن العمد وذلك من مجموع 57 عضوا كانوا يشكلون مجلس ثوري النواب في الفترة من 6681 - 9681 وفي مجلس عام 1881 انتخب أربعة من المسيحيين من مجموع 08 عضوا وخلال الفترة من 3881 وحتي 0981 عين في مجلس الشوري خمسة من البكوات والباشوات المسيحيين، وعندما أنشئت الجمعية التشريعية حرصت الإدارة الإنجليزية في ذلك الوقت علي تمثيل الأقليات فنص القانون علي تعيين أربعة من المسيحيين.
وتردد أن الإنجليز أرادوا من ذلك تطبيق مخطط لتفكيك المجتمع ووضع نظام جديد للشوري ليحل محل مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية.. والتي تم دمجهما تحت اسم الجمعية التشريعية.
61 من المسيحيين
شهد عام 7091 بداية لتكوين وتأسيس الأحزاب السياسية لأول مرة في مصر وشهد نفس العام تأسيس حزبين الحزب الأول حزب الأمة الذي أسسه حسن باشا عبدالرازق واختير أحمد لطفي السيد سكرتيرا عاما له.
أما الحزب الثاني الذي أنشئ في نفس العام الحزب الوطني الذي أسسه مصطفي كامل.
وقد انضم اثنان من الأقباط من أبرز زعماء الحركة الوطنية إلي الحزب الوطني وهما ويصا واصف ومرقس حنا.
وفي عام 8091 قام المحامي إخنوخ فانوس بالإعلان عن تأسيس حزب سياسي أطلق عليه الحزب المصري وجاء هذا الحزب ليتشكل في مصر لأول مرة الجناح القبطي السياسي المتطرف وهذا الحزب قد تأثر في برنامجه بمنطق الحزب الطائفي وقد دعا إلي تكوين مجلسين أولهما مجلس النواب الذي تم تشكيله بواسطة التمثيل الطائفي أو التمثيل العنصري وأما ثانيهما فهو مجلس يتألف من أعضاء نصفهم من الأجانب والنصف الآخر من المصريين ليكون بمثابة رقيب علي المجلس الأول ليسترضي الوجود البريطاني في مصر وقد لاقي هذا الحزب رفضا من المسيحيين أنفسهم لما كان يحمله من التناقضات وتكريس للطائفية والانقسام والفرقة إضافة إلي ارتباطه بالوجود الأجنبي.
بينما جار حزب الإصلاح علي المبادئ الدستورية الذي تزعمه الشيخ علي يوسف حيث اشرك اثنان من الأقباط في تأسيسه.
الحركة الوطنية
وقد اتسعت مشاركة الأقباط في الحياة السياسية بعد إنشاء حزب الوفد والذي ضم عند بدايته أعضاء أقباطا أمثال واصف بطرس غالي ثاني أبناء بطرس غالي وسينوت حنا عضو الجمعية التشريعية وجورج خياط من أعيان أسيوط إضافة إلي مكرم عبيد واندلعت ثورة 91 وكان علم الثورة مؤلفا من الهلال مع الصليب كرمز للوحدة والتآخي والمعروف أن الحركة الوطنية لثورة 91 ضمت كلامن حمد الباسل وويصا واصف وعلي ماهر وجورج خياط ومرقص حنا وعلوي الجزار ومراد الشريعي وواصف بطرس غالي وكان الخط الواضح لهذه الحركة هو التعبير عن انصهار عنصري الأمة في وحدة متكاملة وقد دعت هذه الحركة الشعب المصري بمقاطعة الإنجليز وعدم التعاون معهم وعلي خلفية هذه الدعوات اعتقلت السلطة العسكرية البريطانية أعضاء هذه الحركة وسجنتهم، فثورة 9191 أخرجت الأقباط بشكل واضح إلي الحياة العامة فكان منهم قيادات سياسية عديدة في حزب الوفد.. فعندما يخوض حزب الوفد الانتخابات كان يرشح في مناطق الكثافة السكانية القبطية مرشحين من المسلمين والمناطق التي تقل فيها نسبة المسيحيين يرشح مرشحين من المسيحيين حتي لايقال إن الأقباط أعطوا أصواتهم للمرشح القبطي أو أن المسلمين حجبوها عنه كان القبطي إذا ترشح عن حزب فيتنافس المسلم قبل القبطي لنصرته باعتباره ممثلا لفكر الحزب وليس علي أساس ديني.. وكانت النتيجة تواجد الأقباط في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ بنفس نسبة تواجدهم في المجتمع علي قدر نشاطهم وحماسهم.. فالانتخابات التي كان يحصل فيها الوفد علي الأغلبية هي التي يصل فيها عدد الأقباط أكثر مايكون بنسبة تتراوح بين 8٪ و5.01٪ وعندما كان يقاطع الوفد الانتخابات يقل عدد الأقباط في مجلس النواب واتسعت مشاركة المسيحيين في الحياة السياسية حتي أسندت رئاسة الوزراء إلي يوسف وهبه باشا وكان وزيرا في وزارة محمد سعيد المستقيلة.
حتي قام شاب قبطي بإلقاء قنبلتين علي سيارته أثناء عبورها ميدان سليمان باشا وهو يهتف يحيا الوطن وقبض علي الشاب.
دستور 32
شهد عام 2291 تشكيل لجنة خاصة لوضع دستور للبلاد وضمت لجنة الدستور 03 عضوا واختير لعضويتها ممثلين للأحزاب السياسية والأقليات واختير الأنبا يؤانس مطران الإسكندرية البابا يؤانس فيما بعد وقليني فهمي وإلياس عوض وتوفيق دوس كممثلين عن الأقباط ، كما اختير صالح لملوم ممثلا عن عرب البدو وصدر دستور 32 للتذكير أن دستور 3291 نص عند صياغته علي عدم وجود نص يخصص للأقباط نسبة أو عددا من المقاعد في البرلمان وقد قاوم الأقباط بشدة اقتراحا في هذا الشأن لإحساسهم العميق بأنهم ليسوا أقلية فتمثيل الأقباط في البرلمانات المصرية ارتبط بالديمقراطية وشيوع التعددية السياسية ووجود مناخ وطني عام يشيع فيه التسامح ويكون الاختيار بين أبنائه في الحياة السياسية قائما علي مواقفهم الوطنية أو انتماءاتهم الطبقية دون الأخذ في الاعتبار بعقائدهم الروحية أو انتماءاتهم الطبقية والأمثلة علي ذلك متعددة نذكر منها أن مكرم عبيد باشا قد فاز علي منافسه ياسين أحمد باشا نقيب الأشراف في ذلك الوقت عندما شكل سعد زغلول الوزارة عام 4291 بعد فوز حزب الوفد في الانتخابات قام بتعيين وزيرين قبطيين إضافة إلي تعيينهم لأول مرة نُظارا للمدارس الأميرية من الأقباط.. وقد انتخب ويصا واصف رئيسا لمجلسي النواب.
فلو نظرنا إلي منحني تمثيل الأقباط في البرلمان منذ عام 4291 وحتي عام 5491 لوجدنا أعلي نسب تمثيل في البرلمان قد ارتبطت بالبرلمانات ذات الأغلبية الوفدية لأن حزب الوفد في هذه الفترة قد أرتبط في أذهان الجماهير بالحركة الوطنية كما اتسعت مساحة مشاركة الأقباط في الحياة السياسية فنلاحظ متوسط نسبة تمثيل الأقباط خلال هذه الفترة تعادل 5.6٪ وهذه النسبة كما يصفها سليمان شفيق في كتابه الأقباط كانت متوازنة مع مكانتهم في الثروة والحياة الاجتماعية وأطلق علي هذه الفترة الحقبة الليبرالية التي حكمت مصر بدستور ديمقراطي ومن خلال تداول السلطة فقد تولي الأقباط في الفترة من 4291 وحتي 0591 بعض المناصب الوزارية غير منصب رئاسة الوزراء الذي تبوأه مرتين فقد تبوأ الأقباط وزارة الخارجية سبع مرات ووزارة الأشغال والمواصلات ست مرات والمالية ست مرات والزراعة ثماني مرات والتجارة والصناعة سبع مرات ووزارة التموين والصحة مرتين كما تبوأ الأقباط وزارة الحربية مرة واحدة وبحسب المستشار طارق البشري أن مشاركة الأقباط ارتبطت دوما بالحركة السياسية الديمقراطية وما يعتريها من تصاعد وانخفاض .. ومن هنا نلاحظ أن الانتخابات التي كان يحصل فيها الوفد علي الأغلبية هي التي يصل فيها عدد القبط أكثر مايكون بنسبة تتراوح بين 8٪ و 5.01٪ وإذا قاطع الوفد الانتخابات يقل عدد الأقباط في مجلس النواب بنسبة تتراوح بين 5.2٪ و 5.4٪.
حالة ترقب
شهدت ثورة 2591 حل الأحزاب السياسية الموجودة علي الساحة في ذلك الوقت وخضع الأقباط شأنهم شأن باقي مكونات المجتمع لقرارات المرحلة الجديدة.. والمعروف أن ثورة 25 قامت علي تنظيم الضباط الأحرار السري، ولم يكن بين الضباط الأحرار ممن ينتمون إلي الأقباط.. وظل الأقباط في حالة ترقب منذ بداية الثورة.. فلم ينجح في الانتخابات سوي قبطي واحد هو فايق فريد وعندمنا صدر قرار بحل المجلس وإعلان قيام الوحدة بين مصر وسوريا وقيام حملة علي الشيوعيين اعتقل فريد ليقضي خمس سنوات في معتقل الواحات.. وعندما أجريت انتخابات لأول مجلس للأمة عام 7591 وأخفق الأقباط في الحصول علي أي مقعد في المجلس فتنبه عبدالناصر لهذه المشكلة فاضطر إلي ابتكار أسلوب جديد لم يمارس من قبل حتي يضمن تواجد الأقباط في المجلس النيابي وقرر إداريا تخصيص عشر دوائر للأقباط يقتصر الترشيح فيها علي الأقباط أنفسهم اختيرت هذه الدوائر بدقة.. إلا أن الحكومات المتعاقبة رأت أن هذا الحل غير مريح لكل من الأقباط والمسلمين واستغني عن نظام تخصيص دوائر للأقباط ولجأت هذه الحكومات إلي حل أقل درجة واكتفي بحق رئيس الجمهورية في تعيين عشرة أعضاء في مجلس الأمة »الشعب« يمثلون الأقباط واليسار والمرأة وقد اختير أبوسيف يوسف ممثلا لليسار وفي نفس الوقت قبطي.. كما تم اختيار الدكتورة ليلي تكلا عن المرأة وهي قبطية في ذات الوقت.. فدائما ما كان يتم تعيين أعضاء لهم ازدواجية التمثيل.. ومن بين الأعضاء الأقباط الذين كان يتم اختيارهم باستمرار الدكتور رشدي سعيد أستاذ الجيولوجيا.
الأمراض الطائفية
عقب تولي الرئيس السادات مقاليد الحكم تغير المشهد تماما سواء بالنسبة لمشاركة الأقباط في الحياة السياسية أو العلاقة بين رأس الكنيسة البابا شنودة والسادات والتي تأزمت ووصلت إلي حد القطيعة وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين البطريرك وتحديد إقامته في أحد أديرة وادي النطرون.. وشهدت فترة السادات دخول مصر بالتدريج في حقبة الأمراض الطائفية وضعف المشاركة السياسية للأقباط ووصلت إلي ضعف تمثيلهم في البرلمان وقلة عددهم في المقاعد الإضافية للدولة رغم التحول إلي النظام الحزبي التعددي الذي أوجده السادات.
نظام مبارك وترويع الأقباط
شهدت بداية فترة الرئيس السابق محمد حسني مبارك محاولات لإعادة التوازن علي الخريطة السياسية واستخدام أسلوب التروي فعقب توليه الرئاسة أصدر قرارا بعودة البابا شنودة مرة أخري إلي كرسي البابوية ولقيادة الكنيسة.. لكن الأسلوب الذي يتبعه مبارك لم يدم طويلا وشهدت الساحة بعض حوادث العنف الطائفي ضد الأقباط خاصة في صعيد مصر، كما شهدت فترة الرئيس السابق، تكوين منظمات قبطية في الغرب اعتادت مهاجمة الحكومة المصرية والتدخل في شئون الأقباط داخل مصر ونشر الأكاذيب المغرضة بحجة الدفاع عن الأقباط عرفت هذه المنظمات بأقباط المهجر وقد تبين بعد انهيار نظام مبارك أن بعض الأحداث الطائفية والتعدي علي الكنائس كان لأمن الدولة دور فيها.. وقد استخدم نظام مبارك أسلوب التخويف والتهديد حيث كان يهدد الأقباط ويخوفهم من التيارات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين.. لكننا في نفس الوقت لا ننسي تولي بعض الأقباط مناصب وزارية في الحكومات المختلفة في عهد الرئيس السابق وتمثيل البعض في البرلمان عن طريق التعيين.
