"قومي حقوق الإنسان": غرفة عمليات إعلامية لمتابعة انتخابات الشيوخ 2025    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    جنوب سيناء تستعد لانتخابات الشيوخ ب15 مقرًا و18 لجنة فرعية    انخفاض الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    أوكرانيا تستهدف بنية تحتية روسية في موجة جديدة من الهجمات بالطائرات المسيرة    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    جوردون يتعاطف مع إيزاك: الناس تنسى أنك إنسان في هذا السيناريو    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مبابي: حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    هايد بارك ترعى بطولة العالم للاسكواش للناشئين 2025 تحت 19 عامًا    "قول للزمان أرجع يا زمان".. الصفاقسي يمهد لصفقة علي معلول ب "13 ثانية"    قرار عاجل من النيابة بشأن البلوجر "أم سجدة"    مشاجرة دامية بين عاملَي كافتيريتين في سوهاج والمحافظة تُغلق المحلين    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    عمرو دياب يوجه كلمة ل عمرو مصطفى ويشكره خلال حفل العلمين (تفاصيل)    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    رئيس جامعة بنها يعتمد حركة تكليفات جديدة لمديري المراكز والوحدات    "100 يوم صحة" تُقدم أكثر من 26 مليون خدمة مجانية خلال 17 يومًا    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ب الشرقية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عمرو عبدالسميع يحاور منير فخرى عبدالنور.. وزير السياحة: الصدام إذا وقع بين أطراف الجماعة الوطنية «المجلس العسكرى - البرلمان المنتخب - الرأى العام - ائتلافات الشباب» سيكون خطيرًا وآثاره فظيعة
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 12 - 2011

لم ينتظر وزير السياحة منير فخرى عبدالنور إلى حين ميسرة حتى يبذل مجهودًا ضخمًا فى سبيل إحياء صناعة السياحة من جديد بعد الدمار الذى لحقها جراء أحداث الثورة وما تلاها.. ولكنه راح يسبح ضد التيار محاولاً، ومدركًا أن نجاح مهمته يرتبط باستقرار البلاد وأمنها، وإطلاقها حزمة من السياسات تنهض معًا بالوطن، وتصون كيان الدولة.
وفى هذا الإطار رصدنا تحركه الدؤوب، وحاورناه حول احتمالات صدام المجلس العسكرى والإخوان، والتضاغطات حول المجلس الاستشارى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وأسرار مفاوضاته مع التحالف الديمقراطى، ومطالبات الانتقال إلى النظام البرلمانى، وحالة الوفد التى أفصحت عنها الانتخابات وما ينتظر ذلك الحزب العتيد بعد الفروغ من الحالة الانتخابية الراهنة، وسبل التعامل من موازنة القوات المسحلة مع الحفاظ على محددات الأمن القومى، وتقويمه للكتلة المصرية واستحواذها على أصوات الأقباط.
وفيما يلى نص الحوار...
◄ البلد يعيش حالة من التضاغط والصراع حول كل شىء.. بدءًا من المجلس الاستشارى واختصاصاته، إلى صلاحيات البرلمان فى شأن تشكيل الحكومة.. إلى شكل النظام على الجملة.. وآخرتها يا أستاذ منير؟
- آخرتها.. ليس أمامنا سوى احتمالين: إما هناك صدام سيحدث.. أو..
◄ ماذا تعنى بصدام سيحدث؟ وما أطرافه؟
- الأطراف التى ذكرتها «المجلس العسكرى.. البرلمان المنتخب.. الرأى العام.. وشباب الثورة الذين مازالوا يلعبون دورًا مهمّا على الساحة السياسية.
كما أن احتمال الصدام وارد فإن احتمال التوافق وارد، وهو مطروح تجنبًا لما قد يترتب على الصدام من تبعات تضر كل القوى السياسية، وأنا مستعد لأن أراهن على تعقل كل هذه الأطراف جميعها أمام الخطر الداهم الذى يهدد المجتمع جراء كل ما يجرى.
