الفيس بوك، مجتمع افتراضي لكن تأثيره علي الواقع كبير، فعلي الهواء مباشرة يعيش ملايين المصريين معاً عبر الشبكة العنكبوتية، كل يدلي بدلوه في الشأن العام المصري، ففي كل المجالات تجد المصري في مدوناته يتعرض لكل القضايا، يريد أن يفهم ويناقش، وبعدها ربما يرفض أو يؤيد، لكن الأكيد أنه يسخر من الجميع علي روابط ومدونات الفيس بوك. «فيس بوك كلاكيت أول مرة» كانت مفاجأة للعالم كله استخدم فيها هذا الشعب الفقير تكنولوجيا الألفية الثالثة «الفيس بوك» وبشاطرته المعهودة يتنقل بعالمه المحاصر بديكتاتورية أمن الدولة حينها إلي الفضاء، ومن داخل بيته يعقد اجتماعاته ويعرض آراءه وينشر الفكر الديمقراطي ويحشد ضد الظلم والطغيان، وبجدارة نجح المصريون وأطاحوا بنظام مبارك في ثورة 25 يناير. «فيس بوك كلاكيت ثاني مرة» فبعد أن تخلص الشعب المصري من مبارك ونظامه، وقع في خية الإخوان وتحت بند الحلال والحرام والترغب في الجنة، والترهيب من النار استطاع الإخوان كسب أكثر من جولة من المعارك السياسية قبل الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها محمد مرسي الرئيس المخلوع نكاية في أحمد شفيق المرشح الرئاسي الأسبق الذي احتسبه الكثيرون علي قائمة الفلول. وبصبره المعهود أعطي الشعب المصري للإخوان فرصة لمدة عام كامل، لإدارة البلاد في هذا العام أثبتت جماعة الإخوان خيبتها التقيلة، فلم يخف علي الشعب المصري أن الجماعة الإرهابية كانت تقدم مصالح التنظيم الدولي عن الصالح العام المصري، ففي عهد الإخوان كانت قناة السويس في خطر، سيناء في خطر، حلايب وشلاتين في خطر، هذا إضافة إلي أخونة الدولة التي كانت تسري في مفاصل مصر ومؤسساتها كالنار في الهشيم، وأهينت المرأة المصرية في عهد الإخوان إهانات شديدة، ولعل من يتذكر تصريحات رئيس الوزراء السابق هشام قنديل عن المرأة المصرية في بني سويف، ورفضه تجريم التحرش، يعلم جيداً كيف أهان الإخوان المرأة المصرية، هذه ليست كل مصائب الإخوان وإنما مصائبهم لا تعد ولا تحصي، مما جعل الشباب المصري يلجأ إلي تشكيل حركة تمرد وعبر الفيس بوك هزم الشاب المصري الوقت ونشر فكرته وبملايين النقرات في الثانية انتشرت عدوي تمرد، وشعر المصريون جميعاً بخطورة الموقف فمصر تناديهم، وبإرادة هذا الشعب العظيم استدعي من جديد طاقته الثورية التي أطاحت بمبارك وانتقل بها من العالم الافتراضي علي الفيس بوك إلي أرض الواقع لتطيح بمرسي وإخوانه إلي غير رجعة، وبلغة الأرقام جاء التقرير الذي أعده مركز معلومات مجلس الوزراء المصري مؤخراً تحت عنوان «الإعلام الإلكتروني في مصر» ليؤكد أن الذكور يمثلون 60.6٪ من مستخدمي الفيس بوك بينما تبلغ الإناث 39.4٪، وأن المدونات المصرية تشكل وحدها 30.7٪ من إجمالي المدونات العربية، وأن عدد الصحف والمجلات المطبوعة التي لها نسخ إلكترونية علي الإنترنت بلغ 63 صحيفة بنسبة 40.4٪ من إجمالي الصحف والمجلات المطبوعة في مصر. وتقدر دراسة أخري أجراها أحد مواقع «FACE BAKERS» الدولي عدد مستخدمي الموقع من المصريين إلي 4.3 مليون مستخدم بما يعادل 5.3 من السكان لتسبق مصر في الترتيب كلا من تايلاند وفنزويلا والبرازيل وتشيلي ثم تايوان وماليزيا واستراليا وكولومبيا وإسبانيا والأرجنتين. كما أثبتت الإحصاءات التي توصل إليها فريق الباحثين في