وقد أظهرت المشاركة القبطية في ثورة 52 يناير مدي تشوقهم للمشاركة في الحياة السياسية فقد ظهر الصليب بجوار المصحف وحمل مشهد التلاحم الوطني بين أبناء الوطن الواحد في ميدان التحرير دلالات إيجابية وعبرت لافتات مثل أحمد ومينا إيد واحدة ويلا يامسلم يلا يامسيحي كلنا مع بعض في وقفة واحدة، ما شهده ميدان التحرير فتح صفحة جديدة في علاقة الأقباط بالعمل السياسي في مصر خلال المرحلة المقبلة، بعد أن ظلت مشاركتهم السياسية في عهد النظام السابق مقتصرة علي تعيين البعض منهم في البرلمان أو اختيار نفر أو اثنين كوزراء في وزارات غير سيادية، فهل ا لانتخابات البرلمانية المقبلة ستضمن تمثيلا مشرفا للأقباط داخل البرلمان؟ وهل استعدت الأحزاب القديمة والجديدة لترشيح أقباط علي قوائمها في الانتخابات التشريعية القادمة؟
تأمين للشارع
المفكر والكاتب القبطي كمال زاخر يؤكد أنه بعد ثورة 91 كانت هناك مشاركة لكل أطياف الشعب وشهد الشارع المصري حراكا سياسيا للأقباط ثم جاءت ثورة يوليو 25 وحدث تأميم للشارع السياسي واتجه نظام عبدالناصر إلي التنظيم الواحد والحزب الواحد بداية من هيئة التحرير وصولا إلي الاتحاد الاشتراكي وكان الهدف من ذلك عدم إعطاء فرصة للاختلاف والاتفاق وقد عبر عن ذلك توفيق الحكيم حين قال »الكل في واحد«.. ومن هنا فقد تراجع دور الأقباط في الحياة السياسية في هذه الفترة شأنهم شأن باقي القوي السياسية الأخري وعندما حدثت نكسة 76 حدث نشاط للمد الديني والجماعات الاسلامية لابتعاد مصر عن الله وبالتالي رأو أن العودة إلي الله ضرورية وعندما تولي الرئيس السادات مقاليد الأمور استعان بهذه الجماعات الإسلامية ذات الطبيعة الخاصة لمواجهة الناصريين والشيوعيين وكان المستهدف في النهاية الأقباط فقد تصورت الجماعات الاسلامية أن الأقباط يمثلون عقبة ضد تحقيق سعيهم في تطبيق الشريعة وإقامة دولة الخلافة الاسلامية وأقول أن كل ذلك أدي إلي خروج الأقباط من الحياة السياسية وكان البديل اللجوء إلي الكنيسة.
ويضيف زاخر أن ثورة 52 يناير وحدت الكل مسلمين وأقباطا فقد شارك شباب الأقباط في المظاهرات وقدموا الدم واستشهد عدد منهم أثناء المظاهرات فبالرغم من تعليمات الكنيسة للأقباط بعدم المشاركة في المظاهرات إلا أنهم رفضوا هذه التعليمات والأوامر وخرجوا مع إخوانهم المسلمين في إطار الجماعة الوطنية وفي إطار الوطن الواحد، وأقول أن هناك قيادات من الأقباط ينسبون إلي الأحزاب والحركات والقوي السياسية نتذكر من بين هؤلاء جورج اسحق منسق حركة كفاية إضافة إلي وجود أقباط في أحزاب الوفد والكرامة والأحزاب الاخري.. فهؤلاء الأقباط يتعاملون بإعتبارهم فصيلا سياسيا ولم يقدموا الهوية الدينية علي الهوية الوطنية.
ويرفض كمال زاخر فكرة تعيين الأقباط في البرلمان قائلا إن هذا التعيين يعد خللا في الشارع السياسي فالتعيين ضد الديمقراطية .. وأقول إن الأقباط لم ولن يطالبوا بالتعيين في البرلمان خاصة بعد ثورة يناير وفي تصوري أن المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة إيجابية وفعالة من كل الأطراف وليس الأقباط وحدهم وأتوقع تواجدا فعالا للأقباط في البرلمان المقبل إذا تمت الانتخابات في جو من الشفافية وتفعيل قواعد تمنع الشعارات الدينية.
مصريون ليسوا مسيحيين
أما المفكر جمال أسعد الذي رفض توصيفه بالمفكر القبطي وطلب أن نناديه بالمفكر المصري يؤكد بأنه لاتغير للأقباط علي الإطلاق سواء قبل ثورة 52 يناير أو بعدها فمظاهرات ماسبيرو مؤخرا أظهرت أن هناك قطاعا من الاقباط غير خاضع للبابا ولا للكنيسة فهذه المظاهرات لم تكن سياسية بقدر ماهي طائفية فالأقباط عندما يمارسون العمل السياسي فإنهم يمارسونه باعتبارهم مصريين وليسوا مسيحيين يطالبون بمطالب سياسية ومطالبهم جزء من المطالب المصرية وعند ذلك أقول أن هناك مشاركة سياسية حقيقية لهم لكن هذا لم يحدث وحتي هذه اللحظة مازالوا يتحركون كطائفة مشيرا إلي أن بعض عملاء أقباط المهجر أعلنوا ماسمي بالدولة القبطية وهذه مؤامرة خطيرة وحقيرة كما أن الكونجرس الأمريكي أصدر قرارا بأغلبية 202 لإرسال مبعوث أمريكي لحماية الأقليات الدينية في بعض الدول ومنها مصر وهذا قمة التدخل الأمريكي في مصر بحجة الأقباط.
ويضيف أسعد أن نظام الانتخابات بالقائمة لا يضمن نجاح الأقباط إلا في حالة أن تكون هناك أحزاب قوية تضع مرشحي الأقباط في أوائل القوائم حتي يضمنوا نجاحهم فإذا لم يحدث ذلك فلن ينجح منهم أحد في الانتخابات أما فيما يتعلق بمبدأ التعيين في البرلمان أقول إن هذه مادة دستورية جاءت مع ثورة يوليو خلال فترة عهد عبدالناصر وكان هدفها ممتلئا بالثغرات في عضوية البرلمان فالتعيين يمكن أن يأتي بكفاءات علمية وخبرات أو طبقات متخصصة في مجالات مختلفة فالبيان الدستوري مازال ينص علي مبدأ التعيين وأقول أنا مع أن تظل هذه النسبة موجودة خاصة في المرحلة المقبلة فالنظام الانتخابي الطائفي في مصر لم يضمن نجاح فئات كثيرة مثل المرأة والأقباط والأحزاب الضعيفة فنحن نحتاج في المستقبل إلي أن يظل البرلمان المقبل به هذه النسبة.
ويوضح أن هناك مطامع من كل القوي السياسية لاقتناص هذه الثورة للحصول علي الكعكة كاملة فالآن هناك تشرذم وتفكك وتناقض في نفس الوقت فكل فصيل يحاول أن يحصل علي كل شيء فقد ظهر دعاة الدولة الدينية وعلي رأسها الاخوان والجماعة الاسلامية بالإضافة إلي السلفيين فهؤلاء بينهم فوارق سياسية كما أن هناك مايسمي بالقوي الليبرالية وهذه نخبة منعزلة عن الشعب ولاعلاقة لها بالشارع فلا دور لها إلا في الظهور في التليفزيون والصحف وأستطيع أن أطلق علي هؤلاء »الكلمنجية« الذين يتصورون بأنهم أوصياء علي الشعب، لافتا إلي أن الإخوان يمتلكون خريطة اجتماعية ومن خلال علاقتهم بالمواطن استطاعوا تحويل هذه الخريطة إلي خريطة سياسية وهذه العلاقة الاجتماعية تحولت إلي خريطة انتخابية علي مستوي في الجانب الانتخابي للخريطة الانتخابية أما الاحزاب القديمة فهي تفتقد لاي تواجد في الشارع.
مرحلة انتقالية
ويتوقع المفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة »الجناح السياسي للإخوان المسلمين« بدور سياسي للأقباط في المرحلة المقبلة قائلا أن الملاحظ بعد ثورة 52 يناير أن هناك اتجاها للاندماج في الحياة السياسية لكن بخطوات »بسيطة« كما أن المسيحيين في مصر يتقدمون للتفاعل مع الحياة السياسية بخطوات للأمام ثم يحدث توقف كل فترة ومعني ذلك أن الخروج من حالة الانعزال السياسي إلي الاندماج السياسي مسألة تحتاج إلي وقت لافتا إلي أن مجلس الشعب القادم يشهد انتخاب عدد من الأقباط أفضل من الانتخابات السابقة لكن في نفس الوقت أقل مما تطمح فيه الجماعة الوطنية فمن الواضح أن تقدم المسيحيين نحو الاشتراك في الاحزاب مازال يحتاج إلي تفاعل.
ويضيف أن مصر كلها في مرحلة انتقالية الانتقال من الانعزال السياسي إلي الاندماج السياسي أي اندماج كل فئات المجتمع بما فيهم الأقباط.
ويشير إلي أن نظام القائمة يتيح فرصة للمسيحيين والكوادر الجديدة والشباب أفضل من النظام الفردي لافتا إلي أن الأقباط في مصر قبل ثورة 32 يوليو كان لهم نشاط سياسي وكانوا يترشحون في الانتخابات ويحصلون علي أصوات لذلك أقول نحن في حاجة إلي إعادة هذا النشاط مرة أخري.. فنحن نتحدث عن حقبة الحرية والديمقراطية الحقيقية والتي هي من وجهة نظري أفضل من الحقبة التي سبقت ثورة يوليو.
ويؤكد أن مختلف الأحزاب لديها فرصة لتقديم مرشحين جدد من المسيحيين والشباب وأعتقد أن هناك فرصة لظهور وجوه جديدة في الحياة السياسية.
كوميونات
ويقول الدكتور ثروت باسيلي وكيل المجلس الملي العام إن الأقباط جزء من تكوين الشعب المصري ولم يفصلهم عن بقية الشعب المصري عشرات أو مئات أو حتي أكثر من ألف عام، فحياة الأقباط في بلادهم حياة طبيعية فتتغير مع تغير ظروف البلاد ويتمتعون أو يقاسون تبعا للظروف التي تسري علي جميع المصريين بلا استثناء، لذلك نقول إن جميع التغيرات التي ستجري علي المصريين إيجابا أو سلبا فإنها بالضرورة سوف تشمل كل الشعب المصري معا سواء كانوا مسلمين أو أقباطا دون تفرقة بينهم لافتا إلي أن عزوف الأقباط عن الترشح في المشاركات السياسية يرجع إلي نظام الانتخاب نفسه وهو الانتخاب طبقا للمناطق الجغرافية »الدوائر الانتخابية« وليس طبقا لقوائم نسبية وهو النظام الذي يطالب به الجميع الآن، فمن أهم المميزات التي تتمتع بها مصر هو عدم وجود »كوميونات« أي مجتمعات خاصة بالمسيحيين وحدهم أو المسلمين وحدهم وإنما اختلاط المسيحيين والمسلمين معا في مصر موجود في كل مدينة وفي كل قرية وشارع وربما في المنزل الواحد أو الوحدة السكنية الواحدة، لذلك فإن الغالبية العددية دائما للمسلمين ويندر جدا أن تكون هناك ولو دائرة انتخابية واحدة بها أغلبية مسيحية لذلك فالأقباط يعزفون عن المشاركة في الانتخابات لتيقنهم بعدم نجاح أحد منهم وأقول أن وضع نظام للانتخابات بالقائمة النسبية يضمن تمثيلا أفضل بكثير من النظام الفردي أما بالنسبة لمبدأ التعيين في البرلمان فهو يضمن تمثيل الكفاءات والشخصيات المتخصصة داخل البرلمان ومن هنا أقول إن الانتخاب مهم وأيضا التعيين مهم فلا الانتخاب وحده يمكن أن ينتج مجلسا متكاملا ولا التعيين وحده يمكن أن يكون هناك برلمان متكامل.. لذلك الانتخاب مهم لأنه القاعدة الأساسية كما أن هذه القاعدة لن تأتي بالكفاءات فهي تأتي بشخص مشهور في منطقته.
ويضيف د.ثروت باسيلي أننا نتطلع إلي مرحلة يكون فيها البناء أنشط بكثير مما سبق ومراعيا لاحتياجات الغالبية العظمي من الشعب وليس فقط موجها لأي أقلية نوعية فيها.
خارج الكنيسة
لكن الدكتور أكرم لمعي مدير كلية اللاهوت الإنجيلية سابقا والمتحدث الرسمي باسم الكنيسة الانجيلية فيري أن الأقباط في المرحلة المقبلة لابد أن يخرجوا خارج الكنيسة بمطالبهم ويقفوا علي أرضية مصرية وليس علي أرضية دينية يمارسون السياسة من خلال الأحزاب المطروحة كأفراد وكل واحد يستريح لمبادئ حزب ينضم إليه وأطالبهم بأن يترشحوا في انتخابات مجلسي الشعب والشوري عن طريق الأحزاب ويكون لهم دور علي الأرض دور سياسي ودور اقتصادي ودور في المجتمع ودور في التنمية.
ويضيف أن الثورة قامت حتي يرجع المجتمع المصري إلي الديمقراطية والعدالة والمساواة والليبرالية وتعيد للأقباط مشاركتهم في الحياة السياسية مشيرا إلي أن الانتخابات بنظام القائمة ستعطي فرصة أكبر للأقباط أن يترشحوا في الانتخابات المقبلة.. لكنني ضد الكوتة لأن هذا يمثل تمزيقا للبلد، كما أنني ضد الخمسين في المائة عمال وفلاحين.. فيجب أن تلغي نسبة العمال والفلاحين داخل البرلمان.. ويشير الدكتور أكرم لمعي إلي أن مبدأ التعيين أسوأ حاجة لأن النظام السابق كان يعين مسيحيين ضعفاء أستطيع أن أقول »دلادليل أو طراطير« فإذا عين ناسا لهم تواجد ومحبوبين ومعروفين فليس لدي مانع وأتساءل متي قام مسيحي ليتحدث في البرلمان ولو لمرة واحدة.
بينما تستعد الأحزاب والقوي السياسية لخوض انتخابات مجلسي الشعب والشوري تثار حاليا قضية مشاركة الأقباط في هذه الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي.. بدءا من الترشح حتي التصويت مع الأخذ في الاعتبار أن الدستور المصري لايفرق بين مواطن وآخر بسبب الدين أو العقيدة أو اللون أو الجنس.
وللرجوع للوراء قليلا نجد أن مشوار الأقباط في الحياة السياسية طويل.. فنجد الخديو إسماعيل أول حاكم مصري طلب رتبة الباشوية لرجل مسيحي وفي عهده شغل الكثير من المسيحيين مناصب عالية ليست هامشية فمن بين هؤلاء نذكر واصف باشا الذي شغل وظيفة كبير التشريفات إضافة إلي تعيين المسيحيين في الهيئات القضائية وكانت لأول مرة قضاة ومستشارون مسيحيون في محكمة الاستئناف ففي حكم الخديو إسماعيل بدأت حركة الإصلاح التشريعي وكان الأقباط يتمتعون بالمواطنة الكاملة المتساوية مع إخوانهم المسلمين فقد انتخب عضوان من الأعيان المسيحيين عن العمد وذلك من مجموع 57 عضوا كانوا يشكلون مجلس ثوري النواب في الفترة من 6681 - 9681 وفي مجلس عام 1881 انتخب أربعة من المسيحيين من مجموع 08 عضوا وخلال الفترة من 3881 وحتي 0981 عين في مجلس الشوري خمسة من البكوات والباشوات المسيحيين، وعندما أنشئت الجمعية التشريعية حرصت الإدارة الإنجليزية في ذلك الوقت علي تمثيل الأقليات فنص القانون علي تعيين أربعة من المسيحيين.
وتردد أن الإنجليز أرادوا من ذلك تطبيق مخطط لتفكيك المجتمع ووضع نظام جديد للشوري ليحل محل مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية.. والتي تم دمجهما تحت اسم الجمعية التشريعية.
61 من المسيحيين
شهد عام 7091 بداية لتكوين وتأسيس الأحزاب السياسية لأول مرة في مصر وشهد نفس العام تأسيس حزبين الحزب الأول حزب الأمة الذي أسسه حسن باشا عبدالرازق واختير أحمد لطفي السيد سكرتيرا عاما له.
أما الحزب الثاني الذي أنشئ في نفس العام الحزب الوطني الذي أسسه مصطفي كامل.
وقد انضم اثنان من الأقباط من أبرز زعماء الحركة الوطنية إلي الحزب الوطني وهما ويصا واصف ومرقس حنا.
وفي عام 8091 قام المحامي إخنوخ فانوس بالإعلان عن تأسيس حزب سياسي أطلق عليه الحزب المصري وجاء هذا الحزب ليتشكل في مصر لأول مرة الجناح القبطي السياسي المتطرف وهذا الحزب قد تأثر في برنامجه بمنطق الحزب الطائفي وقد دعا إلي تكوين مجلسين أولهما مجلس النواب الذي تم تشكيله بواسطة التمثيل الطائفي أو التمثيل العنصري وأما ثانيهما فهو مجلس يتألف من أعضاء نصفهم من الأجانب والنصف الآخر من المصريين ليكون بمثابة رقيب علي المجلس الأول ليسترضي الوجود البريطاني في مصر وقد لاقي هذا الحزب رفضا من المسيحيين أنفسهم لما كان يحمله من التناقضات وتكريس للطائفية والانقسام والفرقة إضافة إلي ارتباطه بالوجود الأجنبي.
بينما جار حزب الإصلاح علي المبادئ الدستورية الذي تزعمه الشيخ علي يوسف حيث اشرك اثنان من الأقباط في تأسيسه.
الحركة الوطنية
وقد اتسعت مشاركة الأقباط في الحياة السياسية بعد إنشاء حزب الوفد والذي ضم عند بدايته أعضاء أقباطا أمثال واصف بطرس غالي ثاني أبناء بطرس غالي وسينوت حنا عضو الجمعية التشريعية وجورج خياط من أعيان أسيوط إضافة إلي مكرم عبيد واندلعت ثورة 91 وكان علم الثورة مؤلفا من الهلال مع الصليب كرمز للوحدة والتآخي والمعروف أن الحركة الوطنية لثورة 91 ضمت كلامن حمد الباسل وويصا واصف وعلي ماهر وجورج خياط ومرقص حنا وعلوي الجزار ومراد الشريعي وواصف بطرس غالي وكان الخط الواضح لهذه الحركة هو التعبير عن انصهار عنصري الأمة في وحدة متكاملة وقد دعت هذه الحركة الشعب المصري بمقاطعة الإنجليز وعدم التعاون معهم وعلي خلفية هذه الدعوات اعتقلت السلطة العسكرية البريطانية أعضاء هذه الحركة وسجنتهم، فثورة 9191 أخرجت الأقباط بشكل واضح إلي الحياة العامة فكان منهم قيادات سياسية عديدة في حزب الوفد.. فعندما يخوض حزب الوفد الانتخابات كان يرشح في مناطق الكثافة السكانية القبطية مرشحين من المسلمين والمناطق التي تقل فيها نسبة المسيحيين يرشح مرشحين من المسيحيين حتي لايقال إن الأقباط أعطوا أصواتهم للمرشح القبطي أو أن المسلمين حجبوها عنه كان القبطي إذا ترشح عن حزب فيتنافس المسلم قبل القبطي لنصرته باعتباره ممثلا لفكر الحزب وليس علي أساس ديني.. وكانت النتيجة تواجد الأقباط في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ بنفس نسبة تواجدهم في المجتمع علي قدر نشاطهم وحماسهم.. فالانتخابات التي كان يحصل فيها الوفد علي الأغلبية هي التي يصل فيها عدد الأقباط أكثر مايكون بنسبة تتراوح بين 8٪ و5.01٪ وعندما كان يقاطع الوفد الانتخابات يقل عدد الأقباط في مجلس النواب واتسعت مشاركة المسيحيين في الحياة السياسية حتي أسندت رئاسة الوزراء إلي يوسف وهبه باشا وكان وزيرا في وزارة محمد سعيد المستقيلة.
حتي قام شاب قبطي بإلقاء قنبلتين علي سيارته أثناء عبورها ميدان سليمان باشا وهو يهتف يحيا الوطن وقبض علي الشاب.
دستور 32
شهد عام 2291 تشكيل لجنة خاصة لوضع دستور للبلاد وضمت لجنة الدستور 03 عضوا واختير لعضويتها ممثلين للأحزاب السياسية والأقليات واختير الأنبا يؤانس مطران الإسكندرية البابا يؤانس فيما بعد وقليني فهمي وإلياس عوض وتوفيق دوس كممثلين عن الأقباط ، كما اختير صالح لملوم ممثلا عن عرب البدو وصدر دستور 32 للتذكير أن دستور 3291 نص عند صياغته علي عدم وجود نص يخصص للأقباط نسبة أو عددا من المقاعد في البرلمان وقد قاوم الأقباط بشدة اقتراحا في هذا الشأن لإحساسهم العميق بأنهم ليسوا أقلية فتمثيل الأقباط في البرلمانات المصرية ارتبط بالديمقراطية وشيوع التعددية السياسية ووجود مناخ وطني عام يشيع فيه التسامح ويكون الاختيار بين أبنائه في الحياة السياسية قائما علي مواقفهم الوطنية أو انتماءاتهم الطبقية دون الأخذ في الاعتبار بعقائدهم الروحية أو انتماءاتهم الطبقية والأمثلة علي ذلك متعددة نذكر منها أن مكرم عبيد باشا قد فاز علي منافسه ياسين أحمد باشا نقيب الأشراف في ذلك الوقت عندما شكل سعد زغلول الوزارة عام 4291 بعد فوز حزب الوفد في الانتخابات قام بتعيين وزيرين قبطيين إضافة إلي تعيينهم لأول مرة نُظارا للمدارس الأميرية من الأقباط.. وقد انتخب ويصا واصف رئيسا لمجلسي النواب.
