والله العظيم لا أسخر من جهود وزير التموين، الدكتور محمد أبوشادى، ولا أستخف بمحاولاته السيطرة على الأسعار.. فأنا أعرف حجم الأباطرة الذين يواجهونه.. بل ويتحدون جهوده.. ولكننى فقط أتحدث عن تسعيرته الاسترشادية للخضر والفاكهة التى لها حد أقصى بينما هذا الحد يصل إلى ضعفين للحد الأدنى وربما ثلاثة أضعاف.. وهذه هى الحقيقة.. وأقسم بالله أن الوزير لو نجح في معركته الضارية ضد الجشعين من التجار.. فسوف أنادى ببقائه على كرسى الوزارة، وربما أدعو للتمسك بكل الحكومة ولو على مضض بسبب فشلها فيما يخص الناس، ولقمة عيشهم.. وبعيداً عن الحد الأدنى الذى يقتصر على أسوأ الأصناف.. وعن الحد الأقصى، وكل واحد يشترى حسب إمكانياته.. دعونى أشتكى لكم مما تشكون منه كلكم.. غنيكم قبل فقيركم وأقصد سعر حزمة الفجل التى لا يستغنى عنها المصرى أو سعر حزمة الجرجير الذى تتمنى الست المصرية أن تزرعه تحت السرير. وتصدقوا أن حزمة الفجل أو الجرجير ثمنها اليوم نصف جنيه يعنى 50 قرشاً!! أما حزمة البصل الأخضر فإن سعرها جنيه مصرى واحد بالتمام والكمال.. ويا ليت الحزمة!! تملأ العين، أو تكفى كبلوع على الإفطار أو على الغذاء.. يدوبك عودين أو ثلاثة. أما حزمة البصل الأخضر فهى تضم ثلاث بصلات لا أكثر وبصل رفيع.. صغير.. إيه ده؟! أما الخساية فإن الواحدة يصل سعرها الآن الى جنيه واحد.. يعنى 100 قرش.. ورحم الله زمان.. وأسعار زمان.. وبالمناسبة أسعار هذه الحزم واحد وموحد فى مدن مصر بالوجه البحرى.. من إسكندرية إلى القاهرة.. إلى رأس البر.. طيب..ماذا يأكل المصرى اليوم؟! هنا أعود إلى الزمن الماضى، عندما كنت صبياً، كنت أذهب الى السوق ومعى تعريفة، يعنى نصف قرش، يعنى خمسة مليمات.. وكنت أعود ومعى ثلاث حزم.. واحدة فجل والرأس بيضاء ومسكرة وزى العسل.. وواحدة جرجير.. وكانت حزمة الجرجير هذه تعادل ثلاث حزم من جرجير الزمان الحالى ولكنه كان أفضل.. عود الجرجير كان مرعرع.. يفتح النفس..طويل وخضاره يشرح قلب العليل.. والحزمة الثالثة كانت.. إما من البصل الأخضر.. أو نوعاً من الكرات كان يسمى «كرات نادى» وهو نوع من العائلة البصلية.. ووالله العظيم ياسيادة وزير التموين كل هذه الحزم الثلاث كان ثمنها تعريفة.. أى نصف قرش. وإذا أرادت أمى عليها رحمة الله أن تنوع فى «البلوع» كانت تعطينى المطبقية الصاج المطلى بالمينا وكانت كبيرة مع هذه التعريفة لكى أذهب الى «اللفات» وكان أشهر طرشجى فى دمياط كلها.. فكان يملأها لى بما لذ وطاب.. من لفت وجزر وبصل وزيتون أخضر وخيار وشطة خضراء وكرنب.. وكله مخلل درجة أولى.. ويملأ المطبقية بماء اللفت اللى يفتح النفس، كله ده.. بتعريفة يعنى نصف قرش!! أما الكرات أبوشوشة اللى الواحدة تزن نصف كيلو فكنا ندفع فيها تعريفة.. ويا سلام على الكرات فى شهرى ديسمبر ويناير.. يا سلام على حلاوته.. مع السمك المشوى: الشبار الأخضر المبطرخ.. أو السهيلى المبطرخة أوحتى مع فوارغ البورى بعد أن ينزع عنها تجار الأسماك ما فيها من بطارخ والكيلو بحوالى 3500 جنيهاً من البطارخ أو هذه الفوارغ فهى أفضل سمك لعمل الصيادية.. أو عمل صوانى السنجارى.. والكيلو فوارغ بسعر «20»جنيهاً الآن. وإذا كنا زمان ونحن نتحدث عن الغلاء نستعيد عصر شراء البيضة الواحدة بقرش صاغ.. إلا أننى وحتى بعد أن ذهبت إلى الجامعة فى منتصف الخمسينيات كنت أشترى «3 بيضات» بقرش!! أقول كنا نقيس غلاء زمان بسعر البيضة.. فإننى أقيس الغلاء الآن بسعر حزم الفجل والجرجير!! أما الخس فكنا نشترى الواحدة أيضاً بنصف قرش.. وهى الآن بجنيه كامل.. أى كنا نشترى 200 خساية زمان بهذا القرش!! إيه رأيك يادكتور أبوشادى.. هل تحل المعضلة وتضع تسعيرة استرشادية للفجل والجرجير.. والخس كمان!!