ناشد سماحة الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس الأسبق وخطيب المسجد الأقصي العالم الإسلامي للتحرك نحو إنقاذ الأقصي المبارك واتخاذ خطوات جادة لدعم الشعب الفلسطيني ونصرته في ظل المحنة التي يعاني منها علي مدي سنوات طوال وشن «عكرمة» هجوماً لاذعاً علي الكيان الصهيوني، معتبراً أن أي تراث يهودي إنما هو عبارة عن سرقات للآثار الإسلامية، فإسرائيل تريد أن تعطي طابعاً يهودياً لهذه المنطقة، وأكد أن الإدارة الأمريكية بقيادة «أوباما» لم تفعل شيئاً إزاء إسرائيل لوقف العدوان علي الشعب الفلسطيني المكلوم ومصادرة أراضيه وهدم بيوته، فضلاً عن الاستمرار في الاستيطان وبناء الجدار العازل، ورفض خطيب الأقصي تدويل القدس بشدة قائلاً: إن التدويل أخطر من عملية التهويد ذاتها.. وشكك د. عكرمة صبري في دور المنظمات الإسلامية المنوط بها الحفاظ علي التراث الفلسطيني وعلي رأسها منظمة اليونيسكو، واعتبر «عكرمة» أن الأزمات التي تمر بها الأمة الإسلامية ما هي إلا رسائل إيقاظ لها من سباتها، التقيته أثناء زيارة للقاهرة، ومن ثم هذا نص الحوار: في البداية ماذا عن آخر التطورات في القدس؟ - الكيان الصهيوني مازال يواصل حفرياته بهدف واحد وهو محو الآثار الإسلامية وتعرض المبني الأمامي للأقصي للانهيار، فهم يفرغون الأتربة من أساساته حتي ينهار في أي لحظة سواء عن طريق الزلازل أو بفعل الطبيعة، ليثبتوا أنهم لا دخل لهم بعملية هدم الأقصي، لكنهم في حقيقة الأمر يعملون ليل نهار من أجل هدمه عن طريق هذه الحفريات وإقامة هيكلهم المزعوم. وهل لمستم أي تغيير من قبل الإدارة الأمريكية تجاه إسرائيل منذ تولي الرئيس «أوباما» مقاليد الأمور في البيت الأبيض؟ - في الحقيقة لم نلمس أي تأثير أمريكي علي إسرائيل، بل الاستيطان مستمر في القدس وفي الضفة الغربية، ولم تحرك الولاياتالمتحدةالأمريكية ساكناً ضد إسرائيل، والحقيقة أننا لم نأخذ من أمريكا إلا معسول الكلام، لكن لم يطرأ أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل لوقف عدوانها علي الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وهدم بيوتهم، فضلاً عن استمرارها في الاستيطان وبناء الجدار العازل. هناك أصوات عربية تطالب من حين لآخر بتدويل القدس.. فما رأيك؟ - نحن ضد تدويل القدس ونرفض ذلك بشدة، فالتدويل أخطر من عملية التهويد نفسها، ونرفض تواجد قوات دولية في القدس، لأن التدويل يجعل الصراع ليس مع إسرائيل فقط بل مع كل دول العالم، بما يعني فرض سياسة الأمر الواقع واستحالة تحرير القدس وعودتها للمسلمين والعرب. وكيف ترون الدعم العربي والإسلامي لقضية الشعب الفلسطيني؟ - هو ضرورة لتحرير المقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية، وبالرغم من أن هناك دعماً عربياً وإسلامياً للقضية الفلسطينية إلا أنه قليل، فنحن نأمل في دعم أكبر لفلسطين، واتخاذ خطوات جادة وفاعلة لدعم الفلسطينيين وقضيتهم، فالقضية قضية كل مسلم، خاصة المقدسات الإسلامية. وماذا عن دور العلماء في فلسطين لتحقيق وحدة بين صفوف الشعب؟ - هم يقومون بجهود كبيرة لتحقيق الوحدة الفلسطينية ورأب الصدع بين أبناء الشعب الفلسطيني، فحالة الانقسام الموجودة الآن لا تخدم إلا المحتل الغاصب، والعلماء هم نبراس الأمة وهم حائط الصد ضد خطر الفرقة والانقسام. ما تقديركم لدور المنظمات المنوطة بالحفاظ علي التراث الفلسطيني وفي مقدمتها «اليونيسكو» المعنية بالحفاظ علي التراث الإنساني ومنظمة «الإيسيسكو»؟ - منظمة اليونيسكو - للأسف الشديد - لا تقوم بدورها الكافي ولم تتعاون مع الأوقاف الإسلامية، بل إنها أقرت المخططات الإسرائيلية بشأن مشروع باب المغاربة، وأرادت «اليونيسكو» أن تشرك الأردن في ذلك من أجل إضفاء روح الشرعية علي ممارسات الاحتلال، لكن الأردن رفض بشدة، وتقارير هذه المنظمة لا تصب في صالحنا أبداً وموقفها موقف المتآمر مع الصهاينة، أما المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «الإيسيسكو» فهي منظمة إسلامية عالمية تقوم بدور إيجابي في حدود المتاح لها، لأن إسرائيل تضع العقبات أمامها، وتقف سداً منيعاً ضد دعمها للمؤسسات الفلسطينية. وماذا عن المد الشيعي وحزب الله وحركة حماس والأجندات الخارجية؟ - هذه كلها مقولات لإثارة السنة والشيعة بعضهم ضد البعض، وهذه النعرات لم تكن مثارة من قبل غزو العراق، فإثارة هذه الخلافات وراءها مخطط أمريكي - صهيوني لخلق شرخ بين السنة والشيعة، وهو أمر محزن ليس فلاحاً لأحد، فهذه الخلافات أيقظت فتنة كانت نائمة لعن الله من أيقظها. كيف تري دور الأزهر الشريف في مساندة فلسطين ضد الاحتلال؟ - الأزهر منارة العلم والعلماء وهو صاحب الفكر الوسطي والمعتدل، ونحن في فلسطين نسير علي دربه بعيداً عن الغلو والتشدد، وهو لم يبخل علينا بأي مساندة لقضيتنا، والتي هي همنا الأكبر وهي مواجهة هذا الكيان الصهيوني. أخيراً.. سماحتكم رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس فماذا عن دورها المنوط بها في حماية المقدسات الإسلامية؟ - هي تعد أعلي هيئة دينية في القدس، وهي التي حافظت علي المسجد الأقصي والأوقاف والمحاكم الشرعية والشئون الدينية بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967 وهي بمثابة الشخصية الاعتبارية والقانونية التي منعت إسرائيل من وضع يدها علي المسجد الأقصي والمقدسات الإسلامية، وهذه الهيئة كانت تشرف علي كل المقدسات الإسلامية، لكن بعد مجىء السلطة الفلسطينية يتركز نشاطها علي المؤسسات الإسلامية في القدس بصفة خاصة والمناطق التابعة لها، ومن أهم الأدوار التي تقوم بها حماية المقدسات والدفاع عن الأقصي، وهي تتكون من 60 عضواً من العلماء ورجال السياسة، وقد شكلت لجنة تعرف ب «لجنة المعالم القدسية» للحفاظ علي المسميات الأصلية العربية التاريخية ومنع تهويد أسماء هذه الأماكن، لأن اليهود الآن يخططون تحت شعار تهويد المدينة لتغيير الأسماء أيضاً وذلك بالتعاون مع وزارة الأوقاف الأردنية التي تشرف علي المقدسات الإسلامية في القدس الشريف.