هل تذكرون أو تتذكرون يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير عام 2011 يوم هب الشعب المصرى، قاطبة بكل أطيافه، بكل شبابه وشيوخه بل رجالاته ونسائه، بل أطفاله حتي الأجنة في بطون أمهاتهن صوب ميدان الفخر والفضيلة والكفاح والذي يسجل له التاريخ أروع وأعظم مكان وكأنه اسم علي مسمى: ميدان التحرير، يوم تحررت مصر قاطبة من ميزان حكم كان عنوانه «قانون الطوارئ» وكانت سياسته قائمة علي محاولة مستترة لقلب «النظام الجمهورى» إلي «نظام ملكي» يورث، كل هذا ضاع مع صيحة غاضبة للشعب المصرى الذي أراد الحياة «وكان لابد أن يستجيب القدر» وفي ذلك اليوم التاريخي الأغر، والذي فيه حطمت مصر قاطبة العقود التي ترسخ فيها في ظل القوانين تلك التي قال عنها واحد منهم «إنها قوانين سيئة السمعة» وصادرة من مجلس أطلقوا عليه: سيد قراره؟ وكان مع إرادة الثوار «أن ينجلى الليل والقيد أن ينكسر» وتمزقت أوراقهم وديست بالأقدام. مازالت تلك الصورة الأسطورية والتي شاهدها العالم قاطبة من فرحة المصريين وهم يهبون من كل فج عميق ومن سبات نوم طالت لياليه، صوب ثورة اللقاء التاريخي عن الميدان العظيم الذي خلد في العالمين واسمه ميدان التحرير تماماً كعظمة النيل وكبرياء الأهرام كان حلماً وأصبح حقيقة، ورأينا الفرحة تكسوا وجوه الشعب المصرى «أسمر اللون بلون شمس الربيع». وكان ذلك علي نحو منقطع النظير، إذ إن اليأس والقنوط كان قد ناجي الشعب المصرى في ذلك الحين إلي أن «يترك الأمور السابقات تجري لمستقر لها» في ظل حكم دام سنوات وسنوات وحين استيقظ الشعب «كان عملاقاً وصاح المارد الأسمر بلغت المنتصر «نموت نموت وتحيا مصر» ومما هو جدير بالتنويه أن الشعب المصري مع هذه الفرحة الكبرى دفع عربوناً لها وثمناً لنجاحها أعز أبنائها وهؤلاء الذين قدموا أنفسهم قرباناً لنجاح ثورتهم، فسقط علي أرضها الشهيد بعد الشهيد وتخصب الميدان بدم أعز الأبناء «وقتل شهيدا علي أرضها دعا باسمها الله واستشهد أن دم الشهداء في أعناقنا جميعاً إذ لولا دماؤهم التي أعادت للشعب عصمته، وأعادت له الديمقراطية المفقودة، والحرية التي غابت من الديار سنوات وسنوات «كأنها الدهر كله» وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة بدقة -كما قال أمير شعرائها: أحمد شوقى. ومازال السؤال حائراً علي ألسنة كل أنماط الشعب: إلى أين المسير يا سفينة القدر؟ والسؤال المطروح وقد نجحت الثورة وعمت الفرحة كل جنبات الوادى وانتصرت وانتصرت معها إرادتنا الجماعية جنباً إلي جنب في موكب «الحب والبهجة والانتصار». ومن هنا وكما نراه -اليوم- أشياء لا تليق بالثورة أو الثوار، وهذه الدماء المسفوكة في بورسعيد الحبيبة وعلي ضفاف النيل وعلي حوض البحر الأبيض في الإسكندرية أثر الترهات المتلاحمة والحكومة نعسانة بل هي في واد، والشعب في واد آخر. والسؤال الأليم: متى يا ترى يلتقيان؟ نقول ونقرر أن الشعب كله صاحب هذه الثورة وباسم المنطق الطبيعي يكون لنا جميعاً حق قطاف ثمارها والعمل بجهدنا وعملنا وطموحاتنا لمزيد من الرقي والطمأنينة والازدهار. ولا يتأتي ذلك إلا بإبرام عهد جديد وميثاق جديد تكتبه النيات الخالصة والعمل الجاد هو فيه فصل الخطاب. «عقداً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً يليق بالثورة». وأن نكون عند عهدنا بأن تكون مصر الحضارة، مصر الثورة، مصر الأمل، مصر المتوضئة منذ فجر التاريخ بمياه قدسية حيث الأمن والأمان: «وادخلوا مصر إن شاء الله آمنين». صدق الله العظيم