أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن عميق قلقها لإقدام النظام القمعى فى السودان باعتقال "الصادق المهدى" إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة المعارض وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والذى جرى ليل السبت 17 مايو 2014. وتستنكر المنظمة التصريحات الصادرة عن مسئولى الحكومة والحزب الحاكم والتى تعكس إصرارًا على استمرار احتجاز "المهدى"، والتى من شأنها أن تساهم فى تعميق الأزمة فى البلاد، والتى استفحلت خلال الأسابيع الأخيرة من خلال التنكيل بالعشرات من المعارضين. ويشكل اعتزام السلطات السودانية إحالة "الصادق المهدى" للمحاكمة إمعانًا فى تعميق الانتهاك، لا سيما مع انطلاق تظاهرات مؤيديه وقوى المعارضة المحتجة على اعتقاله من ناحية. ومن ناحية أخرى، فقد أكد المجتمع الدولى على عدم استقلالية وقدرة القضاء السودانى على صيانة سيادة القانون فى ظل النظام القمعى فى السودان تحت حكم الرئيس السودانى المطلوب بتهم ارتكاب أسوأ الفظاعات أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفى وقت تجادل فيه السلطات بشأن حكم قضائى بمعاقبة سيدة مسيحية بالإعدام رجمًا بتهمة الزنا لزواجها من مسيحى، ولمجرد أنها ولدت لأب مسلم هجرها فى طفولتها تاركًا تربيتها لأم مسيحية. وتشكل هذه الخطوة واحدة من أسوأ الخطوات القمعية التى يتبعها نظام الديكتاتور "عمر البشير" فى السودان خلال الأشهر التسعة الماضية، لا سيما وأن "الصادق المهدى" قد آثر حقن الدماء خلال الفترة الماضية وعمل على توجيه الحراك الشعبى الواسع فى البلاد إلى اتجاه الحوار مع السلطات بديلاً عن الثورة، وهو ما عرضه شخصيًا وسياسيًا لانتقادات واسعة. وتأتى خطوة الاعتقال الكارثية بعد تصريحات "الصادق المهدى" التى انتقد فيها ما يسميه النظام الديكتاتورى ب"قوة الدعم السريع" التابعة لجهاز الاستخبارات والأمن الوطنى السودانى، وأنها قوة مسلحة غير دستورية، وتعمل بتعارض واضح مع القانون، وترتكب أفعالاً مؤثمة بحكم القانون، وتشكل سلوكياتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويواصل نظام "البشير" ارتكاب انتهاكات وفظاعات بحق حقوق الإنسان فى مناطق عدة من البلاد، وخاصة فى إقليم دارفور غربى بلاد ومنطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق، وعلق العديد من القوى السياسية السودانية آمالاً على ما يسمى ب"الحوار الوطنى" كبديل للإصلاح إثر المذبحة التى ارتكبتها قوات النظام فى شهرى سبتمبر وأكتوبر 2013 بحق المشاركين فى الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية والمسيرات السلمية الداعية للحريات، والتى جرى خلالها قتل ما يقارب 120 متظاهرًا باستخدام الرصاص الحى مباشرة، ودون اتباع قواعد التعامل مع الاضطرابات المدنية. وتطالب المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالإفراج فورًا عن "الصادق المهدى" وإسقاط الاتهامات الهزلية الموجهة بحقه بمخالفة الدستور، وتطالب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والفريق الخاص بالتوقيف التعسفى والمقرر الخاص باستقلال القضاء للتحرك فورًا فى مواجهة هذا الانتهاك. كما تقدمت المنظمة بشكوى رسمية اليوم إلى السيد "ماشود بادرين" الخبير المستقل لأوضاع حقوق الإنسان فى السودان التابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وشملت الشكوى عددًا من الانتهاكات الخاصة بالاعتقالات للمعارضين السياسيين والتى شهدت تصاعدًا مضطردًا خلال الأشهر الست الماضية، وبلغت ذروتها باعتقال "الصادق المهدى" منذ أسبوعين.