مشروع بوصلة الناخب المصري، الذي يشرف عليه مجموعة من الأساتذة بجامعة القاهرة، أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً مهماً في الثورة المصرية حيث أكد ربع الذين يستخدمون الإنترنت بانتظام أنهم استخدموه لأغراض سياسية بمعدل أربع مرات في الأسبوع وأكد أن الشبكات الاجتماعية وسيلة فعالة للاتصال والحشد السياسي السريع. وأكد مشروع «بوصلة الناخب المصري» أن شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دوراً محورياً في تبادل الآراء والمعلومات والتقارير، لتفادي الرقابة والإغلاق وغيرها من الإجراءات التي تتخذها السلطات للحد من الاحتجاجات، كما أن وسائل الاتصال الاجتماعية وفرت الكثير من المعلومات الدقيقة في توقيت جيد لوسائل الإعلام العالمية والرأي العام خارج مصر الأمر الذي ضاعف الضغوط علي السلطات المصرية وساعد علي نجاح الثورة دون شك. وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك هو أكثر المواقع استخداماً علي الإنترنت، حيث بلغ عدد مشتركي موقع الفيس بوك 16.2 مليون مشترك في ديسمبر عام 2013 مقابل 12.17 مليون مشترك في ديسمبر 2012 بزيادة 33.1٪ جدير بالذكر أن عدد مشتركي الفيس بوك في نهاية عام 2011 كان 9.39 مليون مستخدم فقط، بنسبة زيادة 72.5٪ علي عام 2013. كما أوضح الجهاز في بيان له بعد ثورة 30 يونية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للإنترنت أن عدد المشتركين في خدمة الإنترنت بلغ 35.95 مليون مشترك، مقابل 31.21 مليون مشترك عام 2012. وربما يؤكد الأرقام السابقة رأي العديد من الشباب الواعي الذي شارك في 30 يونية وترجل إلي الميادين برتبة مواطن وطني قرر النزول إلي الشارع لانتشال مصر من وحلة الإخوان والظلمة التي كانت مقررة عليها وعلي شعبها منذ الإخوان. وأكد عدد من شباب مصر الذين شاركوا في ثورة 30 يونية عدم انتمائهم لأي اتجاه سياسي أو حزبي، كما أنهم لم يشاركوا في أي حركات سياسية أو اجتماعية من قبل، فيقول مصطفي طلعت، طالب بحقوق عين شمس: إنه لم يشارك في فعاليات ثورة 25 يناير، رغم سعادته بها، ولكنه اكتفي بالمراقبة، والترقب لكل ما هو جديد، ويعترف مصطفي بأنه كان سلبياً، وربما شعوره بالتقصير - علي حد قوله - دفعه للخروج ضد الإخوان بعد أن شعر بالخطر، مما يتم «تشييره» علي الفيس بوك، كما أنه يؤكد أن المدونات وصفحات الفيس بوك الخاصة بالجرائد المصرية كان لها الدور الأكبر في كشف صورة الإخوان أمامي، ومعرفة مدي الخطر الذي يهدد مصر في حالة استمرارهم في الحكم. وقالت «ميار إبراهيم» تربية رياض أطفال: إنها من جنود تمرد ضد الإخوان فرغم أنها لم تستطع المشاركة في فعاليات الثورة الثانية 30 يونية، بسبب خوف أبيها من وقوع عنف في الشارع، إلا أنها شاركت عبر صفحات الفيس بوك، ففرغت ميار جزءا كبيرا من وقتها إن لم يكن كله في تشيير فضائح الإخوان، ونشر جرائمهم، ولو ب «نقرة ليك» واستطاعت أن تحصل في زمن قياسي علي 650 ليك علي صفحتها «تمرد بليك» وأكدت ميار بحماس الشباب أنها ستظل تعارض أي فساد عبر الفيس بوك ولن تعبأ بخوف والدها، حتي بعد فرض القبضة الإلكترونية ومراقبة الفيس بوك، وأعربت ميار عن حبها للمشير عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية المنتخب، مؤكدة أن حبها له لن يمنعها من مراقبته ومحاسبته في عالمها الخاص علي الفيس بوك، وتتمني ميار أن تتقدم مصر لتحصل المرأة علي حريتها الاجتماعية والسياسية كما هو الحال في عالمها الافتراضي علي صفحات ومدونات الفيس بوك. أما هند صفوت، طالبة في جامعة الأزهر، فأكدت أنها استطاعت في 30 يونية عام 2013 عبر الفيس بوك أن تنزع حجاب الفكر الذي طالما يعززه المجتمع ويمتدح تمسك الفتاة به، فالفتاة التي لا تتحدث كثيراً ولا تعترض، ولا تعرف كلمة لا، هي المثالية في نظر المجتمع، استطاعت هند علي صفحة الفيس بوك وباسم وهمي أن تمزق حجاب الفكر وتطلق كلمة الاعتراض دون رقابة من الأهل، وقالت هند أنا شاركت في ثورة 30 يونية وبكل قوة علي صفحات الفيس بوك وفي الشارع أيضاً دون علم والديها، وتري أن مشاركتها في فعاليات الثورة الإلكترونية والميدانية دون علم أسرتها ليس حراماً، ولكن المجتمع الذي تعيش فيه هو الذي اضطرها لذلك، وهو شرف سترويه هند لابنائها، علي حد قولها. «روميو وجولييت» هذا الاسم الحركي لثنائي في القاهرة يتكون من شاب وفتاة، كانا يتناولان وجبة سريعة علي أحد أرصفة شارع التحرير، شاركا الثنائي في ثورة 30 يونية ومن قبلها 25 يناير، ومازال نشاطهما مستمرا لمراقبة ومتابعة الأحداث الجارية وطريقهما واضح علي حد قولهما، فعبر الفيس بوك هما مستعدين ل «ثورة كلاكيت ثالث مرة» وأضافا أن هدفهما دائماً عبر صفحات روميو وجولييت حب الوطن وعشق ترابه، فرغم انتخابهما للسيسي إلا أنهما يترقبان انتهاء حالة الحرب ضد الإرهاب للحكم علي السيسي وحكومته بشكل عادل، وبضحكة ساخرة وثائرة أيضاً أكدت جولييت أن السيسي ليس بكبير علي النقد ولا أغلي من الوطن لذا لابد أن يعلم جيداً أنه موضوع تحت المجهر من قبل شباب مصر القادرين علي إشعال ثورة ثالثة ورابعة وخامسة إذا لزم الأمر، ثم التقط روميو أطراف الحديث قائلاً: إنه يتمني أن يكون السيسي عند حسن ظن الشباب، وألا يشوه صورته الجميلة التي يعشقها الشباب فالأمل فيه ولن ينقطع. «قضايا اجتماعية احكي يا خاطر - مشاكل اجتماعية وحلول علمية - علم النفس وحل المشاكل الاجتماعية - قضايا اجتماعية وإنسانية - مشاكل وحلول - مواضيع اجتماعية للنقاش - مواضيع اجتماعية ساخنة - مواضيع اجتماعية للشباب - قضايا اجتماعية معاصرة» كلها عناوين جديدة لطرح المشاكل الاجتماعية والسلوكية للمواطن المصري علي الفيس بوك وهذه بداية ثورة الفيس بوك علي السلبية الاجتماعية والانحراف في المجتمع المصري ومعالجته من الداخل لكي تكون مصر أفضل، هذا ما قاله علي بدر الدين آداب اجتماع، مشيراً إلي أن الثورة السياسية لا يمكن أن تنجح في تعزيز الديمقراطية ومبادئها إلا إذا عولج المواطن نفسياً، وصلح المجتمع وسلوك أفراده، وأضاف أن الفيس بوك قادر علي خلق هذه الثورة ومحو الفساد الاجتماعي من الشارع المصري عن طريق زيادة الوعي، وتعزيز الأخلاق الحميدة لدي الشباب والمراهقين، ويقول بدر الدين بإيمان شديد: إن الفيس بوك قادر علي أداء هذه المهمة علي أكمل وجه بجانب الإعلام الرشيد، فدور الفيس بوك في الثورتين لا يمكن أن ينكره أحد لذا فليس من الصعب علي نشطاء الفيس بوك، أن يشعلوا ثورة ثالثة جديدة علي السلبية والانحطاط الأخلاقي، إضافة إلي إيجاد حلول بسيطة وسهلة للمشاكل الاجتماعية تؤدي بدورها إلي الانجراف في الفساد الأخلاقي.