لا تخضع الصحف الخاصة أو الحزبية أو القنوات الفضائية الخاصة لقاعدة المساواة بين المرشحين للرئاسة في الدعاية الانتخابية المقررة في المادة 20 من القانون الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية!.. لأنه تتم الدعاية فيها «بمقابل» من المرشح، في غالبية الأحوال، ولم تبين الفقرة الثانية من المادة المذكورة، نوع التدابير التي تقررها اللجنة في حالة مخالفة المرشح لأحكامها، وبالطبع ليس مفهوماً كيفية تنفيذ قرار اللجنة بالوقف الفوري للمخالفة، دون إخلال بالمسئولية التأديبية للمخالف الذي بالضرورة سوف يكون من المسئولين عن الإذاعة أو النشر في هذه الوسائل الإعلامية، وليس المرشح ذاته فلا توجد عقوبة محددة له وذلك إذا كان قد قام بالتحريض والاشتراك في المخالفة!.. وقد أوجبت المادة 21 من القانون أن يتضمن ما تذيعه أو تنشره وسائل الإعلام من استطلاعات للرأي حول الانتخابات الرئاسية، المعلومات الكاملة عن الجهة التي قامت بالاستطلاع، والجهة التي تولت تمويله، والأسئلة التي اشتمل عليها، وحجم العينة ومكانها وأسلوب إجرائه، وطريقة جمع البيانات الخاصة به وتاريخ القيام بالاستطلاع، ونسبة الأخطاء المحتملة في نتائجه، وقد حظرت الفقرة الثانية من هذه المادة نشر أو إذاعة أي من هذه الاستطلاعات خلال الخمسة الأيام السابقة علي اليوم المحدد للاقتراع حتي انتهائه، وبالطبع قد قصد بهذه الأحكام أن يكون الاستطلاع موضوعياً ومحايداً، وغير مضلل للناخبين، وقد حددت المادة 22 من القانون الحد الأقصي لما ينفقه المرشح علي الحملة الانتخابية الخاصة به وذلك بعشرين مليون جنيه، كما حددت المادة الحد الأقصي للإنفاق علي حملة انتخابات الإعادة بخمسة ملايين جنيه، وليس مفهوماً بدقة ما هي الحكمة من هذا التحديد بهذه الأرقام للحد الأقصي لما ينفقه كل مرشح، كما أن تحديد هذا الحد الأقصي بعشرين مليون جنيه، يعد عائقاً مالياً، يمنع غير المليونيرات من الترشح رغم توفر الشروط اللازمة للترشيح فيهم، بمعني أن عدم تملك أي من هؤلاء العشرين مليوناً أو نسبة كبيرة ومعقولة من المبلغ سوف تدفع عملاً من يرغب في الترشيح إلي العزوف عنه، حيث لا تتوفر لهذه الفئة من المحتمل صلاحيتهم للترشيح، القدرة علي المنافسة في الدعاية الانتخابية بصورة متكافئة مع من يملكون هذه الملايين، وفي هذا بلا شك إخلال بالمساواة التي يحتمها الدستور ضمن المبادئ الحاكمة للانتخابات. وقد أجازت الفقرة الأولي من المادة 23 أن يتلقي المرشح تبرعات نقدية أو عينية من الأشخاص الطبيعيين المصريين، علي ألا يجاوز مقدار التبرع من أي شخص طبيعي اثنين في المائة من الحد الأقصي، المقرر للإنفاق علي الحملة الانتخابية، وقد حظرت صراحة المادة 24 تلقي المرشح لأية مساهمات أو دعم نقدي أو عيني للحملة من أي شخص اعتباري مصري أو أجنبي، أو من أية دولة أو جهة أجنبية، أو من منظمة دولية، أو أية جهة يسهم في رأسمالها شخص أجنبي أو من أي شخص طبيعي أجنبي!، وإذا كان مفهوماً مبررات حظر التمويل الأجنبي للمرشحين، وذلك تنفيذاً لمبدأ وطنية الحملة الانتخابية الرئاسية، فإنه ليس واضحاً أيضاً الحكمة من منع حصول المرشح علي دعم نقدي من الأشخاص المعنوية، سواء من الأحزاب أو الجمعيات أو الشركات الخاصة المصرية. وقد ألزمت الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون المرشح الرئاسي بفتح حساب بالعملة المحلية لدي أحد البنوك التي تحددها لجنة الانتخابات الرئاسية، وذلك لإيداع التبرعات النقدية التي يتلقاها وما يخصصه للحملة من أمواله الخاصة ويجب علي المرشح والبنك إخطار اللجنة أولاً بأول بما يتم إيداعه في هذا الحساب، ومصدره كما يجب علي المرشح إخطار اللجنة بأوجه الإنفاق من هذا الحساب، خلال المواعيد ووفق الإجراءات التي تحددها اللجنة، وقد حظرت المادة صراحة إنفاق المرشح علي هذه الدعاية من خارج الحساب المذكور.. وأوجبت المادة 25 علي المرشح أن يقدم إلي اللجنة خلال 15 يوماً من إعلان نتيجة الانتخابات بياناً شاملاً بتحديد مجموع المبالغ التي حصل المرشح عليها وطبيعتها ومصدرها وما أنفقه منها علي الحملة الانتخابية، وأيضاً أوجه هذا الإنفاق، وأناطت المادة 26 بالجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة حسابات الحملة الانتخابية وتقديم تقرير بنتيجة المراجعة إلي اللجنة المذكورة خلال 15 يوماً من تاريخ إحالة هذه الحسابات إليه من قبل اللجنة، ومن الواضح أن الهدف من هذه الأحكام هو إحكام الرقابة علي تمويل الحملة الانتخابية والإنفاق عليها! وقد تضمنت المواد 49 و55 و56 العقوبات الجنائية علي مخالفة الأحكام التي تضمنها القانون بشأن تمويل الدعاية الانتخابية وتنظيمها وتراوحت العقوبات بين الغرامة والحبس، ورغم ذلك فلا شك في صعوبة إثبات وقوع الجرائم التي حددتها هذه المواد، خاصة فيما يتعلق بتوفر المستندات الجدية لعمليات الإنفاق!، ولم يتضمن القانون أية عقوبة أصلية أو تبعية بإبطال الانتخاب الخاص بالمرشح الذي يخالف بصورة جسيمة هذه الأحكام. المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق