الأنباء والأقاويل التي ترددت في الأيام الأخيرة – ولا أريد أن أقول اتهامات – التي طالت البعض من شباب الثورة، الذين كنا نأمل فيهم مستقبل مصر الزاهر. هذه الاتهامات أصابتني بصدمة كبيرة لم أكن أتوقعها ولم تكن في الحسبان. أنا علي علم تام بأن هناك عدة أجهزة مخابرات أجنبية تعمل في مصر منذ فترة طويلة لأكثر من عشر سنوات. ومن أهم هذه الأجهزة، المخابرات الامريكية والاسرائيلية والانجليزية والألمانية والفرنسية والتركية، بالإضافة إلي القطرة المعروفة باسم قطر. كل هذه الدول تعمل مخابراتها في مصر وفي منطقة الشرق الاوسط كلها بغرض تنفيذ المخطط الصهيو - أمريكي، الذي يهدف الي تفتيت دول الشرق الاوسط وجعلها دويلات صغيرة متناحرة مع بعضها حتي تقضي علي نفسها بنفسها. الدولة الوحيدة التي تنبهت لهذا المخطط وهبت للخلاص منه هي مصر، ولكنها مازالت حتي يومنا هذا تحاول الخلاص من هذا الأخطبوط الذي حاصرها، إلا أن أذرعته لا تزال تعبث حتي الآن، ومن الصعب القضاء عليها. دول الغرب لم تيأس ولن تتواني عن استخدام كافة السبل والوسائل للوصول الي هدفهم من تفتيت وتقسيم المنطقة ومن أهم أسلحة هذه الدول ومخابراتها هو المال. المال معروف بقوته واغرائه للبشر. هكذا نبهنا الله سبحانه وتعالي بقوله «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». وبهذه المناسبة، أتذكر أيضا كلمة أحد كبار رجال الاعمال السابقين، حين قال (كل شخص له ثمن) ويعني من هذه المقولة، أن الشخص الذي يصعب شراؤه بألف قد يقبل مائة ألف والشخص الذي يصعب شراؤه بمائة ألف قد يقبل المليون وهكذا.. ومن هنا فهو يري أن للمال سحرا علي الناس ويمكن شراؤهم بأي ثمن. وبطبيعة الحال ليس هذا الكلام صحيحا علي إطلاقه وانما هناك أصحاب ضمائر يقظة وذمم طاهرة ولا يبيعون أنفسهم مهما كان الثمن، تحسبا لليوم الآخر. أقول هذا الكلام، لأن البادي مما سمعته وقرأته في الآونة الأخيرة من أجهزة الاعلام عن انحراف بعض الشباب الذين كنا نأمل فيهم خيرا. ومع الأسف الشديد، هذا الشباب تم شراؤه بالمال لصالح بعض الدول التي تسعي لتخريب مصر وتدميرها. هذا الشباب ربما كان يفعل ما يؤمر به عن جهل أو عن علم وكلاهما لا يمكن قبوله. أنا لا أستطيع الجزم بصحة ما يقال في أجهزة الاعلام وما يكتب فيها بشأن هذا الشباب، فالموضوع الآن أمام جهات التحقيق المعنية والتي ستنتهي الي قرار بشأنها. كل ما أتمناه ان يكون كل من أشير إليه بإصبع الاتهام برىء مما نسب اليه، فمن العار علينا جميعا أن يكون البعض من شبابنا الذين أوقدوا نار الثورة، من المأجورين والمدفوعين من أجهزة مخابراتية أجنبية، كي يمهدوا الطريق لجماعة الإخوان للوثوب علي أكتاف الشرفاء من أبناء هذا الوطن والوصول إلي الحكم. لا أستطيع أبداً أن أتصور أن البعض من شباب الثورة الذين أضاءوا نورها في بادئ الأمر كانوا من العملاء المأجورين والمدفوعين من الاستخبارات الأجنبية. ورغم هذا فكل الاحتمالات قائمة ومن الجائز جداً أن يكون المال قد أغري البعض منهم فانجرف إلي مستنقع الخيانة دون بصر وبصيرة. ما لا أتصوره وما صدمني كثيرا هو أنه كان لدينا شباب واعد مبشر بمستقبل كبير لمصر كنا نأمل فيه كل الخير فكانت هذه الصدمة الكبرى. أعود فأقول: صحيح أن دول العالم كله مليئة بالخونة والجواسيس المأجورين من دول أخري لتنفيذ مخططات لحساب الغير فباعوا أوطانهم في مقابل حفنة من المال. النفس دائما أمارة بالسوء والشيطان غالبا ما ينتصر علي ضعاف النفوس ومعدومي الضمير. ولكن لا أتصور أبدا أن عشرات الملايين الذين زحفوا في ثورتي يناير 2011 ويونية 2013 للخلاص من أذرع الاخطبوط الذي التفت أذرعه حول وطننا لامتصاص دماء شعبنا، بعضهم من العملاء والفاسدين. حقيقة أني صدمت صدمة كبيرة بما سمعته وقرأته عن بعض هؤلاء الشباب، والذي مازالت آملا أن تكون هذه الاتهامات علي غير حق. حفظ الله مصر وكلل جهود المخلصين الشرفاء بالنجاح.