قال الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي؛ إن من أكبر الأخطاء الأمنية والسياسية التي فعلها المسئولون في ليبيا ومصر هي معالجة مشكلة الإخوان من خلال المواجهة المسلحة فقط، دون نشر الوعي والفكر بين المواطنين للتوعية بخطورة هذا التنظيم. وأضاف أنه على الدولة القيام بدورها في توعية المواطنين إعلاميًا وثقافيًا ومجتمعيًا بخطورة الفكر الإخواني وتوضيح حقيقته للعامة، وذلك عن طريق إرسال قوافل تثقيفية تجوب قرى الجمهورية لتوعية المواطنين البسطاء بحقيقة الجماعة الإرهابية. عرض "علي" ، في برنامجه "الصندوق الأسود"، على فضائية "القاهرة والناس"، تقريرًا يكشف كيفية تأسيس الجماعات الليبية المقاتلة في أفغانستان.. كان نصّه الآتي: في سبعينيات القرن الماضي.. حملت الرياح فيروس التكفير من القاهرة، متوجهًا نحو ليبيا عابرًا بحور الرمال ليحطّ في طرابلس وبنغازي وبرقة، ومنها إلى الجبل الأخضر والكفرة. فعلت معالم سيد قطب فعلتها.. وبدأت أول خلية تكفيرية في التشكّل على يد على العشبي ومعه ثمانية من رفاقه ما لبث أن فككتها الأجهزة الأمنية الليبية واغتالت عناصرها ال9. وفي عام 89 استطاع عوض الزواوي تشكيل جماعة أخرى أطلق عليها "حركة الجهاد".. فاعتقل هو أيضًا. وفي نفس العام شكّل أحد أنصاره وهو محمد المهشهش، الملقب ب"أبو سياف" تنظيمًا يُدعى "حركة الشهداء الإسلامية". وزاد الضغط الأمني على تلك المجموعات التكفيرية، ففرّت إلى أفغانستان، ملتحقة بتنظيم الاتحاد الإسلامي بزعامة أمير الحرب الأفغاني عبد رب الرسول سياف.. ونشط هؤلاء الليبيون بمعسكر "سلمان الفارسي" على الحدود الأفغانية الباكستانية.. وفي عام 90 تأسَّست الجماعة الإسلامية المقاتلة في قندهار سرًّا وبدأت أفواجها للعودة إلى ليبيا في محاولة منها للتخلّص من حكم "القذافي". وقال علي، إن "ليبيا مش دولة جوار، ليبيا هي مصر، وطن واحد ودم واحد، الغريب هو اللي جاي يخرّب، ويعكّر الميه الصافية اللي بينّا"، مضيفًا أن "مصر وليبيا مصيرهما واحد". وأشار "علي" إلى أن الوضع الأمني الآن في ليبيا في غاية الخطورة، موضحًا أن عدة جهات تتحكّم في الأعمال الإرهابية في ليبيا الآن، فالسلاح أمريكي، والتمويل قطري، والتنفيذ خاص بتنظيم القاعدة التابع لأيمن الظواهري. وأضح أن من ضمن أخطاء السياسيين في مصر هو اتجاههم للتصالح مع جماعة الإخوان ودمجها في الحياة الاجتماعية للمصريين مرة أخرى، مضيفا أن حقيقة الفكر الإخواني يتظاهر بقبوله للمصالحة، ولكنه يعود لممارساته الإرهابية مرة أخرى حين تسمح له الظروف بذلك مستقبلا. وحذر "على" الحكومة القادمة من خطورة التصالح مع الإخوان، مشيرًا إلى أن نظام مبارك تصالح معهم، كما أن بعضهم أكد نبذ العنف، إلا أنهم ظهروا على حقيقتهم بعد ذلك، ويقودون الإرهاب الآن أمثال عاصم عبدالماجد وطارق الزمر وصفوت عبدالغني. لم تكن تنوي تلك الجماعة البدء في قتال "النظام" إلا بعد استكمال التجهيزات "إعداد العدّة"، في محاولة منها للاستفادة من تجربة الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في مصر، إلا أن الصدفة وحدها تسبّبت في انكشاف أمرها بعدما ارتاب أحد المخبرين السريين في عشّة بإحدى المزارع القريبة من الجبل الأخضر، والتي كانت تأوي عددًا من عناصر الجماعة، فاضطرت بعد ذلك إلى الاستعجال بالصدام مع نظام "القذافي". دارت حرب طاحنة بين قوات "القذافي" و"المقاتلة"، واشتعل مسرحها في منطقة "الجبل الأخضر" الوعرة وما لبث أن لقى المئات من عناصر "المقاتلة" مصرعهم، بينما سُجن آلاف آخرون وسط ادعاء من قيادات التنظيم بأن "القذافي" استعان بالطائرات الصربية في قصف معاقلهم. لاذ المئات من عناصر "المقاتلة" إلى أفغانستان مرة أخرى وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر استطاع الجيش الأمريكي أن يعتقل أبرز قادتها، عبدالله الصادق الذي اعتقل في تايلاند في 2004 ونائبه "أبو حازم" ومفتي الجماعة "أبو المنذر" وزجّ بهم في سجن "بجرام". وأضاف :"في عام 2007 أعلن أيمن الظواهري، نائب زعيم تنظيم القاعدة وقتها، عن انضمام "المقاتلة الليبية" إلى تنظيم القاعدة رسميًّا مع أن أحد قادة القاعدة وهو "أبو الليث الليبي" الذي لقي مصرعه عام 2008 في شمال "وزير ستان" في هجوم شنّته طائرة أمريكية دون طيار، كان أحد أهم قادة "المقاتلة" منذ نشأتها. في أواخر عام 2008 حذا نظام القذافي حذو مصر في الدخول في مفاوضات مع قادة "المقاتلة" في السجون، لتشجيعهم على الدخول في مراجعات لأفكار التكفير والعنف، مقابل الإفراج عنهم على أمل إغلاق ملفهم للأبد وهي الدعوة التي لاقت قبولًا عند تلك القيادات، كان من أبرزهم "عبدالحكيم بلحاج" وبرعاية علي الصلابي. في مشهد دراماتيكي خرج سيف الإسلام القذافي وبجواره قادة "المقاتلة"، ليعلن عن تخلّص الجماعة من أفكارها التكفيرية ومحاولة دمجهم في المجتمع.. وأفرج وقتها عن ثلث سجنائهم كدفعة أولى. لم يكن يعرف القذافي وأبناؤه أن القدر يخفي عنهما القتل والتشريد.. على يد مَن أخرجوهم بأيديهم من تحت أقبية السجون.. ما فتئ يمر عامان حتى اندلعت الثورة المسلحة ضد القذافي.. تحت قيادة الخارجين من السجون، كان على رأسهم عبدالحكيم بلحاج وراف الله السحاتي وإسماعيل الصلابي.. كانوا ذوي خبرات عسكرية اكتسبوها خلال حربهم ضد الروس وحكم نجيب الله. لم يكن هناك مجال للفشل عند قادة المقاتلة.. فالفشل يعني تعليقهم على أعواد المشانق أو إطلاق الرصاص على أدمغتهم من الخلف.. الويل للمغلوب.. القذافي الذي نفذ فيه أحد رجال المقاتلة حكم الإعدام. وبات عبدالحكيم بلحاج، أحد أهم قيادات "المقاتلة الليبية" قائدًا للمجلس العسكري في طرابلس، بعد ظهوره كقائد لمعركتي "باب العزيزية" و"فجر عروس البحر"، وأصبح قادة الميليشيات الليبية التي تنتمي إلى "المقاتلة الليبية" هي مَن تحكم قبضتها في الواقع على الأرض الليبية في ظل ضعف الدولة المركزية هناك. وعرض، عبدالرحيم على، تقريرًا عُرض بقناة القاهرة والناس، يكشف شخصية الإرهابي عبد الحكيم بلحاج، وقال ما إن اقتربت جحافل الميليشيات من باب العزيزية حتى سمع العقيد القذافي أصوات دانات الهاون تتساقط بجانبه مدوية، ذهل القذافي عندما علم أن القائد الذي يدك حصونه المنيعة هو عبدالحكيم بلحاج، الذي أخرجه بيده من السجن ظنًا منه أنه قضى على ظهر الأفغان الليبيين وأن زعيمهم بلحاج قد تاب وأناب. بصوته الهادئ ولحية سوداء وخطاب معتدل جلس هذا الرجل بجوار سيف الإسلام القذافي يتحدث عن نبذ جماعته لأفكار التكفير، التي عششت فيها حين من الدهر، وقال إنه يبدو أن نظام القذافي لم يتلُ في تلك الجلسة الآية الكريمة "وما تخفي الصدور". وحين ظهر بلحاج بنظراته الخجولة على الملأ في باب العزيزية منتصرًا، بدأ العالم على الفور التفتيش في أوراقه القديمة بداية من خروجه عام 1988 من ليبيا، وانخراطه في "الجماعة الإسلامية المقاتلة"، التي خططت للقضاء على حكم القذافي باعتباره مخالفا للدين ولا يحكم بحكم الإسلام. قاتل بلحاج الروس في كابل في