فلو نظرنا إلي منحني تمثيل الأقباط في البرلمان منذ عام 4291 وحتي عام 5491 لوجدنا أعلي نسب تمثيل في البرلمان قد ارتبطت بالبرلمانات ذات الأغلبية الوفدية لأن حزب الوفد في هذه الفترة قد أرتبط في أذهان الجماهير بالحركة الوطنية كما اتسعت مساحة مشاركة الأقباط في الحياة السياسية فنلاحظ متوسط نسبة تمثيل الأقباط خلال هذه الفترة تعادل 5.6٪ وهذه النسبة كما يصفها سليمان شفيق في كتابه الأقباط كانت متوازنة مع مكانتهم في الثروة والحياة الاجتماعية وأطلق علي هذه الفترة الحقبة الليبرالية التي حكمت مصر بدستور ديمقراطي ومن خلال تداول السلطة فقد تولي الأقباط في الفترة من 4291 وحتي 0591 بعض المناصب الوزارية غير منصب رئاسة الوزراء الذي تبوأه مرتين فقد تبوأ الأقباط وزارة الخارجية سبع مرات ووزارة الأشغال والمواصلات ست مرات والمالية ست مرات والزراعة ثماني مرات والتجارة والصناعة سبع مرات ووزارة التموين والصحة مرتين كما تبوأ الأقباط وزارة الحربية مرة واحدة وبحسب المستشار طارق البشري أن مشاركة الأقباط ارتبطت دوما بالحركة السياسية الديمقراطية وما يعتريها من تصاعد وانخفاض .. ومن هنا نلاحظ أن الانتخابات التي كان يحصل فيها الوفد علي الأغلبية هي التي يصل فيها عدد القبط أكثر مايكون بنسبة تتراوح بين 8٪ و 5.01٪ وإذا قاطع الوفد الانتخابات يقل عدد الأقباط في مجلس النواب بنسبة تتراوح بين 5.2٪ و 5.4٪.
حالة ترقب
شهدت ثورة 2591 حل الأحزاب السياسية الموجودة علي الساحة في ذلك الوقت وخضع الأقباط شأنهم شأن باقي مكونات المجتمع لقرارات المرحلة الجديدة.. والمعروف أن ثورة 25 قامت علي تنظيم الضباط الأحرار السري، ولم يكن بين الضباط الأحرار ممن ينتمون إلي الأقباط.. وظل الأقباط في حالة ترقب منذ بداية الثورة.. فلم ينجح في الانتخابات سوي قبطي واحد هو فايق فريد وعندمنا صدر قرار بحل المجلس وإعلان قيام الوحدة بين مصر وسوريا وقيام حملة علي الشيوعيين اعتقل فريد ليقضي خمس سنوات في معتقل الواحات.. وعندما أجريت انتخابات لأول مجلس للأمة عام 7591 وأخفق الأقباط في الحصول علي أي مقعد في المجلس فتنبه عبدالناصر لهذه المشكلة فاضطر إلي ابتكار أسلوب جديد لم يمارس من قبل حتي يضمن تواجد الأقباط في المجلس النيابي وقرر إداريا تخصيص عشر دوائر للأقباط يقتصر الترشيح فيها علي الأقباط أنفسهم اختيرت هذه الدوائر بدقة.. إلا أن الحكومات المتعاقبة رأت أن هذا الحل غير مريح لكل من الأقباط والمسلمين واستغني عن نظام تخصيص دوائر للأقباط ولجأت هذه الحكومات إلي حل أقل درجة واكتفي بحق رئيس الجمهورية في تعيين عشرة أعضاء في مجلس الأمة »الشعب« يمثلون الأقباط واليسار والمرأة وقد اختير أبوسيف يوسف ممثلا لليسار وفي نفس الوقت قبطي.. كما تم اختيار الدكتورة ليلي تكلا عن المرأة وهي قبطية في ذات الوقت.. فدائما ما كان يتم تعيين أعضاء لهم ازدواجية التمثيل.. ومن بين الأعضاء الأقباط الذين كان يتم اختيارهم باستمرار الدكتور رشدي سعيد أستاذ الجيولوجيا.
الأمراض الطائفية
عقب تولي الرئيس السادات مقاليد الحكم تغير المشهد تماما سواء بالنسبة لمشاركة الأقباط في الحياة السياسية أو العلاقة بين رأس الكنيسة البابا شنودة والسادات والتي تأزمت ووصلت إلي حد القطيعة وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين البطريرك وتحديد إقامته في أحد أديرة وادي النطرون.. وشهدت فترة السادات دخول مصر بالتدريج في حقبة الأمراض الطائفية وضعف المشاركة السياسية للأقباط ووصلت إلي ضعف تمثيلهم في البرلمان وقلة عددهم في المقاعد الإضافية للدولة رغم التحول إلي النظام الحزبي التعددي الذي أوجده السادات.
نظام مبارك وترويع الأقباط
شهدت بداية فترة الرئيس السابق محمد حسني مبارك محاولات لإعادة التوازن علي الخريطة السياسية واستخدام أسلوب التروي فعقب توليه الرئاسة أصدر قرارا بعودة البابا شنودة مرة أخري إلي كرسي البابوية ولقيادة الكنيسة.. لكن الأسلوب الذي يتبعه مبارك لم يدم طويلا وشهدت الساحة بعض حوادث العنف الطائفي ضد الأقباط خاصة في صعيد مصر، كما شهدت فترة الرئيس السابق، تكوين منظمات قبطية في الغرب اعتادت مهاجمة الحكومة المصرية والتدخل في شئون الأقباط داخل مصر ونشر الأكاذيب المغرضة بحجة الدفاع عن الأقباط عرفت هذه المنظمات بأقباط المهجر وقد تبين بعد انهيار نظام مبارك أن بعض الأحداث الطائفية والتعدي علي الكنائس كان لأمن الدولة دور فيها.. وقد استخدم نظام مبارك أسلوب التخويف والتهديد حيث كان يهدد الأقباط ويخوفهم من التيارات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين.. لكننا في نفس الوقت لا ننسي تولي بعض الأقباط مناصب وزارية في الحكومات المختلفة في عهد الرئيس السابق وتمثيل البعض في البرلمان عن طريق التعيين.
