الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة وفى دنيا الأعمال تبدو النوايا الطيبة وهما لا يسمن ولا يغنى. وإذا كانت كل أطراف الخلاف حول تفعيل الرخصة الموحدة والشبكة الرابعة للمحمول نواياهم طيبة جدا ويبذلون كل ما فى وسعهم من أجل النجاح ومن أجل إعطاء قبلة الحياة للمفاوضات حتى لا تموت وتصل إلى طريق مسدود يؤدى بنا الى التحكيم الدولى وعدم استقرار قطاع الاتصالات إلا ان هذه النوايا الطيبة لم تنجح حتى الآن على الأقل ان تصمد أمام لغة المصالح والبزنس فكل يحسبها بدقة متناهية حسابات المكسب والخسارة هى اللغة المفهومة فى البزنس لا مجال للعواطف ولا مكان للنوايا الطيبة والمجاملات. فهذا الوزير المهندس عاطف حلمى يحمل الكثير من الطموح والامل لهذا القطاع المهم جدا اقتصاديا وتكنولوجيا فى مستقبل مصر ويري انه قاطرة التنمية والمنوط به تحقيق نقلة حضارية هائلة لوجه الحياة على أرض الوطن فهو من يحيل الحياة إلى جنة ويجعل المستحيل ممكنا فعن طريق التكنولوجيا يمكن التحكم فى كل شىء بداية من الخدمات المقدمة للمواطن إلى توزيع الحسنات أو إدارة التبرعات وعن طريق التكنولوجيا يمكن لمصر ان تحتل مكانة عالمية مرموقة فى تصدير البرمجيات وقد حققت كوريا الجنوبية كل نهضتها وثروتها من خلال التكنولوجيا والاتصالات. ويري الوزير ان البنية الأساسية هى المدخل الوحيد الصحيح إلى تحقيق هذه النهضة الكبري وبدون بنية تحتية عملاقة لن تتمكن مصر من تحقيق نهضتها ولذلك يري الرجل ان الرخصة الموحدة سوف تلد كيانا عملاقا بمشاركة وزارات سيادية وشركات استثمارية هذا الكيان منوط به إحلال وتجديد بنية أساسية جاهزة لجعل مصر تتبوأ مكانتها اللائقة على خريطة التكنولوجيا والاتصالات العالمية ويجعل مصر حقا محورا عالميا للإنترنت والكابلات العالمية حيث تعتبر مصر ثانى أكبر دولة فى العالم من حيث عدد الكابلات المارة بها. هذا عن الأمل والحلم والنوايا الطيبة أما على أرض الواقع فهناك امور غاية فى التعقيد والخلاف تحكمها لغة واحدة هى لغة المصالح واذا كانت المصالح متضاربة فان الامور تبدو اكثر تعقيدا. فنحن الان امام شركات تعى تماما ان المستقبل لمصر فى مجال الاتصالات والتكنولوجيا ولكن هناك أموراً متداخلة تؤثر فيها حسابات دقيقة تجعل عملية خروج الرخصة الموحدة والكيان العملاق للبنية الأساسية ولادة متعثرة جدا كان موعدها يوم 30 يونية الماضى وقبل ان يحل الموعد المحدد تطاير الشرر واشتعلت الحرائق وعلمنا ان أمر هذه الرخصة أصبح فى مهب الريح رغم كل الجهد المبذول من جانب المهندس عاطف حلمى وزير الاتصالات والمهندس هشام العلايلى رئيس جهاز تنظيم الاتصالات والاجتماعات المطولة الليلية والنهارية التى تشبه مفاوضات حربية فمرة يحدث التقارب فى وجهات النظر ثم سرعان ما تعود الأمور إلى الاشتعال مرة أخرى ومرات يصل الأمر الى التهديد بالانسحاب واللجوء إلى التحكيم الدولى. وكل شركة لديها وجهة نظر جديرة جدا بالاحترام والتقدير والمصرية للاتصالات ترى إنها الأحق بادارة شبكة للمحمول وأنها أول من أطلق هذه الخدمة ولديها من الكفاءة والخبرة ما يؤهلها للمنافسة بشراسة. ويبقى السؤال: متى يخرج هذا المولود إلى النور؟