رئيس الوزراء يقطع خط سير الجولة لتفقد موقف السلام النموذجي الجديد    رئيس تنمية المشروعات: نحرص على إعداد جيل واعد من الأطفال لصغار رواد الأعمال    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    البحرين تسلم العراق رئاسة الدورة ال 34 للقمة العربية    «لن نصمت أمام الكارثة التي تحدث أمام أعيننا».. 7 دول أوروبية تطالب برفع الحصار عن غزة    في غياب مصطفى محمد.. فرصة نانت للهروب من الهبوط    ذروة الموجة الحارة.. طقس معتدل على شواطئ الإسكندرية- صور    أمن المنافذ يضبط 38 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    الجيزة تعلن إغلاق شارع 26 يوليو، تعرف على المسارات البديلة    «رئيس بحوث الإلكترونيات»: تمكين المرأة في العلوم والتكنولوجيا أصبح ضرورة    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    السلطات الأمريكية: هروب 10 سجناء في نيو أورليانز عبر فتحة بجدار زنزانة    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    وزارة التعليم تحدد سن التقدم للصف الأول الابتدائى.. يبدأ من 6 سنوات    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    لرفع الوعي.. محافظ أسيوط يقرر تخصيص طابق كامل بالوحدة المحلية بأولاد إلياس لإقامة قصر ثقافة    بث مباشر.. انطلاق أعمال القمة العربية ال 34 بمشاركة الرئيس السيسى    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    لو مريض سكر وضغط.. نصائح تجنبك أي مضاعفات في الموجة الحارة    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    مسئول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي بمرسى مطروح    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    موعد مباراة الزمالك وبتروجت في الدوري والقنوات الناقلة    فيفا يحسم قضية بوبيندزا والزمالك    ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان منع اندلاع حرب نووية    قصر العينى تحتفل بمرور 80 عاما على تأسيس قسم جراحة المسالك    محافظ جنوب سيناء يعلن آليات جديدة لتيسير نقل مرضى الغسيل الكلوي    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    ريفيرو يبدي إعجابه بثنائي الأهلي.. ويكشف عن رأيه في الشناوي (تفاصيل)    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من سيكسب الشرق الأوسط؟ (2)
نشر في الوفد يوم 27 - 06 - 2014

عرضنا في المقال السابق الجزء الأول من التحليل المتميز الذي نشرته مجلة الشئون الخارجية الأمريكية عن الصراع في الشرق الأوسط بقلم طارق عثمان، والذي شرح فيه المنافسات الجديدة التي تحول شكل الصورة الاستراتيجية للشرق الأوسط. فبعد أن كانت حقبة خمسينيات وستينيات القرن الماضي هي فترة الهيمنة المصرية، أنهت هزيمة سنة 1967 هذه الهيمنة ثم أدت حرب سنة 1973 الي ارتفاع صاروخي في أسعار النفط، وكان غزو صدام حسين للكويت سنة 1990 موضحا للعرب أن ثروة النفط قد تجعلهم أغنياء ولكن سيظلون في حاجة لحماية أمريكية لهم.
وكانت انتفاضات السنوات الثلاث الماضية وسقوط حكم ثلاث جمهوريات عربية هي مصر وليبيا وتونس مؤشرا علي تغييرات هائلة في موازين القوي بالمنطقة وستحدد نتيجة الصراعات الجديدة من الذي سيكسب الشرق الأوسط فالصراع الحالي بين مجموعتين ذواتي أهداف متعارضة فالأولي تقودها القوي الإسلامية في إيران وقطر وتهدف لأسلمة المنطقة واعتبار الإسلام السياسي هو الصيغة الوحيدة المقبولة للحكم، والمجموعة الثانية تقودها السعودية وتضم دول الخليج وتؤيدها مصر وإسرائيل والأردن وتعتمد علي العسكريين وقوات الأمن والإعلام والمصالح المالية وتهدف للحفاظ علي الهوية الوطنية ولذلك فالصراع الحالي ستحدده أربعة عوامل هي: مستقبل مصر ومستقبل الجزائر وأوضح الكاتب أن قوة مصر كانت في تحديد مسار الثقافة في المنطقة وأنها لو استطاعت كسب المعركة الاقتصادية تحت قيادة «السيسي» فستسترد نفوذها في المنطقة. أما الجزائر بثرواتها الهائلة من النفط والغاز فلو استطاعت إيجاد بديل مقبول لرئيسها المريض بوتفليقة يرضي عنه الجنرالات فسيظل زمامها في يد القوي المدنية وإلا فإن الأحزاب الإسلامية التي خاضت الحرب الأهلية في التسعينات والتي قتل فيها مائة ألف شخص قد تستطيع العودة للسيطرة.
ويعرض التحليل في هذا المقال الثاني والأخير العاملين الباقيين في حسم صراع السلطة في المنطقة وهما السعودية وحجم الفوضي الذي ستشهده المنطقة في الحقبة الحالية، فبالنسبة للسعودية يقول الكاتب إن العائلة المالكة تتشبث بالحكم وأن طبقة وسطي صاعدة لها مساهمة كبيرة في الاقتصاد السعودي تعرضت لتيارات سياسية واجتماعية من خارج المملكة المحافظة بدأت تطالب بالتمثيل السياسي وفي هذه الأثناء فإن الاقتصاد السعودي يتدهور تدريجيا وهذا سيعوق قدرة الأسرة المالكة علي استمرار شراء سكوت الطبقة المتوسطة وتأييدها بالمنح المادية والخدمات الاجتماعية وهناك تهديد تمرد شيعي في المنطقة الشرقية حيث تعيش الأقلية الشيعية، وهناك تمرد الشيعة الحوثيين علي حدود السعودية في اليمن الي جانب حركة احتجاجية من الشباب السعودي غير الراضي عن الأوضاع، وكل هذا قد يهدم سلطة الحكومة، وإضعاف النظام السعودي سيؤدي الي هز معسكر التقليديين نتيجة تحويل الموارد وإضعاف إرادة أقوي دولة في معسكر التقليديين.
ولكن هناك سيناريو آخر فالملك عبدالله البالغ من العمر 89 سنة قام بإعادة توزيع المسئوليات والوظائف داخل الأسرة الحاكمة ويدرك الأمراء الصاعدون - والأصغر سنا نسبيا - حجم التحديات التي يواجهها نظامهم السياسي، ونتيجة شعوره بهذا الخطر القاتل فإن النظام السعودي قد يتطور ويحول المملكة الي ملكية دستورية يتمتع فيها مجموعات كبيرة من الشباب السعودي بحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد يؤدي ذلك الي تحويل طويل المدي ولكنه سيكون متمتعا بالاستقرار، فقيادة سعودية نشطة جديدة تسندها شرعية سياسية ستكون عاملا علي دفع روح قوية في معسكر التقليديين. أما العامل الرابع في هذا الصراع فهو مدي ما سيري الشرق الأوسط من فوضي خلال الحقبة القادمة، فالحرب الأهلية في سوريا يحتمل أن تنتهي بسلطة مركزية صورية في دمشق تحيط بها مجموعة من الوحدات السياسية شبه المستقلة وقد تستطيع عدة تنظيمات سلفية وجهادية في سوريا التمركز في المنطقة الصحراوية الخارجة عن سيطرة كل السلطات والممتدة من شرق سوريا الي غرب العراق، حيث قد تحاول هذه التنظيمات إنشاء دويلات إسلامية معزولة عن العالم المحيط بها. كما فعلت مجموعات مماثلة في كل من أفغانستان والقوقاز، وسيكون تواجد هذه المجموعات علي الأرض السورية مصدر عنف وعدم استقرار سياسي لكل من سوريا والعراق أساسا ولكن أثرها سيمتد الي لبنان والأردن، مما سيفتح جبهات جديدة في الصراع بين المعسكرين.
والمعسكر الذي يستطيع تحويل التحديات السياسية في المنطقة لصالحه عن طريق الحد من الفوضي لديه وتصديرها الي المعسكر الآخر الذي سيكون في وضع أفضل للانتصار في هذا الصراع الاستراتيجي.
