هو شارع لكنه ليس مثل أى شارع، فإذا كانت الفوضى هى الملمح الرئيسى الذى يلاحظه كل من يمر بأحياء المحروسة، فإن من يعيش فى شارع المنشية بمحطة الطوابق، حى فيصل بمحافظة الجيزة، يشاهد العجب العجاب كما يقولون باللهجة العامية. فعلى مدار الأربع والعشرين ساعة لا تتوقف الضوضاء ولا يستطيع السكان أن ينعموا بالنوم ولو لساعات، فخلال النهار توجد السوق العشوائية التى تزحم الطريق بصورة تصيب المرور بالشلل، ومن الطبيعى فى مثل هذه الأحوال نشوب مشاجرات خطيرة خصوصا فى ظل غياب الأمن وسيطرة البلطجية على الأسواق والشوارع، وذلك طبعا بمساعدة سائقى الميكروباص الذين يحولون المنطقة إلى إمبراطورية تحكمها المافيا. وعندما يأتى المساء فحدث ولا حرج حيث تتحول الشوارع إلى كانتونات لعرض منتجات الباعة الجائلين، وكل هذا ربما يبدو طبيعياً ولا يستوجب العجب، لكن الأمر الذى قد لا تشاهده فى أى مكان آخر هو ما يقوم به أصحاب محلات الجزارة. حيث تتحول الأرصفة إلى سلخانات يتم فيها ذبح "الجمال" بطريقة لا يحتملها أصحاب المشاعر العادية وليس الرقيقة، فتتحول الشوارع إلى برك ومستنقعات للدماء التى سرعان ما تلتف حولها جميع أصناف الحشرات بدءاً من البعوض وانتهاء بالذباب الذى يتولى نقل الأمراض لأهالى الحى. الخطير أيضاً فى هذه الظاهرة هى أنه من الطبيعى أن تجد جملاً هائجاً ينجو من الذبح فيطلق العنان لساقيه ليجرى بين الناس فيصيب من يصادفه وتتعالى صرخات الأطفال والنساء، بل والرجال أنفسهم من هول هذه المشهد المرعب. وقد حاولنا مراراً وتكراراً دعوة مسئولى محافظة الجيزة وحى الهرم لقضاء أمسية سعيدة على وقع هذه المهازل التى تحدث كل يوم وليلة، لكنهم والحق يقال كانوا دائماً يترفعون عن حضور مثل هذه الدعوات، وطبعاً الحجة الواهية محفوظة مسبقاً، هذه البلاغات ليست من اختصاصنا تلقيها أو التحقيق فيها، وطبعاً اللى مش عاجبه يشرب من البحر أو يخبط دماغه فى الحيط أو على أقل تقدير يشترى كيلو لحمة جملى.