الثمانينات وأوائل التسعينات، وكان الشبان الليبيون يتداولون قصص المجاهدين الليبيين هناك، الذي كان يقدر عددهم بنحو 2500 مقاتل. وأشار عبدالرحيم علي إلى أنه رغم الإعدامات للناشطين المعارضين للكتاب الأخضر من مختلف التوجهات داخل ليبيا، فإن الشبان المتحمسين تمكنوا من استلهام تجربة المجاهدين العرب، الذين كانت تصورهم وسائل الإعلام أبطالا يكافحون ضد "الشيوعيين والملحدين". وأضاف: على هذه الأرضية الخطرة، وبينما كان بلحاج مازال على جبهة الجهاد في الجبال الأفغانية، تأسست حركات إسلامية جهادية صغيرة لكنها متعددة تشبه ما كان في مصر من جماعات تكفر الحاكم وتدعو للخروج عليه، منها حركة الشهداء الإسلامية عام 1989، وبدأ بعض أثرياء ليبيا الفارين من نظام القذافي يشجعون مثل هذه الحركات ويمولونها. وقال إن القذافي سحق هذه الحركات بلا رحمة في عمليات مطاردة ودهم استمرت في 1989، وفجرت خلالها عدة بيوت على رأس أصحابها، وكانت الأخبار تطير إلى بلحاج في أفغانستان عن اعتقالات وقتل عشرات آخرين، بعضهم مازال مصيره مجهولا. شحذ وجدان بلحاج، ففكر ودبر، واعتقد رجال الاستخبارات وقادة اللجان الثورية أن مهمة القضاء على خطر المتشددين الإسلاميين قد نجحت. وأضاف: من أفغانستان توجه بلحاج عبر الحدود إلى باكستان ثم تركيا، محملا بتجارب في فنون القتال اكتسبها من قادة ميدانيين، منهم أسامة بن لادن، وعبدالله عزام، وحكمتيار، وسياف، ورباني، وانتقل بعدها إلى السودان بحدودها المتاخمة لليبيا، حيث دروب المهربين والانفصاليين، ومنها عاد إلى بيته متخفيا عام 1994. وأكد أن السلطات الأمنية الليبية تأكدت أن العشرات من الليبيين الأفغان تمكنوا من التسلل ودخول البلاد، وسريعا ما تبينت السلطات، أن محاولة القضاء على الإسلاميين المتشددين في 1989 رغم قسوتها وشدتها "لم تكن إلا عملية دهس للذيل لا الرأس". ولدى عودته من أفغانستان اختبأ لدى جماعة شبابية تكفيرية كانت مفتونة بأخبار انتصارات المجاهدين في أفغانستان، وتم الاتفاق في لقاءات بالجبل الأخضر وفي أحواش "الإخوة" ببنغازي على القيام بعملية كبيرة انتقاما من القذافي. وقال عبدالرحيم على: "في دولة محكومة بالحديد والنار كان مشهد القصر الذي بني فجأة عام 1994 على طريق مدخل بنغازي، لافتا لانتباه العابرين من ذلك الطريق، فما بالك بأجهزة القذافي؟ قصر بناه رجل ثري من الليبيين يدعى بو الرايقة، وأنشأ فيه مسجدًا، بينما كانت السلطات تراقب وتتنصت، كان الجهاديون الذين يترددون على القصر، ومنهم كوادر بالجماعة الإسلامية المقاتلة، قد أصبحوا دون أن يدروا تحت أعين الاستخبارات والأمن الداخلي واللجان الثورية وغيرها من الأجهزة الأمنية، طوق القصر وفجر بالديناميت وسوي بالتراب، ساد الهدوء بعد مذبحة سجن أبو سليم، التي قتل فيها نحو 2000 سجين غالبيتهم من التكفيريين بعد أن حاولوا السيطرة على السجن والهروب الكبير. وأضاف علي أنه للمرة الرابعة تشعر السلطات الليبية أنها استراحت من هذه الجماعات، حيث قال القذافي في سنة 1999 إن «الأفغان العرب الذين دربتهم أمريكا على القتل وزرع القنابل تم القضاء عليهم، معظمهم قتل أو اعتقل»، عاد وعادت معه ميليشيات القاعدة لتسيطر على ليبيا، حتى بات مرشحا لتولي منصب وزارة الداخلية الليبيبة الإرهابي عبد الحكيم بلحاج، "وكم بليبيا من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء". وعرض عبدالرحيم علي، تقريرًا عن معسكرات تنظيم القاعدة بليبيا، كان نصّه: حينما أوفد أيمن الظواهري