لم يمنعه كبر سنه وجسده النحيل عن الوقوف امام النار لساعات طويلة بل زاد من قوته وعزيمته حتى يحصل على لقمة عيش حلال .. عم كمال تعدى سنة الستين عاما ومازال يعمل «فران».. يقف عم كمال امام الفرن ولهيب النار يكوى وجهه منذ ان يستيقظ من نومه فى الخامسة صباحا وحتى الساعة السادسة بعد العصر ورغم شدة الحرارة التى يقف فيها الا انه اصر على الصوم فى رمضان ليبارك له الله فى رزقه ورزق اولاده وامام احد الافران البلدى وبالتحديد امام فوهة الفرن التقيت عم كمال على حيث كان يقوم بجمع العيش وتوزيعه على المواطنين وبابتسامه خفيفة قال لى: انتى عايزة عيش.. فقلت له لا انا اريد ان اعرف ماذا تفعل فى رمضان فى ظل هذا الطقس الحار فابتسم وقال ربنا بيعين اى انسان على عمله وانا تعودت على هذا العمل منذ اكثر من اربعين عاما فعمرى كله قضيته فى الفرن ولا اعرف عملا اخر فانا اقضى يومى امام فوهة الفرن احمل العيش واقوم بوضعه على الالواح المخصصة للتهوية ثم اوزعه على المواطنين، كثيرا من الشباب الذين يعملون معنا هنا فى الفرن لا يستطيعون الوقوف امام فوهة الفرن بالساعات كما افعل لانهم متعودوش عليه بالكتير يقف ساعة ويتعب وفى حركات سريعة يجمع العيش وهو يقول لم يرزقنى الله بالولد ليساعدنى على المعيشة ولكن رزقنى 8 بنات كانوا وش السعد على رغم ان اجرى عن عملى فى الفرن بسيط الا انه يكفينا ولان البنات نعمه من عند الله استطعت ان ازوجهم من عملى فى هذا الفرن و الحمد لله ربنا بيدى كل واحد على قد نيته وعمله الصالح ويستطرد عم كمال قائلا : الناس مبتستغناش عن العيش فى الاكل فى كل يوم ولكن الاقبال عليه فى رمضان اكثر بالاضافة الى تزاحم المواطنين خاصة فى الساعات التى تسبق موعد الافطار فكثيرا ما تحدث مشادات كلامية بين المواطنين بسبب الزحام الشديد واولوية كل منهم فى الحصول على الكمية التى يريدها من العيش ولكننى اعتدت على هذه المناوشات ايضا ولذلك فى يوم الراحة الخاص بى اشعر بالضيق لاننى لم أذهب إلى الفرن لانه ببساطة أصبح فى كيانى ويمر يوم الراحة على صعب جدا رغم اننى اعمل اكثر من 12 ساعة فى اليوم الا اننى اشعر بالتعب فى يوم الراحة فقط فالعمل عبادة كما الصلاة و الصوم ورمضان مثله مثل اى شهر فى السنة بالنسبة لعملى فى الفرن التغيير الوحيد هو انى صائم و ادعو الله ان يدوم علينا نعمته وان يتقبل صومنا وصلاتنا.