سادت حالة من الجدل القانوني حول احتكام لجنة الخمسين لتعديل الدستور إلى رئيس الجمهورية، المستشار عدلي منصور، لتحديد نوع الانتخابات البرلمانية؛ بعد الخلاف الذي نشب بين أعضاء «الخمسين» حول النوع. فيما اختلف عدد من الأعضاء حول نسبة النظامين الفردي والقائمة النسبية، حيث طالب عدد منهم برفعها إلى النصف مقابل النصف خاصة بعد إلغاء نسبة العمال والفلاحين في مقاعد الشعب. وأصر عدد آخر على استمرار نسبة الثلث للقائمة النسبية والثلثين للفردي، والتي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها في برلمان 2012 وتم حل المجلس وقتها. بينما أصر آخرون على الاستعانة بنظام القائمة المفتوحة، والتي اعتبر عدد من الخبراء الدستوريين أنها مغامرة غير محسوبة في هذه الفترة الحساسة من عمر البلاد. وعن هذا الخلاف قال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن احتكام لجنة الخمسين لرئيس الجمهورية للفصل في نوع الانتخابات البرلمانية؛ أمر طبيعي ولا جدال دستوري به. وأكد أن في مثل هذه الأمور - في إشارة إلى خلاف الخمسين – أن هناك نصاً أو قاعدة قضائية أو حتى عرفية تجيز الاحتكام إلى الرئيس بشرعية أدنى من الدستور وليست بحاجة إلى نص في الإعلان الدستوري. وقال إن ما أقدمت عليه «الخمسين» هو اقتراح سياسي له سند قانوني في التعديل أو بوضع مواد دستورية من قبل رئيس الجمهورية إن لزم الأمر لذلك. وفي الوقت ذاته، أضاف أن ما سيقدمه رئيس الجمهورية يجب أن يكون فقط مقترحا وليس إلزامياً أمام اللجنة، موضحاً أن الأعضاء هم من سيقرونه في النهاية. وأكد المستشار محمد ماهر أبو العنين نائب رئيس مجلس الدولة، على قانوينة احتكام «الخمسين» لرئيس الجمهورية في اختيار نوع نظام الانتخابات البرلمانية، معتبراً إياه اتجاها محمودا من قبل «الأعضاء» نظراً لمركز «منصور» القضائي. وأرجع خلاف «الخمسين» إلى حساسية ودقة الفترة الحالية في عمر البلاد بعد ثورتين، وخاصة مع إلغاء نسبة العمال والفلاحين في مقاعد مجلس الشعب مما يصعب الاختيار أمام أعضاء اللجنة. وقال إن اختيار النظام الانتخابي للمجالس التشريعية يجب أن يأتي بعد عدة مشاورات مع أكثر من جهة، مشيراً إلى شدة صعوبة تلك المسألة في هذا الوقت تحديداً. وأرجع الدكتور محمد الذهبي أستاذ القانون الدستوري خلاف لجنة الخمسين؛ إلى الجدل الدائر فيما بينهم حول النظامين القوائم والفردي، مشدداً على خطورة سوء اختيار النظام البرلماني لهذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد. ولفت الذهبي إلى فشل نظام القوائم في مصر الذي قُضيّ بعدم دستوريته في أعوام 87 و90، وأخيراً في 2012، لأنه لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة ويقتصر التصويت على أساس طائفي وديني. وقال أستاذ القانون الدستوري إن جميع الدساتير في النظم الديمقراطية لا يحدد النظام الانتخابي بنص دستوري، موضحاً أنه يجب أن يكون بقانون نظراً لتغير الظروف السياسية بين الحين والآخر وبالتالي تتغير معه الدساتير، كما حدث في الثلاث السنوات الماضية. وفيما أكد على قانونية احتكام «الخمسين» إلى رئيس الجمهورية، نافياً أن يكون هذا الإجراء خارج اختصاصات اللجنة. ومن جانبه، قال الدكتور محمد رفعت عبد الوهاب أستاذ القانون العام بحقوق الإسكندرية إن في الأوضاع السياسية العادية ينص الدستور على إحالة قانون النظام الانتخابي البرلماني إلى القانون يحدده وينظمه وليس الدستور. وأوضح أن القانون هو الذي يحدد النظام الذي يراه بحسب الأوضاع السياسية وقتها. وحول هذا الخلاف لفت أن الأوضاع في مصر الآن عاجلة وليست عادية تتطلب قرارا من رئيس الجمهورية للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى التحول الديمقراطي. واعتبر رفعت الخلاف بين أعضاء «الخمسين» تقصيراً منهم في احتواء تلك الأزمة، مشيراً إلى إمكانية التصويت حول النوع الانتخابي من أغلبية الأعضاء الحاضرين بحسب القاعدة العامة، وطالب أعضاء اللجنة بأهمية مراجعة نفسها حتى لا تتهم بالتقصير.