لم أنس بعد هذه الواقعة التي حدثت خلال تولي المعزول د. محمد مرسي رئاسة الجمهورية قبل أن يعزله الشعب بعد توليه الرئاسة لمدة عام فقط، والواقعة تتصل بهذه الحرب الناشبة هذه الأيام بين وزارة الأوقاف التي ضمت كل المساجد لها، وألزمت بعدم اعتلاء منابرها خطباء من غير الأزهريين، وضرورة أن ترخص الوزارة باعتلاء من تراه لمنابر مساجدها التي توفر لها أعدادا من الخطباء المحدثين غير من فيها أصلاً، والواقعة التي شهدها وجود الرئيس المعزول محمد مرسي كانت قد انفجرت بمناسبة تعيين الوزارة - الأوقاف - لخطيب جديد لمسجد عمر مكرم ومنع خطيب المسجد الشيخ مظهر شاهين من إلقاء خطبة الجمعة!، وكان شاهين قد دأب علي شن الهجوم علي حكم الإخوان والتف حوله الكثيرون ممن كانوا يتابعون خطبه خاصة يوم الجمعة من كل أسبوع، وعند حلول يوم الجمعة الموعود الذي حددته وزارة الأوقاف لتولي خطيب جديد للمسجد بمقتضي قرار مطبوع، أعلن الشيخ مظهر شاهين أنه لن يلتزم بقرار الوزارة بإقالته!، وأنه سوف يخطب يوم الجمعة المعتاد ولن يمكن للخطيب الجديد اعتلاء المنبر!، وبالفعل لم يتمكن الخطيب من إلقاء الخطبة من فوق المنبر الذي سبقه إليه الشيخ شاهين، وكانت الواقعة أول ملمح يشير إلي أن تولي خطباء من جانب وزارة الأوقاف سوف يواجه مقاومة شرسة!، إن لم تبدأ في القاهرة فسوف تكون ميادينها مختلف المساجد بالأقاليم! وهو ما تحقق مؤخراً فى قرية «المطاهرة القبلية» بالمنيا، وما تناولته بالتفصيل الزميلة سناء حشيش في التحقيق الذي أحاط بالواقعة في الوفد أمس، حتي أن - وهذا اللافت للنظر - الشيخ محمد عز الدين وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة - ولنلاحظ منصب الشيخ في وزارة الأوقاف - قد جري منعه من إلقاء خطبة الجمعة في مسجد الرحمن الرحيم في القرية المنياوية ولم يمكن من ذلك، رغم أنه كان ضمن قافلة لعلماء الأزهر والأوقاف في محافظة المنيا، وقد حكي الشيخ «عز الدين» أنه «قد تم الاعتداء عليه من جانب أتباع الشيخ محمد حسين يعقوب، وأغلقت أبواب المسجد، وتمكن الشيخ يعقوب من اعتلاء المنبر عنوة وإلقاء خطبة الجمعة، وقد تم إبلاغ مديرية الأوقاف بالمنيا والوزارة بما حدث»!. فإذا كانت واقعة مسجد عمر مكرم قد فجرها قرار وزارة أوقاف الحكم الإخواني بتعيين خطيب جديد للمسجد بهدف إبعاد الشيخ مظهر شاهين عن الخطابة في المسجد!، مما يعد انتقاماً سياسياً من الشيخ شاهين لهجومه علي الإخوان وانتقادهم، فإن ما رأته وزارة الأوقاف الحالية من ضرورة ضم كل المساجد لها وإدارتها من جانب مسئولين من الأوقاف وعدم اعتلاء منابرها من غير الأزهريين، حتي تتوقف الفوضي التي جعلت من المساجد سابقاً مرتعاً للعمل السياسي الذي تتبناه جماعة الإرهاب!، وقد انطبق قرار منع عدم الأزهريين من اعتلاء المنابر علي العموم بمن فيهم غير الأزهريين من السلفيين ومنهم الشيخ محمد حسين يعقوب، ومنع السلفيين من اعتلاء المنابر والخطابة لا تعترف به جماعة السلفيين حيث يؤكد شيوخهم حقهم في الخطابة علي منابر المساجد!، ولكن واقع الأمر أن وزارة الأوقاف أمامها أشواط طويلة من العناء وبذل الجهود لكي يمكنها السيطرة وإحكام الأمور في آلاف المساجد التي تتبع الوزارة، غير المساجد التي تعمل الوزارة علي ضمها لها، والمعركة التي تخوضها وزارة الأوقاف تمضي في صراع مكتوم علي المساجد ومنابرها حيث تلعب هذه دوراً حيوياً لنشر أفكار الجماعة الإرهابية ودعاواها السياسية، وهذا شيخ سلفي يري أنه لا سبيل لممارسة الخطابة بغير الاستيلاء علي منبر مسجد بالقوة!، وهذا المنحي يؤكد أن قرار وزارة الأوقاف بتبعية كل المساجد لها، ثم منع اعتلاء المنبر لغير الأزهريين، ثم أن تكون مجالس إدارة المساجد من رجالها، ومما يثير حفيظة جماعة الإرهاب وأشياعها والسلفيين كذلك أن هذه القرارات كلها لوزارة الأوقاف لا تعني سوي انتزاع سلاح منابر المساجد من هذه الجماعات بعد أن استخدمت المنابر لزمن طويل في تشكيل الوعي المتطرف للمواطنين.