◄ أنا - فى الحقيقة - لم أر التوافق متاحًا حتى قبل الجولة الأخيرة من التضاغط «المتعلقة باختصاصات البرلمان».. يعنى - حتى فيما يتعلق بوثيقة السلمى مثلاً وما ثار حولها «وحضرتك كنت طرفًا مباشرًا فى الموضوع» - لم ألحظ إلا رغبة فى الاستقطاب إلى آخر مدى؟
- لا يمكن قبول تلك الفكرة على إطلاقها، وعلى سبيل المثال فإن مداخلة اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية فى التليفزيون مساء الجمعة 9 ديسمبر كانت خطوة نحو التوافق، وأعتقد أن كلام د. سعد الكتاتنى أمين عام حزب الحرية والعدالة المنشور صباح السبت 10 ديسمبر هو كذلك خطوة نحو التوافق.
وأنا أراهن على حكمة وتعقل أطراف الجماعة الوطنية فى مواجهة مخاطر الصدام الذى سيكون خطيرًا، وآثاره فظيعة على الجميع، على شباب الثورة، أو على كل من تحمس لقيام تلك الثورة وكان يأمل أن تتحقق أهدافها، وفظيع على قوى الإسلام السياسى لأنهم سيخسرون كثيرًا مما كسبوه على أرض الواقع، وفظيع على المجلس العسكرى لأن أى صدام سيضعه خارج الالتزامات التى قطعها على نفسه من بداية تحمله المسؤولية، وسيكون فظيعًا على المناخ الاقتصادى وحركة الإنتاج وثقة المستثمرين «سواء كانوا مصريين أو أجانب».
◄ كلمتنى عن الصدام والتوافق، فما سيناريوهات الصدام؟وما سيناريوهات التوافق؟
- الصدام يمكن أن يقع يوم 15 مارس عقب انتهاء انتخاب البرلمان الشورى، وتطالب أغلبية مجلس الشعب بتشكيل الحكومة أو المشاركة - على الأقل - فى الحكومة، كما يمكن أن يحدث عند اختيار - وأنا أستخدم كلمة اختيار حتى أكون محددًا - أعضاء الجمعية التأسيسية، فالانتخاب يكون من بين أعضاء المجلس، والاختيار يكون من بين أعضاء المجلس أو من خارجه، والمناسبة الثالثة لوقوع الصدام هى الدستور ذاته، وما سيرد من اقتراحات حول وثيقة الدستور، مع العلم بأن الجمعية التأسيسية - وفقًا لأحكام الإعلان الدستورى - ستطرح وثيقة الدستور على الناس فى استفتاء عام مباشرة ولن يصادق عليها مجلس الشعب.
هذه ثلاث مناسبات للصدام عند مطالبة الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة، أو عند تشكيل الجمعية التأسيسية، أو عند مناقشة مواد الدستور.
وأرجو أن ينتبه الجميع إلى أن المجلس العسكرى - وفقًا للإعلان الدستورى - يلعب دور رئيس الدولة أو رئيس الجمهورية، ومن حقه - فى إطار الشرعية الدستورية - أن يعترض على نص من النصوص الواردة فى وثيقة الدستور.
تكلمنا - يا دكتور - عن احتمالات الصدام.. فما الذى يدفعنا إلى تجاهل احتمالات التوافق، فهى واردة جدّا فى المناسبات الثلاث، فالأغلبية البرلمانية يمكن أن تتفهم - تمامًا - أننا حتى صدور الدستور الجديد فى ظل نظام رئاسى، ورئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه من حقه أن يختار من يعاونه فى النهوض بمهامه التنفيذية لأن رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية.
قطعًا سوف تحدث خلافات بين أعضاء البرلمان وستطرح مسألة الحكومة، ولكن يجب أن نسأل أنفسنا إلى أى حد ستعجل الأغلبية البرلمانية بالصدام بينها وبين الأطراف السياسية الأخرى، علمًا بأن أى صدام سيفقدها - كثيرًا - مما اكتسبته على الساحة السياسية خلال الأشهر الماضية.