مساعده عبدالباسط عزوز إلى ليبيا في مايو 2012، ليدير أول معسكر للقاعدة، يضم 300 تحت قيادته في بنغازي، كان هذا مؤشرًا على أن هناك شبكة للجماعات الجهادية وجيلها الرابع من الخوارج الجدد ستمتد بطول الأراضي الليبية. ركّزت إستراتيجية عزوز على تشديد قبضته وعقد تحالفات متنوعة مع قبائل دولة ما بعد القذافي، واضعًا في خطته تشديد قبضته على مخازن السلاح، ثم بعدها محاولة منع إمدادات النفط عن الغرب، بعد أن يكون قد أصبحت له معسكرات فائقة القدرة على الحركة، تدعمها شبكة دولية وإقليمية أخرى، أهمها إمارة الصحراء الإسلامية التي تمتد جنوب ليبيا لتصل إلى ساحل المحيط الأطلنطي. لقد تحقّق الهدف ورُفعت أعلام القاعدة، واخترق الخوارج الجدد منطقة الساحل والصحراء الشاسعة جنوبالجزائر وشمال مالي، وتعاظم نفوذهم، وأصبحوا يمتلكون عدة معسكرات يقود بعضها مصريون مثل شريف رضوان. وتضم خريطة معسكرات القاعدة بليبيا عدة معسكرات، أهمها معسكر الزِّنْتَان الذي يخضع لإدارة تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا، ومنهم القيادي يوسف جهاني، وقد خرجت منه مجموعة قامت بعملية منشأة عين أمناس النفطية جنوبالجزائر. ثم معسكر أبو سليم، ويشرف عليه أبو دجانة الموجود حاليًّا في شمال غرب سوريا وهو مخْتص في تحضير الانتحاريين. كما تضم القائمة ثكْنَة الجبل الأخضر داخل مركز القيادة العسكَرية للجماعة اللّيبية المقاتلة، بجوار مدينة درنة وهُو المعسكر الأكثَر تَطَورًا وتَجهيزًا، ويعمل بنظام الدورات وفق أسس أكاديمية، ويختص بصنع وتفكيك المتفجرات إضافة إلى التدريب على مختلف أنواع الأسلحة. يأتي بعد ذلك معسكر الإخوان ويقع مقره في منطقة بوفاخر ببنغازى، ومنه خرجت طلائع غرفة عمليات ثوار ليبيا التي اختطفت رئيس الوزراء على زيدان بسبب رفضه إدانة الإطاحة بمرسي العياط وزيارته لمصر. وتمتد خريطة المعسكرات التكفيرية لتشمل مخيمًا للسلفية الجهادية، ومقره في منطقة الليثي ببنغازي، ويشرف عليه عبد الباسط عزوز مستشار زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظّواهري، إضافة إلى معسكر مدينة سرت، وتحديدا في منطقة الظهير التي تبعد عن وسط المدينة مسافة 15 كيلومترًا، وهو أحدث هذه المعسكرات، ويتمتع بأهمية كبيرة بسبب نوعية التسليح فيه وخبرات المدربين من مختلف الجنسيات، ويعتبر هو الرابط الرئيسي بين مختلف معسكرات الخوارج الجدد في ليبيا. كما أن هناك معسكرات أخرى على الحدود التونسية، مثل: معسكَر قاعدة "ألوطية الجوية" في الغرب الليبي قرب مدن الجميل والعجيلات المحاذية للحدود التونسية، وفيها يدرّب أبو عياض التونسي الأفراد التابعين له، إضافة إلى معسكر أبو المهاجر الليبي الذي له علاقة مباشرة بما يحدث في مصر، لأن موقعه بعيد نسبيًّا عن أعين الأجهزة الاستخباراتية، إضافة إلى معسكر الفزان الذي يضم آلاف "التكفيريين" من دول المغرب العربي وأقطار الصحراء حتى من السنغال ونيجيريا، وقد أسهم في توجيه مقاتلين إلى جبهة النصرة في سوريا، ومقاتلي جبهة الدعوة والتوحيد، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة "الموقعون بالدم". المعسكر الأخطر هو في بنغازي حيث يوجد جيش من المسلحين على حدودنا الغربية، وفق ما ورد في التقْرير المقدم للنيابة بتاريخ 9 أكتوبر 2013، ويتضمن تسجيلات صوت وصورة ووثائق هائلة، منها مكالمات هاتفية وبريد إلكتروني، واعترافاتٍ ل112 متهمًا أُرسلوا إلى ليبيا للتدريب، لإنشاء جيش مصري حر. شاهد الفيديو: #t=781