هُنا القاهرة، آخر حصن وآخر أمل وآخر فرصة صمود فى وجه التشرذم والتمزق والهزيمة. ما جرى فى الدوحة قبل أيام ليس بعيداً عن أذرع القوة الناعمة لمصر، مازالت القاهرة رغم الهموم قادرة على مد خيوط الزعامة والقيادة خارج حدودها لكبح جماح وكلاء آل صهيون فى المنطقة. معلومات تفصيلية ورسائل واضحة قُدمت إلى دول الخليج حول الدور القطرى فى نشر الفتن بالمنطقة، أجهزة الوطن كشفت مُخططات إثارة الفوضى ودعم الإرهاب داخل السعودية والإمارات والبحرين، سحب السفراء ليس آخر إجراء، ستكون عُزلة، ومجابهة، ومواجهة. مصر قادرة على التحدى، شطب لوحات القبح على وجه خريطتنا قدر الأمة المصرية، نزع المسامير الصدئة عن جدران العرب دور أم الدنيا، إزالة الغبش والقذى عن عيون العرب مهمة خير أجناد الأرض، مُنذ انسابت جحافل التتار غازية ومدمرة للحضارة والحياة، ومصر شامخة، نابضة، صامدة فى وجه الظلام. من القاهرة انطلقت المقاومة لتدحر جيوش هولاكو فى عين جالوت وتهزمها شر هزيمة، ومن القاهرة خرجت خيول العزة لترد بأس الصليبيين وتقهرهم فى حطين. ومنها طارت بعثات الإبداع والعلم والدين لتحُط الخير والحضارة فى ربوع الكون. سُذج من يتصورون أنهم قادرون عليها، واهمون من يتخيلون أن مصر «لقمة» سائغة، لا قطر ولا ألف قطر يمكنها أن تسحب بساط الريادة من أم الدنيا. تكتب زميلتنا النابهة حنان أبو الضياء كتابا تُحذر فيه من تمدُد الورم السرطانى فى جسد الأمة العربية عنوانه «قطر تشترى العالم»، تُفصّل حنان بحرفية مُبهرة كيف تشترى قطر بنهم قصور أوروبا، ومبانيها الفخمة، وبنوكها الكبرى، وشركاتها العملاقة، لوحات الإبداع، ووثائق التاريخ، وتحف الفنانين، ومطاعم النخبة، وملابس المشاهير، ونوادى كُرة القدم، وحقوق بث المباريات. يحكى كتاب حنان عن مٌخططات تصدير الخطر، وبث الفتنة، ونشر الكراهية، وزرع التشرذم والتفكك، وإثارة القلاقل، وعلاقات المصالح المتبادلة بين الدوحة وتل أبيب. إنهم هناك، فى جزيرة الشيطان، دويلة الجنان المفتعلة، وطن الحب المعدنى، أرض الجمال الظاهرى، مجتمع «النفورييش» الصاخب، أرض الحرية الكاذبة، بلد الإبداع المُصطنع، والحضارة الكاذبة يظنون أنه يمكن شراء المجد والعزة والقيادة بكنوز الذهب والفضة. إنهم هناك يخططون ويرسمون ويتآمرون، ويعملون بغل وحقد، لكن هُنا القاهرة، وستبقى قاهرة. والله أعلم. mostafawfd@hotmail