مصر ليست في عيد واحد، بل في فرحة كبرى عالية ما بين الأرض والسماء.. عدة أعياد تملأ الدنيا بل كل الدنيا الحرة الفاهمة لعبقرية الزمان والمكان، ومصر بإجماع كل مؤرخى العالم في الشرق كما في الغرب، هي قبلة الدنيا ورمز حضارة العالم منذ فجر التاريخ، والذي حدث لمصرنا الخالدة وملايين يزفونها في يوم عرس تاريخي جميل حين عادت العصمة ليد الشعب وحكمة الشعب وعبقرية شباب وشيوخ أبناء مصر، وأصبحت كلمة الشعب هي العليا، وهي الشرعية الأولى باسم الدستور والقانون وحقوق الإنسان. وفي هذا الجو المفعم بالفرحة الكبرى والبهجة التي أعادت للشعب المصري قاطبة الابتسامة التي غابت عنه سنين عدداً ها هي تعود في موكب انتصار رائع وتاريخى للشعب المصرى، ومن فرحتى الغامرة لم أجد أحلى من نغم العنوان الذي صدرت به هذا الحديث: «مصر رجعت تاني لينا، ومصر -ونعم وتسعين مليون نعم- مصر اليوم في عيد.. عيد عاد لنا بالبهجة الغامرة والفرحة الكبرى، عاد للإنسان إنسانيته التي غربت شمسها، وامتلأت دنيانا بأهازيج سماوية عادت في موكبها «الحرية الحسناء» والديمقراطية الذهبية في ثوب عرس فشيب. تعالوا إذن ننشد نشيد القلب إلي القلب، ونستعرض في عجالة مما قال به شعراء مصر وخطباؤها وعلماؤها تمجيدًا في «خلود وحضارة أم الصابرين.. أم الدنيا مصر الكبرى». لنستمع معًا ما قيل علي لسان الشعب المصرى الأبى الكريم: أنا الشعب.. أنا الشعب - لا أعرف المستحيل.. لا ولا أرتضى بالخلود بديلاً. وقد تحققت في مصر ما قاله الشاعر التونسي، أبو القاسم الشابى.. وكأنه يخاطب ما كان من أمر انتصار الإرادة المصرية: إذ الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر حقًا وصدقًا أراد الشعب المصرى الحياة وقد حدث.. فاستجاب القدر.. أهلاً وسهلاً.. ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر لقد حمل الليل ثيابه ورحل، وأيضاً تحطم القيد وغنى الشعب المصرى «نشيد الانتصار» وتحققت نبوءة الصابرين: وأشرقت الأرض بنور ربها ووقف الشعب المصرى من أقصى الجنوب إلي أقصى الشمال، علي ضفاف النيل السعيد وعلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط مع عروس هذا البحر وقد قران مدينة الإسكندرية علي «عشاقهما».. ويقال: وفي حب مصر كثيرة العشاق تدفق الشعب يوم العرس وكأنه يردد ما غنى به العندليب الأسمر: «صورة.. صورة كلنا كده في الصورة» واسمع يا زمان: صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة، «يا زمان صور.. نعم صور يا زمان»، هنا العرس الحقيقي وهنا يزف الشعب مع الفرحة الكبرى «لواء الخلود وعظمة التاريخ». وهدية العرس الكبير في يوم عيد وما أحلاه وأعظمه من عيد: وكأن الدهر فيه تجمعًا. نقرأ ما قاله أمير شعراء عصرنا الشاعر الوطنى الحر فاروق جويدة: قصيدة عصماء نقتطف من ورودها ورياحينها هذه الآيات البينات: عودوا إلي مصر ماء النيل يكفينا منذ ارتحلتم وحزن النهر يدمينا أين النخيل التي كانت تظللنا ويرتمي غصنها شوقاً ويسقينا أين الطيور التي كانت تعانقنا وينتشى صوتها عشقًا ويشجينا أين المواويل، كما كانت تشاطرنا حزن الليالى وفي دفء تواسينا أين الزمان الذي عشناه أغنية فعانق الدهر في ود أمانينا في موكب المجد ماضينا يطاردنا مهما نجافيه يأبى أن يجافينا وأخيرًا: عودوا إلي مصر صدر الأم يعرفنا. مهما هجرناه في شوق يلاقينا دعاء الشعب في يوم العيد الكبير إلي صدر أمه الرؤوم، مصر الحضارة، مصر التاريخ. خالدة عبر كل العصور وانشدوا معنا: مصر رجعت تاني لينا مصر اليوم في عيد