لم يعد الزواج العرفى عملاً سريًا كما اعتاد البعض، أو كما يقول البعض "نضرب ورقتين فى حتة ضَلمة"، الأمر أصبح جهرًا يعلَن عنه فوق جدران محطات المترو والقطارات، "من يرغب فى الزواج العرفى يتصل بهذا الهاتف"، و"أنا عايز اتجوز عرفى وتليفونى...". كتب أحد الشباب اسمه على حائط مترو الأنفاق بمحطة الدقى لراغبى الزواج العرفى، دون خجل أو خوفًا من الرقابة. ويبدو أن الزواج العرفى لم يعد مجرد ورقتين يوقعهما الراغبان فى الزواج بحضور الشهود فى سرية تامة، وذلك بعد أن قام عدد من المحامين بعمل صياغة للعقود وطباعتها فى شكل كتيبات تباع على الأرصفة، لكل من لديه الرغبه شراء هذه الكتيبات وإتمام هذه العملية المحرمة شرعًا. التقطت كاميرا "الوفد" صور لهذه الواقعه لتفتح ملف "الزواج العرفى"، الذى أصبح منتشرًا هذه الأيام، خاصة بعد انتشار حوادث التحرش وعمليات الاغتصاب التى تحدث للصغار من الأطفال قبل الكبار منهم. حكم الزواج العرفى فى الإسلام قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق، إن هناك زواجًا شرعيًا وغير شرعى، فالزواج الشرعى هو المستكمل لأركان الزواج والشروط الواجبة فيه، سواء شروط صحة أو نفاذ، كشهادة رجلين عدلين وإشهار، ورضا الطرفين، وموافقة ولى الأمر، فهو زواج شرعًا، حتى لو لم يوثق هذا الزواج. وتابع أن مجمع البحوث أكد أنه لا يصح "الزواج العرفى" لعدم معرفة ولى الأمر به، وأيضًا عدم إشهاره، ولما يترتب عليه فى بعض الأحيان من ضياع لحقوق الزوجة والأولاد ، بسبب عدم توثيق عقد الزواج. وأكد الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن الزواج العرفى بالمعنى الحادث الآن، وهو ما يحدث بين الشباب فى بعض الجامعات من أنهم يزوجون أنفسهم دون ولى للفتاة، ويتبادلون الشهادة مع بعضهم، فهذا نوع من الزواج الفاسد أو الباطل. وقال :"يجب أن يعامل بشدة لمنع هذا العبث بالأعراض، وهو إذا إفهام الشباب الحكم الشرعى له، وأنه باطل ويكون من قبيل الزنا؛ لأنهم علموا ببطلانه، ومع ذلك أقدموا عليه، وأما إذا لم يعلموا ببطلانه فيجب أن نعلمهم بأن هذا العقد لا يجيزه الشرع، ويجب أن يُفرَّق بين الذين واللاتى تزوجوا وتزوجن بهذه الطريقة التى هى عبث للأعراض. وعن الزواج العرفى فى القانون المصرى، أشار "عثمان" إلى أنه لا يشترط شرعًا توثيق عقد الزواج ما دام قد توفرت فيه الأركان وشروط الصحة، وهذا أمر يجب أن يكون بدهيًا لشيء بسيط، وهو أن الإسلام ليس خاصًا بقوم دون قوم أو مستوى ثقافى دون مستوى ثقافى، ولكنه للجميع، فإذا كانت هناك بعض البيئات لا تعرف نظام التوثيق أو تنتشر فيها الأمية هل يتصور ألا يتم فى هذه البيئة عقود زواج؟ وتابع أن عقود الزواج فى عهد رسول الله والصحابة لم توثق، وأيضًا فى عصر التابعين ومن بعدهم، وحتى وقت قريب فى مصر إلى سنة 1936 عندما صدرت لائحة ترتيب المحاكم، وهى التى اشترط فيها لكى تسمع دعوى الزوجية عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقًا عند إحدى الجهات التى خصصتها الدولة لتوثيق عقود الزواج . وأشار إلى أن القانون فى مصر وفى غيرها من البلاد الإسلامية والعربية يشترط التوثيق حتى تسمع دعوى الزوجية، وحتى يترتب على العقد حقوق لكلا الطرفين، وهذا التوثيق دعا إليه شيوع الكذب وشهادة الزور فى العصر الحديث، فكان من الشائع أن يدعى رجل على امرأة أنه تزوجها، ويستعين بشاهدى زور، أو تدعى هى الأخرى أنه تزوجها، وتستعين بشهود زور كذلك، فدرءًا لهذا الخطر الذى يفتح الباب أمام دعاوى الزواج، وقد تكون الدعوى من رجل ليس أهلاً للمرأة التى يدعى حصول عقد الزواج بها اشترط القانون لكى تسمع الدعوى عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقًا.