حالة من التحسن التدريجي بدأت تشهدها دور العرض المصرية بعد رفع حظر التجوال وهذا يعني عودة الإقبال علي حفلات التاسعة مساء وحفلة منتصف الليل بعد أربعة شهور من الحظر والخطر الذي كاد يعصف بالسينما في مصر وهي واحدة من أهم معالم السمر والسهر والمتعة في القاهرة والإسكندرية تحديدا ، والتي شهدت انهيارا شديدا جدا خاصة بعد ثورة 25 يناير وانتشار البلطجة وتغير مزاج الجمهور وإقباله علي نوعية أفلام أطلق عليها النقاد والجمهور أفلام «العشوائيات»، وأفلام «الدرجة الثالثة» أو أفلام «المراهقين». وعزفت الأسر المعتادة علي الذهاب للسينما عن الحضور وهو ما جعل العديد من قاعات السينما في العاصمة تشهد ركودا شديدا جدا وتراجعا كبيرا في عدد الحضور ومرورها بأزمة مالية طاحنة.. لكن المؤشرات ربما بدأت تختلف خاصة بعد رفع حظر التجوال ودخول نوعية أكثر جدية وفكرا في موسم منتصف العام بعد أن ظلت حبيسة العلب حصريا من مزاحمة ومنافسة أفلام الرقص والسنج التي تسمي بظاهرة السبكي ومحمد رمضان.. كيف يري أصحاب دور العرض شكل السينما الأيام القادمة مع بدء تأثير رفع الحظر في الشارع، وهل حقيقي أن 30٪ من هذه القاعات مغلقة وهل ستدفع نوعية الأفلام المنتظر عرضها قريبا خروج جمهور السينما القديم وهل تفلح لجنة انقاذ صناعة السينما التي أصدر بها رئيس الوزراء قرارا لتساند وتدعم وتنقذ السينما في إنقاذها بالفعل! فاروق صبري: في انتظار عودة 60٪ من الجمهور السيناريست والموزع وصاحب ودور العرض فاروق صبري نائب رئيس غرفة صناعة السينما يقول: بداية من الصعب أن نقول إن هناك دور عرض أغلقت أبوابها لكن تأثرت بشكل كبير بأحداث الشارع من غياب أمني وبلطجة وعدم سيطرة منذ ثورة 25 يناير حتي الآن وهو ما دعا غرفة صناعة السينما الي اللجوء للدولة ونجحنا في إقناع رئيس الوزراء حازم الببلاوي في تشكيل لجنة برئاسة زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء وضمت ثماني وزراء في عضويتها مع الغرفة ورؤساء الشعب حيث ضمت وزراء الصناعة والسياحة والإعلام والثقافة والداخلية والاستثمار والمالية والتخطيط. وأضاف: بعد فترة من الصمت اجتمعت اللجنة وناقشنا مشاكل السينما معها وتضمنت المشاكل البيع العشوائي للأفلام عبر الفضائيات وتهريب الأفلام وتسريبها عبر اختراق «النايل سات» وطلبنا بإنشاء صندوق مساعدة السينما لدعم صغار المخرجين والمنتجين والمؤلفين حتي لا يتحولوا ل«شحاتين» وننتظر النتائج أما عن المتوقع لانتعاشة دور العرض بعد رفع الحظر فهذا بدأت تظهر بوادره بشكل تدريجي وعادت دور العرض «تشم نفسها»، خاصة في حفلات 9 مساء وعودة حفلة منتصف الليل. وكانت هذه الحفلات 6 و9 و12 خاصة أيام الخميس والجمعة تمثل 60٪ من الإيراد اليومي ومع زيادة استقرار الأوضاع والهدوء في الشارع المصري سيعود 60٪ من جمهور السينما الغائب عن هذه الحفلات، وأضاف: بالتأكيد الوضع الآن في دور العرض بعد رفع الحظر أفضل من الأول بكثير ويتحسن أكثر مع دخول أفلام أكثر جدية وتجذب المشاهد في موسم منتصف العام. وأشار: أنا عن نفسي كمنتج لي فيلمان كبيران في العلب هما «رغم أنفه» لرامز جلال و«سحر العيون» لمني زكي تجنبنا عرضهما طويلا وسط نوعية الأفلام الموجودة لأنهما إنتاج ضخم ولا نتحمل المخاطرة وسط نوعية الجمهور الموجود. ونفي «صبري» تأثر السينما ودور العرض بنوعية الأفلام المعروض حاليا مؤكدا أن هذه النوعية موجودة من كل دول العالم