ست عشرة ساعة من الصيام في أكثر شهور الصيف ارتفاعاً في درجة الحرارة وهي أصعب وأطول مدة صيام منذ أكثر من ثلاثين عاماً هل تتساوي قدرة الصيام ورخصة الإفطار هذ العام بصيام شهر رمضان ورخصة إفطاره عندما كان يأتي في فصل الشتاء ومدة الصيام أقل من اثنتي عشرة ساعة. يقول الدكتور يحيي الفقي، أستاذ محاضر أمراض الباطنة بالكلية الملكية البريطانية: ربما تساوي فرص الصيام بالنسبة للأصحاء والبالغين والبالغات من المسلمين ولكن الأمر يختلف بكل تأكيد بالنسبة للمرضي وكبار السن وقبل مرحلة البلوغ من الأطفال ومن هم علي سفر أو لديهم عذر صحي مؤقت أو مستديم.. ودراسات طب المسنين أظهرت حقائق طبية كثيرة، خاصة في التغيرات الفسيولوجية التي تحدث مع التقدم في السن مثل نقص الغدد العرقية بالجلد ونقص نسبة المخزون من الدهون في الجسم بل نقص البروتين المكون للعضلات ونقص في هرمون الكورتيزون ومعدل إفراز الكلي للبول وبطء حركة الهضم وكفاءته أيضاً بجانب زيادة لزوجة الدم نتيجة زيادة الصفائح الدموية المطرد مع التقدم في العمر وضيق الشرايين المغذية للمخ والقلب والكلي والأطراف نتيجة تصلب الشرايين الذي يشمل الغالبية العظمي من المسنين وكبار السن وكلها تغيرات طبيعية تمثل التطور الطبيعي لأي إنسان يصل مرحلة الشيخوخة. ويضيف الدكتور يحيي الفقي: الشيء الذي يبعث علي الانبهار والفخر هو تمسك كبار السن بالصيام والعزم علي إتمامه للشهر كاملاً عند الفئة العظمي من المسلمين في كبار السن وهو ما تشهده يومياً في العيادات والمستشفيات رغم محاولة الأطباء إقناعهم لخطورة استمرار الصيام علي حالتهم الصحية، خاصة المرضي من كبار السن والحقيقة العلمية الثابتة أن سن الشيخوخة يتراوح ما بين خمس وستون عاماً إلي ما بعد السبعين عاماً وإن كانت هذه الأرقام غير ثابتة حيث إن العمر البيولوجي للإنسان هو الأكثر دقة في تحديد مدي اقتراب الإنسان سن الشيخوخة من عدمه والعمر البيولوجي يتم تقييمه من خلال معدلات طبية حسابية لها أكثر من موديل تطبق علي مستوي العالم الغربي لتقييم العمر البيولوجي أو العمر الصحي لأي إنسان وتحديد القدرة علي الصيام للأصحاء من كبار السن تتوقف علي الشخص نفسه من إحساسه بالقدرة علي إكمال الصيام من عدمه وتتوقف علي عوامل أخري كثيرة منها المجهود الذي يبذله كبار السن في أوقات الصيام، خاصة أوقات الظهيرة وارتفاع صيام النصف الأول من الشهر هو الذي يدعمه فرصة إكمال صيام الشهر كاملاً، وعند الشك أو ملاحظة إعياء زائد أو أي عرض مرضي غير عادي يوصي كبار السن دائماً بالتوجه للأطباء لاستشارتهم في أمان استمرار الصيام أم استخدام رخصة الإفطار «لمن لا يستطيع» وتقدير الطبيب هنا يكون هو الفيصل في استمرار الصيام من عدمه. أما بالنسبة لكبار السن المرضي ومن لديهم أعراض الشيخوخة الظاهرة بوضوح ومن يتناولون أدوية لأمراض مزمنة، خاصة القلب والكلي والسكر فإن رخصة الإفطار لا تستدعي حتي اللجوء لرأي طبيب وأن الإفطار واجب في أغلب الأحيان، خاصة هذا العام وربما يكون استبدال هذه الأيام «بعدة من أيام أخر» في أشهر الشتاء هو البديل الذي فرضه الله لمن قد يتسبب صيامه في ضرر صحي شديد حيث إن الأصل في العبادة ألا يقع منها أي ضرر علي صحة الإنسان وأن مبدأ الدين يسر هو الأوقع في هذه الظروف. ويقدم الدكتور يحيي الفقي بعض النصائح لكبار السن الحريصين علي إكمال شهر رمضان وهي تناول السوائل بكثرة «3 لترات يومياً» في صورة ماء وعصائر ربما يكون أكثر أهمية بكثير من تناول الطعام نفسه، وعدم الإجهاد والخروج مبكراً والعمل في الأيام ذات الموجات الحارة الشديدة وعدم التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة ويفضل الحركة والنشاط بعد الإفطار بقدر الإمكان، والحصول علي فترات كافية وقسط وافر من النوم يومياً لا يقل عن سبع ساعات وساعة أو ساعتين قبل الإفطار أيضاً، وفي حالة مرضي القلب والسكر والضغط والكلي والكبد وباقي الأمراض المزمنة من كبار السن يوصي دائماً بالمتابعة مع طبيب قبل رمضان ومرة أو مرتين علي الأقل أثناء الشهر لمتابعة مسايرتهم للصيام بأمان وعدم تأثر مواعيد الطعام والدواء من نظام الصيام ومواقيته، وفي حالة الإحساس بأي هبوط أو عرق شديد أو عدم تركيز أو أي ضعف أو وهن شديد في منتصف نهار الصيام فإن الإفطار وإعطاء سوائل عالية السكر في الحال يعتبر واجباً، وفي كل الأحوال يجب أن يتذكر كبار السن هذا العام «أن الله يحب أن تؤتي رخصه» وأنه «لا ضرر ولا ضرار».