وقد أظهرت المشاركة القبطية في ثورة 52 يناير مدي تشوقهم للمشاركة في الحياة السياسية فقد ظهر الصليب بجوار المصحف وحمل مشهد التلاحم الوطني بين أبناء الوطن الواحد في ميدان التحرير دلالات إيجابية وعبرت لافتات مثل أحمد ومينا إيد واحدة ويلا يامسلم يلا يامسيحي كلنا مع بعض في وقفة واحدة، ما شهده ميدان التحرير فتح صفحة جديدة في علاقة الأقباط بالعمل السياسي في مصر خلال المرحلة المقبلة، بعد أن ظلت مشاركتهم السياسية في عهد النظام السابق مقتصرة علي تعيين البعض منهم في البرلمان أو اختيار نفر أو اثنين كوزراء في وزارات غير سيادية، فهل ا لانتخابات البرلمانية المقبلة ستضمن تمثيلا مشرفا للأقباط داخل البرلمان؟ وهل استعدت الأحزاب القديمة والجديدة لترشيح أقباط علي قوائمها في الانتخابات التشريعية القادمة؟
تأمين للشارع
المفكر والكاتب القبطي كمال زاخر يؤكد أنه بعد ثورة 91 كانت هناك مشاركة لكل أطياف الشعب وشهد الشارع المصري حراكا سياسيا للأقباط ثم جاءت ثورة يوليو 25 وحدث تأميم للشارع السياسي واتجه نظام عبدالناصر إلي التنظيم الواحد والحزب الواحد بداية من هيئة التحرير وصولا إلي الاتحاد الاشتراكي وكان الهدف من ذلك عدم إعطاء فرصة للاختلاف والاتفاق وقد عبر عن ذلك توفيق الحكيم حين قال »الكل في واحد«.. ومن هنا فقد تراجع دور الأقباط في الحياة السياسية في هذه الفترة شأنهم شأن باقي القوي السياسية الأخري وعندما حدثت نكسة 76 حدث نشاط للمد الديني والجماعات الاسلامية لابتعاد مصر عن الله وبالتالي رأو أن العودة إلي الله ضرورية وعندما تولي الرئيس السادات مقاليد الأمور استعان بهذه الجماعات الإسلامية ذات الطبيعة الخاصة لمواجهة الناصريين والشيوعيين وكان المستهدف في النهاية الأقباط فقد تصورت الجماعات الاسلامية أن الأقباط يمثلون عقبة ضد تحقيق سعيهم في تطبيق الشريعة وإقامة دولة الخلافة الاسلامية وأقول أن كل ذلك أدي إلي خروج الأقباط من الحياة السياسية وكان البديل اللجوء إلي الكنيسة.
ويضيف زاخر أن ثورة 52 يناير وحدت الكل مسلمين وأقباطا فقد شارك شباب الأقباط في المظاهرات وقدموا الدم واستشهد عدد منهم أثناء المظاهرات فبالرغم من تعليمات الكنيسة للأقباط بعدم المشاركة في المظاهرات إلا أنهم رفضوا هذه التعليمات والأوامر وخرجوا مع إخوانهم المسلمين في إطار الجماعة الوطنية وفي إطار الوطن الواحد، وأقول أن هناك قيادات من الأقباط ينسبون إلي الأحزاب والحركات والقوي السياسية نتذكر من بين هؤلاء جورج اسحق منسق حركة كفاية إضافة إلي وجود أقباط في أحزاب الوفد والكرامة والأحزاب الاخري.. فهؤلاء الأقباط يتعاملون بإعتبارهم فصيلا سياسيا ولم يقدموا الهوية الدينية علي الهوية الوطنية.
ويرفض كمال زاخر فكرة تعيين الأقباط في البرلمان قائلا إن هذا التعيين يعد خللا في الشارع السياسي فالتعيين ضد الديمقراطية .. وأقول إن الأقباط لم ولن يطالبوا بالتعيين في البرلمان خاصة بعد ثورة يناير وفي تصوري أن المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة إيجابية وفعالة من كل الأطراف وليس الأقباط وحدهم وأتوقع تواجدا فعالا للأقباط في البرلمان المقبل إذا تمت الانتخابات في جو من الشفافية وتفعيل قواعد تمنع الشعارات الدينية.
مصريون ليسوا مسيحيين
أما المفكر جمال أسعد الذي رفض توصيفه بالمفكر القبطي وطلب أن نناديه بالمفكر المصري يؤكد بأنه لاتغير للأقباط علي الإطلاق سواء قبل ثورة 52 يناير أو بعدها فمظاهرات ماسبيرو مؤخرا أظهرت أن هناك قطاعا من الاقباط غير خاضع للبابا ولا للكنيسة فهذه المظاهرات لم تكن سياسية بقدر ماهي طائفية فالأقباط عندما يمارسون العمل السياسي فإنهم يمارسونه باعتبارهم مصريين وليسوا مسيحيين يطالبون بمطالب سياسية ومطالبهم جزء من المطالب المصرية وعند ذلك أقول أن هناك مشاركة سياسية حقيقية لهم لكن هذا لم يحدث وحتي هذه اللحظة مازالوا يتحركون كطائفة مشيرا إلي أن بعض عملاء أقباط المهجر أعلنوا ماسمي بالدولة القبطية وهذه مؤامرة خطيرة وحقيرة كما أن الكونجرس الأمريكي أصدر قرارا بأغلبية 202 لإرسال مبعوث أمريكي لحماية الأقليات الدينية في بعض الدول ومنها مصر وهذا قمة التدخل الأمريكي في مصر بحجة الأقباط.
ويضيف أسعد أن نظام الانتخابات بالقائمة لا يضمن نجاح الأقباط إلا في حالة أن تكون هناك أحزاب قوية تضع مرشحي الأقباط في أوائل القوائم حتي يضمنوا نجاحهم فإذا لم يحدث ذلك فلن ينجح منهم أحد في الانتخابات أما فيما يتعلق بمبدأ التعيين في البرلمان أقول إن هذه مادة دستورية جاءت مع ثورة يوليو خلال فترة عهد عبدالناصر وكان هدفها ممتلئا بالثغرات في عضوية البرلمان فالتعيين يمكن أن يأتي بكفاءات علمية وخبرات أو طبقات متخصصة في مجالات مختلفة فالبيان الدستوري مازال ينص علي مبدأ التعيين وأقول أنا مع أن تظل هذه النسبة موجودة خاصة في المرحلة المقبلة فالنظام الانتخابي الطائفي في مصر لم يضمن نجاح فئات كثيرة مثل المرأة والأقباط والأحزاب الضعيفة فنحن نحتاج في المستقبل إلي أن يظل البرلمان المقبل به هذه النسبة.
ويوضح أن هناك مطامع من كل القوي السياسية لاقتناص هذه الثورة للحصول علي الكعكة كاملة فالآن هناك تشرذم وتفكك وتناقض في نفس الوقت فكل فصيل يحاول أن يحصل علي كل شيء فقد ظهر دعاة الدولة الدينية وعلي رأسها الاخوان والجماعة الاسلامية بالإضافة إلي السلفيين فهؤلاء بينهم فوارق سياسية كما أن هناك مايسمي بالقوي الليبرالية وهذه نخبة منعزلة عن الشعب ولاعلاقة لها بالشارع فلا دور لها إلا في الظهور في التليفزيون والصحف وأستطيع أن أطلق علي هؤلاء »الكلمنجية« الذين يتصورون بأنهم أوصياء علي الشعب، لافتا إلي أن الإخوان يمتلكون خريطة اجتماعية ومن خلال علاقتهم بالمواطن استطاعوا تحويل هذه الخريطة إلي خريطة سياسية وهذه العلاقة الاجتماعية تحولت إلي خريطة انتخابية علي مستوي في الجانب الانتخابي للخريطة الانتخابية أما الاحزاب القديمة فهي تفتقد لاي تواجد في الشارع.
مرحلة انتقالية
ويتوقع المفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة »الجناح السياسي للإخوان المسلمين« بدور سياسي للأقباط في المرحلة المقبلة قائلا أن الملاحظ بعد ثورة 52 يناير أن هناك اتجاها للاندماج في الحياة السياسية لكن بخطوات »بسيطة« كما أن المسيحيين في مصر يتقدمون للتفاعل مع الحياة السياسية بخطوات للأمام ثم يحدث توقف كل فترة ومعني ذلك أن الخروج من حالة الانعزال السياسي إلي الاندماج السياسي مسألة تحتاج إلي وقت لافتا إلي أن مجلس الشعب القادم يشهد انتخاب عدد من الأقباط أفضل من الانتخابات السابقة لكن في نفس الوقت أقل مما تطمح فيه الجماعة الوطنية فمن الواضح أن تقدم المسيحيين نحو الاشتراك في الاحزاب مازال يحتاج إلي تفاعل.
ويضيف أن مصر كلها في مرحلة انتقالية الانتقال من الانعزال السياسي إلي الاندماج السياسي أي اندماج كل فئات المجتمع بما فيهم الأقباط.
ويشير إلي أن نظام القائمة يتيح فرصة للمسيحيين والكوادر الجديدة والشباب أفضل من النظام الفردي لافتا إلي أن الأقباط في مصر قبل ثورة 32 يوليو كان لهم نشاط سياسي وكانوا يترشحون في الانتخابات ويحصلون علي أصوات لذلك أقول نحن في حاجة إلي إعادة هذا النشاط مرة أخري.. فنحن نتحدث عن حقبة الحرية والديمقراطية الحقيقية والتي هي من وجهة نظري أفضل من الحقبة التي سبقت ثورة يوليو.
ويؤكد أن مختلف الأحزاب لديها فرصة لتقديم مرشحين جدد من المسيحيين والشباب وأعتقد أن هناك فرصة لظهور وجوه جديدة في الحياة السياسية.
كوميونات
ويقول الدكتور ثروت باسيلي وكيل المجلس الملي العام إن الأقباط جزء من تكوين الشعب المصري ولم يفصلهم عن بقية الشعب المصري عشرات أو مئات أو حتي أكثر من ألف عام، فحياة الأقباط في بلادهم حياة طبيعية فتتغير مع تغير ظروف البلاد ويتمتعون أو يقاسون تبعا للظروف التي تسري علي جميع المصريين بلا استثناء، لذلك نقول إن جميع التغيرات التي ستجري علي المصريين إيجابا أو سلبا فإنها بالضرورة سوف تشمل كل الشعب المصري معا سواء كانوا مسلمين أو أقباطا دون تفرقة بينهم لافتا إلي أن عزوف الأقباط عن الترشح في المشاركات السياسية يرجع إلي نظام الانتخاب نفسه وهو الانتخاب طبقا للمناطق الجغرافية »الدوائر الانتخابية« وليس طبقا لقوائم نسبية وهو النظام الذي يطالب به الجميع الآن، فمن أهم المميزات التي تتمتع بها مصر هو عدم وجود »كوميونات« أي مجتمعات خاصة بالمسيحيين وحدهم أو المسلمين وحدهم وإنما اختلاط المسيحيين والمسلمين معا في مصر موجود في كل مدينة وفي كل قرية وشارع وربما في المنزل الواحد أو الوحدة السكنية الواحدة، لذلك فإن الغالبية العددية دائما للمسلمين ويندر جدا أن تكون هناك ولو دائرة انتخابية واحدة بها أغلبية مسيحية لذلك فالأقباط يعزفون عن المشاركة في الانتخابات لتيقنهم بعدم نجاح أحد منهم وأقول أن وضع نظام للانتخابات بالقائمة النسبية يضمن تمثيلا أفضل بكثير من النظام الفردي أما بالنسبة لمبدأ التعيين في البرلمان فهو يضمن تمثيل الكفاءات والشخصيات المتخصصة داخل البرلمان ومن هنا أقول إن الانتخاب مهم وأيضا التعيين مهم فلا الانتخاب وحده يمكن أن ينتج مجلسا متكاملا ولا التعيين وحده يمكن أن يكون هناك برلمان متكامل.. لذلك الانتخاب مهم لأنه القاعدة الأساسية كما أن هذه القاعدة لن تأتي بالكفاءات فهي تأتي بشخص مشهور في منطقته.
ويضيف د.ثروت باسيلي أننا نتطلع إلي مرحلة يكون فيها البناء أنشط بكثير مما سبق ومراعيا لاحتياجات الغالبية العظمي من الشعب وليس فقط موجها لأي أقلية نوعية فيها.
خارج الكنيسة
لكن الدكتور أكرم لمعي مدير كلية اللاهوت الإنجيلية سابقا والمتحدث الرسمي باسم الكنيسة الانجيلية فيري أن الأقباط في المرحلة المقبلة لابد أن يخرجوا خارج الكنيسة بمطالبهم ويقفوا علي أرضية مصرية وليس علي أرضية دينية يمارسون السياسة من خلال الأحزاب المطروحة كأفراد وكل واحد يستريح لمبادئ حزب ينضم إليه وأطالبهم بأن يترشحوا في انتخابات مجلسي الشعب والشوري عن طريق الأحزاب ويكون لهم دور علي الأرض دور سياسي ودور اقتصادي ودور في المجتمع ودور في التنمية.
ويضيف أن الثورة قامت حتي يرجع المجتمع المصري إلي الديمقراطية والعدالة والمساواة والليبرالية وتعيد للأقباط مشاركتهم في الحياة السياسية مشيرا إلي أن الانتخابات بنظام القائمة ستعطي فرصة أكبر للأقباط أن يترشحوا في الانتخابات المقبلة.. لكنني ضد الكوتة لأن هذا يمثل تمزيقا للبلد، كما أنني ضد الخمسين في المائة عمال وفلاحين.. فيجب أن تلغي نسبة العمال والفلاحين داخل البرلمان.. ويشير الدكتور أكرم لمعي إلي أن مبدأ التعيين أسوأ حاجة لأن النظام السابق كان يعين مسيحيين ضعفاء أستطيع أن أقول »دلادليل أو طراطير« فإذا عين ناسا لهم تواجد ومحبوبين ومعروفين فليس لدي مانع وأتساءل متي قام مسيحي ليتحدث في البرلمان ولو لمرة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.