أتعجب من تصرفات المسئولين بوزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، كلتا الوزارتين مسند اليهما تربية تعليم أولادنا صغارا وكبارا، وتنشئة الأجيال الجديدة، التي تتولي مسئولية ادارة الوطن بعد ذلك، ولكن اسمحوا لي أن أقول إن مدارس اليوم غير مدارس الأمس، مدارس اليوم لا تعلم ولا تربي، وصار طلابنا بلا قدوة، أما مدارس الأمس فقد كانت مفرخة لأجيال من العباقرة، أدب واخلاق وعلم وثقافة وحضارة، مدارس اليوم تبحث عن المتبقي من أصحاب الضمائر والاخلاق وليس أصحاب السبوبة والمصالح، تبحث عن أحفاد شرفاء تتلمذوا علي يد آباء التعليم في مصر، أمثال طه حسين، ولطفي السيد، وحامد عمار، وغيرهم ممن غيروا وجه تاريخ التعليم في مصر، أري الآن من هم أقل مستوى، يديرون المنظومة التعليمية، لا يعرفون أنهم في اخطر موقع، وفي أشرف مهنة، تخيلوا نتحدث حتي الآن ونردد شعارات، منذ ما بعد ايام طه حسين وزير المعارف وعميد الادب العربي، وقتلت بحثا دون جدوي مثل تطوير المناهج، وإزالة الحشو، وإعادة تأهيل المدرسين، وعودة الآدمية للمباني والفصول والمعامل والمقاعد وغير ذلك حتي دورات المياه، وفضلا عن كل ذلك، نجد اتساع ظاهرة التسرب من التعليم، وزيادة نسبة الامية وانتشار علامات الفساد في المدارس بدءاً من تفشي وباء الدروس الخصوصية مرورا بالاختلاسات والمخالفات المالية, ووصولا الي قلة الضمير لدي نسبة كبيرة من المعلمين, يسهرون ليلا في سبوبة الدروس، وينامون صباحا في المدارس تحت بصر الجميع، تضخمث ثروات معظمهم من دم أولياء الامور الغلابة، كل هذا وأكثر فيما يوجد وزير تعليم حاليا لا يحرك ساكنا، شكوت اليه منذ ايام علي هامش اجتماع مجلس الوزراء، أوجاع الملايين من أولياء الامور، وانا واحد منهم من نزيف الاموال التي تنفق علي الدروس الخصوصية, وقلت له لماذا تفتحون المدارس طالما ان التعليم يتم خارجها – أقصد الدروس الخصوصية - أجاب الوزير: «أنا بقالي 6 شهور فقط ومش هاقدر أصلح الكون في هذه الفترة القصيرة « تخيلوا هذا الرد المحبط من الوزير؟!. عموما توجد معاملة مختلة بين المدرس وتلميذه، وبين ادارة المدرسة وهيئة التدريس سواء داخل المدارس أو الجامعات، كانت مصر أم الدنيا فعلا باجيالها القديمة، والتي تمتد الي حضارة عمرها يزيد علي 7 آلاف سنة، والآن وضعها المتردي في كل شئون الحياة لا يخفي علي أحد، جامعات دول لا نسمع عنها سبقت جامعاتنا، خبرة مصر العريقة في التعليم، طبقتها دول شقيقة في الخليج وغيرها، ولم تطبق عندنا، مصر علمت العالم وفشلت في تعليم أبنائها، وزيرا التعليم العالي والتربية والتعليم اختلفا في أشياء عديدة، واتفقا في اصدار قرارات خائبة، نتج عنها تمزق شمل أبنائنا، فلم يحسن التعامل مع مظاهرات الطلاب سواء بالمدارس أو الجامعات، كما تسببت القرارات الخائبة في احداث فرقة داخل هيئات التدريس بالجامعات، وقرارات أخري، أبرزها قرار تأجيل الدراسة للترم الثاني في المدارس والجامعات، هذا القرار أظنه قرارا له بعد سياسي وأمني وصدر بشكل غير مدروس، وله نتائج سلبية عديدة سواء للطالب أو المناهج، أو هيبة الدولة نفسها. وعن الجانب التربوي، أقتنع كثير من الناس أنه لا يوجد تعليم، ولايوجد تربية، ويبدو أن من اختار اسم الوزارة وفضل كتابة التربية أولا ثم التعليم كان واهما، بدليل أن الاولاد يتعلمون الالفاظ القبيحة والبذيئة وقلة الأدب من المدارس، وليس من الشارع كما كان يحدث زمان، وضاعت هيبة المدرس بين طلابه، ولم يعد يعلمهم الحياء والاحترام والاخلاق، وضاعت سمعة الناظر بتاع زمان، ذهب الناظر وجاء المدير ومعه قيادات أخري، ولكنهم لم يعوضوا «ربع» ناظر زمان ! لن نسكت عن جرائم ترتكب ضد أولادنا، ولن نسمح بوزراء تعليم لا يصلحون لمجرد ادارة مدرسة. وننتظر وجهاً جديداً لمصر قريبا بإذن الله.