الجيزة ليست هي شوارع الهرم وفيصل والبحر الأعظم, بالقرب من المناطق الراقية توجد حياة أخري مختلفة تماما, فعلي سبيل المثال إذا قدر لك ان تجتاز شارع السودان تاركا حي المهندسين او الدقي وراءك ستصبح في بولاق الدكرور حيث شارع ناهيا وارض اللواء والكوبري الخشب, وهي مناطق نبتت فيها مثل الفطر كائنات لنقل الركاب, عبارة عن سيارات ليست كالسيارات مجرد صناديق معدنية مكانها سوق الخردة, ولكنها الحل الوحيد لنقل الركاب إلي مناطق لا تعرفها السيارات هذه الصناديق السوداء بدون لوحات معدنية. وارضيتها صدئة متآكلة يمكن أن تصير بالوعة يسقط فيها الراكب, ليذهب من الصندوق الأسود إلي الآخرة عالم آخر, يبدو كأنه ينتمي إلي الماضي, أو إلي مدينة خارج التاريخ, لكن الدلائل تؤكد أن الدولة غائبة, والقانون هنا هو قانون غير مكتوب, يتعاقد عليه مواطن لا يجد بديلا وسائقا او صاحب سيارة ما يفرض سلطته بقوة الأمر الواقع. يقول أحمد عبدالسلام سائق احدي السيارات المنتشرة في شارع العروبة بالهرم إن جميع السيارات هنا من شارع العروبة حتي ترعة المريوطية ساقطة نمر وبلا رخص وبلا أرقام للموتور او للشاسية, وهي عبارة عن كتلة من الحديد تتحرك في الشارع وان جميع السائقين وهو واحد منهم لا يحملون رخصا للقيادة وربما بطاقة شخصية. ويقول أشرف حمدي سائق في منطقة العروبة ايضا ان عدد السيارات التي تتحرك في شارع العروبة40 سيارة وان موديلاتها تتراوح بين1958 1970 وهنا سيارات من العهد الملكي مازالت تعمل حتي الآن وان عدد ركاب خط سير العروبة المريوطية يقترب من10,000 راكب يوميا, والحصيلة المادية للسيارة الواحدة150 جنيها في الوردية الواحدة.
أعطال يومية ويقول جمال شكمان أشهر ميكانيكي متخصص في أعطال هذه السيارات إن اعطال هذه السيارات تتكرر يوميا وتتوقف في وسط الشارع وتمنع المارة من السير وانه يذهب لتصليح السيارة في المكان الذي تقف فيه وعلي حسب ما يريد صاحبها لدرجة انه أصبح ميكانيكيا ديلفيري وشغال سمكري لهذه السيارات في نفس الوقت وأهم ما يطلبه منه اصحابهاهو التأكد من عمل الفرامل. وبسؤال أحمد أبو الحسن الضوي سائق احدي هذه السيارات عن أجرة الراكب قال:50 قرشا لمسافة2 كيلومتر وغير قابلة للزيادة علشان الغلابة تركب ونفي وجود تباع مساعد له في تحصيل الأجرة. التي يتم تحصيلها قبل تحرك السيارة لأن الزبون ربما ينزل من السيارة دون دفع الأجرة و خصوصا انها تتحرك ببطء شديد ودائمة الأعطال.
اللوحة رقم موبايل!! في موقف سيارات الزهراء ساقية مكي يقول أحمد محمد علي( سائق) ان عدد السيارات التي تتحرك من منطقة الزهراء حتي محطة مترو الانفاق بساقية مكي50 سيارة وأقدمها سيارة ديهاتسو موديل58 بلا رخصة او رقم خاص بالموتور ولوحاتها المعدنية مسجل عليها رقم موبايل صاحبها. ويقول عصام عطا حافظ( سائق) انه يمتلك ثلاث سيارات بدون اوراق ملكية وان جميع أهالي المنطقة والسائقين بالموقف يعرفون أن هذه السيارات ملكي بالشكل واللون. ويعترض إبراهيم عبدالسلام الطلهاوي الوكيل العرفي للموقف علي اقترابنا من سائقين واسئلتنا لهم قائلا انه وكيل الموقف والجميع يعرف انه موكل من السائقين لإدارة المكان او جميع سيارات الموقف تتحرك بأوامري مؤكدا انه هو الذي يحدد اجرة الركاب وتوقيت وردية السائقين وتنظيم الموقف. ويقول فهمي فهيم من سكان المنطقة وشاهد علي فوضي هذه السيارات ان خط سير غالبية هذه السيارات من موقف عدوي سليم بالهرم إلي محطة مترو انقاق ساقية مكي وان هذه السيارات لا تتحرك فقط في المناطق العشوائية كما يقول المسئولون بل تتحرك بالقرب من شارع الهرم والمناطق المزدحمة بالسكان, ان جميع السائقين بلا رخص للقيادة وبعضهم من المعاقين وأن البلطجية هم الذين ينظمون المواقف الخاصة بهذه السيارات ويحصلون علي كارتة يومية10 جنيهات من كل سيارة والدليل علي خطورة هذه السيارات ان سعر الواحدة لايتجاوز200 جنيه.
سائقون... أحداث! 2000جنيه. ويطالب رئيس الحي وادارة مرور الجيزة بالقضاء علي هذه السيارات التي تتزايد يومآ بعد يوم بالاضافة إلي أن بعض السائقين أطفال أقل من12 عاما لا يستطيعون التحكم في قيادة هذه السيارات. أما الركاب الذين يضطرون لاستخدام هذه السيارات يوميا فيعرفون أن بها عيوبا فنية خطيرة كما أنها غير آدمية ويقودها صبية متهورون ولكن ما باليد حيلة ويشكو السيد حسن أحد ركاب هذه السيارات بمنطقة زنين بالجيزة من تهالكها حيث لاتوجد بها أبواب أو شبابيك ومقاعدها خشبية وبها عيوب فنية خطيرة وبلا لوحات معدنية ويقول إن عدم وجود لوحات معدنية ساعد السائقين علي تركها في وسط الشارع وهروبهم في حال تعرضهم لحادثة أو حدوث مشاجرة بينهم. ويطالب محمد عبد النور السيد من سكان ساقية مكي إدارة مرور الجيزة بسرعة ضبط هذه السيارات التي تحولت لآفة خطيرة تقف في مدخل محطة مترو الانفاق بساقية مكي معتبرا أن عدم ملاحقة أصحاب هذه السيارات يساعدهم علي التنقل من المناطق العشوائية إلي شارع الهرم ومنطقة المنيب وهذا يمثل خطورة كبيرة علي تلاميذ المدارس الذين يفضلون ركوب هذه السيارات للمتعة وانخفاض أجرتها. ويقول المواطن أحمد أبو المجد( الجيزة) إن سائقي هذه السيارات يتصرفون كما لو أن الجهات المسئولة قد عجزت عن التصدي لهم بعد أن فرضوا سطوتهم علي الجميع وحولوا الشوارع التي تصل بالطريق الدائري إلي امبراطورية يتحركون فيها بفوضي وبلطجية ويرتكبون مئات المخالفات يوميا بداية من الوقوف في وسط الشوارع وتحديد أجرة الركاب حسب مزاجهم وتحديد خطوط السير وسد الشوارع وإنشاء مواقف عشوائية في غياب ادارة المرور بالاضافة إلي السباب والألفاظ النابية الي يسمعها الركاب في حالة الاعتراض علي الأجرة أو زيادة عدد الركاب عن قدرة السيارة.
تجاهل المسئولين ويقول أحمد حسين عبدالله/ محام من سكان شارع العروبة إن هذه السيارات صنعت لنقل البضائع والبهائم ولكنها تستخدم لنقل المواطنين بعد تغطية الجزء الخلفي بأقمشة وأجولة الخيش ان استمرار هذه السيارات في شوارع الجيزة وتنقلها قرب محطات مترو الأنفاق يوضح تجاهل المسئولين لمعاناة المواطنين خاصة أن مواقف هذه السيارات بالقرب من محطات مترو الأنفاق وقريبة من تمركز رجال المرور. ويقول أبو الحسن حمدان حسين مواطن من بولاق الدكرور أنه لايجد وسيلة مواصلات آخري توفرها له محافظة الجيزة للانتقال بها إلي محطات المترو حتي يذهب إلي عمله وأن أتوبيسات النقل العام لا تصل إلي مناطقهم مما يضطرهم لركوب هذه السيارات غير آدمية.
أين البديل ويقول المستشار شبل همام عضو مجلس الشوري أن أصحاب هذه السيارات يشترونها علي أساس أنها خردة بأسعار منخفضة ثم يقومون بتشغيلها في المناطق المزدحمة بالسكان والتي لا تصل إليها أتوبيسات النقل العام وأن الركاب لايستطيعون الإستغناء عنها إلا في حالة توفير المحافظة وسائل مواصلات بديلة. ويطالب همام محافظ الجيزة بالتخلص من هذه السيارات قبل انتشارها في مناطق جديدة بالمحافظة وخصوصا أنها تحقق مكسبا ماديا كبيرا. ويري الدكتور مصطفي الخطيب رئيس المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة أن هذه السيارات غير آدمية وغير مجهزة وتعرض حياة الركاب للخطر ويطالب إدارة مرور الجيزة بالتخلص منها نهائيا وسحبها من أصحابها مضيفا أنه كلف لجنة النقل والمواصلات بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة بإعداد تقرير مفصل عن هذه السيارات وأعدادها وأماكن وجودها والأحوال المادية لاصحابها لمساعدة رجال المرور علي وقف العمل بها نهائيا. ويقول اللواء أحمد يحيي شحاتة رئيس حي العمرانية وهو من أكثر مناطق الجيزة المزدحمة بهذه السيارات أن هناك خطة أعدتها محافظة الجيزة للقضاء علي هذه السيارات المكهنة خلال3 شهور ابتداء من شهر مارس الجاري نظرا لخطورتها علي المواطنين في الشارع. مشيرا إلي أن اللواء لسيد عبد العزيز محافظ الجيزة كلف الأحياء بالمحافظة بحصر أعداد هذه السيارات التي تعوق سير المارة في الشوارع بالاضافة إلي نقل السيارات المكهنة خارج المناطق السكنية. ويطالب رئيس الحي أصحاب هذه السيارات بسرعة تسليمها لأماكن التكهين بالمحافظة محذرا من تطبيق مخالفات مادية كبيرة لمن يتم القبض عليه مستخدمها في نقل الركاب.