◄ يبدو أن عقدة المشهد السياسى الراهن لها وجهان، أولهما يتعلق بوضع الجيش، وثانى الوجهين فى عقدة المشهد السياسى الحالى تتعلق بجمعية إعداد الدستور وطريقة اختياره لأننا - حتى - لو ذهبنا إلى فكرة أن مجلس الشعب سيختارها من خارجه، فهنا لا يفترض أن تكون «متعددة» بما فيه الكفاية، أو متعددة الاتجاهات بما يمثل المجتمع المصرى كله؟
- سألتنى سؤالين مختلفين الآن:
الأول وهو المتعلق بالجيش فيه خلط أوراق، لأننا يجب أن نفرق بين المجلس العسكرى الذى يقوم مقام رئيس الجمهورية، ومؤسسة القوات المسلحة.. هذا التداخل الذى نراه هو ممن يقوم مقام رئيس الجمهورية، هو تداخل المجلس العسكرى بوصفه على رأس السلطة التنفيذية وعلى رأس الدولة.
رئيس الدولة له سلطات وفقًا للإعلان الدستورى، وهذه السلطات ليست لأنه يمثل القوات المسلحة، ولكن لأنه يقوم مقام «الرئيس».إذن فمن حق رئيس الدولة أن يبدى رأيه.. يتحاور.. يتناقش.. يتبادل الآراء حول كل ما نمر به، بما فيه تشكيل الجمعية التأسيسية، وبما فيه نص وثيقة الدستور.
أما فيما يتعلق بالجزء الثانى من سؤالك للأسف فإن الرأى العام لم يتناول وثيقة السلمى على نحو موضوعى عاقل بالقدر الكافى، وبخاصة أننا - على فكرة ولكى نضع النقاط فوق الحروف ويعرف الجميع - كنا وصلنا إلى توافق بالفعل، وهو ما كان يوفر علينا الكثير من فرص الصدام.
حين عرضت وثيقة السلمى فى آخر اجتماع بدار الأوبرا كان الخلاف الأساسى حول المادتين «9» و«10» الخاصتين بالقوات المسلحة وموازنتها، ومراقبة البرلمان لهذه الميزانية وأقول للمطالبين بمناقشة موازنة الجيش على الملأ دعونى نحافظ على الأمن المصرى المهدد فى كل الاتجاهات.
وفى النقطتين - بالتحديد - توصلنا إلى صياغة توافقية اتفقت عليها الأطراف الثلاثة «السلمى + الأحزاب المعارضة + القوات المسلحة، وكان الخلاف الذى حدث أو القشة التى قصمت ظهر البعير، وأوقفت استمرار هذه المفاوضات، وإصدار هذه الوثيقة متمثلة ثلاث نقاط:
كلمة «مدنية» التى كانت واردة فى الوثيقة مرتين إحداهما فى الديباجة، وثانيتهما فى المادة الأولى التى تصف الدولة «مصر دولة مدنية ديمقراطية»، والحقيقة لم يكن ممكنًا للدكتور على السلمى أو من يتفاوض ضمن فريقه أن يتنازل عن كلمة مدنية، وكان الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ذكر - فى رمضان الماضى - أن مدنية الدولة خط أحمر.
نقطة الخلاف الثانية هى أن القوى السياسية التى تشاركت الحوار معنا، أصرت على تضمين الديباجة أن هذه الوثيقة «استرشادية»، فيما كانت الصيغة التى توصلنا إليها أنها تمثل «التزامًا أدبيّا» بالنسبة للموقعين عليها.. وهو فارق بسيط جدّا وإن كان الالتزام الأدبى أقوى بدرجتين من كلمة «استرشادية».
أما الخلاف الثالث فكان حول المادة «23» من هذه الوثيقة التى تذكر أن الحقوق والقيم الواردة فى هذه الوثيقة «الحريات وحرية التعبير وغيرها» لصيقة بالمواطن، بصفته مواطنًا، ولا يحق لأى قوة أو سلطة أو جماعة أن تعطل هذه الحقوق ولو مؤقتًا.
