نحن نعلم جميعا أن أي تشريع سماوي لمصلحة العباد والبلاد مثل فريضة الصيام فإنها أساس الصدق والأمانة ومراقبة الله والوفاء والإخلاص تأمل معي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا من تقدم فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدي فريضة فيما سواه ومن أدي فيه فريضة كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر وثوابه الجنة وفيه يزاد رزق المؤمن فاستكثروا فيه من أربع خصال خصلتان ترضون بهما ربكم وخصلتان لا غني لكما عنهما أما الخلصتان اللتان ترضون بهما ربكم فهما شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والاستغفار أما الخلصتان اللتان لا غني لكما عنهما تسألون الله الجنة وتعوذون به من النار حقا ثم حقا إن شهر رمضان هو شهر الغفران شهر الإيمان شهر القرآن شهر الأمة الإسلامية فياسعادة من اغتنمه وتقرب فيه إلي الله لأنه يعود الفرد علي الأمانة وهو سر بين العبد وربه لا يمكن أن يشوبه رياء ولا يدخله نفاق فالله وحده هو المطلع عليه والحكم عليه بصدق الصائم ولهذا يقول الله في الحديث القدسي وكل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به والحسنة عندي بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف إلي ما شاء الله فالصوم مدرسة ربانية يتعلم فيها الصائم مراقبة الله في كل أموره إنه يمتنع عن طعامه وشرابه وشهواته وملذاته ولا رقيب عليه إلا الله فلابد وأن تتربي عند الإنسان خلق المراقبة فيري الله معه وأمامه في كل تصرفاته والصوم يعود الإنسان علي الصدق الصدق مع النفس والصدق مع الناس والصدق مع الله وله أثر كبير في اطمئنان الناس بعضهم لبعض وحسن التعامل والتفاهم فيهم وتبادل الثقة فيما يقولون وفيما يبرمون من عقود ووعود واتفاقات ومعاهدات نذكر قوله تعالي يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما والصوم يعود الإنسان علي الشجاعة واحتمال الصعاب ومواجهة الأخطار فالصائم شجاع في معركة روحية لقهر الشهوات ويشعر بانتصاره كل يوم عند الغروب وعند نهاية الشهر المبارك والصوم يعود الإنسان علي العدل وهو أساس المساواة ويعود الإنسان علي الصبر ومزايا أكثر وأكثر ويكفي نظرة الله للصائم في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فإنه قال: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي أما الأولي فإنه من أول ليلة في شهر رمضان ينظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لا يعذبه أبدا وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة وأما الرابعة فإن الله تعالي عز وجل يأمر جنته ويقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا في داري وكرامتي وأما الخامسة فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعا فقال رجل من القوم أهي ليلة القدر يا رسول الله فقال لا ألم تر إلي العمال يعملون فإذا افرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم فاغتنموا تلك الفرصة يصلح الله أعمالكم ويهبكم عز الدنيا وسعادة الآخرة ولتكونوا من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليما.