يقف الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية فى منطقة رمادية دافئة يحاول من خلالها الابتعاد عن الأجنحة المتصارعة داخل الحكومة فالرجل تصور أنه يمكنه أن يسير فى منطقة آمنة تقيه من ضربات الحكومة والمعارضة، فإذا به ينحاز فجأة الى الجناح الإخوانى المتطرف ويخسر كل ما حاول بناءه فى الفترات الماضية. بهاء الدين جاء الى الحكومة بضغوط من نائب الرئيس المستقيل الدكتور محمد البرادعى فهو أحد دراويشه وتلميذ فى مدرسة المواقف المتناقضة التى يتزعمها البرادعى فعقب ثورة 30 يونيه كانت الضغوط الشعبية تطالب بحكومة ثورية تدير البلاد فإذا بالبرادعى يدفع بتلميذه النجيب زياد بهاء الدين الى رئاسة الحكومة ويضغط على سلطات المرحلة الانتقالية لفرضه على الحكومة ولكن حزب النور وقف كالشوكة فى حلق البرادعى ورفض تعيين بهاء الدين رئيسا للوزراء وهدد بالخروج من التوافق الوطنى الداعم لثورة الشعب فأسندت الحكومة الى الدكتور حازم الببلاوى فى اللحظات الأخيرة وعين بهاء الدين نائبا لرئيس الوزراء. ومنذ ذلك الحين وبهاء الدين يحاول أن يغازل الجميع وسعى الى كسب ود كل الأطياف السياسية حتى المحرضة على العنف من جماعات الاسلام السياسى سعى إلى مغازلتها فربما يربح بلح الجماعة وعنب السلطة الحكمة فإذا، يخرج من مولد الحكومة بلا حمص خاسرا بعد أن بدا متناقضا ويسير عكس التوافق الوطنى الذى كان احد أهم أسباب نجاح ثورة 30 يونيه. زياد بهاء الدين سار على درب صديقه الدكتور محمد البرادعى وحاول شق الصف الوطنى وخرج بتصريحات فى الأيام الأخيرة يهاجم فيها قانون التظاهر ويؤكد أنه لم يكن راضيا عن القانون وتبارى فى الهجوم على القانون بعد أن خرجت مظاهرات تطالب بإلغائه وأحدثت صدى سياسياً بعد أن سالت الدماء فى الشوارع وشعر زياد بهاء الدين وقتها أن سفينة الحكومة تغرق فقرر ان يقفز منها مبكرا ولكن السفينة سارت دون أى عوائق فخسر بهاء الدين وبدا كما لو كان غارقا بمفرده ولم يجد أى قوارب إنقاذ لتنشله. فبهاء الدين كان يتصور أن هناك غضباً شعبياً على القانون وأن هناك حالة رفض عامة ولكن سرعان ما استقرت الأوضاع وظهر أن هناك تأييد للقانون لردع مظاهرات الإخوان التى تنشر العنف والفوضى فى البلاد وهو ما ادى الى هزيمة بهاء الدين الذى كان يعلق آمالا على تصريحاته لتعيده مرة أخرى الى صدارة المشهد السياسى بعد أن خسر كثيرا بسبب ضعف أدائه الوزارى وعجزه حتى الان عن التقدم بخطوات إيجابية ملحوظة فى الملف الاقتصادى بهاء الدين رغم انتمائه لحكومة ثورة 30 يونيو إلا أنه يسعى الى إعادة الاخوان الى الحياة السياسية فبينما كانت جماعة الاخوان تصعد من عملياتها الارهابية فى الشوارع وتنشر العنف وتغتال القيادات الأمنية كان حديث بهاء الدين مدافعا عن المصالحة مع الجماعة وأحد من ينادون بإدماج الجماعة فى الحياة السياسية وقدم اقتراحات بعمل مصالحة مع الإخوان ولكن حالة الغضب العامة فى الشارع من سياسات الجماعة كانت عقبة أمام تنفيذ المصالحة التى يسعى اليها كما أن خطته للمصالحة اصطدمت برفض أغلب وزراء الحكومة الذين يسعون الى تقديم المتورطين فى العنف إلى المحاكمة عكس بهاء الدين يريد المصالحة معهم. زياد بهاء الدين يحاول أن يثبت أن السير عكس التيار والاتجاه السائد يخلق تواجداً وحضوراً ولكنه تناسى أن أستاذه ومعلمه الدكتور البرادعى خسر كثيرا بإتباع تلك المدرسة وكانت استقالته التى قدمها اعتراضا على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة القشة التى قصمت ظهره وحطمت شعبيته فى الشارع. بهاء الدين الذى يعترض على قانون التظاهر الذى لا يختلف كثيرا عن المعايير العالمية ولا يختلف عن مثيله فى أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى لم يبد أي اعتراض على حظر التجول وعلى قانون الطوارئ طالما أن حديثه بنصب على الحريات ولكنة وجد مولد الهجوم على قانون التظاهر فقرر المشاركة فيه رغم أنه يدرك أن القانون يحقق استقراراً فى الشارع وهو ما قد يساعد فى عودة الاستثمارات وتحسن الاقتصاد ولكن يبدو ان بهاء الدين لا ينظر الى هذا الملف الاقتصادى بجدية ولا يبحث عن تحسين مستوى الاستثمارات بقدر بحثه عن شهرة زائلة ومواقف بطولية يظهر خلالها بمظهر البطل المناضل. إذا كان بهاء الدين يبحث عن الحرية والديمقراطية ويسعى اليها فلماذا يدافع عن جماعة الإخوان التى تعادى الحريات لدرجة التحريم وتطبق مقولة الحكم أو الفوضى ولا يستحق ما يدافع عنها ولكن بهاء الدين الذى يعشق السلطة الى درجة كبيرة ويبحث دائما عن التقرب اليها فالرجل كان أحد رجال جمال مبارك وكان يتولى الملف الاقتصادى فى لجنة السياسات حسب تأكيدات الفقيه الدستورى إبراهيم درويش فى تصريحات سابقة ولكنه انسلخ من جلده ونافق ثورة 25 يناير وتقرب اليها ولكنه لم يحصل على أى منصب وزارى طيلة العامين الماضيين وتقرب الى الحكومة الانتقالية بعد ثورة 30 يونيو ودفعه البرادعى إلى المنصب الوزارى وحاول بعدها أن يكسب ود الجميع فخسر الجميع فى نفس الوقت. الدكتور إبراهيم زهران، رئيس حزب التحرير الصوفى، قال: إن موقف الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشئون الإقتصادية من قانون التظاهر متناقض فهو جزء من الحكومة التى قدمت المشروع وناقشته ولكنه فى الوقت نفسه يعارض المشروع الآن ويهاجمه خاصة بعد أن لمس هجوما عليه من بعض النشطاء فاختار أن يغازلها على حساب المصلحة العليا. وأضاف: الغريب أن زياد بهاء الدين هو أحد أعضاء الحكومة التى لاقت قبولا عند القوى الثورية وجاءت بعد ثورة شعبية اطاحت بنظام ديكتاتورى ونال مع مستشاريه ثقة الشارع وإذا كانت يريد أن يزايد على المواقف السياسية فلا يمكن ان يكون ذلك على حساب مصلحة البلاد. وأضاف أن زياد بهاء الدين لم يجرؤ على مهاجمة القانون فور صدوره والبطولة الحقيقية أن تتخذ موقفاً مناسباً فى الوقت المناسب وليس فى الوقت الخطأ فإذا لم يكن يعجبه القانون كما قال فلماذا لم يصرح ذلك من البداية وانتظر حتى وجد بعض الحركات الثورية تعترض على القانون فقرر مهاجمته دون ان يكون له أى حجة او منطق، فالبلاد تشتعل والجماعات الإرهابية تنتشر فى الشوارع وتنشر العنف والفوضى ولابد من التعامل معها بالقانون. وقال: إن زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشأن الاقتصادى فقط ولكنه ترك المهام التى على كتفيه وانتقل الى الشأن السياسى رغم أن الملف الاقتصادى متخم بالعديد من الملفات المهمة التى تحتاج منه أن يبقى يقظا ومتفرغا لها بدلا من اللعب على وتر الخلافات السياسية والبحث عن مكاسب شخصية ومجد خاص. وأكد حلمى النمنم الباحث فى شئون الحركات السياسية أن الدكتور زياد بهاء الدين كان عليه أن يهاجم قانون التظاهر قبل إرساله الى رئيس الجمهورية للاعتماد ولكن ما قيل على لسان بعض المسئولين أن القانون خرج بالإجماع ولم يعترض عليه أحد وذلك قبل اعتماده من الرئيس عدلى منصور ولم يتفوه زياد بهاء الدين بأى كلمة تخص المشروع قبل ان تحدث بعض المظاهرات فى الشارع ويخرج بتصريحات تهاجم القانون. وأكد أن موقف زياد بهاء الدين من قانون التظاهر يعكس حالة من الارتباك داخل الحكومة والأزمة الحقيقية التى يعانى منها اغلب الوزراء أنه حينما يتولى منصبه يصبح تفكيره منصباً على الشارع ولا يبحث إلا عن المصلحة العامة وهى تركيبة من المسئولين لا يمكن ان تقوم ببناء دولة بحجم مصر ولا أن تتقدم بها الى الأمام. وأشار إلى أن بعض الوزراء الآن عبارة عن مجموعة هواة، وهناك مخاوف على البلاد وقائمة مخاطر ليست موجودة فى المسئولين الحاليين ومصر تحتاج الى رجال مثل عبد الناصر الذى اتخذ قرار التأميم والسادات الذى اتخذ قرار العبور والفريق السيسى الذى اتخذ قرار انحيازه الى الشعب فى وقت لم يبحث فيه عن نفسه، وأضاف: إن كلمة مسئولين كبيرة على عدد من الوزراء الحاليين وأداؤهم اقل بكثير من المتوقع. وأشار البرلمانى السابق مصطفى بكرى إلى أن ما قاله زياد بهاء الدين عن قانون التظاهر خروج على الصف الوطنى وسعى الى شق الوحدة السياسية التى تعيشها البلاد منذ ثورة 30 يونيه وحتى الان وما فعله بهاء الدين يدل بوضوح على أنه طابور خامس لأنه يعرقل عودة الأمن وزيادة الاستثمارات ويزايد على الموقف السياسى. وقال بكرى: رغم علمى بأن زياد بهاء الدين أبلغ الحكومة برفضه للقانون فإن تصريحاته المهاجمة للقانون فى هذا التوقيت تحديدا نثير الشكوك والريبة حول نواياه وتطرح العديد من علامات الاستفهام وخروجه فى هذا التوقيت إشارة سلبية. وطالب بكرى الدكتور زياد بهاء الدين بتقديم استقالته من الحكومة إذا كان يرى أنها قامت بعمل قانون مقيد للحريات ويقول لنا ماذا نفعل مع مظاهرات الجماعة التى تنشر العنف والفوضى وماذا سنقول لأمهات الشهداء لو قمنا بعمل مصالحة مع جماعة الإخوان.