وهذه المادة - بالذات - هى روح الوثيقة ومع ذلك فقد اعترضوا عليها، فإذا لم تتضمنها الوثيقة فلا معنى لصدورها من الأصل والأساس.
◄ ما الذى جعل الأحزاب السياسية الداخلة فى حوار حول الوثيقة تتراجع عن التوافق الذى قلت إنكم وصلتم إليه بالفعل؟!
- فى آخر حديث لى حول الموضوع، بعد الاجتماع الآخر الذى جرى بيننا والقوى السياسية، وكان المفروض أن يردوا علينا فى اليوم التالى، اتصل بى الدكتور وحيد عبدالمجيد - الذى كان يقود المفاوضات باسم التحالف الديمقراطى - قائلاً إن هناك مجموعة من النقاط صاغتها أحزاب التحالف تمثل ملاحظات حول الوثيقة، وأنه أرسلها لنا بالفاكس، وفوجئت فى ذلك الفاكس بالاعتراضات الثلاثة التى ذكرتها حالاً، وكان إلى جوارى الدكتور على السلمى فى مجلس الوزراء، فيما أحمل سماعة الهاتف وأتحدث بصوت يسمعه من حولى وقلت إن النقاط تفرغ الوثيقة من مضمونها ولا يمكن الموافقة عليها، وأجابنى وحيد: «إذن أعطنى فرصة لأراجعهم فيها وأعود إليك قبل الثانية عشرة والنصف ظهرًا، ولم يتصل وحيد حتى الثانية بعد الظهر، حتى جاءتنا الوزيرة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى - بعد أن قرأت على «الآى باد» قائلة: إن الإخوان قرروا النزول إلى التحرير يوم الجمعة فى مليونية، وقلت: «إذن فلم يعد هناك تفاوض»، وبدلاً من ترك الموضوع مبهمًا غامضًا اقترحت أن نتصل بالأخ وحيد، وحين فتحت القصة معه، راح يراوغ، وسألته - على نحو مباشر - «كيف ستخرجون إلى مليونية ونحن مازلنا فى المفاوضات»، فقال: «لسنا نحن.. وإنما الإخوان المسلمون»، وقلت: «إذن من أنتم؟» قال: «الحرية والعدالة». فقلت له: «ارحمونا من هذه الشيزوفرينيا السياسية»!!
◄الحرية والعدالة يطالب - الآن - بنظام برلمانى، وبتشكيل الحكومة من الأغلبية، ألا تضيف مسألة «طبيعة النظام السياسى وشكله» إلى نقاط الصراع الحالى؟
- الحرية والعدالة قال ذلك، وقال عكسه!
الحقيقة ما يصلنا من الحرية والعدالة - عبر وسائل الإعلام - هو مواقف وعكسها، وآراء وضدها، وما يشير إلى احتمال حدوث صدام، وما يلمح إلى إمكان التوافق.
المعادلة
مثل هذا الطرح بنظام برلمانى ينبغى أن نعرف محله من الإعراب فى المعادلة السياسية الآن، مادام الحزب الذى حاز الأغلبية البرلمانية - على الأقل حتى الآن - يقول إنه يريد مصر نظامًا برلمانيّا، فيما المجلس العسكرى يريد نظامًا برلمانيّا - رئاسيّا.
- هذا سيكون محل حوار داخل الجمعية التأسيسية، فنحن اليوم فى نظام رئاسى بالقطع.
أما - فى المستقبل - فإن ماهية النظام «رئاسيّا أو برلمانيّا أو مختلطًا» فسوف تكون مجالاً لحوار فى الجمعية السياسية، مع العلم بأن الجيل الجديد من الدساتير التى ظهرت فى العقد الماضى فى كل الدول التى انتقلت من النظام الأوتوقراطى إلى النظام الديمقراطى، فى أوروبا الشرقية أو أمريكا اللاتينية أخذت بالنظام المختلط، ولم يعد هناك فى الفقه الدستورى شىء يسمى رئاسيّا صرفًا، أوبرلمانيّا صرفًا، وإنما أصبحت كل الأنظمة البازعة مختلطة لأن تلك هى الصيغة المثلى لإيجاد التوازن بين السلطات.