إن هناك عاصفة قادمة وفي منطقة لا يمكن التنبؤ بسير الأحداث فيها كالشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة هناك عدة أمور مؤكدة فأولا عندما تتتبع صورة الأحداث بالمنطقة خلال العقود الخمسة الماضية والتي تزيد في مسيرتها العوامل الديمجرافية والاتجاهات الثقافية وسط كتلة الشباب الضخمة بالمنطقة التي تجتاحها الهجرة من الريف الي المدن فإن التحول للثقافة الغربية وللمزيد من الليبرالية سيثبت أنه لا يمكن إيقافه، وهذا العامل بالذات سيضعف معسكر الإسلاميين لأن محاولاتهم تركيز دعايتهم ورسالتهم السياسية نحو هذه الاتجاهات الثقافية الليبرالية ستضعف التأييد لهم وسط أهم مؤيديهم وسيؤدي ذلك تدريجيا الي انفصالهم عن المرجعية الإسلامية التي بنيت عليها كل قواعد حركتهم السياسية.
وثاني هذه الحقائق هو أن نتيجة العجز التنافسي في مستوي التعليم السائد في المنطقة والتطور التكنولوجي وتكاليف الطاقة بالإضافة الي أزمة المياه التي تلوح ظلالها علي الأفق في حوضي نهر النيل ونهر الأردن، وكل من مصر والأردن دولة كبيرة المساحة ستكون نتيجة كل هذه العوامل هي أن تواجه هذه الدول عدم استقرار اقتصادي واجتماعي خلال الحقبة المقبلة، وهذا سيؤدي الي إضعاف المعسكر التقليدي المعتمد أساسا علي وجود سلطة مستقرة.
ولذلك فبمعني آخر فإن كلا المعسكرين معرض للخسارة، فالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه كل هذه الدول قد تؤدي لتفجير ثورة شبابية جديدة ستكون علي العكس من انتفاضات سنة 2011 غير موجهة الي الحكام الحاليين بل الي كل المؤسسات السياسية والاقتصادية التي تسيطر علي هذه الدول ومثل هذه الحركة قد تؤدي سريعا الي ذوبان سلطات مؤسسات راسخة في الجمهوريات العربية القديمة وكذلك في ممالك الخليج وقد تؤدي كذلك الي ضياع فرص الإسلام السياسي في الوصول للحكم.
أيا كانت النتيجة فإن التأقلم مع الظروف سيكون طوق النجاة للإسلاميين والتقليديين علي السواء، والمعسكر الذي يؤقلم نفسه مع موجات التغير السياسي والاجتماعي والاقتصادي ستكون لديه الفرصة الأحسن لمواجهة العاصفة القادمة علي الأفق.
وإلي هنا ينتهي هذا التحليل المتميز للصراع الجديد في الشرق الأوسط الذي تحول الي صراع عقائدي أساسا أو علي الأقل صراع تسخر فيه العقيدة بعد أن كان في الأحقاب السابقة صراعا سياسيا في أساسه.
لقد وضع الاستعمار الأمريكي الجديد وتوابعه من دول الاتحاد الأوروبي الخطط التفصيلية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم أطماعه في المنطقة ولجأ الاستعمار الجديد الي استخدام كل الوسائل مهما كانت خسيسة ومنحطة فلجأ سرا الي خلق الميليشيات المتطرفة وتسليحها وتأليب دول المنطقة علي بعضها البعض، ودفعها الي حروب أهلية وحروب استنزاف تحولها الي دول فاشلة.
ولكن - وتقدرون فتضحك الأقدار - فقد شاء المولي أن يكون وسط شعوب المنطقة رجال أدركوا الخطر القاتل المحيط بها وحجم العملاء والخونة الذين جندهم الاستعمار الجديد لتنفيذ خططه الشريرة، وشاء الله أن تكون مصر كنانته في أرضه، رأس الحربة في مواجهة المخطط الشرير وإسقاطه بقيادة ابنها البار عبدالفتاح السيسي واكتشف الاستعمار الجديد أنه راهن علي الجواد الخاسر عندما عهد الي خونة العصيان المتأسلمة بتنفيذ مخططه ولكن ذلك لا يعني أنه تراجع عن مؤامراته الشريرة، فسيظل يحاول ولن ينجح مادمنا في يقظة دائمة لمواجهته، وعلي الباغي ستدور الدوائر.
نائب رئيس حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.