أبناؤنا في الخارج والوطن مرسوم فى قلوبهم

وقد برهن أبناء مصر أنهم أبناء حضارة عاشت وتخلد مع الزمن، كانت مسيرتهم وحماسهم لإبداء صوتهم الانتخابى مسار إعجاب الدنيا قاطبة، ما هذه الصورة
الرائعة لهذا الإقبال منقطع النظير للمساهمة في بناء وطن جديد اشتاق إلي الحرية وإثبات الوجود بمصريتهم التي تخطت الحدود وكل التصورات، ولا أجد من تعبير يصور ما كان من أن هذا الموكب المصري الرائع حين رأيناهم وقوفاً لإبداء الرأي والاختيار من أجل مستقبل آت فيه الخير والسعادة، لم أجد تعبيراً عن هذا الحب للوطن إلا تلك العبارة الجميلة: عظيمة يا مصر.. عظيمة يا مصر بشبابك وشيوخك رجالاً ونساءً في موكب ترجمة الحب العميق للوطن الحبيب.
مصر يا أم الدنيا وجاء موعدك مع القدر لإثبات حضارتك وأصالتك، حب الوطن والتعبير الإيجابي عن هذا الحب، برهان جاء ليؤكد معدن هذا الشعب الذي صنع الحضارة منذ فجر الوجود، وقد برهن أبناء مصر في غربتهم توكيداً لهذا الحب اللا محدود، والذي تخطى حدود الزمان والمكان.
وهذه هي مصر بأبنائها، الشوق والحنين، أبناء النيل الخالد، وبناة الأهرام معجزة الزمان، كلها تجمعت لتبرهن عن «أصالة هذا الشعب العاشق لوطنه».
وفي خير تعبير عن هذا المهرجان الرائع، والحنين الإيجابي لحب الوطن، يحضرني ما سجله أمير شعراء مصر أحمد شوقي في غربته وهو خارج عن الديار، حيث خاطب بعبارات الحنين إلي مصر النيل والخضرة والذكريات، واشتاق إليها كل الشوق، وناجاها كما سنري تعبيراً عن «حب الوطن الذي هو في الإيمان» ونري شاعر النيل الرائع حافظ إبراهيم يرد علي شوقي الغائب علي أرض الوطن، وهي فى يقيني ترجمة لهذا الحب الرائع الذي رأيناه من أبناء مصر في غربتهم:
قال أحمد شوقي، أمير الشعراء، وهو في المنفي مشتاقاً إلي مصر (ما أعظم الشوق لها والحنين) وهو في منفاه، فأرسل إلي شاعر النيل حافظ إبراهيم يقول:
يا ساكنى مصر إنا لا نزل على
عهد الوفاء وإن غبنا مقيمينا
هلا بعثتم لنا من ماء نهركم
شيئاً نبل به أحشاء صادينا
كل المناهل بعد النيل آسفة
ما أبعد النيل إلا عن أمانينا
فرد عليه حافظ إبراهيم قائلاً:
عجبت للنيل يدري أن بلبله
صاد ويسقي ربا مصر ويسقينا
والله ما طاب للأصحاب مورده
ولا ارتضوا بعدكم من عيشهم لينا
لم تنأ عنه وإن فارقت شاطئه
وقد نأينا وإن كنا مقيمينا
الله.. الله يا شوقي والله.. الله يا حافظ وهكذا كل مصري وإن غاب عن الوطن يظل الوطن ساكناً قلبه وفؤاده، حب أبدى «وحب الوطن من الإيمان».
وعظيمة أنت يا مصر.. يا أم الدنيا بلا منازع..؟