حيث هناك ما يسمي بالأفلام العظيمة والمتوسطة والأقل ونحن لسنا قاعدة شاذة عن العالم خاصة أن الجمهور هو الذي ينزل للسينما والناس تنتقي ما تريد مشاهدته والأزمة التي مر بها الشارع المصري هي التي جعلت هذه النوعية فقط تتواجد لكل علي كل حال هي صناعة ويجب أن نستوعبها حتي تعود الانتعاشة. السبكي: أفلامي تخضع للرقابة المنتج أحمد السبكي الذي اشتهر باستحواذه علي السينما بنوعية أفلام لاقت العديد من الاتهامات قال: تحملت مخاطر كثيرة بصناعة أفلام تساعد علي اعتدال مزاج المشاهد والخروج من الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب بمتعة سينمائية بسيطة وأتحدي من يثبت أن فيها لفظا خادشا أو تدعو للفجور ولا تتضمن مشاهد جنس ومن يتهمونني بذلك مرضي، ومدعون شهرة ولا يفهمون في السينما، وإلا كان عليهم مقاضاة الرقابة أولا لأنها سمحت بعرض هذه الأفلام فأنا - والكلام للسبكي - لم أقدم فيلم «أسرار عائلية» الذي ترفض الرقابة عرضه بل أقدم سينما لايت وكوميديا تخفف عن الناس وتنبسط وكأنها في فرح شعبي في إطار فيلم سينمائي. وأضاف: أجهز لعرض فيلمين في موسم منتصف العام «حلاوة روح» لهيفاء وهبي و«سالم أبو أخته» لمحمد رجب وحورية فرغلي وآيتن عامر وننتظر عودة الانتعاش لدور العرض وعودة الإقبال الجماهيري للسينما بعد رفع حظر التحوال لأن نتائجه غير ملموسة بنسبة 50٪ حتي الآن. دسوقي: الأفلام القادمة تحسن السوق طارق دسوقي مدير سينما التحرير يري أن إنقاذ صناعة السينما من الانهيار تحتاج لدور كبير من الدولة التي تركتها فريسة لأصحاب الفلوس الذي حولوها لوليمة «فتة باللحمة» وهي أدهي من حالة الانقسام التي يعيشها الشعب المصري وأنت عندما تشاهد مثل نوعية الأفلام التي مرت علي دور العرض مثل «عبده موتة - قلب الأسد - 8٪ - عش البلبل - القشاش» تجد نفسك أمام ظاهرة أو خلطة سينمائية مشوهة حينما تقدم البلطجي بطلا شعبيا وحينما تدفن الفن والذوق المصري في مقبرة «العشوائيات» وحينما تلعب هذه الأفلام علي الغرائز الجنسية وكل ما هو مناف للأخلاق والذوق العام فهنا - والكلام ل«دسوقي» - يتحول الفن لتجارة تخضع للمكسب المادي فقط وكل ذلك يسبب تراجع الدولة والكيانات الكبيرة عن الإنتاج بجانب ارتفاع أجور النجوم وعدم وجود نص جيد وجاد ووجود القرصنة ونسخ الأفلام في ثاني أيام عرضها أكثر نحن نشهد أزمة في صناعة السينما وتعصف أولا بدور العرض كما نشاهد الآن. لكن - كما يقول طارق دسوقي - الأيام القادمة ربما تشهد تحسن الأوضاع بعد رفع الحظر ودخول أفلام سينما بجد مثل «رسائل البحر» لداود عبدالسيد وفيلم «الفيل الأزرق» لكريم عبدالعزيز وفيلم «خطة چيمي» للمطربة ساندي وفيلم «حلاوة روح» لهيفاء وهبي وباسم السمر أكيد الخيارات ستكون أفضل والإقبال يزيد وتنتعش دور العرض بعد معاناة طويلة مع جمهور العشوائيات ونموذج البطل الضايع الذي يبحث عن الشباب المراهق في «الهيرو الشعبي» الذي عانينا منه ومن سلوكه كل هذا ربما يتغير مع تغيير نوعية الأفلام وزيادة الإقبال.. وأشار «دسوقي» الي أن نوعية الأفلام والأبطال هي التي تحدد نوعية الجمهور فمثلا نجم مثل أحمد حلمي تقبل علي أفلامه كل الأعمار، أطفالا وشبابا وكبارا بينما كريم عبدالعزيز والسقا فجمهورهما من الشباب، أما أفلام مثل «القشاش» و«قلب الأسد» و«عش البلبل» فجمهورها معروف مراهق يبحث عن التنفيس عن نفسه بالمتعة فقط والرقص والأغاني الهابطة.