تابعت منذ فترة لقاء اعتبرته محطة »فوكس نيوز« الأمريكية أهم مقابلة تليفزيونية في التاريخ، الحوار مع رجل الدين اليهودي الأرثوذكسي الراباي »yisroelweiss« من جماعة اليهود المتحدون ضد الصهيونية، الذي قال صراحة عندما سأله المذيع عن دولة إسرائيل: - يجب ألا تكون هناك دولة لبني إسرائيل لأن هذا أمر محرم قطعاً لأننا منفيون بأمر من الله، وأن اليهودي يجب أن يعيش في مختلف المجتمعات حتي يعبد الله ويكفر عن خطاياه. أن الصهيونية أفسدت كل شيء علي الناس جميعاً اليهود منهم وغير اليهود، وأن عداء الشعوب لإسرائيل لم يأت من فراغ، فهناك فرق بين معاداة السامية، وبين إيجاد معاداة السامية من خلال الصهيونية، أي بمعني آخر، حيث إنك تطرق نوافذ جيرانك وتدعوهم لمعاداة السامية، وطالما ظل هذا الكيان الصهيوني موجوداً فلن يأتي خير، اليهود يعانون والفلسطينيون يعانون، ونحن نصلي من أجل تفكيك هذه الدولة اليهودية بطريقة سلمية. في الحقيقة لم يخدعني هذا الحوار الذي أدهش العالم فقد كنت أعرف أن هذا الحاخام ما أقام هذا الحوار حباً في الفلسطينيين، أو العرب، خاصة المسلمين منهم، ولا انحيازاً للحقيقة، بل أجراه لاختلاف الطوائف، العقائد، في الأغلب أنه أجراه للتخفيف من صورة إسرائيل التي بدأ يظهر قبحها أمام العالم. كما لم تبهرني المانشيتات التي تملأ الجرائد عن القبض علي الجاسوس الإسرائيلي »إيلان تشايم جرابيل« الذي من الواضح أنه سيكون الشماعة التي سنعلق عليها كل خطايا النظام السابق هو و»السني« أمين الشرطة الوحيد الذي تم الحكم عليه بالإعدام والمؤبد في سرعة البرق رغم التأجيلات المستمرة للضباط والقادة الآخرين، ربما يرجع ذلك إلي أنه لا يملك أتعاب »فريد الديب« ربما يكون إيلان شارك في الفتنة الطائفية، ولكنه ليس من أحرق كنيسة إمبابة، أو هدم كنيسة أطفيح، فالذي فعل ذلك بقايا الحزب الوطني ولدي النائب العام قائمة بأسمائهم، قد يكون ساهم في الوقيعة بين الشعب والمجلس الأعلي للقوات المسلحة لكن هذه الوقيعة لم تأت من فراغ، ساعد عليها البطء المبالغ فيه في اتخاذ القرارات المهمة والوقوف موقف المتفرج من الشعب الذي يغلي وعلي وشك الانفجار. لا أقصد من كلامي هذا التقليل من الدور المهم الذي تقوم به »المخابرات العامة« فهي الجهاز الوحيد الذي يعمل بكفاءة في البلد. ما أقصده.. جميل أن يتم القبض علي أحد الجواسيس إسرائيلياً كان أم إيرانياً رغم غموض لماذا تم الكشف عنهما، حرقهما، رغم علمي أنه كان يمكن الاستفادة منهما علي أكثر من مستوي، والأهم لماذا في هذا الوقت بالذات وما هي المهمة الحقيقية لوجودهما، والتي بالطبع لن يعلن عنها، ما علينا.. ليس هذا بيت القصيد. قبل أن نحاسب إيلان وغيره من الجواسيس يجب أن نحاسب وبقسوة من ساعد في وجودهم من فتح الباب علي مصراعيه للعملاء والجواسيس.. من طمع فينا الصديق قبل العدو.. مهد بهذا الفراغ الأمني تربة خصبة لكل من تسول له نفسه اللعب بمصائرنا. يجب أن نحاسب من اتخذ قرار فتح معبر رفح في هذا الانفلات الأمني، من سمح بكم التجاوزات، التهريب والسرقة التي تحدث من خلاله، من حرق كل المستندات وقوائم المنع التي كانت تحد من دخول الغرباء.. يجب أن نحاسب من في الداخل حتي نحجم من في الخارج، وقبل أن تطالعنا مانشيتات الغد أن إيلان هو الذي أكل جبنة عمة »مني زكي« التي كانت تضرب أولادها بشراسة في فيلم »أبوعلي« لتعرف من أكلها.