هل يمكن لنا أن نصنف الخطاب الدينى فى البلدان العربية؟، هل ظهور الجماعات المتطرفة والمتشددة يعنى بالضرورة أن هذه الجماعات تمثل المعارضة للخطاب الدينى الرسمى أو المؤسسى أو الحكومى؟، هل فى مصر ما يسمى بالخطاب الدينى الحكومى والخطاب الدينى غير الحكومى؟، ما هى أهم ملامح الخطاب الدينى الرسمى المؤسسى الحكومى؟، هل هو خطاب تنويرى ام خطاب يكرس لاستمرارية النظام الحاكم؟. فى مقالات سابقة كتبت عن الخطاب الحكومى أو المؤسسى أو الرسمى، وقلت إن أهم ملامحه التحصين، حيث يقوم المشتغلون بالخطاب الدينى الرسمى بتصنيع حصانة للحاكم ولنظامه وللمشتغلين بالخطاب الدينى، وذلك بانتاج الفتاوى التي تكرس للاستمرارية وعدم توجيه سهام النقد. اليوم نتناول نقطة اخرى فى الخطاب الرسمى، وهى مدى قابلية هذا الخطاب للتجديد وللتطور، وهل عمليات التجديد تأتى من داخل المؤسسة الدينية ام من خارجها؟. لكى لا أطيل عليكم جمعت أكثر من فتوى تتناول علاج الزوجة، أقدمها يعود إلى عام 1915، وأحدثها إلى عام 2010، بسهولة شديدة يمكن أن تضع يديك من خلال هذه الفتاوى على العوار الحقيقى فى آلية الإفتاء أو فيما يسمى بالخطاب الدينى، يمكن إجمال هذه السلبيات فى بعض النقاط: 1 اعتماد المفتى على المنقول دون إعمال العقل، حيث يستدعى الموروث المتشابه مع المسألة التى ينظرها. 2 غياب الاجتهاد وتبنى رأى المذهب أو الأغلبية بشكل آلى دون فحص أو تحقيق. 3 صدور الفتوى بما يتوافق وإرادة الحاكم. 4 امتلاك الحاكم مبادرة ودفة التجديد فى الخطاب فى شكل قرارات أو قوانين، وتبعية المفتين للقوانين حتى لو تعارضت مع الموروث أو مع الأغلبية المستدعاة من التاريخ. ويمكن إعادة صياغة هذه النقاط فى جملتين يمكن تخزينهما فى الذاكرة بسهولة، وهما: إن المتصدي للفتوى يستدعى الإجابات القديمة لسابقين دون نظر أو مناقشة أو اجتهاد، والتجديد الحقيقي فى الخطاب الفقهي يدخله الحاكم على الموروث فى صورة قرارات وقوانين يعمل بها ويكرس لها المتصدي للفتوى. ولكي نوضح كلامنا هذا نصنف الفتاوى الخاصة بنفقة علاج الزوجة إلى قسمين، الأول: الفتاوى التي صدرت قبل صدور قوانين الأحوال الشخصية، والثاني: الفتاوى التي صدرت بعد صدور القوانين. يمكن القول إن جميع الفتاوى التى صدرت قبل صدور قانون الأحوال الشخصية، اتفقت فى مصدر الفتوى، واتفقت كذلك على عدم إلزام الرجل بالإنفاق على زوجته خلال مرضها، وماذا لو كانت لا تمتلك من حطام الدنيا شيئا؟، وماذا عن شبابها وعمرها وصحتها التى اضاعتها فى خدمته هو وأولاده؟، المدهش ان بعض المفتين استخسر فى الزوجة نفقة الداية أو الطبيب الذى سيولدها، والمضحك انه قام بتقسيم المصاريف على الزوج وعلى زوجته، ومبرره فى إلزام الزوج بتسديد بعض النفقات للطبيب أو الداية أنه ينفق على ابنه وليس على الزوجة.