◄ لكى نصل إلى صيغة من هذا النوع تمثل شكل النظام السياسى المستقبلى لابد أن نكون واثقين فى أن لجنة إعداد الدستور سوف تتشكل من اتجاهات مختلفة، فما الذى يضمن - إذن - أن تكون لجنة إعداد الدستور من اتجاهات مختلفة؟!
- تصريحات الإخوان المسلمين تؤكد حسن النية فى هذا المجال، وفى هذا الاتجاه.
دعنا نثق فى حسن نواياهم.
أغلب قيادات الإخوان المسلمين من نوعية الكتاتنى، وبالتالى مقدرون أنهم لا يستطيعون الحكم وحدهم، وليس بمقدورهم أن يضعوا الدستور وحدهم، وأن ذلك الدستور ينبغى أن يكون وثيقة ناتجة عن توافق عام من كل الاتجهات السياسية المصرية.
لقد قالوا ذلك ورددوه، وأعتقد أنهم من الحنكة والخبرة التى تمكنهم من إدراك أن تلك الوثيقة ربما تكون نقطة صدام مع المجتمع المصرى ككل، وليس مع المجلس العسكرى فحسب.
وفديات
ما أفصحت عنه نتائج الانتخابات البرلمانية حتى الآن، وصفه بعض المراقبين أو الإعلاميين أو المتابعين بأنه انهيار لوضع حزب الوفد إلى حد كبير.. وأنت تعرف مدى محبتى للدكتور السيد البدوى ولكن ذلك لا يمنعنى عن ذكر مدى مسؤوليته فيما جرى، كما يدفعنى للتساؤل عن مستقبل الحزب سياسيّا ونوع الجدل الذى سيثور فيه بمجرد انتهاء الانتخابات.
- الأحزاب - كما يراها السياسيون - لابد أن تتخذ مواقف.
من غير الممكن أن يحبك الناس أجمعون ويؤيدوك، ينبغى أن تتبنى مواقف ويكون لك أنصار ومنافسون أو خصوم.
الوفد حزب ديمقراطى، ورئيس الوفد - كما شهدته منذ 1984 - هو الذى يقود الحزب، وصحيح أنه يستمع إلى الآراء، ويصل إلى صيغ توافقية، ولكن - فى النهاية - هو الذى يقود ويرسم السياسات.
رأيت هذا مع فؤاد باشا سراج الدين، وخبرته مع د. نعمان جمعة، وشاركت فيه مع محمود أباظة، وأتابعه مع الدكتور السيد البدوى.
الدكتور السيد قرر أن يتحالف مع الإخوان - على الأقل انتخابيّا - وأنا شخصيّا - أقول وأكرر - لم يكن عندى أى مانع لأنى رأيت إن كان هذا التحالف يتم على أرضية وفدية.
ولقد اتصل بى الدكتور البدوى وسألنى عن رأيى، فقلت له ذلك الكلام.
ولكن بسبب أو لآخر أجهله فإن الدكتور السيد البدوى قرر أن يفض ذلك التحالف، وأيضًا لم يكن عندى مانع، إنما الخروج من هذا الائتلاف أو التحالف كان يملى على الدكتور السيد البدوى أن يغير من استراتيجيته الانتخابية، وأن يجمع تحت عباءته «لكى نستخدم لفظًا يتماشى مع الثقافة السائدة اليوم» كل القوى والأحزاب الليبرالية على الساحة.
وللأسف لم يفعل، وبالتالى لم يحز رضا الإخوان، وترك للإخوان فرصة التحالف مع قوى الإسلام السياسى الأكثر تطرفًا مثل السلفيين «هذا لم يحدث حتى الآن ولكنه ترك فرصة سانحة له» ولم يتحصل - فوق ذلك - على تأييد القوى الليبرالية، وترك حركة ناشئة اسمها «الكتلة المصرية» تلعب دورًا بعدما خلف لها الساحة فارغة.
ولكن التفاف الناس حول الكتلة والنتائج الممتازة التى حققتها حتى الآن هو مسألة تلفت النظر.
- ما قلته عن الكتلة لا ينفى إعجابى الشديد بها، وتأييدى للكثير من توجهاتها تمامًا لا ينفى ضرورة معرفتنا بحدود الظاهرة السياسية التى تمثلها.
◄ فى أى مجتمع ديمقراطى الحزب الذى يخسر الانتخابات - عادة - تستقيل قياداته؟
- مازال أمامنا مرحلة ثالثة، وحزب الوفد يحاول تعديل مساره، والدكتور السيد البدوى لجأ إلى الاستعانة بقيادات جيل الوسط التى كان استبعدها مثل محمد مصطفى شردى وعصام شيحة ومحمود على، إذ طلب منهم أن يرجعوا للبيت ويدافعوا عنه فى هذا الظرف الصعب.. ودعنا ننتظر ونرى ماذا سيحدث.
هل يستلزم الأمر بعد الانتخابات أن يقدم حزب الوفد إعلان نوايا سياسية ليس لأعضائه فقط ولكن للمجتمع السياسى كله الذى يرتبط به بوشائج عاطفية ووطنية كبرى - يحدد فيه بدقة التزاماته إزاء ذلك المجتمع السياسى، لكى لا يدخل مرة أخرى فى تحالفات مع الإخوان أو غير الإخوان من دون أن يتسنى لنا معرفة الأسباب.
الوفد كان أمامه فرصة ذهبية لا تتكرر فى العمر مرة أو مرتين ليلعب الدور المنوط به كرائد وقائد لفكرة الوحدة الوطنية، ولم تكن أحوج إلى تلك الفكرة الجامعة لأطراف الجماعة الوطنية المصرية أكثر مما نحن اليوم.. والكتلة لا تستطيع القيام بذلك الدور.
ولكن أصوات الأقباط ذهبت إلى الكتلة.
- وهنا مكمن الضعف، أنا لا أريد أصوات الأقباط، ولكننى أريد تأييد الجماعة الوطنية المصرية بكل مكوناتها.
هذا هو مكمن ضعف الكتلة، وقد جررتنى لأن أقولها، ولم أكن أرغب فى ذلك، إذ لا أريد الطعن فى أى طرف ونحن وسط الانتخابات.
الوفد كحزب جامع لكل أطراف الجماعة الوطنية المصرية لديه دور لابد أن يلعبه، ولا يوجد ما يملأ الفراغ الحادث الآن سوى الصيغة الوفدية كما هى، سواء تحت مسمى «الوفد» أو تحت مسمى آخر، فهذه مسألة نرجئها للمستقبل، إنما هذه الصيغة الوطنية، فى حاجة إلى ممثل على الساحة الوطنية المصرية.
أموال
◄ ما خريطة تأثير المال السياسى والأجنبى - بالذات - على العملية السياسية والانتخابية فى البلد؟
- المال لعب دورًا كبيرًا فى الانتخابات، وقبل أيام - كنت مع ابنة أحد كبار ممولى الكتلة، وهى نفسها إحدى ناشئاته، وحكت لى أن فراشًا فى الحزب قبطيّا، واسمه غالى، أعطى صوته لحزب الحرية والعدالة، وسألته عن السبب مندهشة، فأجابها: «لقد أعطونى أنبوبة بوتاجاز وكيلو لحمة، وهم أناس لطاف جدّا لا يفرقون بين المسلم والقبطى».. هكذا بمنتهى البراءة والسذاجة.
◄ ولكننى رصدت أسبابًا أخرى دفعت بعض الأقباط إلى إعطاء أصواتهم للحرية والعدالة على أساس خوفهم من السلفيين؟
- هذا عندما يكون الخيار بين سلفى والحرية والعدالة، وفى هذه الحالة سيعطى القبطى صوته للحرية والعدالة بدون أى شك.. اللهم إلا إذا تأثروا بهبات ما!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.