تولى السيناريست عبدالستار فتحى من جديد مسئولية الإشراف على الرقابة على المصنفات الفنية بداية من الأحد الماضى، وبذلك تكون المرة الثالثة التى يتولى فيها هذا المنصب. «عبدالستار» يواجه صعوبات كثيرة أهمها التنسيق بين لجان الرقابة الثلاث التى أسسها وزير الثقافة، بالإضافة إلى المأزق الحقيقى الذى يستعد له للموافقة على مسلسلات رمضان التى حظيت بنسبة استهجان كبيرة العام الماضى، لأنه كان مشرفاً فى وقت عرض أعمال تناولت مشاهد وألفاظاً إباحية رفضها المجتمع المصرى، كما تواجهه أزمة «حلاوة روح»، خاصة أنه اعترض على قرارات النيابة الإدارية عن رؤيته الجديدة للرقابة وخطته لرمضان المقبل حاورناه فقال.. كيف ترى قرار النيابة الإدارية بشأن «حلاوة روح»؟ - النيابة من حقها أن تتدخل بالتحقيق فقط بحكم وجود قضية مقامة ولكن ليس من حقها التصريح بنوعية المشاهد التى يتم حذفها فهذا ضد العرف وغير مشروع لأن الفيلم من الوارد أن يتم إجازته ببعض هذه المشاهد، فكيف سيكون وضعها، بالإضافة إلى أن المشاهد التى طالبنا بحذفها 12 مشهداً، وليست 10 فقط، كما قالت النيابة، فهناك مشهدان خاصان بالطفل وهو يشاهد هيفاء وهبى ويتجسس على جسدها وهناك مشاهد من التى كتبتها الرقابة أجزناها فى أفلام كثيرة، وبالتالى فلن نرفضها فى فيلم «حلاوة روح» مثل مشهد «السويت» ولذلك فمهنياً النيابة أخطأت بأن تطلب منا ألا ننشر مشاهد حتى ينتهى التحقيق ولكنها فعلت ذلك، بالإضافة إلى أن الفيلم مازال حتى الآن فى لجنة التظلمات. كيف عرض الفيلم على لجنة تظلمات وهو لم يرفض من الرقابة؟ - الفيلم تم سحبه وبذلك من حق منتجه أن يتظلم لأن الفيلم يعامل معاملة المرفوض من الرقابة، طالما أنه يعاد على الرقابة من جديد وسيتم التعامل مع الفيلم معاملة أنه لم يشاهد من قبل ومطلوب من مخرجه ومنتجه تنفيذ كل مطالب الرقابة وإلا لن يعرض الفيلم. لكن تحقيقات النيابة قالت إن المخرج أضاف 10 مشاهد على السيناريو دون علم الرقابة فكيف تغاضيتم عن هذا الأمر من البداية؟ - الحكم فى عرض الفيلم هو المشاهدة النهائية والسيناريو مجرد تصريح بالتصوير فليس كل فيلم عربى يتم تصويره نعترض عليه مشهداً مشهداً وأحياناً تتم إضافة مشاهد للسيناريو بعد الموافقة عليه، ونحن لا نحضر التصوير إلا إذا كان الفيلم أجنبياً يتم تصويره فى مصر، فهنا قانون الرقابة يجبرنا أن نرسل أحد الرقباء لحضور التصوير، و«حلاوة روح» أثناء مشاهدة الشريط الأخير تم تسييره ب5 ملاحظات من بينها مشاهد لهيفاء وهبى وحماتها تتحدث بجرأة، أيضاً حوارها مع محمد لطفى ومشاهد للطفل يشاهد هيفاء وهبى من الشباك وأخرى حوار بين الناس فى الحارة، لكن المخرج حذف ال5 مشاهد وأضاف بدلاً منها 10، وهذا الخلاف الذى نشأ بين الرقباء وأحمد عواض ولكن الكل قال رأيه والرقيب أعطى إشارة العرض وهذا من حقه. كيف ترى تحويل الرقباء للنيابة الإدارية؟ - أنا لا أسمح بالتحقيق مع الرقباء لأنه لا يوجد رقيب يحاكم على رأيه، ولن نعود مرة أخرى لأزمة فيلم «المذنبون»، فليس بعد ثورتين يتم كبت حريتنا والحجر على رأينا، ولو حدث ذلك لن أسمح لرقيب أن يوقع على التقارير أو يعمل من الأساس طالما أننا فى دولة كبت. فى النهاية ما مصير الفيلم؟ - الفيلم أخذ دعاية أكبر من حجمه بكثير وتوقفه أثار التساؤلات، وما فعلناه الآن هو رد فعل لرأى الشارع، لابد أن نتفق فى النهاية على صيغة معينة لأن الأزمة ليست فى قيمة الفيلم، لكن تعطيله يعطى أهمية لأشياء تافهة ويثير تساؤلات، والفيلم معروض مثل أى فيلم الآن وسيتم اتخاذ قرار بشأنه وسيعرض بعد إجازة الرقابة له. ما سر التضارب بين الرقابة واللجنة التى نظمتها وزارة الثقافة بالتعاون مع مجلس الوزراء لإجازة ورفض الفيلم؟ - على العكس لا يوجد تضارب، وما قيل إن المستندات الخاصة بالفيلم ضاعت ليس له أساس من الصحة فاللجنة انعقدت وجارٍ إمدادها بكل مستندات الفيلم، وأنا المسئول عن تلك المستندات، هناك تنسيق بين اللجنتين، ولجنة وزارة الثقافة وظيفتها تحقق فى كيفية إجازته فى المرة الأولى لإعادة هيكلة الرقابة من جديد وليس من أجل الفيلم وهذا لا يتضارب مع عملنا فى الرقابة الآن. ما مطالبك من هذه اللجنة؟ - نحن فى الرقابة نعمل بروح القانون لأنها قديمة تم إنشاؤها فى 1955، وبالتالى هذه القوانين تحتاج لتغيير، والرقابة تحتاج إعادة نظر وإعادة ترتيب من الداخل والخارج وأطالب بتغيير كلمة الرقابة، فأنا أخجل عندما أقول إننى رقيب فأنا مبدع، ولا رقابة على الإبداع، ولذلك أتمنى أن توضع أسس أكثر وضوحاً وأتمنى تحسين الوعى السينمائى لدى المشاهد لأن أزمات الأفلام الآن أنها يكتب عليها «للكبار فقط» ومع ذلك يدخلها صغار السن وأصحاب دور العرض يقبلون ذلك، وهذا نقص وعى لأن التصنيف فى العالم أثبت أنه لا يصلح عندنا بهذا الوعى. مصطلح «للكبار فقط» أصبح أزمة حقيقية فى التليفزيون والسينما ولا يمكن أن يتم الوعى السينمائى بين يوم وليلة فماذا ستفعلون كرقباء؟ - الوعى السينمائى لن يأتى إلا بالثقافة العامة وهذا مرتبط بمنظومة التعليم الفاشل الذى نعانى منه، فالوعى هو منظومة إعلامية ثقافية تربوية حتى تسير الأمور فى سياقها الطبيعى ومن هنا حتى يتم تغيير هذا الوعى، الحل فى يد المنتج الوطنى مثل رمسيس نجيب وآسيا شخصيات لا يكون هدفها إنتاج فيلم بهدف ربحى فقط ولا يكون هدفها جمع إيرادات، لكن نريد منتجاً وطنياً ينتج سينما حقيقية خاصة أننا فى ظل ثورة تكنولوجية حقيقية مع رأس مال وطنى سيكون هناك سينما تحترم الجمهور المصرى. فيلما «بنت من دار السلام» و«ظرف صحى» تمت إجازة البرومو وحذفت المشاهد من الفيلمين لماذا؟ - لأن الرقابة على المصنفات الفنية ليس لها سلطة على القنوات الفضائية فيلم «بنت من دار السلام» تم الاعتراض على بعض المشاهد فيه الخاصة بمرض الماسوشية وكانت بها جرأة ألزمنا المخرج أن يحذفها وبالفعل امتثل إلى قرار الرقابة، ووافقنا على برومو واحد للعرض على الفضائيات، لكن للأسف المخرج قدم بروموهات أخرى وليس لدى سلطة لأمنعه لأن الفضائيات تابعة لوزارتى الاستثمار والإعلام، وفيلم «ظرف صحى» تمت إجازته دون مشاكل ومشاهد الرقص التى اعترض عليها البعض ليس لدى سلطة لحذفها لأنها رقص على مسرح لا يمكن أن أرفضه فهى تقدم فى المسارح والتليفزيون. العام الماضى عانى المشاهد المصرى من كم الألفاظ الخادشة للحياء فى المسلسلات كيف ستتعاملون مع رمضان المقبل؟ - ما حدث كان تجاوزاً من شركات الإنتاج، فأنا أجزت 27 مسلسلاً تليفزيونياً للعرض فى شهر رمضان كسيناريو، أجزت منها 17 مسلسلاً فقط للمشاهدة بعد مشاهدتها، ولم أجز ال10 مسلسلات الأخرى وفوجئت بتصويرها على الهواء، بالإضافة إلى مشاهد بذيئة وألفاظ خادشة وأرسلت لهم إنذارات بوقف المسلسل، ولكن للأسف ليس لنا رقابة على الفضائيات وهم عرضوا العمل دون إرادتنا وأصبح هناك تضارب ما بين رؤساء القنوات بعضهم يشاهد حلقات المسلسل قبل عرضه والآخر يعرضونه ويكتبون «للكبار فقط» واكتشفت أن هذا غير مناسب للمجتمع المصرى لأننا لا نعرف معنى كلمة «للكبار فقط»، فهذه الكلمة لجأت لها الفضائيات حتى يتم تمرير ما فعلوه فى السيناريو مع رفض الرقابة، حيث أحياناً تؤثر الممثلة على المخرج أو أن يكون للمخرج رؤية مختلفة الممثلة عن والمسلسل يدخل المنازل غصباً عنا ولذا علينا أن نحافظ على الدراما وإلغاء كلمة للكبار فقط نهائياً. وحاولت اتخاذ إجراء وقائى أرسلت إنذارات وعدداً من الرقباء لمواقع تصوير الشركات التى تهربت العام الماضى وأنتظر حتى تحدث مصيبة فى المنازل وبعدها يقولون إن الرقابة سمحت بذلك. ما الحل لوقف كل هذه التجاوزات حتى يتوقف الصراع بين المبدعين والرقباء؟ - أمريكا وبلجيكا بهما رقابة تليفزيون ومجتمع مدنى وهذا ما نحتاجه فنحن دولة تنتج 8 أفلام فى العام وغير قادرين على طرحها فما بال نيجيريا التى تطرح أكثر من 400 فيلم فى العام، الشارع حساس للغاية وأنا لن أراهن على فئة تستمتع بمشاهدة الإسفاف لأن السواد الأعظم ناس محترمون وبالتالى يجب أن نراعيهم، وأطالب المخرجين والمنتجين بأن يساعدونى فإذا كانت الرقابة لها ملحوظة فلماذا لا يتم تنفيذها والتشاور فيها لكن كل مخرج أرفض له جزءاً من مشهد أو لفظاً يلجأ إلى طرحه عبر وسائل الإعلام وكأنه بطل قومى، أطالب المبدعين بأن يساعدونا وإذا أصروا على ذلك فلن يمر الفيلم ولن أمرر أى فيلم يؤثر بالسلب على الشارع فأنا منوط بتطبيق القانون وأتمنى أن يعرض على فكرة جريئة لكن ليست «قليلة أدب» للأسف هناك من يهتم بفكرة تافهة وإباحية ويطالبوننى بأن أقبلها فما ذنب الناس.